الكاتب : رضا صلاح الدين و نهى يسري و سارة جمعة - ومحافظ القاهرة يصر على استخدامهم افران صديقة للبيئة ونقل صناعة الرخام لشق التعبان منطقة "بطن البقر" رغم أنها تعد من أكبر المناطق العشوائية المليئة بالفقراء المعدمين والأطفال المشردين إلا أن بها أمهر الفنانين في اعمال الفواخير الذين لاقوا الإهمال من الحكومات المتتالية وكادت مهنتهم تنقرض يوماً بعد يوم وتناسوا أن مصر كانت في الماضي تعد رائدة في صناعة الفخار وتصدر منتجاتها لجميع البلدان العربية. وعندما تذكر المسؤلون هؤلاء الحرفيين صدر قرار صارم بنقلهم لمنطقة نائية بها أفران صديقة للبيئة ولكنهم رفضوا تنفيذ ذلك القرار وهددوا بالإعتصامات وقطع الطريق فى حالة استخدام القوة الجبرية لنقلهم. إلتقت "الوادي" ببائعي الفخار والعمال والصانع وشرحوا لنا أبعاد الأزمة منذ الثورة وحتى الأن وأسباب تدهور المهنة تدريجيا. بداية يقول فارس موسى أنهم كعائلة تعمل جميعها في هذه المهنة وسيقومون بتعليمها لأبنائهم حتى لا تنقرض هذه المهنة لأنها من أهم المهن التي إذا تم استغلالها استغلالا جيدا وصحيحا سيؤثر هذا على الإقتصاد المصري والإرتقاء به هو والصناعات الأخرى. وأضاف قائلا أن الحكومة قررت نقلنا إلى وحدات أخرى لصناعة منتجاتنا وعرضها وهي أعماق المنطقة بالداخل لكننا لن ننفذ هذا القرار التعسفى الظالم حتى لو اقتضى الأمر أن نقطع طريق المحور ونقييم مظاهرات لا حصر لها لان هذا القرار سيؤثر علينا بالسلب فنحن الأن نعرض منتجاتنا على طريق المحور وهذا يسهل من عملية الشراء قليلا ويجعل كل من يمر بسيارته يفكر في شراء منتجاتنا ولكن منطقة بطن البقر أصبحت مليئة بالبلطجية وتجار المخدرات الذين يعتدون على كل من يدخلها ومن المؤكد أن السياح سيخشون من الإقتراب من المنطقة وستنقرض المهنة تماما، فيجب أن يتم تطهير المنطقة أولا من تجار المخدرات والبلطجية وانتشار الأمن بها قبل إنتقالنا إلى هناك. ويكمل عمر الأسيوطي قائلا: أعمل في هذه المهنة منذ 16 عاما والآن أنا حزين عليها لأنها أصبحت مهددة بالانقراض بعد توقفها لمدة 8 سنوات وهروب كثير من الفنيين إلى دول الخليج مؤكدا أن المهنة تمر بحالة عصيبة فبعد إغلاق الفواخير وتشريد العمال وهاجر بعضهم بعد ثورة 25 يناير وعملوا فى مهن أخرى وتحولت الوحدات المهجورة هنا إلى أوكار للإتجار بالمخدرات والمدمنين والبلطجية وتعرضنا للسرقات المتتالية للمواسير ومواد صناعة الفخار ومنتجاتنا أيضاً أكثر من مرة، وكان منفذ التوزيع الوحيد لنا الأماكن السياحية والآن لم يعد أمامنا أى منافذ حتى بعض السياح الأجانب الذين كانوا يأخذون منا هدايا ومقتنيات أصبح عددهم قليلا جدا بسبب ما ينشر عن الانفلات الأمنى. وأضاف أحمد طه قائلاً : اتقنت صناعة الفواخير منذ طفولتى وتوارثتها أبا عن جدورغم اصابة قدمى فى حادث مرورى وأحتاج لعملية جراحية في قدمى والا تعرضت للبتر لكنى "أرزقى" لا استطيع المكوث شهرين على الأقل في المنزل دون عمل فمن اين سأنفق على أسرتى. ويقول نادر محروس، أعمل بهذه المهنة منذ 60 عاما وأعمل فى الفخار منذ أن كان اهتمام الناس به يقتصر على «القلل للشرب والأوانى» وحتى بدأنا نطور منه ليتماشى مع البيوت العصرية وصنعنا منه أدوات للزينة والإضاءة .. ولكن للأسف لم يعد شعبنا يقدر قيمة الفخار