هل تقبلين ممارسة الجنس مع رجل عربي؟ سؤال كان محوراً لفيلم إسرائيلي فرنسي جديد، يناقش إمكانية تقبل النساء الإسرائيلييات لإقامة علاقة جنسية مع الرجال العرب، طارحاً قضية الصراع العربي الإسرائيلي من زاوية "الجنس" .. ولكن هل فعلاً يمكن أن يكون "الجنس" طريقاً ثالثاً لحل الصراع التاريخي الأبدي بين العرب والإسرائيليين؟، وهل يتخلى اليهود عن عزلتهم التاريخية التي تشهد عليها جيتوهات أوروبا وحارات اليهود في القاهرة وبغداد والرباط وغيرها؟ "اللذة الممنوعة" فيلم تسجيلي إسرائيلي، من إخراج الفرنسية "يولاند زوبرمان"، التي أخذت فكرته من صديقها الكاتب الصحفي اللبناني سليم نسيب، تدور قصة الفيلم حول سؤال واحد وجه إلى النساء الإسرائيليات، وهو " هل تقبلين ممارسة الجنس مع رجل عربي؟"، أو "هل تقبلين الزواج من رجل عربي؟" يبدو الفيلم وكأنه يدور في فلك جنسي مثير، لكن حقيقة الأمر كما أوضحت مخرجة الفيلم أنه فيلم يتناول قضية اجتماعية شائكة داخل المجتمع الإسرائيلي، وهي فكرة عدم اندماج الإسرائيليين داخل المجتمعات العربية، وبشكل خاص مع "عرب48"، والبالغ عددهم حوالي مليون ونصف عربي يقطنون مع الإسرائيليين في مكان واحد. وهذه هي القضية التي شغفت المخرجة الفرنسية أن تعمل عليها، بحسب صحيفة هآارتس الإسرائيلية أن السؤال الذي تناولته "يولاند" في الفيلم يبدو سؤال استفزازي للوهلة الأولى، لكن المخرجة الفرنسية الموهوبة تمكنت من الإجابة عليه طوال عام 2011، وهي مدة تصوير الفيلم الذي تم تصويره في شوارع تل أبيب والقدس، إذ حصلت على الأجوبة وسجلتها على كاميرة فيديو خاصة بها، وبدأت في تصوير المشاهد، وصورت معظم مشاهد الفيلم في ساعات متأخرة من الليل مبررة ذلك بإظهار جمال تل أبيب الذي أبهرها وجعلها تضع صورة للمدينة ليلاً على بوستر الفيلم إلى جانب السؤال المثير، وبرر الكاتب الصحفي سليم نسيم ذلك بأنه عند توجيه الأسئلة ليلاً كانت النساء الإسرائيليات تُجبن بشكل أكثر حماسة عن النهار، وهذا ما جعلنا نصور معظم مشاهد الفيلم ليلاً. عرض هذا الفيلم على هامش مهرجان "فالنسيا" البندقية، التي فازت فيه الممثلة الإسرائيلية "هداس يارون" على جائزة أفضل ممثلة، وذلك على دورها المتميز في الفيلم الإسرائيلي "ملئ الفراغ". أوضحت المخرجة الفرنسية "يولاند" في حوار لها مع وكالة فرانس 24، أن فكرة الفيلم جاءت عندما كانت تكتب قصة فيلم جديد لها بمعاونة صديقها الكاتب الصحفي اللبناني الأصل الحاصل على الجنسية الفرنسية "سليم نصيب"، وكان عنوانه "العاشق الفلسطيني" ويروي قصة الحب العميقة بين رئيسة الوزراء الإسرائيلية الراحلة "جولدا مائير"، التي شغلت المنصب من عام 1969 إلى عام 1974، ورجل فلسطيني لبناني ثري انفصلا عن بعضهما لأن الزواج بالنسبة له يدخل في حيز الممنوع كونه عربيًا فلسطينيًا، أما الزواج بالنسبة لها فيدخل في حيز المستحيل كون جولدا مائير ساهمت في قيام الدولة العبرية، وقالت "يولاند" "وهذه