أصبح مصطلح "العشوائيات" مصطلحا مألوفاً لدينا ولكن المنطقة العشوائية التي نتحدث عنها اليوم اسم على مسمى..."عزبة الشحاتين" فهي حقا منطقة عشوائية في قلب مدينة المنصورة الساحرة يمتهن سكانها مهنة التسول وبديلها مهنة السرقة والسطو، ويكفي ان تذكر أن هذا الشخص من عزبة الشحاتين لتنكمش وتتجنب مجرد الاحتكاك خوفا مما قد يحدث لك لأنهم بالمصطلح العامي" بايعنها". المنطقة بها مناظر لن تجدها في أي مكان آخر في حياتك سوى عزبة مماثلة لها , فهي من أقدم المناطق العشوائية بمدينة المنصورة يقطنها أكثر من 25 الف نسمة، وتبلغ مساحتها حوالي 26 فدان، شوارعها عبارة عن أزقة لا يتعدى عرض معظم الشوارع فيها أكثر من مترين. مجرد المرور في هذه المنطقة أمر يثير الخوف لما ستراه من مناظر، فوجود متعاطي المخدرات والبانجو والحشيش أمر طبيعي في وضح النهار في شوارع هذه المنطقة، وستجد معظم الأهالي يفترشون "مساطب" منازلهم لكونها ليست منازل في أغلب الأحوال لسوء حالتها وتهالكها وتردي أبنيتها، ومن الطبيعي أن تجد الكثير من القمامة وبرك عديدة لمياه الصرف الصحي نتيجة انفجار المواسير أمام البيوت، وكثير من هذه المنازل الضيقة جدا في مساحتها تجد السقف فيها عبارة عن "عريشة " مكونة من الواح الخشب وشكائر البلاستيك لعلها تقلل من مياه الأمطار المتساقطة فوق رؤوسهم، وبالتالي تنتشر الأمراض التي تنهش في أبدانهم علاوة على ما نهشته الحياة المرة والظروف البائسة التي يعيشونها من نفوسهم ومعنوياتهم المنهارة في حياة غير آدمية . ذكر "محمد عبد الجواد" 35 سنة عاطل أنه يعيش في نفس المنزل الذي ولد وتربى فيه مع والدته المكون من حجرة واحدة وصالة صغيرة بها كنبة تنام عليها والدته وبوتاجاز صغير للطبخ ويبيت هو وزوجته وولده في الحجرة، ولا يعلم إلى متى سيظل يعيش بهذا الشكل هو وأسرته بلا مأوى آدمي . وتضيف " نجاة عطية " 73 سنة بأنها لديها 4 أبناء 3 بنات وشاب جميعهم متزوجون ولكنهم يعانون قسوة الحياة والظروف الصعبة، علاوة على أنها مصابة بفيرس سي وكبدها بحالة متدهورة وتحتاج إلى علاج لا تقوى على نفقته، لافتة إلى أن بناتها حاولن الخروج للعمل كشغالات في البيوت ولكن بمجرد معرفة ربة البيت أنهن من عزبة الشحاتين ترفض دخولها للمنزل وولدها بلا عمل " وكل يوم بيومه ".. حسب تعبيرها. وعقبت "سمر أحمد" 29 سنة، أن زوجها دخل السجن في قضية إتجار بالحشيش والبانجو ولديها بنتان فاضطرت إلى إخفاء مكان إقامتها عن ربات البيوت في المنازل لتستطيع العمل للإنفاق على بناتها مضيفة أنها كثيرا ما فكرت في الانتحار بسبب الظروف الصعبة ولكن وجود بناتها منعها من الإقدام على ذلك فلمن تتركهم ووالدهم في السجن ولا أحد يستطيع أن ينفق حتى على نفسه، فمن يتكفل بهم ؟؟ . وذكرت "نفيسة عبد الباسط" 23 سنة أن ابنتها ذات ال 15 عاماً أصيبت في حادث وبترت قدمها وتحتاج إلى عملية لكنهم لا يقدرون على تكاليفها إذ أنهم يجدون رغيف الخبز بالكاد . فيما شكا "محمد حسن" من حياته الصعبة في منزل مكون من حجرة واحدة يبيت بها 5 أطفال وهو وزوجته تحت سقف متشقق وصالة صغيرة والحمام تحت بئر السلم مغطى بقطعة قماش بالية وجدران المنزل مغطاة بالرطوبة لافتا إلى أنه يخرج كل يوم ليجلس على أرصفة الشوارع تحت الشمس في الصيف وفي البرد في الشتاء ينتظر أي مناد ليعمل ك " شيال " سواء لمواد البناء في المباني التي تحت الإنشاء أو نقل أثاث للأدوار العليا في العمارات. ونعت "سلوى السيد" حظ ابنتها المسكينة التي كلما جاءها عريس خرج ولم يعد لفقرهم المدقع وسوء احوالهم، وقالت: " أديني بصبرها على حالها وأنا محتاجة اللي يصبرني ". جولة في شوارع عزبة الشحاتين كفيلة بأن تظهر لك ظهر مدينة المنصورة الصادم على الرغم من واجهتها المبهرة، ولكن إلى متى سيستمر الحال كذلك في تلك العشوائيات التي يعاني أهلها حياة بائسة تدفعهم لامتهان التسول وارتكاب الجريمة بقلب بارد بعدما تخلى المسئولين والمجتمع عن دورهم تجاههم .