قال المستشار محمود الخضيري، عضو مجلس الشعب السابق، أن الشعب المصرى ليس مهتما بالصراع بين التيارات السياسية، حول نص المادة الثانية للدستور، وما يشغله حاليا هو لقمة العيش، وتحسين الظروف الاقتصادية، التى أصبحت خانقة أكثر من أى وقت مضى. وأكد أن الدستور الجديد يجب أن يكون توافقياً، ولا يتم اعتماده إلا بعد أن يحقق نسبة 70% في الاستفتاء، وليس نسبة 51%، لأن أي دستور لن يحظى بالتوافق سيدخل مصر نفقاً مظلماً، حسب تعبيره، موضحاً أن الدستور يمثل العمود الفقري للدولة، فإذا استقام استقامت، وإذا أصيب بالاعوجاج أصبح كل شيء معوجاً. وانتقد الخضيرى ضمنيا فى حوار ل «الصباح» باب السلطة القضائية فى مسودة الدستور، لأنه لا ينص على أن النيابة العامة شعبة من شعب القضاء، وكذلك خلو المواد التى تتعلق بنظام الحكم، من ضرورة تعيين نائب للرئيس، مشيرا إلى أنه استفسر عن هذا الأمر، فقيل له: إن النظام الرئاسى البرلمانى، لا يشترط وجود نائب، ولا يمنع الرئيس من تعيين نائب «إذا رغب فى ذلك». ووصف الحكم الذى أصدره «القضاء الإدارى»، برفض بطلان الجمعية التأسيسية للدستور، بالمناورة «المقصودة» التى ألقت الكرة «بحرفنة» فى ملعب المحكمة الدستورية العليا، للتخلص من هذه الدعوى القضائية «المعكوكة» حسب تعبيره، مؤكدا أن المحكمة الدستورية لن تنتهى من نظر الدعوى قبل شهرين على الأقل، وسيكون الاستفتاء على الدستور قد انتهى، ووقتها سيكون الشعب قد قال كلمته، ولا يجوز لأى سلطة أن تتدخل فيما بعد، بما فيها سلطة القضاء. كما وصف فى حواره، حكم المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب بالحكم الذى ساند المشير محمد حسن طنطاوى وليس حكما قضائيا، وقد حادت المحكمة عن الحق فى حكمها، وتحولت إلى خصم وحكم فى الوقت نفسه، وقال ضاحكا: أعتقد بأنى سأتوجه إلى النيابة بعد نشر هذا الحوار. وتطرق المستشار الخضيرى إلى بعض القضايا التى تشغل الرأى العام المصرى، ومنها خطاب الرئيس محمد مرسى، إلى الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز، الذى وصفه بالخطاب «الذى لا يقوله إلا مبارك»، وانتقد فشل برنامج المائة يوم، حيث قال: إن تمكن الرئيس من حل المشكلات الخمس التى استهدفها البرنامج خلال أربع سنوات، سأعتبره حقق إنجازا كبيرا. وفيما يلى نص الحوار: *الشارع السياسى المصرى يغلى بعد الثورة، والصراع على الدستور فى صدارة المشهد، فإلى أين نتجه ؟ - هناك نبرة تشاؤمية تسيطر على البعض، وهناك محاولات مستميتة يبذلها «فلول النظام السابق»، لتشويه الصورة وإقناع الشعب بأن أيام مبارك كانت أفضل، وهناك اضطراب سياسى شامل، وصراعات لا تهدأ، وهذا طبيعى لأن الثورة فى حقيقتها، هى حركة تاريخية فيها خروج عن المألوف، وطبيعى أن يترتب عليها بعض الفوضى، لكن التاريخ سيستكمل دورته، وستعود الأمور إلى سياقها الطبيعى. الصراع ليس على الدستور فقط، وإنما على كل شىء، والمشكلة ليست فى اختلاف الآراء، بقدر ما هو فى التشنج الأعمى، والتعصب الزائد، ونبرة التخوين التى يستخدمها كل