قال محمد كامل عمرو وزير الخارجية، ورئيس الدورة الحالية لمجلس وزراء الخارجية العرب في كلمته امام وزراء خارجية الدول المشاركة أن مأساة الشعب العربي في سوريا تدخل عامها الثالث دون أفق واضح لانتشاله من الصراع الدامي الذي خلف وراءه عشرات الآلاف من الضحايا الأبرياء ، مذكرا بموقف بلاده منذ انطلاق الشرارة الأولى للثورة السورية والذي دعا إلى عملية سياسية تفضي إلى الاستجابة لمطالب الشعب المشروعة ونقل السلطة بشكل آمن ومنضبط يضمن وحدة التراب السوري ويحافظ على مؤسسات الدولة والتئام نسيجها المجتمعي. وقال كامل عمرو إن هذا الطرح استند إلى إدراك كامل لأهمية التوصل إلى حل يجنب هذا البلد ويلات ومخاطر استمرار الصراع والاحتراب الداخلي، لافتا إلى أن مصر ساهمت منذ بداية الثورة في سوريا في مختلف الجهود الهادفة إلى وقف نزيف الدم السوري بهدف التأسيس لانتقال منظم من الوضع الحالي إلى مرحلة جديدة تحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق في العيش بحرية وكرامة. كما أكد أن مصر وقفت منذ البداية من خلف الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، وأيدت ما يقوم به من خطوات شجاعة تحت قيادة الشيخ معاذ الخطيب من أجل التوصل لحل للصراع دون التنازل عن الثوابت التي يلتف حولها أبناء سوريا، معبرا عن أسفه لأن تلك الجهود والمبادرات وجدت - على الجانب الآخر- أذاناً صماء أبت أن تستمع لصوت العقل ولنداء السلام، واعتمدت الحل العسكري الذي سيقود البلاد إلى المزيد من القتل والدمار والاحتراب الداخلي. وشدد عمرو على ضرورة تدارس السبل الكفيلة بالتعامل مع هذا الوضع المأساوي، والخروج برسالة واضحة ترافقها مساندة فعلية لنضال الشعب السوري عبر تقديم الدعم اللازم لمساعدة إخوتنا السوريين على اجتياز محنتهم من خلال الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الذي يقع على الدول العربية واجب تمكينه من تقوية قدرته على التأثير في الشارع السوري والتأثر به مبديا الاستعداد في الوقت ذاته لتأييد مبادرات وأفكار السيد معاذ الخطيب وقيادات الائتلاف بما يستجيب لتطلعات الشعب السوري في الحرية ويحفظ لسوريا وحدتها ولمجتمعها تنوعه. كما أكد وزير الخارجية المصري أن القضية الفلسطينية ستظل هي قضية العرب الرئيسية التي تحتل المرتبة العليا في وجدان وعقل كل عربي، مشيرا الى أن تمكين الشعب الفلسطيني الشقيق من الحصول على حقوقه الوطنية المشروعة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية بات مطلباً عالمياً وليس عربياً فقط في ظل اقتناع متزايد بخطورة تلاشي فرصة إقامة الدولة الفلسطينية ذاتها ما لم يتم الإسراع باتخاذ خطوات فعلية خلال العام الجاري نحو ذلك الهدف. ورأى وزير الخارجية المصري أن المفاوضات المتقطعة والخطط المتنوعة على مدى العقود الماضية لم تُسفر إلا عن إطالة أمد معاناة الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وفي قطاع غزة كما مكنت قوة الاحتلال من التهام المزيد من الأراضي الفلسطينية والاستمرار في الاستيطان غير المشروع في الضفة الغربية وفي القدسالشرقية وذلك على الرغم من الجهد الكبير، والمعترف به دولياً، الذي بذله الجانب الفلسطيني التزاماً بما نصت عليه خارطة الطريق من إنشاء مؤسسات تصلح لأن تصبح أساساً للدولة الفلسطينية فما كان من إسرائيل إلا أن تنصلت من التزاماتها هي في الانسحاب من الأراضي التي تحتلها لتُقام عليها الدولة الفلسطينية. وأضاف أن مداولاتنا من قبل قد خلصت إلى ضرورة إعادة النظر في المنهاجية الحالية للتعامل مع القضية الفلسطينية، داعيا إلى مراجعة وتطوير الآليات المعتمدة في هذا الشأن وعلى رأسها الرباعية الدولية والتي كانت مسئوليتها الرئيسية التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية، مشددا في الوقت نفسه على سرعة العمل على إعادة وضع القضية الفلسطينية في أعلى سلم الأولويات الدولية على نحو يتضح معه أن خيار العرب الاستراتيجي نحو السلام والذي ترجمته مبادرة السلام العربية. وقال كامل عمرو إن هذا الخيار مرتبط في جوهره بأن تثبت إسرائيل، عملاً لا قولاً، إلتزامها بحل الدولتين، مشيرا إلى أن المطلوب الآن هو القيام بتحرك دبلوماسي يفضي إلى اختراق سياسي ويضع المجتمع الدولي أمام مسئولياته لتحقيق السلام الشامل والعادل وإعادة الحق لأصحابه وإنهاء كافة مظاهر الاحتلال للأراضي الفلسطينية والعربية. وأكد وزير الخارجية المصري إلتزام بلاده بصورة كاملة باستكمال الجهود التي بدأتها لاستعادة وحدة الصف الفلسطيني، موضحا أنه في ظل الظروف العصيبة التي تمر بها القضية الفلسطينية، فإن خلافات الأشقاء أضحت ترفاً لا يملكه أحد وأن المصالحة الشاملة باتت أمراً شديد الإلحاح.