فى أوائل الثلاثينات والأربعينات كان البريمو هو صاحب ورقة ال«يانصيب» ذا الحظ السعيد لأنه كسب الجائزة الكبرى، وصار من وجهاء المجتمع آنذاك (مثل شحاتة فى فيلم أبوحلموس 1947). «بريمو primo» كلمة إيطالية من أصل لاتينى، وتعنى «الأول» وتداولها فى الماضى لا يدل على شيوع الثقافة الإيطالية فى المجتمع المصرى، وإنما هى مجرد لازمة استخدمها المصريون كسابقاتها من لوازم الأسماء مثل «الله حى عباس جاى»، «يا بلح زغلول»، ومع منع تداول اللازمتين نظرا للظروف السياسية من عزل عباس حلمى، ونفى سعد زغلول، تم استيراد لازمة لاسم إسبانى شاع فى ذلك العصر، وهو الجنرال الإسبانى «ميجويل بريمو دى ريفيرا» الذى قاد انقلابا فى سبتمبر 1923 إبان الحرب الأهلية الإسبانية مكرسا لفكرة الديكتاتورية، والرجل الأول فى الدولة. حيث هتف الإسبان آنذاك «بريمو بريمو».
أصله وفصله كان لورق ال«يانصيب» أهمية كبيرة فى مصر فى فترة الأربعينيات حتى السبعينيات كحلم للربح السريع والتحول الطبقى السريع دون تعب أو مسيرة كفاح طويلة فى مقابل دفع مبالغ قليلة قد تصل فى بعض الأحيان إلى قرش، وعشرة قروش حتى جنيه واحد، وقد دخلت ثقافة ال«يانصيب» مصر فى بداية الثلاثينيات على أيدى الأجانب، وكان أشهرهم هو الخواجة «كرياكو مانرد ميخالوس» صاحب مكتب الاتحاد المصرى لليانصيب فى الستينيات والذى اشتهر بلقب ملك ال«يانصيب»، وقد تحول اليانصيب من مجرد تجارة عادية إلى تجارة لها عدد من المكاتب فى مختلف المحافظات، وفى الستينيات وخاصة عام 1967 أنشأت وزارة الشئون الاجتماعية رابطة لبائعى اليانصيب كجمعية مركزية ذات نفع عام وفقًا لأحكام القانون رقم 32 لسنة 64 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة وكان هناك بعض الدول تصدر «يانصيب خاص» بها وذلك لزيادة الدخل القومى لها.
وقد اختلف المكسب الذى يقدمه ورق ال«يانصيب» من فترة إلى أخرى ففى الأربعينات كان يصل إلى 40 جنيها وفى الخمسينات كان المكسب 10 جنيهات أما فى السبعينات كانت الورقة تباع ب5 قروش والمكسب يصل إلى 100 جنيه وهذا كان ينطبق على ورق ال«يانصيب» التقليدى، وبعد ذلك وصل سعر ورق ال«يانصيب» إلى 25 قرشا للورقة حتى جنيه، وفى أواخر السبعينات كان الإقبال يتزايد على الورقتين فئة 25 قرشًا و30 قرشًا، والسحب عليها كان يوميا، وهناك فئات أخرى يكون السحب عليها أسبوعيا وأخرى شهريًا، وكل ورقة لها بريمو خاص بها.
واختلفت طرق السحب والتعرف على الورقة الفائزة «البريمو» حيث كانت تتم من خلال نشرها فى مجلات «الاثنين، والدنيا، والمصور» والتى كانت تباع بسعر 20 مليما فى الأربعينات، وكانت هناك طريقة أخرى فكل ورقة من أوراق ال«يانصيب» مدون بها رقم عن طريقة يتم معرفة الورقة الرابحة حيث توضع الأرقام التى ربحت فى كشوف الجوائز باللونين الأحمر والأزرق وعلى كل حامل لورقة ال«يانصيب» أن يبحث عن رقم ورقته فى هذه الكشوف التى تكون مع الباعة. فى السينما تناولت السينما المصرية ظاهرة ال«يانصيب البريمو» والتى كانت مسيطرة على وجدان المجتمع المصرى كانعكاس لشيوعها آنذاك وكان أغلب هذه الأفلام تتحدث عن الإنسان الفقير الذى يكسب البريمو وتتبدل حياته بسبب الأموال التى فاز بها حتى وإن كانت قليلة. فظهر فيلم «البريمو» عام 1947، تأليف وإخراج كامل التلمسانى سيناريو وحوار السيد بدير، بطولة بشارة واكيم، سهام رفقى ومحمود شكوكو.
وتدور أحداثه حول خادم يكسب البريمو، وينسى مكان الفلوس لأنه خبأها وهو تحت تأثير الخمر ووقع سيده فى ضائقة مالية ويحاول الخادم أن يتذكر مكانها. وكذلك فيلم «أبوحلموس» الذى قدمه نجيب الريحانى فى عام 1947 من بطولة زوزو شكيب وحسن فايق ومن إخراج إبراهيم حلمى.
القويرى والشمعدان مرت ثقافة المكسب بعدة مراحل والتى بدأت بالبريمو وظهر بعدها بفترة قصيرة «الروتارى» والتى كانت مقترنة بالسباقات خاصة سباق الخيل وأخذت هذه الثقافة فى انحدار بشكل تدريجى إلى أن وصلنا فى أواخر التسعينات بمسابقات شاى القويرى، ورحلة البحث عن رقم «عشرين» فى عبوة بسكويت الشمعدان، وبعدها ظهرت مسابقات الاتصالات التى بدأت ب«زيرو900» وتحولت بعد ذلك إلى برامج على الهواء مباشرة، «اتصل وحل اللغز تكسب».. والتى ظهرت إرهاصاتها الأولى ببرنامج من سيربح المليون عام 2000، وبعدها برنامج هرم الأحلام الذى كان يقدمه عزت أبوعوف واشتركت به الفنانة هدى سلطان كمتسابقة فى إحدى حلقاته. إلى أن وصلنا للعبة الحياة تقديم رزان مغربى.
مؤخرا قام بنك القاهرة برفع العائد على شهادة البريمو الدولارية ليصل إلى 3% وذلك لتشجيع العملاء ممن لديهم القدرة على الاستثمار بالدولار فى استثمار أموالهم بسعر عائد تنافسى ومضمون بشهادات لمدد ثلاث وخمس سنوات بعائد ربع سنوى ثابت يصل إلى3٪، وكذا شهادة لمدة ثلاث سنوات بعائد ربع سنوى متغير ومن مميزات هذه الشهادات أنها بدون حد أقصى للشراء وأن قيمة الشهادة وما تدره من عائد معفاة من كل أنواع الضرائب وقد علق الأستاذ منير الزاهد رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذى للبنك على هذه الزيادة بقوله «إن البنك لا يألو جهدا فى تلبية رغبات عملائه الحاليين والسعى إلى جذب عملاء جدد».