تستمع محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بأكاديمية الشرطة، إلي مرافعة فريد الديب المحامي في محاكمة القرن المتهم فيها الرئيس الاسبق محمد حسنى مبارك ونجليه جمال وعلاء مبارك و اللواء حبيب العادلى وزير الداخليه الاسبق و6 من مساعديه السابقين فى قضية محاكمتهم بتهمة الإشتراك بالتحريض والإتفاق والمساعدة في قتل المتظاهرين السلميين خلال أحداث ثورة 25 يناير، والإضرار بالمال العام من خلال تصدير الغاز لإسرائيل وإشاعة الفوضى في البلاد وإحداث فراغ أمني فيها. عقدت الجلسة برئاسة المستشار محمود كامل الرشيدي وعضوية المستشارين إسماعيل عوض وجدي عبد المنعم وسكرتارية محمد السنوسي وصبحي عبد الحميد. بدأت الجلسة وحضر المتهمين وتم إحضار المخلوع بطائرة هليكوبتر من مستشفي المعادي العسكري علي سرير طبي وظهرت عليه علامات التعب والمرض الشديد واضعا ملاية بيضاء على جسده وبجواره نجليه علاء وجمال مبارك الذى اخذ يتحدث معه بالقرب من اذنيه وقامت جماعة اسفين ياريس بالاشارة له بعلامة التحية وارسال القبلات له، ووقف فريد الديب يستعد ويخرج اوراقه وملفاته ومستنداته من حقيبته بمعاونة مساعده مصطفي أحمد المحامي وأرتدي روب المحاماة الخاص به وقام الفني المختص بالقنوات الفضائية التي لديها تصريح من المحكمة ببث الجلسة مباشرة علي الهواء بتركيب الميكرفونات الخاصة به وتعليقها داخل ملابسه، وقامت الأجهزة الأمنية بالتعاون مع الفنيين بعمل تجارب على اجهزة الصوت بقاعة المحاكمة استعدادا لبدء الجلسة. وبدأ الديب مرافعته بتلاوة ايات من القرآن الكريم مؤكدا بان مبارك واسرته تحملوا كثيرا هو واسرته ولم ييأس من نصر الله عز وجل ولقى الاتهامات بقلب قوى جسور لم يهتز، وانه وحتى بعد صدور حكم اول درجة ظهرت الحقيقة وتكشفت رويدا رويدا وعرف من الذى خرب ودمر وحرق وقتل فنصفوه وبقى ان ينصفه القضاء بحكمه العادل، وأن مصر منذ ثورة 25 يناير وحتى 30 يونيو تعرضت لمؤامرة من جماعة الاخوان المسلمين الذين سعوا للسيطرة عليها والاستيلاء على قطع من اراضيها وتقسيم البلاد الى دويلات لولا حفظ الله مصر وصحوة رجال القوات المسلحة لسقطت مصر ولم تقم لها قائمة مرة اخرى، مؤكدا ان اوراق القضية ومستنداتها جميعها تؤكد براءة موكله. وسرد الديب السيرة الذاتية لمبارك منذ مولده بقرية المصيلحة ووصولا حتى ما اسماه التعامل التعسفى مع حالته الصحية منذ بداية التحقيقات وحتى الان وبررالديب هذه المقدمة بأنها تأتى لكى تتعرف المحكمة على شخصية المتهم وأن ترى ما فى ماضيه وما فى حاضره بما يعينها على تحديد الوقائع وتقييمها حق قدرها، وما إذا رأت المحكمة فى تحقق هذه المسؤولية فى تقرير العقاب حال الإدانة، وهو أمر نص عليه علم النفس الجنائى وتابع الديب قائلا :"اننى اترافع عمن عمل فى خدمة مصر ستون عاما أو يزيد، ثلاثين سنة منها فى خدمة القوات المسلحة وثلاثين سنة أخرى فى رئاسة الجمهورية، وهو تاريخ حافل بالنجاح والانجازات وأيضا بالإخفاق وعدم التوفيق، فالإنسان لا يوفق أبدا إلا بتوفيق من الله، ووجب أن أبين للمحكمة من هو محمد حسنى مبارك الذي اتهم بالاشتراك فى القتل واستغلال النفوذ الرئاسى وتظفيرالغير للتربح والإضرار بالمال العام، وهى تهم ما أنزل الله بها من سلطان وذات عقوبات مغلظة فى القانون". ثم استرسل الديب عن نشأة مبارك إلى ان تدرج فى القوات المسلحة بعد حصوله على بكالوريوس العلوم العسكرية قائلا :"هيأ له تفوقه ولياقته دخول كلية الطيران ليصير نسرا من نسور الجو زودا عن