كأن السماء كانت خاشعة, و بعض السحاب تُغطى زرقتها لتُخفي غضبا مُستعرا, و عشق. خاشعة أمام صلوات الحرية لشيخٍ و شابٍ و فتاة, و السحاب يتكون مُخفيا غضبا مُستعرا ضد ذلك القاتل الذي يقف بسلاحه يضرب غاز و خرطوش و رصاص حي على الجموع, و العشق عندما تمارسه السماء, تختار بدقة من يستحق الذهاب إليها. أحداث مجلس الوزراء. يا عسكري واقف بالفرس على جتتي .. لا انت البطل ولا انت فتوة حتتي .. يوم ما تقول هاخد البلد .. هقولك خدها بس على جثتي بعض رجال الدين لم يكونوا إلا بلاءً وقع على الأرض ليساعد في قتل كُل إنسانية, ليجعل من الأخ عدو, و من الصديق هدفا للقتل, ليجعل القتل غاية, و الكراهية نوعا من أنواع التقرب لله, و نفاق الحاكم جزء لا يتجزأ من دينهم. لكن الشيخ عماد عفت كان شجرة خضراء مُثمرة في خريفٍ طويل, كان هديَّة من سماءٍ لم تستطع البعد عنه طويلا فاختارت رجوعه إليها. دمي سال يروي حكاوي عن غلاوتك في القلوب دمي سال لجل تكوني فوق الشعوب دمي سال لجل تثوري ولجل ما ترضي ابدا تبوري. يحكي إبراهيم الهضيبي عن أستاذه الشيخ عماد فيقول : " كان الشيخ رحمه الله تعالى مستعدًا للثورة، يحلم بها، وينتظرها، ويعمل من أجلها، ويُبَّشر بها، في الأعياد كان يرسل لتلاميذه ومحبيه مذكرًا إياهم بأن الفرحة منقوصة، فيقول: «عيدنا يوم فك أسرانا وقهر عِدانا ووِلاية صالحينا وسيادة راشدينا. كل عام الأمة بك منصورة»، فلما أن قامت الثورة في تونس بادر بإرسال هذه الرسالة: «أقيمت عليكم الحجة يا مصريون»، وأتبعها برسائل إلكترونية تحمل هتافات ثورية، ثم كانت المشاركة بالنزول للميادين. " أُستشهد الشيخ عماد عفت بطلق ناري بالقرب من مجلس الوزراء في 16 ديسمبر 2011 و بعد صلاة الجنازة, كان الجامع الأزهر يرتج بهتاف يسقط حكم العسكر. يا عسكري بالبندقية ما هتقدر تحجب قرص الشمس اللي جاية .. وإن يوم طلعت رصاصتك في قلبي .. هموت أنا .. بس عمر ما تتقتل القضية و كان بجوار الشيخ عماد, الشاب الذي كان يأمل دخول مستشفى القصر العيني طبيبا, لكنه دخل إليها شهيدا. الدكتور علاء عبدالهادي, الذي شارك في المستشفى الميداني منذ بداية الثورة, رغم صغر سنة, قبل أن يأخذ رصاصة غدر ليُنهي ذلك القاتل حياة زهرة كانت على وشك التفتح لتجعل من أرضنا البئيسة مكانا أفضل. أستشهد علاء عبدالهادي يوم 16 ديسمبر بالقرب من مبنى مجلس الوزراء, ليتبعه شهداء بالجملة .. أحمد محمد منصور - عادل عبد الرحمن مصيلحي - محمد عبد الله محمد - أشرف عمر أحمد علي - سيد عمر أحمد - محمد محيي حسين - محمد ميلاد مختار- عادل مؤمن نصار - صلاح أحمد إسماعيل - محمد مجد الدين محمد حسن - علي عبد المنعم سليمان - سامح أنور عواد مرسي - أحمد عرفة – كاريكا - مصطفى حلمي سيد – رامي الشرقاوي - محمد رمضان علي جاد - مدحت مصطفى عبد المقصود - قناوي محمد - أحمد محمود بخيت - ياسر فتحي عبد المعطي علي. ولما شالوني فوق كتافهم قلت ليهم : أنا دمي سال من أجلكم من أجل نصر فاوعوا تخونوا الدم وتخذلوني أو تخذلوا مصر. كان الفُجر قد وصل إلى مُنتهاه, أو هُيئ لنا ذلك وقتها, فمن يأخذ أموال الشعب ليحميه, كان يقتله, و يرفع له إصبعه الأوسط, أو يقضي حاجته عليه. و كما اعتادوا على عدم إحترام أية حُرمة, و منها حُرمة النساء, فضربوهن في كل موقفٍ استطاعوا الوصول إليهن فيه, فكانت واقعة ست البنات, عروها, و ضربوها, و ضربوا من دافع عنها, و لكن الصورة إلتقطت فعلهم هذه المرة, بينما لم تلتقطه سابقا و هم يقومون بكشف العذرية على بعضهن, و ينتهكون أجسادهن. لكن سلطة تجد وراءها شيخا, أو شخصا يدَّعي أنه شيخٌ, يُبرر لها, و يقول " كانت ترتدي عباءة بكباسين على اللحم", أو يقول " مؤامرة لتوريط الإسلاميين".. فتلك السلطة تعرف تُجار دين يُبدولون الحق باطلا و يجعلون من الباطل حقا, لكن الباطل نهايته دائما أن يكون زهوقا.. فكما فعلوا مع الشيخ عماد, فعلوا معها, و هم راقدون في أحضان المجلس العسكري, يبررون, و يهادنون, و يُنافقون.. ليخرسون الآن بلا مجدٍ أو عزة, و إن إدَّعوا غير ذلك. رحل الشيخ عماد بطلا و شهيدا و بقوا هم, لم ينصروه, و لم يفزعوا لدمه, و أصبحت تلك الفتاة " ست البنات " بالرغم من أباطيلهم, , فكانت لهما العزة, و كان لهم الذل و الخذلان. يادي العار ! يوم ما كل الناس شجعونا و انت يا شيخ بعتنا يوم ما كل الناس وقفوا معانا وانت بطيب كلامك خوِّفتنا يوم ما كل الناس ثبتونا وإنت خذلتنا. لم تكن أحداث مجلس الوزراء غير دليلٍ جديدٍ أن تلك الأنظمة المُتعاقبة على مصر لا تستحق إلا أن تكون تحت شعبها, يُداسون بالأقدام, فهم عندما تمكنوا من الحكم لم يرقبوا فينا إلاً و لا ذمة. و لم تكن دماء شهدائها إلا دينا جديدا في رقبتنا, فإما نحقق ما ماتوا من أجله, أو نرحل لهم, صدقوا الله, فصدقهم, أخلصوا السعيَّ , فاختارهم, أحبوا مصر.. فهل يضيع فيها حقهم ؟! ولما دخلت القبر دمي سال تاني من جرح غائر و بلون دمايا على كفني وعلى أرض بلدي كتبت إسمك كتبت ... مصر شهداؤنا .. طوبى لكم, و الخزي كل الخزي لمن قتلكم.