طرف، حين يتحدث عن الآخر. وبالنسبة للدستور، فإن المادة الثانية، هى المعركة الأشد قسوة، وفى تقديرى أن الخلاف على هذه المادة قد استغرق وقتا طويلا دون جدوى، فالمواطن البسيط فى الشارع، ليس مهتما بكل هذه «الجعجعة الفارغة»، وما ينبغى أن يهتم السياسيون به الآن، هو لقمة العيش، وتدبير حياة المواطنين، ورفع الأعباء الخانقة من على عاتق المواطن، وحل أزمات رغيف العيش والبنزين والطاقة، وتحسين خدمات العلاج والتعليم، وتوفير وسائل مواصلات تحترم آدمية الإنسان. إن الشعب المصرى يطمح إلى الخروج من عقود الظلم، التى لم تبدأ بمبارك، حتى نكون منصفين، فقد شهد عهد السادات، ومن قبله عبدالناصر، الكثير من الفساد والقهر. الشعب المصرى تعب من مصارعة الديوك على الفضائيات، ومن التحليلات السياسية التى تأخذه إلى متاهات تتوالد من متاهات، ويهمه الآن الاقتصاد فى المقام الأول والثانى فالثالث. * الاهتمام بالاقتصاد لا يعنى التنازل عن الحرية، ألا ترى أن قيمة الحرية، أصبحت من أهم القيم التى يحرص عليها المصريون بعد الثورة؟ - هذا صحيح، وفى تصورى أن المناخ السياسى لم يكن فى أى مرحلة من تاريخنا أكثر حرية مما هو عليه الآن، فالثورة قد حطمت بعض الأمور التى كان مستحيلا المساس بها، وأصبحنا نرى فى الصحف مقالات لم نكن نتوقع أن نراها، والإنسان البسيط فى الشارع أصبح يجهر برأيه دون مواربة، ورأيى أن لا أحد سيتمكن من إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، فقد شب الشعب عن الطوق. * هذا معناه أن أى دستور لن يكفل الحرية لن يرضى الشعب؟ - هذا مؤكد، والمطلوب من كل القوى بعد طرح الدستور للحوار المجتمعى، أن تبدى تحفظاتها واعتراضاتها عليه، لأننا لن نكتب دستورا كل يوم، فالدستور هو العمود الفقرى للدولة، فإن استقام استقامت، وإن أصيب باعوجاج أصبحت الدولة مشوهة، ومن ثم ليس مقبولا ألا يراعى الدستور حق الدستور حق الأقلية، قبل الأغلبية، ولو حدث أن وجدت اعوجاجا فى الدستور، بعد طرحه، سأحاربه بكل السبل، وسأكون فى مقدمة صفوف معارضيه. * يرى ممثلو القوى السياسية أن تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، لا يحظى بالتوافق الوطنى، وهذا سيؤدى بالضرورة إلى التربص بالدستور الجديد؟ - لست مهتما بتشكيل الجمعية التأسيسية، بقدر اهتمامى بالدستور فى حد ذاته، وقد كنت عضوا فى «التأسيسية الأولى»، ولم أشترك فى «الثانية». كنت أتمنى أن يراعى فى اختيار التأسيسية الثانية، أن تضم «20%» فقط من أعضاء مجلس الشعب، وأن تكون كل القوى ممثلة بشكل يرضيها، لكن وبما أن الاختيار تم وانتهى، فليس علينا إلا أن ننتظر المنتج النهائى. أثناء اختيار أعضاء اللجنة التأسيسية، وزعت علينا ورقة بأسماء معينة، وقيل لنا إن علينا أن نختار منها، وقد سألت الدكتور محمد سعد الكتاتنى، رئيس حزب الحرية والعدالة، عمن حدد هذه الأسماء، فأجاب بأن هذه الأسماء عليها توافق وطنى، بين كافة القوى السياسية، وهكذا تمت عملية الاختيار. وبما أن عملية الاختيار تمت بهذا المستوى من الشفافية والوضوح، فإننى أرى بأن الذين يرفعون لواء المعارضة للدستور، يريدون مصالحهم أكثر مما يريدون مصالح الوطن، وقد حدث أن جاءنى شخص من الذين رفعوا دعاوى قضائية ببطلان «التأسيسية»، فسألته: لماذا تريد حل الجمعية؟ فأجاب لأنى قدمت ولم يتم اختيارى. هذا تصرف ضد المنطق، ويتنافى مع مصلحة مصر، وفى تصورى أن مشكلتنا الكبرى الآن، تكمن فى أن الكثيرين يطوفون حول ذواتهم، ويبتغون تحقيق مصالح ذاتية أو فئوية. * لكن التيارات المدنية تقول إن لا فرق الجمعية التاسيسية الأولى والتاسيسية الثانية، فما رأيك؟ - «التأسيسية الأولى» كان يهيمن على تشكيلها، أعضاء مجلسى الشعب والشورى، أما «التأسيسية الثانية» فقد شهدت توافقا بنسبة أعلى. صحيح أن حزبا انسحب، وجماعة غضبت، وتيارا رفض المشاركة، لكن الصورة الكلية، تعتبر جيدة ومنسجمة، وبناء عليه، فإننى أطالب المعترضين دائما بالصبر حتى يروا نسخة مسودة الدستور فى صورتها النهائية، ويدرسوها بموضوعية بعيدا عن التشنج، ثم يحددوا بعدها موقفهم منها. * ماذا لو طرح الدستور للاستفتاء فتم التصويت بنعم بنسبة 51% مثلا، فهل يعد الدستور بهذه النسبة توافقيا؟ - أتمنى أن تقرر اللجنة التأسيسية للدستور، أن الدستور لن يكون ساريا، ما لم يتم التصويت عليه بنسبة 70% على الأقل، حتى نضمن التوافق، وحتى ننتهى من الجدل البيزنطى الذى يبدو بلا نهاية. * وهل تعتقد بأن هذا اقتراح ممكن؟ -أتمنى أن يكون ممكنا، وأرجو أن يؤخذ به، فلست صانع قرار، ولست عضوا فى اللجنة التأسيسية. *هل اطلعت على مسودة الدستور المطروحة للرأى العام؟ - لدى مسودة واطلعت على بعض أجزائها، لكنى علمت بأن هناك أكثر من مسودة بأكثر من صياغة، وعندما تحدثت مع رئيس الجمعية التأسيسية، أكد لى أن المسودات كثيرة، لأن التعديلات تحدث يوميا، والمقصود من طرح المسودات، أن تسترشد الجمعية التأسيسية بآراء القوى السياسية والقانونية والمجتمعية، بحيث نحظى فى النهاية بدستور يجسد المجتمع المصرى بكل تياراته. أما بالنسبة لرأيى فى المسودة الحالية، فقد لاحظت أن باب السلطة القضائية غير واضح الصياغة، فعلى سبيل المثال، لا يوجد نص صريح بأن النيابة العامة شعبة من شعب القضاء، وهناك عبارة «النيابة المدنية»، وهى غير محددة الاختصاصات. كما لفت نظرى خلو نظام الحكم من إلزام بتعيين نائب للرئيس، وحين استفسرت قيل لى: إن الأمر يكون على هذا النحو، فى الدساتير الخاصة بأنظمة الرئاسة البرلمانية، ولا تنص الدساتير على ضرورة وجود نائب إلا فى النظام الرئاسى. وعلى هذا الأساس، فإن صلاحيات النائب تصبح من اختصاصات رئيس الوزراء، وهذا لا يمنع الرئيس من تعيين نائب، إن أراد. *ما مصير الجمعية التأسيسية بعد رفض الحكم ببطلانها، ورمى القضاء الكرة للمحكمة الدستورية؟ - لن تستطيع المحكمة الدستورية إصدار حكم بدستورية أو عدم دستورية القانون إلا بعد نحو شهرين أو ثلاثة، وقبل هذه الفترة ستكون الجمعية التأسيسية قد انتهت من عملها، وتم الاستفتاء على الدستور، وفى هذه الحالة، سيكون الشعب قد حسم الأمور، وعندما يقول الشعب كلمته لا يجوز لأحد أن يتدخل حتى وإن كان القضاء. وفى تقديرى فإن محكمة القضاء الإدارى تخلصت من المأزق «بحرفنة»، فألقت بالكرة للمحكمة الدستورية، عن عمد، لأن القضية معقدة و«معكوكة». *لكن التخلص من الموقف قد يفجر الوضع مستقبلا، خاصة أن التيار الشعبى، بما يمثله من وزن فى الشارع، يرفض للدستور؟ - وجهة نظر التيار ليست واضحة بالنسبة لى، وأرى أن معظم اعتراضات التيار غير موضوعية، علما بأن عمرو موسى والسيد البدوى، رئيس حزب الوفد، يقولان إن الدستور سيكون أفضل دستور وضع فى مصر، ومن ثم فلماذا لا ينتظر المعترضون حتى يطالعوا المنتج النهائى، وبعدها يكون لكل حادث حديث. *لكن حتى لو تم الاستفتاء على الدستور بنعم، وحكمت المحكمة الدستورية ببطلان اللجنة الدستورية، فإننا بذلك ندخل نفقا مظلما، فهل هذا صحيح؟ - المحكمة الدستورية العليا فى مأزق، لأن القاضى لا يحكم إلا بضميره والقانون، والمؤكد أنه لو صدر قرار بحل الدستورية، سيندلع جدل سياسى لن ينتهى، لأن كل تيار متشنج بمطالبه، ولا يريد الوقوف فى المنتصف، ولو نظرنا إلى حكم حل البرلمان، على سبيل المثال، فإن المحكمة الدستورية كانت فى حالة خصومة مع مجلس الشعب، وعقدت جمعية عمومية للاحتجاج على مشروع قانون تقدم به أحد النواب، ينص على أن أحكام المحكمة الدستورية لا تطبق على مجلس الشعب بأثر رجعى، بعدها عقدت «الدستورية العليا» جمعية عمومية لمهاجمة المجلس، وبعدها ببضعة أشهر أصدرت حكمها بحل المجلس، وإنى أخشى أن يتكرر نفس السيناريو مع اللجنة التأسيسية. *هل تقصد أن المحكمة الدستورية قد أرادت الانتقام من البرلمان؟ - «ضاحكا»، يبدو أنى سأتوجه إلى النيابة بعد نشر هذا الحوار مباشرة، لكن أيا ما يكون، إننى أظن أن حكم المحكمة الدستورية بحل المجلس لم يكن حكم قضائيا بمعنى الكلمة، والظاهر من حيثيات الحكم أنه كانت هناك محاولة للقضاء على المجلس بأى شكل من الأشكال، وأن الحكم كان مسيسا إلى درجة كبيرة. إن تاريخ المحكمة الدستورية التى أنشئت سنة 1960 فى مذبحة القضاة يكشف أنها لم تكن ذات دور مهم، ولما بدأت تمارس دورها، حاول النظام السابق استمالتها، ثم قرر السيطرة عليها، بالتحكم فى اختيار رؤسائها، لكى يجعلها مسيسة. وفى تقديرى أن المحكمة الدستورية العليا استأسدت على مجلس الشعب بالاستناد على المشير، وهذا واضح من حكمها بحل المجلس، ومن موقفها، إذ أصرت على أن يأتى الرئيس كى يؤدى حلف اليمين أمامها، وهو الموقف غير المفهوم على الإطلاق. وما أحب التأكيد عليه، هو أننى مؤمن كل الإيمان، بأن قرار فوز الرئيس محمد مرسى، لم يكن سيصدر عن الدستورية لولا القانون الذى أصدره مجلس الشعب بإعلان نتائج اللجان الفرعية، وبضرورة حصول مندوبى المرشحين على صورة من الانتخاب، وأيضا لولا الوقفة الشجاعة لمؤيدى الدكتور مرسى، فى ميدان التحرير، وشعور الراغبين فى «تفويز» الفريق أحمد شفيق، بأن التزوير سيشعل البلد. *يبدو أنك بالفعل ستتوجه إلى النيابة بعد الحوار؟ - أخشى ذلك.. سأكون أكثر وضوحا وتحديدا، إنى كعادتى سأظل من أشد المدافعين عن احترام أحكام القضاء، لكن احترام هذه الأحكام، يجب أن يقترن بصدورها فى ظروف طبيعة، وألا يكون القضاة تحت ضغط من أى نوع. *لا تنفصل الانتقادات لتشكيل تأسيسية الدستور عن قضية أكبر، ألا وهى استئثار الإخوان بالدولة، وهذا ما يبدو سبب الغضب من التيارات المدنية؟ - لست أرى استئثارا على الإطلاق، فالإخوان المسلمون أكبر جماعة سياسية فى مصر، وقد مارست العمل السياسى لفترة طويلة، وتضم كوادرها كفاءات متميزة، وما أستطيع تأكيده أن بعض أصحاب الخبرة والكفاءة، رفضوا المشاركة مع الإخوان فى الحكم، تحت حجة أن المشاركة ستؤدى إلى نجاح الإخوان، وهذه نظرة مغلوطة، لأن المشاركة ستؤدى بالضرورة فى نهاية الأمر إلى رفع شأن مصر لا الإخوان. *لكن الإخوان فقدوا الكثير من التعاطف مؤخرا، ومعظم معارضيهم يشكون من سياسة الإقصاء، ألا تلاحظ ذلك؟ - هناك -لا شك- غضب تجاه الإخوان، لكنه ليس كبيرا كما قد يتصور البعض، وهذا الغضب لا يرجع فقط إلى أخطاء الإخوان، فبعض الإعلاميين وأجهزة الإعلام، تقود حملات شرسة ضد ما تصفه بأخونة الدولة، وهذا التعبير لا أصل له ولا حقيقة، فإذا كان عدد الوزراء ثلاثين، ويوجد سبعة أو ثمانية من الإخوان؛ فهل هذه أخونة؟ وإلى جوار الإعلاميين الذين يكرهون الإخوان، هناك بالطبع فلول النظام السابق، فالمؤامرة على الثورة مازالت مستمرة، وستبقى إلى وقت ليس قصيرا. *فى كلامك تلميح يرفضه معارضو الإخوان، الذين أصبحوا يتهمون كل من ينتقدهم «بالفلولية»؟ - لم أقصد هذا المعنى على الإطلاق، فهناك معارضون للإخوان يؤمنون بما يقولونه يقينا، لكن مما لا شك فيه أن للنظام السابق أذيالا، وهؤلاء يستغلون الظروف الصعبة التى تمر بها مصر، فيعزفون على نغمة أن عهد حسنى مبارك كان أفضل، وهكذا يضعفون الثورة بهدوء كهدوء الأفاعى حين تزحف لافتراس ضحاياها. أنا شخصيا عارضت الإخوان أكثر من مرة، وفى أكثر من موقف، ورفضت علنا ترشيح المهندس خيرت الشاطر، والدكتور محمد مرسى للرئاسة، ودعوتهما للوقوف وراء الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، ولو كان هذا قد حدث لكانت الأمور الآن أفضل، ولتمكن الدكتور أبوالفتوح من حسم انتخابات الرئاسة من الجولة الأولى للانتخابات. *بعد الانتهاء من الدستور ستدخل مصر معركة البرلمان، فكم تتوقع أن تكون نسبة الإخوان؟ - سيحصد الإخوان نسبة لن تقل عن 35% من إجمالى مقاعد المجلس، وهذا تراجع فى شعبيتهم بدرجة ما، بعد أن كانت نسبتهم نحو 45%، لكنه ليس انهيارا، هذا مع الأخذ بالاعتبار أن توقعاتى ليست حاسمة، لأن المزاج الانتخابى قد ينقلب 180 درجة لمجرد أن مرشحا قال كلاما لم يرض ناخبوه، ولعل المناظرة بين الدكتور أبوالفتوح، وعمرو موسى خير مثال على هذا الأمر، فقد سحبت من رصيدهما معا، وهوت بأسهمهما إلى أدنى درجاتها. إن الانتخابات ليست تدار بالزيت والسكر، كما يقول معارضو الإخوان، فالصوت الانتخابى فى النهاية يذهب للمرشح الأكثر قربا إلى الناس. *ألا ترى أن الرئيس خسر الكثير من رصيده فى معركته مع النائب العام؟ - معالجة الأمر كانت خاطئة، فالنائب العام غير قابل للعزل طبقا لقانون السلطة القضائية، ولا يترك منصبه إلا لبلوغ سن التقاعد، أو بالاستقالة. والحقيقة أن النائب العام مثار جدل كبير فى الشارع المصرى، وبعد الأحكام التى صدرت فى القضايا المتعلقة بالشهداء، ارتفعت وتيرة الغضب، فرأى الرئيس أن يعزله، وهنا اندلعت الأزمة، لأنه خالف القانون. كان من الممكن أن يستدعى الرئيس النائب العام، ويشرح له الموقف، ومن ثم يحاول إقناعه بالاستقالة وتولى منصب آخر، وفى هذه الحالة يكون القرار بناء على طلبه ولن يستطيع أن يقول إنه تعرض لضغوط، وحسنا فعل الدكتور مرسى حين تراجع عن القرار، لأن الرجوع للحق فضيلة. *وماذا عن برنامج المائة يوم، ألم يسحب أيضا من رصيد الرئيس؟ - لا أجد تفسيرا لأن يورط الرئيس نفسه بنفسه، فالمشكلات التى وعد ليست بالسهلة حتى يحلها فى مائة يوم، وتقديرى أنه لو استطاع حلها فى دورته الرئاسية الحالية، لحقق إنجازا كبيرا، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، لابد أن نأخذ فى اعتبارنا أن الأجهزة التنفيذية حتى إقالة المشير طنطاوى كانت تتلقى الأوامر منه شخصيا، وأن الرئيس كان مقيدا وغير قادر على اتخاذ القرار. *وماذا عن الخطاب إلى رئيس إسرائيل، ألم تشعر بالغضب منه؟ - لهجة الخطاب كانت بالنسبة لى صادمة، وهذا خطاب يليق بحسنى مبارك، وفى تقديرى أن هذه الديباجة المرفوضة قد أعدت فى عهد الرئيس السابق، والرئيس محمد مرسى لم يقرأ الخطاب بتمعن قبل أن يوقع عليه. *هذا عذر يبدو هشا، إذ ليس معقولا أن يوقع الرئيس على ما لم يقرأه؟ - أيا ما تكون الملابسات، هذا الخطاب سقطة لا تغتفر، فإن كان الرئيس قد قرأ ووافق فهذه كارثة ومصيبة، وإن كان لم يقرأ فهذه أيضا خطيئة.. لكن ما أستطيع التأكيد عليه، أن الرئيس لم يقصد ما جاء بالخطاب، وليس هناك شك فى أن الخطاب سحب من رصيد الدكتور مرسى، وسيبقى عالقا بذاكرة الشعب لوقت طويل. * هل تتوقع أن تؤدى الظروف الاقتصادية إلى ثورة الجياع؟ - ممكن فى حال عدم حلها وتدهور الأحوال، ولذلك أنا أنصح الدكتور مرسى بأن يركز كل جهده على الاقتصاد والأمن، فهما مرتبطان لا ينفصلان. لو استطاع الرئيس أن يحل هاتين المشكلتين ويتغلب عليهما؛ سيحصل على فترة رئاسة ثانية بمنتهى البساطة، وإن لم يستطع فالثورة قد تندلع فى أى لحظة. *ما رأيك فيمن يقول إن مصر تحكم من مكتب المرشد العام للجماعة؟ - لست أوافق على هذا الرأى، لكن المنطق يتطلب أن نعترف بأن الدكتور مرسى بحكم النشأة، لن ينفصل عن سياسة وفكر ومنهج الجماعة، بمعنى أنه سينفذ سياساتها، دون أن يتلقى توجيهات، ولا أحسب أن المرشد يوجه الدكتور مرسى، وإذا حدث فعلى الرئيس أن يرفض بحسم؛ لأنه مسئول أمام الله والشعب. *كيف قرأت الأحداث الدامية لجمعة يوم الحساب؟ - نزول جماعة الإخوان كان خاطئا، لأنه ليس من العقل أن أذهب إلى مكان فيه مظاهرات ضدى، وقد تسبب هذا التصرف فى شعور المتظاهرين بأن الإخوان يستفزونهم، وهكذا وقعت الاشتباكات وأسفرت عن 120 جريحا منهم 70 من الإخوان.