الكنانة ولم يكن يدرى أن القدر يدخره لمهمة عظيمة". وأضاف الديب "أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أدرك بحسه الوطنى أن العقيد طيار محمد حسنى مبارك أبلى بلاء حسنا عندما كان قائدا لقاعدة بنى سويف الجوية إبان نكسة عام 1967، فعينه مديرا للكلية الجوية فى نوفمبر من نفس العام ليتخرج تحت قيادته أجيالا من الضباط الشابة استعدادا لمعركة استردادا الأرض المحتلة، ثم رقى فى عهد عبد الناصر إلى رتبة لواء طيار، ثم عينه الرئيس الراحل أنور السادات قائدا للقوات الجوية والتى تمثل إحدى الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة، لينفذ مهمته على أكمل وجه فى حرب التحرير عام 1973، مما دعاالرئيس السادات إلى ترقيته إلى رتبة فريق ثم نائبا له إلى أن صار رئيسا للجمهورية بعد اغتيال السادات". وقال الديب فى مرافعته "ان الشغل الشاغل لمبارك فور توليه مهام رئيس الجمهورية إتمام انسحاب القوات الإسرائيلية من سيناء، وهو ما تم بالفعل فى أبريل من عام 1982 باستثناء طابا، فلجأ إلى التحكيم الدولى وحشد لذلك خيرة أبناء الوطن ليخوضوا معركة استرداد الأرض المصرية، وهو الأمر الذى تم فى عام 1989 ليلتفت فى أعقاب ذلك إلى المهام الجسام فى الداخل، حيث كانت البنى التحتية متهالكة وفى أضعف حالاتها، فعكف على تطويرها واستعادة العلاقات المصرية العربية التى كانت شبه مقطوعة فى أعقاب معاهدة السلام وإعادة مقر الجامعة العربية إلى مصر من تونس". معتبرا أنه من العدل والإنصاف القول بأن مبارك نجح كثيرا وأخفق أحيانا". واعتبر فريد الديب أن الفضل فى عودة العلاقات المصرية العربية وعودة الجامعة العربية يعود إلى مبارك، مؤكدا "أن مبارك أولى كل اهتماماته بالبنية الأساسية والدخل القومى وكافة المجالات ومن بينها الحياة السياسية التى شهدت نهضة غير مسبوقة، حيث أصبح عدد الأحزاب المصرية فى عام 2009 أربعة وعشرين حزبا بعد أن كانت خمسة أحزاب فقط فى عام 1981، وأصبح عدد الصحف فى عام 2009 أيضا 523 صحيفة بعد أن كانت 35 صحيفة فقط فى عام 1981، إلى جانب تنفيذ مبارك لوعده لجموع الصحفيين بإلغاء عقوبة الحبس فى قضايا النشر حتى يكتب الصحفيون ما يشأوون، وأسجل أمام المحكمة أننى كنت من المعترضين على هذا التعديل التشريعى، فها هو مبارك يقاسى الأمرين من جراء هذا التعديل". وأضاف الديب "أن مبارك أيضا لم ينس بتأثير نشأته الأولى استقلال القضاء المصرى وتدعيمه وتوفير الحصانة اللازمة لرجاله بعد تاريخ سابق من العدوان على القضاء تمثل فى مذبحة القضاه وإلغاء مجلس القضاء الأعلى" وأكد أن مبارك كانت من أولى مهامه عودة مجلس القضاء الأعلى، وهو الأمر الذي تم بالفعل في عام 1984 حيث عاد المجلس بتشكيل قضائى كامل دونما تدخل من أى كائن من كان، علاوة على إضفاء الحصانة الكاملة على منصب النائب العام وأعضاء النيابة العامة تقديرا منه لجهدهم وعملهم كسلطة إدعاء، وإدراكا منه لجسام المهام التى يضطلعون بها، إلى أن تم فى عام 1986 نقل النائب العام إلى محكمة الاستئناف وإحالته للتقاعد خلال عام واحد إثر قيامه فى ذلك الوقت بالتحقيق فى المظاهرات الطلابية. كما أكد الديب أن مبارك استمر فى مسيرة تدعيم استقلال القضاء، وذلك بأن أصدر قانونا فى عام 2003 بتعزيز سلطة مجلس القضاء الأعلى بأن أصبح المجلس صاحب رأى إلزامى بعد ان كانت الآراء الصادرة عنه استشارية، فأصبح مجلس القضاء الأعلى بعد ذلك متحكما وحده فى شئون القضاء دون أى سلطان عليهم، فضلا عن إدراج ميزانية مستقلة للقضاء فى