الصفقات السياسية بين حزب الوفد وجماعة الاخوان المسلمين سيناريو مكرر على مختلف العصور حيث ان هذه الصفقات تتم من وقت لاخر تبعا للمصلحة القائمة بين الطرفين وهو الامر الذى حدث كثيرا قبل ثوره 23 يوليو 1952 ثم ظهرت التحالفات فى مراحل متعددة فى عهد الرئيس المخلوع وبدت على السطح ايضا بعد ثوره 25 يناير الا انها كانت تعرض من وقت لاخر لعمليات مد وجزر "الوادى" اعادت قراءة الصفقات فوجدت انها بدأت عندما أراد حسن البنا مؤسس الجماعة الترشح للإنتخابات مرتين فثارت ثائرة الاحتلال الانجليزى وطلب من مصطفى باشا النحاس رئيس حزب الوفد بإقناع " البنا " بالتنازل ؛ وهو ماحدث بالفعل بعد قيام " النحاس " بالكشف له أن الوطن يتعرض لأخطار جسيمة اذا لم يتنازل عن الانتخابات ؛ وتنازل " البنا" مقابل تنازلات من حكومة الوفد التى كان يرأسها " النحاس " لصالح الإخوان ؛ ومنها اهتمام الحكومة بمشروع فرض الزكاة ومشروع تحسين الصحة والقرار العسكرى الخاص بإلغاء الدعارة وهو الامر الذى يكشف ان تبادل المصالح هو السمة التى كانت تربط العلاقه بين الوفد والاخوان المسلمين ويلاحظ أن حسن البنا قبل التنازل عن الانتخابات بطلب من النحاس، ولكنه لم يقبله عندما طلب أحمد ماهر منه ذلك، وقد نما إلى علم الإخوان أن السفارة البريطانية أرسلت خطابا لأحمد ماهرتطالبه بمنع البنا من التقدم للانتخابات، وطلب "ماهر" مقابلة المرشد، فلما قابله طلب منه أن يسحب ترشيحه، وحاول أن يقنعه فرفض، فقال له: لماذا تتشدد معي وقد قبلت مثل هذا من "حكومة مصطفى النحاس"، وتنازلت عن ترشيحك؟ فرد عليه بقوله: إن حكومة النحاس باشا كانت تواجه حالة سياسية مضطربة في الداخل والخارج، ولم يكن هناك بد وظلت العلاقة بين الإخوان و "الوفد" في شبه هدنة طوال عام 1945 ومطلع عام 1946، وامتنعت صحف الجماعة مشاركة صحف الأحزاب السياسية في مهاجمة "الوفد" بسبب حادث 4/فبراير1942، بل هاجمت الصحف مكرم عبيد - زعيم الكتلة - لموقفه من "الوفد" بسبب هذا الحادث؛ ومن المواقف بين الجماعة والوفد قيامها بالدفاع عنه عقب الانشقاق الذى حدث بالحزب بعد خروج مكرم عبيد باشا من الوفد وقيامه بإصدار الكتاب الأبيض بتحريض من الملك " فاروق " ، أسماه "الكتاب الأسود"، وقد استطاعت حكومة "الوفد" كسب الإخوان لجانبها في هذه الأزمة وظلت سياسة المهادنة بين حزب الوفد وجماعة الاخوان المسلمين مستمرة حتى قام وفد من وزرار حكومة الوفد بزيارة المركز العام للجماعة رغم أن الحكومة كانت قد أغلقت جميع الشعب ماعدا المركز الرئيسى ؛ حيث ضم وفد الحكومة الوفدية كل من فؤاد سراج الدين وعبد الحميد عبد الحق وأحمد حمزة ومحمود سليمان غنام وصلاح الدين ومعهم مجموعة من نواب "الوفد" ؛ كما تعاون الوفد والجماعة ضد حكومة " النقراشى " بسبب تضيق حكومة النقراشى باشا على أنشطة الاخوان ؛ كما قام الاخوان بالتعاون مع حكومة الوفد الاخيرةوتأييدها الغاء الوفد لمعاهدة 1936 فى 10أكتوبر 1951؛ ولم تكن مساند ة الجماعة للوفد عشقا له بل بسبب عدائها للاحتلال الانجليزى وجاءت ثورة 23يوليو 1952 وتم حل الاحزاب السياسية ؛ كما أنه تم حل جماعة الاخوان المسلمين بعد محاولاتهم اغتيال الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ؛ حتى جاء عهد الرئيس محمد أنورالسادات والذى اعاد العمل بقانون الاحزاب مرة اخرى ؛ وصعد الوفد برئاسة فؤاد سراج الدين ؛ وتم التعاون بين الجماعة والوفد فى انتخابات