أكد محمد البعلي مسئول دار صفصافة للنشر أن مهرجان القاهرة الأدبي في دورته الأولى التي تعقد هذا العام تحت عنوان " مزج الثقافات وتواصل الأجيال "يسعى إلى تعزيز التواصل بين جمهور الأدب والكتاب و تقوية أواصر التواصل بين الأجيال المختلفة من الكتاب المصريين والعرب، وكذلك لتعزيز التبادل الثقافي بين الأدب العربي وآداب الشعوب الأخرى حيث يستضيف عددًا من الأدباء البارزين من 16 دولة منهم الأديب الحائز على جائزة نوبل أورهان باموق، جاء ذلك في كلمته خلال ندوة " الأدب الأكثر مبيعًا، قواعد الفن ومتطلبات الجمهور " التي عقدت ضمن فعاليات اليوم الأول للمهرجان بكلية الألسن بالتعاون مع قطاع خدمة المجتمع وتنمية البيئة بالكلية. وأكد الأديب حسن كمال مؤلف رواية " المرحوم " الأكثر مبيعًا عام 2013 أنه لا يوجد ما يسمى بالأدب الأكثر مبيعًا فهو ليس سلعة يمكن بيعها بينما الكتب هي التي تباع ، مضيفًا أن قضية "الأكثر مبيعًا " ترتب عليها انطباع لدى البعض أن الكتب التي تحقق مبيعات مرتفعة لا تقدم محتوى جيد، وهذا غير صحيح فلا يعيب الكتاب أنه يباع ويحقق رواجًا لدى الجمهور، لافتًا إلى أن المبيعات ترتبط بذوق الجمهور لذا لا يمكن تحديد قواعد ثابتة لما يمكن أن يحقق الأعلى مبيعا، والقراء في الوقت الحالي لا يقبلون على كتب تخاطب غريزة الجنس أو تحتوي على ألفاظ بذيئة. وأوضح الاديب أحمد مراد مؤلف رواية " الفيل الأزرق " أنه لا يمكن تجاهل آليات تحقيق " الأعلى مبيعًا " فهي محاولة للوصول إلى الجمهور في إطار مواكبة لغة العصر التي تتطلب وجود دعاية جيدة، مشيرًا إلى أن الدعاية ربما تتمكن من ادخال أحد الكتب إلى قائمة " الأعلى مبيعا" ولكنها لن تضمن له الاستمرار، فالضمان الوحيد للبقاء في القائمة وذاكرة الجمهور هو المحتوى الجيد والقضية التي يناقشها . وأشار كمال إلى أنه لا يوجد ما يسمى بقواعد الفن، فالابداع يتطلب التجديد وكسر القواعد القديمة ، مشددًا على ضرورة ترك الحرية للقراء في اختيار ما يقرؤونه دون الحكم عليه بأنه دون المستوى، فالقراءة يجب أن تكون تدريجية تبدأ بالكتب الأبسط ثم يرتقي المستوى. وعن الادعاءات بأن رواية " الفيل الأزرق " مسروقة من أحد الأفلام الأجنبية أكد أحمد مراد أن تلك الادعاءات لا تسبب له ضيق فقد تعرض لها من قبل كبار الأدباء المصريين مثل توفيق الحكيم، مؤكدًا أنه اعتمد في فكرة الفيل الأزرق على إحدى كتابات الجبرتي الواردة في كتاب "عجائب الآثار في التراجم والأخبار". وعلق مراد على تجربة تحويل روايته "الفيل الأزرق " إلى فيلم سينمائي موضحًا أن هناك اختلاف بين النص الروائي والنص السيئمائي وكلاهما نوع فني مستقل بذاته وله خصائصه، فالرواية يمكن أن تطلق العنان لخيال القارئ في اختيار النهاية إذا تركها المؤلف مفتوحة، بينما يجب أن يقدم الفيلم نهاية واضحة ومفهومة للمشاهد، وبصفة عامة على مستوى العالم لا تحقق الأفلام المبنية على روايات الرضا الكامل من جمهور الرواية. وأضاف صاحب " الفيل الأزرق " أن الكاتب الذي يقوم بتحويل روايته إلى سيناريو سينمائي عليه أن ينظر للرواية على أنها منتج منافس يجب أن يتفوق عليه كما ينبغى أن يتخلص من أي شعور بقدسية النص الأصلي وألا يخشى عليه من الحذف والتعديل. وأشار كمال إلى أن السينما لديها جمهور أكبر من الكتب ، فالأدب لا يحقق لكاتبه الجماهيرية الواسعة، لذا نجد أن أي مطرب متوسط المستوى يكون لديه قاعدة جماهيرية أكبر من الكاتب الجيد. وعن استخدام العامية في الكتابة أكد مؤلف " المرحوم " أن الكاتب الذكي هو الذي ينجح في أن يجذب القارئ البسيط ليقرأ أعماله التي تتناول قضايا معقدة، مضيفًا أنه لا يفضل أن يكون العمل بالكامل باللغة العامية فمن المقبول أن يكون الحوار بين الشخصيات بالعامية بينما لا يجب أن يكون السرد بها، مشيرًا إلى أن العامية لا تعني ركاكة الأسلوب. وأكد مراد أن استخدام العامية في الكتابة الأدبية لن يضر اللغة الفصحى التي يتقنها العرب جميعهم من المحيط إلى الخليج، لافتًا إلى أن اللغة العامية هي التي صنعت للمصريين قوتهم الناعمة في البلدان العربية عن طريق الأفلام التي تربى عليها أجيال كثيرة، كما أن العامية المصرية تحمل كثير من الألفاظ المأخوذة من لغة أجدادنا المصريين القدماء. وعن المشهد الثقافي في مصر أوضح كمال أنه تسيطر عليه حالة من الفوضى والتخبط، مشيرًا إلى أن تنمية عادة القراءة لدى المصريين سوف سنتج عنها تطور مذهل في المشهدين الثقافي والاجتماعي وناشد دور النشر بضرورة تحديد معايير للكتب التي تنشر.