موازنة الدولة تدرج برقم واحد شأنهم فى ذلك شأن الجهات السيادية، وتلبيته لدعوة مؤتمر العدالة الأول والذى احتفى خلاله المستشار يحيى الرفاعى رئيس نادى القضاة الأسبق بمبارك واستعرض فى كلمته جهود الرئيس فى تدعيم استقلال القضاء. ومضى الديب في مقدمة مرافعته بشأن مبارك قائلا :"إن مبارك رجل جدير بالتقدير ليس دمويا أو معتديا، وأنه كان يحكم و لا يتحكم وعادل وغير مستبد احترم القانون وزاد عن حماه وصان القضاء وكان ينزل عن أحكامه، ونال فى بلده أعلى الأوسمة والنياشين والأنواط العسكرية وأيضا خارج مصر مثله لا يمكن أن يرتكب أى فعل مؤثم ينسب إليه". وقال الديب :" يا قضاة مصر العدو يمثل أمامكم وبين أيديكم ..هذا الرجل وهو في الثالثة والثمانين من عمره وقد أنهكته وأثقلت كاهله الأمراض ونهشته افتراءات اللئام، ولا يتطلع إلا إلى عدلكم بعدما أحاط به الظلم من كل حدب وصوب، وبعدما لاكت سمعته وتاريخه المشرف كافة الألسنة والأقلام". واكد الديب بان مبارك رجل سياسى لا يحب الصدمات الكهربائية واكبر مشكلة واجهت مبارك هى الانفجار السكانى وزيادة معدلات التضخم , فقام ببناء المدن الجديدة وتعمير الصحراء للخروج من عنق الزجاجة وواجه الكساد الاقتصادى الذى كانت تعانى منه مصر. وقال الديب بان مبارك رجل حريص على استقلال القضاء وطوال حكمه للبلاد لم يعزل قاضى ولم ينشئ مذابح للقضاه ولم يتدخل فى شئونهم ولم يعزل نائب عام مثلما حدث فى عهد الرئيس الاسبق الدكتور محمد مرسي، بل بالعكس وضع ميزانيه للقضاء تكون تحت سلطة مجلس القضاء الاعلى. واكد الديب بان مبارك لم يتستر على فساد او اجرام وفى عهده قدم 40 ضابط شرطة للمحاكمة فى قضية التعذيب والقضاء هو الذى اصدر حكما ببراءتهم وقدم وزيرين من حكومته فى عهد حكمه للمحاكمة وكذالك 3 محافظين وترك القضاء يقول كلمته عليهم سواء بالادانة او البراءة. وأشار الديب أن مبارك لم يعين احد من ابناءه او اسرته فى اى وظيفة حكومية او عمل بالدولة، واستشهد بمقال للكاتب "حمدى رزق " بمجلة المصور وتحدث فيه عن مبارك ورجاله ووصفهم بانهم يعملون بجهد وتفانى وروح دئوبة ويشقون الطريق الى المستقبل بدستور واحد هو العمل الوطنى الجاد وهذا هو الدستور اليومى للرئيس مبارك وكان ينتقل بنفسه لرؤية المشاريع ويكره الشعارات البراقة التى تريح الناس ، وأنه ابن المؤسسة العسكرية التي لا تعرف سوى الميدان يعمل فى صمت ولديه حاسة شعبية متيقظة متشبعة من روح اكتوبر وليت ربع المسئولين فى مصر لديهم روح مبارك باحساسهم بالفقراء وأكد بان هذا الكاتب كتب مقال اخر فى 3-5-2014 وتحدث فيه موجها حديثه للسيسى ومحذره من رجال مبارك ووصفهم بانهم اصحاب وجوه قبيحة واصحاب وجوه فاسدة ملوثه حتى ولو اغتسلوا بالماء. كان النائب العام قد أحال الرئيس السابق محمد حسنى مبارك ونجليه علاء وجمال مبارك (محبوسين احتياطيًا)، ورجل الأعمال حسين سالم (هارب)، إلى محكمة الجنايات فى تهم القتل العمد والشروع فى قتل المتظاهرين السلميين، واستغلال النفوذ والإضرار العمدى بأموال الدولة، والحصول على منافع وأرباح مالية لهم ولغيرهم ووجهت النيابة العامة لمبارك اشتراكه بطريق الاتفاق مع حبيب العادلي، وزير الداخلية الأسبق، وبعض قيادات الشرطة المحالين بالفعل إلى محاكم الجنايات، فى ارتكاب جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بجرائم القتل والشروع فى قتل بعض المشاركين فى المظاهرات السلمية بمختلف محافظات الجمهورية,اعتبارًا من يوم 25 يناير للاحتجاج على تردى أوضاع البلاد.