مجلس الشعب عام 1984 وكان مهندس الصفقة هو صلاح أ بواسماغيل والد حازم صلاح ابواسماعيل والذى كان يمثل المعارضة الوفدية فى البرلمان ؛ وكانت الصفقة تتلخص فى أن الوفد قناة شرعية والاخوان قاعدة شعبية وتم الاتفاق بين الإخوان و "الوفد" على خوض الانتخابات متعاونين، حتى الدوائر التي ليس فيها مرشحون للإخوان، فإن الإخوان بها سيعطون أصواتهم للوفد؛ وظل التحالف حتى تم حل انتخابات مجلس الشعب عام 1987 وظلت العلاقة بين الطرفين متوترة حتى قيام ثورة 25 يناير عام 2011 وبدأت قنوات الاتصال تفتح مرة اخرى من خلال حزب الحرية والعدالة الذراع السياسى للجماعة حيث دخلوا فى عدد من التحالفات بمشاركة بعض القوى السياسية ؛ ثم انسحب حزب الوفد من التحالف الذى دخلوا فيها مع الجماعة وكان يضم 43 حزبا سياسيا كماان التحالفات بين الجانبين تمت فى خلال انتخابات مجلس الشعب الا ان الخلاف دب بينهم بسبب قيام الجماعه بسيطره على الجان النوعيه فى البرلمان وحدث ايضا الخلاف بين الوفد والجماعه عندما رفض مساندتها فى انتخابات رئاسه الجمهوريه وقيام الوفد بدعم عمرو موسى فى الجوله لانتخابات ثم جاءت جوله الاعاده ليعلن الوفد مره اخرى عدم مساندته لمرشح الاخوان الدكتور محمد مرسى وقيام الحزب بطريقه غير علنيه لمسانده احمد شفيق ثم حول الوفد فى علاقته مع الاخوان عقب فوز الدكتور محمد مرسى بمنصب الرئيس حيث اعلن الوفد تاييده ومن بين الخلافات ايضاالتى دبت بين الطرفين بسبب المشكلة الجمعية الأولى لتأسيسية للدستوروانسحاب الوفد منها اعتراضا على سيطرة الاخوان عليها ؛ وبعدها حدث التوافق فى الجمعية التأسيسية الثانية بعد اجتماع القوى السياسية مع المجلس العسكرى وموافقة حزب الوفد على كل معايير التأسيسية والتى تم التوافق عليها بمقر حزب الوفد فى " بولس حنا " بالدقى فهكذا يتضح أن العلاقة بين الوفد والاخوان المسلمين تسير حسب المصالح والتربيطات السياسية فقط ؛ وهو الأمر الذى اكده الدكتور عمرو هاشم ربيع الخبير بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية قائلا : أن العلاقة دائما بين أى قوى سياسية يربطها لعبة المصالح ؛ فأصدقاء اليوم هم اعداء الغد والعكس ؛ والتاريخ يؤكد أن العلاقة بين حزب الوفد وجماعة الاخوان المسلمين لها العديد من الحلقات القائمة على المصلحة وكانت العلاقة بين الطرفين قد بدأت منذ الثلاثينات من القرن الماضى واستمرت فى مرحلة الاربعينات حتى تم حل الاحزاب السياسية بقرار من قيادات ثورة 1952 والعمل بالنظام الشمولى وايضا حل جماعة الاخوان المسلمين حتى قيام الاحزاب مرة اخرى فى عهد " السادات " وسماحه للتيارات الاسلامية بالعمل مرة اخرى حتى جاء التحالف بين الطرفين فى برلمان 1984 وقامت المهادنات مرة اخرى بعد قيام ثورة 25 يناير وظلت هكذا بين مد وجزر ؛ ويضيف " ربيع " أن السمة الغالبة بين الوفد والاخوان هى سمة المصالح وهى القاعدة الأساسية فى عالم السياسة ومن جانبه قال عمار على حسن مديرمركز الدراسات بوكالة انباء الشرق الوسط : أن العلاقة بين الوفد والاخوان ضاربة فى جذور التاريخ وهى تتأرجح من فترة لأخرى حسب ماتتطلبه الحاجة بين الطرفين مشير الى ان علاقة الوفد بالجماعه لاتسير دائما بخط مستقيم بل انها تكون على حسب الحاجه والمصلحة السياسية خاصةان هناك خلافا فكريا وايدلوجيا بين الطرفين ورغبه كل منهما ان يكون فى المقدمه هو مايؤدى الى انهيار اى تحالف او اتفاق بينهما