ويدرك مدى أهميته .. وأصبح تعاملنا الكلى مع المنتجعات السياحية والفنادق. وأكمل نادر قائلا : طوال الفترات الماضية كنا نعمل بلا نقابة تحمى حقوقنا وترعانا، كان وجود نقابة لنا يشترط موافقة أمنية «من أمن الدولة»، ولكن بعد الثورة استطعنا أن نلتحق باتحاد نقابات المهن المصرية وانضممنا فى شهر نوفمبر الماضى فنحن عدد لا يستهان به وله حقوق .. ولكن لا أحد يهتم بهم أو يسأل عنهم والإهمال هو مالذى جعل العديد منا يترك عمله بحثا عن عمل آخر أيضا باليومية ولم يجد. وأوضح رجب سيد محمد وهو يعمل في هذه المهنة منذ 40 عاما هذه المهنة هي من أقدم المهن المتوارثة عبر التاريخ من جيل لجيل وحتى الأن ولكنها بدأت بالتدهور بعد ثورة يناير كغيرها من المهن فقد كنا نعتمد على الأجانب في بيع وشراء منتجاتنا وكنا نرفض السفر للعمل بالخارج حيث أننا كنا نكسب مكاسب كبيرة في هذه المهنة،ولكن بسبب حالة الإنفلات الأمني التي تعاني منها بلادنا منذ الثورة حتى الأن أصبح الإقبال طفيف على شراء المنتجات الفخارية ولكننا لن نفقد الأمل و نأمل في تحسن أوضاعنا في يوم من الأيام ولن نترك المهنة التي تربينا عليها في الإنقراض لأنها من أرقى المهن ذات المهنية والحرفية العالية. وفى النهاية يقول أحمد عطا أعمل بهذه المهنة منذ أكثر من 50 عاما، فصناعة الفخار تعتمد بشكل كبير على الأيدى العاملة بالإضافة إلى تدخل التكنولوجيا بنسبة بسيطة، موضحًا أن "الفخار" عبارة عن "شوية مياه وطينة"، وأن أسعار الفخار تبدأ من جنيه واحد كحد أدنى و2000 جنيه كحد أقصي، مطالبًا بأن يتم تدريس الفخار فى مدارس فى التعليم الصناعى، نظرًا لأن عدد الحرفيين ينخفض بشكل ملحوظ ولا يوجد أجيال جديدة تتعلم هذه المهنة، مضيفًا أنه على استعداد لتعليم عدد من التلميذ بالمدارس، لتطوير المهنة وإستعادتها من جديد.. وطالب عطا استئناف أعمال التطوير بمنطقة بطن البقر، واستكمال مشروع الفواخير الحضارى، والتى بدأته محافظة القاهرة بهدف تحقيق التنمية المتكاملة للمنطقة بشكل عام، وإزالة العشوائيات بها مع الاحتفاظ بوجود حرفة الفخار التى تشتهر بها المنطقة، وتطويرها بعيدا عن شكلها اليدوى التقليدى، وتحويلها إلى صناعة صديقة للبيئة باستخدام الغاز الطبيعى بدلا من تشغيل الأفران بالقمامة والأخشاب التى كانت أحد أسباب السحابة السوداء،فنحن عمال اليومية نعتبر ركيزة أساسية للبلد والفخار لا يقل أهمية عن البناء فهى أول مهنة اكتسبها الإنسان فى التاريخ، وأتمنى ان تمتلئ البيوت المصرية بالصناعات الفخارية فهي من أرقى الديكورات فاقتناء الفخار هو ارتقاء بالذوق العام. قرار تعسفى صرح الدكتور جلال سعيد محافظ القاهرة بأن بطن البقر تعد منطقة عشوائية ليست ذات خطورة داهمة وبالتالى لن يتم ازالتها ونقل السكان لوحدات سكنية أخرى ولكن سنعمل على تطويرها وحتى يتم ذلك يجب التعامل اولاص مع بعض الصناعات المنتشرة هناك ومنها صناعة الرخام وهى صناعة مضرة جداً بالصحة وقررنا نقلها لمنطقة شق الثعبان أما صناعة الفخار فقد أنشأنا من اجلها افران خاصة صديقة للبيئة وتعمل بالغاز الطبيعى وأقمناها بمنطقة داخلية ببطن البقر لكن الحرفييين رفضوا وأصروا على أن يظلوا بالطريق العمومى للمحور حتى يتمكنوا من عرض منتجاتهم على المارة وهو الأمر الغير حضارى ويجب تغييره فى الحال.