يستغرب البعض العنوان لكنه حقيقة في ظل التلوث الذي ينهش في المجتمع فبعد فاجعة التسمم لعمال "الحديد والصلب" بالإسكندرية اثر تناول وجبة تبين انها مسممة، فضلا عن كارثة التسمم الشهيرة في قرية صنصفط مركز منوف بمحافظة المنوفية والتي راح إصابتها الآلاف وتسمم اخر بالشرقية بمركز الحسينية مؤخرا اثر تناول وجبة من السمك، نفتح ملف التسمم لكنه من نوع أخر لا يقل خطرا عن التسمم المباشر للإنسان وهو تسمم الأسماك المعتمدة على الصرف في تربيتها، حيث الإصابات الكارثية للأسماك التي تعد أحد أهم مصادر الغذاء نظرا لأسعارها مقارنة بتفحل أسعار اللحوم. يقول عبد الرحمن أحمد خطابى، باحث مساعد بقسم الأسماك ونظم الإستزراع السمكى بالمعمل المركزى لبحوث الثروة السمكية، وامين عام جمعية الثروة الزرقاء، انه لابد من التفرقة بين ثلاث اتجاهات بشأن خطورة التسمم من جراء المزارع السمكية التي تعتمد على الصرف في إنشائها وأولى تلك الاتجاهات هو الصرف الزراعي وهو الناتج عن مصارف الأراضي الزراعية وهو الأقل خطورة على الأسماك حيث تحمل المياه بعض الأملاح المعدنية وبعض المبيدات الغير محللة بالأراضي الزراعية وهى مصدر الخطورة وبالتالي تعتمد نسبة تسمم الأسماك وفق نسبة عدم تحليل تلك المبيدات . الاتجاه الثاني وهو الصرف الصحي وهو ذلك الناتج عن البيوت والمناطق السكنية وهو أمر عادي ونسبة تأثير قليلة إلي حد ما لكن أيضا يحمل بعض المواد المسممة خاصة سوائل التنظيف. الاتجاه الثالث وهو الصرف الصناعي وهو مصدر الخطورة الحقيقي والذي منه يتسمم السمك ويسبب الأمراض بشكل مباشر على الإنسان. فزراعة الأسماك على تلك المصارف المحملة بالمواد الكيماوية سواء صرف صحي من المناطق السكنية والتي تعمل لإضعاف مناعتها وبالتالي التأثير عليها وإصابتها بالإمراض الخطيرة مما يهدد تواجدها حيث يعمل هذا التأثير على تسمم السمكة ومن ثم تسمم الإنسان بشكل مباشر بينما يختلف الأمر في المصارف الصناعية حيث يكون تسمم الأسماك ومن ثم الإنسان مؤكد خاصة الإنسان عند تناوله رأس السمكة أو أي من أحشائها وكبدها. فجميع مزارع الأسماك ببحر البقر والحمول تربي علي مياه الصرف الملوثة بالمخلفات البشرية والصناعية كذلك مصرف بحر البقر من أبو زعبل إلي فاقوس إلي سعود إلي "الكاب" وكذلك مصرف "كوتشنر" السام فضلا عن المنزلة وهي مناطق تصدير الأسماك للدلتا والجمهورية على حد سواء وبالتالي تنتشر شبكة من الإمراض والسموم على مستويين الإنساني والسمكى. وأضاف خطابي أن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدةFAO، لجانب منظمة الصحة العالمية WHO، قد حددا معايير وضوابط معينة لتدشين الأسماك وزراعتها بنسب معينة بحيث لا تسمح بتسمم الأسماك ومن ثم التأثير السلبي على الإنسان وعلى ذلك تجد الاتحاد الأوربي رفض استيراد بعض الأسماك من مصر خاصة البلطي والتي ترتفع فيه نسبة الإمراض والتسمم حيث لا يتم تصدير بعض الأسماك إلا بعد خضوعها للتحاليل الصارمة مما يعيق عملية التصدير المصري . وطالب بأن يتم إعادة هيكلة منظومة زراعة الأسماك وعدم تطبيق قانون 1985 مرة أخري الخاص بزراعة الأسماك في مياه غير نظيفة "مياه الصرف الصحي والصناعي" والعمل لزراعة وتربية الأسماك على الصرف الزراعي فالمفترض والطبيعي أن يتم تربية الأسماك على المياه التي تروي الأراضي الزراعية ومن تلك المياه يتم ري الأراضي الزراعية لان الأسماك لا تستهلك المياه إنما تستعملها وهى تعمل لتسميد تلك المياه عن طريق إفرازاتها وبالتالي تسميد الأراضي الزراعية والنبات . وأضاف خطابي أن ترك رأس السمكة وكبدها وأحشاءها والبعد عنهما في الأكل طريق الوقاية من تلك المسممات حيث أن غالب السموم التي تصيب الأسماك تتمحور في الكبد والأحشاء والعظام خاصة الرأس لذا أطالب كل من يريد أكل الأسماك أن يحذر تلك المناطق خشية وتحسبا الإصابة والتسمم. من جانبه، رفض احمد عمر مهندس زراعي استمرار تلك المزارعة المنتشرة بالدلتا والتي تعتمد على الصرف الصناعي المحمل بالمعادن والمياه المسممة الضارة التي تصيب الأسماك على عكس مياه الري والتي تسهم فيها تلك المزارع السمكية بالطحالب والمواد العضوية تعمل على تسميد الأراضي الزراعية. وأضاف عمر أن هناك حالة واحدة لزراعة الأسماك على المصرف الصناعي وهو أن يكون هذا المصرف خال تمام من أي مواد مسرطنة وبالتالي صلاحيته لاستخدام هذا الصرف في تدشين مزارع الأسماك. في الوقت نفسه، طالب عمر بأن يتم توفير البدائل لتلك المصارف السامة حيث أن اغلب تلك المناطق لا تتوافر فيها مصادر مياه لتربية وزراعة الأسماك كما أن الإنتاج المحلي بمنطقة الدلتا من الأسماك قليل وفقير إلا في تلك المناطق المعلنة والتي تقام فيها المزارع المعتمدة على الصرف لجانب ارتفاع أسعار اللحوم مقارنة بالأسماك مما يجبر الموطنين على الإقبال لشراء تلك الأسماك دون أي اهتمام لمصدرها ودرجة خطورتها. في حين قالت سيدة إبراهيم، 38 سنة، ربة منزل، انه لم يحدث أي أضرار نتيجة شرائي للسمك فمنذ رؤيتي للنور ونحن نأكل الأسماك ولم نتضرر أو يتضرر أحد أقاربنا وأضافت "لو كان مسمم اعمل إيه إحنا مجبرين" على حد قولها، فثمن كيلو اللحوم بثمن 10 كيلو من الأسماك ونظرا للوضع الاقتصادي ألذى نعيشه ويعيشه اغلب أطياف المجتمع يتربع هذا المنتج كوجبة شبه رئيسية من الوجبات الثقيلة.