فى فبراير1961 تساءلت مجلة الصياد اللبنانية: «هل تمنع إذاعة بيروت أغنية مشوار لفيروز؟» يدهشك عنوان الخبر فى صياغته، فلا يمكن أن تربط صوت فيروز الملائكى بما يمكن أن تعترض عليه الرقابة، لكن هذا ما حدث عندما قرر الأخوان رحبانى ومعهما الشاعر سعيد عقل أن يعبرا بأغان قصصية عن حالة الشباب وقتها. فكانت أغنية «مشوار» والتى تعتبر بداية لسلسلة أغان باللغة المحكية سُجّلت فى الحقبة نفسها، وخرجت هذه الأغنية على أسطوانة من الحجم الصغير عنوانها «الهوى والشباب»، وضمّت على الوجه الثانى «بحبّك ما بعرف»، وحمل الغلاف الخلفى نصا شارحا للغاية التى من أجلها كانت هذه الأغنيات، وفيه: «تزداد مشاكل الشباب المراهقين وتتعقّد فى محيط القرية الضيّق، حيث يعرف أهلها بعضهم بعضًا وحيث تتداول الألسنة الأخبار وتضيف إليها وتحوّرها. فى القرية يعانى الشباب المراهقون جور المراقبة، فكل حركة يتحركونها حتى لو كانت بريئة تجد تأويلات عديدة بعيدة عن الحقيقة، كهذه القصة التى ترويها فيروز فى أغنية مشوار. قصة تتمثل فيها العلاقة البريئة الساذجة وتصوّر أقاويل الألسن والشائعات اللاذعة، قصة حب لا أساس لها تلوكها الألسن فتتحوّل الإشاعة الخيالية إلى حقيقة واقعية، فيغمر الحب قلب الفتاة، فتقضى لياليها حالمة بفارس أحلامها المخترع، وهى محتارة لا تدرى هل هى تحبّه حقيقة أم أنها تتخيل لكثرة أقوال الناس، فتتساءل: بحبّك ما بعرف هن قالولى». الكلمات التى تحدثت عن وجود شبهة علاقة جسدية بين الشاب والفتاة اعتبرتها الرقابة تعديا أخلاقيا، وقررت منعها برغم أن كلماتها اليوم تبدو شديدة التأدب تقول: بيلفقوا أخبار ومشوار يا عيونى مرق مشوار وقالوا غمرنى مرتين وشد شوف الكذب لوين مرا منيح اتنين؟ ولا ردتوا إيدى ولا هو ارتد شو بيفضحوا أسرار ومشوار شفتو وما رجع مشوار. الآن فى حاضرنا ظهرت أغان أكثر ابتذالا بكثير، وتسربت إلى الأسواق المصرية والخليجية، لكن لم تتفوه الرقابة بكلمة.