فى أوقات الأزمات يلجأ الناس للخرافة من أجل حل المشاكل، مثل الغريق الذى يتعلق بقشة.. ومع تأخر سن الزواج الذى يواجه ملايين الشباب صار اللجوء للغيبيات هو الحل الوحيد، لذا تلجأ الأمهات إلى الشيوخ والمساجد من أجل أن يرين بناتهن فى بيت العدل. المسجد التاريخى بناه الأمير المملوكى عبدالغنى الفخرى عام 1418م بعد مأساة حزينة ضربت عائلته، عندما توفيت بنات الفخرى السبع اللواتى متن كلهن عذراوات بمرض الطاعون عندما انتقل من الشام إلى مصر، وتم دفنهن سويا بضريح داخل المسجد، لذلك سمى المسجد «جامع البنات». الخرافة المنتشرة عن بركة الجامع فى تزويج البنت العانس أدت إلى محو سيرة المملوك وبقاء سيرة بناته، وحينما تخطو خطواتك الأولى بالمكان تجد جدرانه مليئة بأرقام تليفونات تعرض المساعدة فى تيسير زواج المحتاجين، بعضها مجانا وأخرى بالأجر. يرجح معظم المؤمنين بقدرات المسجد أن البنت التى لا يتيسر لها الزواج عليها أن تأتى إلى المسجد يوم الجمعة وتقوم بالصلاة والدعاء فيرزقها الله بابن الحلال قريبا، وقد جربن ذلك ووجدنه حق اليقين. بالداخل قابلنا «عم محمد»، وهو أحد العاملين بالجامع، الذى أكد لنا قناعته بأن مايقال عن أن المسجد يأتى بابن الحلال للفتاة مجرد خرافة، وأوضح أن من كان يعمل من قبله كان ينصب على الناس ويجعل الفتيات يطفن حول «مكان المبلغ» سبع مرات وكأنه مكان الضريح الذى دفنت فيه البنات، ويأخذ منهن أموالا، بينما مكان المبلغ هو المكان العالى الذى يقف فيه «مبلغ الصلاة»، كى يصل صوته للمصلين فى الخارج بالأذان. وختم بأنه يندهش من الفتيات اللواتى يأتين من محافظات بعيدة خصيصا للصلاة فى جامع البنات. أثناء جولتنا فى المسجد تحدثنا مع إحدى الفتيات وتدعى «ز_م» وكانت برفقها والدتها، سألناها عن رأيها فقالت الأم إنها تؤمن بما يقال عن المسجد، وقالت إن الله يستجيب الدعاء إذا أخلص الإنسان النية، و«ماحدش عارف نصيبه فين». بداخل المسجد لا تجد فقط أمهات بسيطات تدغدغ الأسطورة أحلامهن بزوج للابنة، بل تجد، أيضا، فتيات جامعيات ومثقفات مجمعات على أنه لا دخان دون نار، لهذا تركن العقل جانبا وجئن يحدوهن الأمل فى التخلص من لقب «عانس»، وقالت إحداهن لى: «إحنا سمعنا الشائعات والله أعلم، فإن صدق الأمر خير وبركة، وإن لم يكن صحيحا يبقى صلينا ركعتين وماخسرناش حاجة».