هي المشكلة التي جاءت بقصة الفيلم وجعلتني أجلعه واقعاً". وأشار "نسيب" في حواره مع الوكالة أن هذه القصة على غرار "روميو وجوليت"، إذ تبرز القصة أن جماعتين" اليهود" و" العرب" يقطنون في مكان واحد، ولكنهم لا يقبلون التزاوج من بعضهم، لكن فيلم "العاشق الفلسطيني"، يسلط الضوء على قصة جولدا مائير التي يمثل لها السؤال معضلة أكبر من أي امرأة إسرائيلية فهي التي أسهمت في بناء الكيان العبري كيف لها أن تحب وتتزوج عربيًا فلسطينيًا؟ تبرز المخرجة الفرنسية "يولاند" أنها أرادت أن تطفي نوعاً من المستحيل في سؤالها الذي وجهته إلى النساء الإسرائيليات، بالإضافة إلى أنها أرادت أن تُبرز للعالم هذه القضية بين مليون ونصف عربي من عرب 48 يعيشون داخل المجتمع الإسرائيلي منذ الاعتراف بالدولة العبرية وحتى الآن ولا يمكنهم الاندماج والانصهار في هذا المجتمع الذي يرفض أيضاً الاندماج معهم. أوضحت المخرجة الفرنسية في حديثها أنها أصيبت بنوع من الدهشة عندما طرحت سؤالها على الجمهور الإسرائيلي كون السؤال يحمل الطابع الجنسي المثير في شكله، "هل تقبلين ممارسة الجنس مع رجل عربي؟ فعندما يطرح مثل ذاك سؤال من المفترض أن تُصاب المرأة بخجل أو تضحك وتجيب، ولكن ما حدث غير ذلك، إذ أن الفتيات تقبلن السؤال بوجه عابس خشبي، ولم يتطرقن إلى السؤال بل تذكروا الصراع العربي الإسرائيلي في الحال، لكنهن لم يقمن بتسجيل أي رد فعل عنيف داخل الفيلم، إذ دعت "يولاند" إلى ضرورة تدخل محلل نفسي لتحليل هذه الظاهرة وحل المشكلة، مشيرة إلى أنه بعد تدخل الإخصائي النفسي، كانت النساء تُجبن على السؤال بشكل طبيعي، ورأت "يولاند" أن هذا الفيلم سوف يساهم بشكل كبير في خفض التوتر بين اليهود والعرب عند عرضه. من جانبه أوضح الكاتب اللبناني "سليم نسيب" أنه تم عرض حوالي 8 دقائق من الفيلم في "رام الله"، وفي بعض المستوطنات الإسرائيلية، بالإضافة إلى أنه عُرض في مهرجان البندقية "فالنسيا"، واستقبله جميع من شاهدوه بشكل طبيعي ولم يُثر أي ردود أفعال عنيفة. لكن صحيفة "هآارتس" الإسرائيلية، أن الفيلم ولد شعوراً بالغضب من جماعة تنتمي لليمين المتطرف في إسرائيل، إذ تم ضرب واجهة معهد العالم العربي في باريس الذي نظم العرض الأول للفيلم بالبيض، وعندما سؤلوا عن أسباب هذا كان الرد "إننا لا نتزوج من العرب". وفيما يبدو أنه بداية جديدة لطريق السلام بين العرب والإسرائيليين ذكر "نسيب" في نهاية حواره مع الوكالة الفرنسية أن إحدى الإسرائيليات قالت في أحد مشاهد الفيلم، إنها عندما مارست الجنس مع رجل عربي شعرت بالمتعة واللذة والحب، وأضافت أن علاقتها الجنسية بذلك العربي كانت سببًا في تصالحها مع شعب بأكلمه، وأشار "نسيب" إلى أن الغرض من الفيلم ليس الدعوة لممارسة الجنس بين العرب والإسرائيليين بدلاً من الحرب لأن الفيلم لم يقدم حلولاً، لكنه أبرز المشكلة فقط من خلال استطلاع رأي نساء إسرائيل في ممارسة الجنس مع الرجال العرب.