يثيرمصطلح "السينما المستقلة" جدلاً هذة الايام، فما هو الفيلم المستقل؟..وماهو التعريف الحقيقي لمفهوم السينما المستقلة في مصر؟ ذلك التعريف الذي ظهر مع تلك الحركة التي نشأت في الولاياتالمتحدةالأمريكية، في أوائل السبعينيات من القرن العشرين، لتتمرد على سلطان نظام الأستوديوهات الأمريكي، بما يمثله من قواعد وتقاليد فنية وفكرية سائدة، لا تسمح بتقديم المختلف، ولتقدم أعمالاً فنية خارجة عن السائد، متمردة، سواء على العلاقات الإنتاجية والظروف الاقتصادية لإنتاج الفن السينمائي ، والتي أتخذت من "هوليوود" الجبل الفارغ ماكناً لها لتصبح الان مصنع صناعة السينما التجارية. ويبدأ الدكتور عادل يحيى نائب رئيس أكاديمية الفنون كلامه حول التعريف الاكاديمي لمفهوم "السينما المستقلة" :" المعيار في كون هذا الفيلم مستقل هو جهة الانتاج فإذا كان الفيلم ممول بجهود ذاتية أو بميزانية قليلة جداً من أحد شركات الانتاج الصغيرة يعد هذا فيلم مستقل، فالاستقلال هنا يشمل جوانب متعدده أولها الانتاج مروراً بالفكرة التي يتناولها الفيلم وطريقة التصوير وغيرها من تفاصيل صناعة الفيلم. ويختصر د.عادل يحيى كلامه قائلاً الفيلم المستقل هو الذي يستقل بانتاجه وفكرته وطريقة صناعته عن الموجود في سوق صناعة السينما التقليدية". ويرى المخرج صالح فوزي إن الفيلم المستقل هو الفيلم الذي يخرج بجهود ذاتية أي من ممثلين شباب ليس لهم اجور أو بأجور رمزية، وفريق عمل بنفس الشكل. ولا يجوز ابدا ان اصنع فيلماً يشارك فيه نجوم كبار تذهب لهم اغلب ميزانية الفيلم واسميه فيلم مستقل. الافلام التي تستحق المنح والدعم من قبل جهات تمويل ودعم السينما المستقلة هي الافلام المستقلة تماماً لذلك هي تحصل على الدعم سواء لاستكمال المشروع اذا كان الدعم لمشروع الفيلم او لصنع فيلم اخر ولاتمنح المنح ليأخذها النجوم كأجور داخل هذه الافلام. والمثال الاكثر وضوحاً على كيف يكون الفيلم المستقل هو فيلم "الخروج للنهار" للمخرجه هاله لطفي فهو فيلم مستقل كما يجب ، فيلم بدون نجوم وفكرة خارج نطاق المتعارف علية وتصوير وتنفيذ مختلف عن اليات السوق في مصر وحتى فالعالم العربي. ويضيف فوزي أن الضرورة تستدعي أولاً تعريفه الفيلم المستقل من قبل الجهات المسؤله عن السينما لكي يحصل الفيلم المستقل بشكل حقيقي على دعم تلك الجهات، أن الفيلم المستقل: هو أي فيلم ينتج بشكل كامل بواسطة كاميرا رقمية ديجيتال، ومن دون تمويل، أو توزيع، من قبل أستوديو سينمائي كبير، وبتكاليف رخيصة جداً، لا يمكن مقارنتها إطلاقاً بتكلفة الأفلام التي تنتجها الشركات الكبرى، وبرؤية ذاتية متحررة تماماً من قيود وضوابط الشركات الانتاجية الكبرى التقليدية التي لا تميل إلى الأساليب التجريبية التي يعتمد عليها الفيلم المستقل . أما الناقد السينمائي عصام زكريا فيرى أن مصطلح السينما المستقلة وغيره من المصطلحات الفنية والثقافية هي ليست مصطلحات علمية بل هي مجرد مصطلحات ثقافية يتفق عليها مجموعة من الفنانيين او مثقفو وسط معين. فلا أحد يملك الختم او الصلاحية ليمنحها لهذا الفيلم أو ذاك كونه مستقل أو غير مستقل، فصانع الفيلم يطلق على فيلمه مايشاء مستقل..اكشن..أهم فيلم وغيرها من المصطلحات التي تخرج علينا كل يوم. وإن كنا نقول إن اي مصطلح ثقافي هو نتاج اتفاق مجموعة من العاملين والمهتمين بهذا المجال عليه، إذا من هنا يمكننا أن نجد التعريف المتفق عليه بمصر حول مفهوم السينما المستقلة، والتي هي الافلام التي تصنع خارج نظام واليات السوق المعتادة من البداية للنهاية، بدون شركة إنتاج وبدون مشاركة نجوم، وإن كان يمكن مشاركتهم على سبيل دعم التجربة إذا كانت مهمه أو على سبيل التجريب لكن بشرط عدم وجود أجر. ولكن هناك تساؤل مهم يجب علينا طرحه هل مفهوم السينما المستقلة ثابتة وغير قابلة للتغير أو التطور؟ في الحقيقة إن السينما المستقلة إن كانت تريد البقاء والتطور لابد من تغير في الشكل الذي ذكرناه سابقاً، فهل الفيلم المستقل سيظل دون توزيع تجاري؟، أو دون دعم وتمويل ليستطيع الخروج للنور؟ ولتكن "هوليوود" صانعة مفهوم السينما المستقلة دوماً مثال أمام أعيننا، فلا أستبعد أبدا إن بعد عدد من السنوات سيخرج مجموعة من الشباب ينادون بالعوده بالتصوير بطريقة "35مل" ويرفعون شعار عودة السينما الجميله ويستقلون عن هؤلاء المستقلين الذين يحملون كاميراتهم الدجيتال. وهذا يوصلنا في النهاية أن الاستقلال إنما يتم بوعي وإدراك بشكل تمرد متجدد على آليات ونظم عمل، وخروج على منظومات تفكير.