روح التمرد لا تزال ترتفع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولكن لا يتصدر هذا السخط الثوري عناوين الصحف العربية أو العالمية، مثلما وضعت الثورات فى مصر، واليمن، وتونس، وليبيا وسوريا إلى دائرة الضوء. وقالت صحيفة فورين بوليسي، أن بعض الدول العربية الأخرى تشتعل بموجات كبيرة من الاحتجاجات على سيطرة الأسر المالكة دون وجود تغطية صحفية مناسبة، ووفقا للصحيفة الامريكية فإن الألغاز السياسية والدبلوماسية لتلك الدول ستصبح مفاجآت الغد. ورأت الصحيفة الامريكية، أن الكويت الحليف القوي للولايات المتحدة والذى يسيطر على الحكم فيها أسرة آل صباح لقرنين ونصف من الزمان، قد نجحت عموما في حفظ الامور تحت سيطرتها ولكن هزتها موجة جديدة من الاحتجاجات، ففي 7 أكتوبر 2012، قام أمير الكويت صباح الاحمد الصباح، بحل البرلمان مما أدى إلى احتجاج كبير في وقت سابق هذا الاسبوع من المعارضين الساخطين والذى بلغ عددهم 5 الاف كويتى وكان المتظاهرين عبارة عن مزيج من الاسلاميين وأفراد القبائل، والذى تم قمهم بعنف من قبل الشرطة، واشارت الصحيفة ان الاحتجاجات فى الكويت هذا الأسبوع هي الاحدث في سلسلة من المظاهرات من قبل المعارضة التي جذبت حشودا كبيرة، وجميعهم من يدعون إلى قدر أكبر من المساءلة السياسية الآن، وهذا لا يعني أن مجلس الصباح على وشك الانهيار، لكنه بالتأكيد يدل على أن الزخم المناهض للمؤسسة الملكية فى الكويت مستوحاة من الاحتجاجات الشعبية التى اجتاحت الوطن العربي فى عامى 2010 و 2011 لم يتبدد بعد. ووفقا للصحيفة فإن دولة الأردن، مثل الكويت، واحدة من حلفاء واشنطن الأكثر موثوقية في المنطقة، وقد نجح ملكها، الملك عبد الله الثاني، حتى الآن لتجنب عدم الاستقرار من خلال الوعد بإصلاحات رئيسية للمواطنين الاردنيين، لكن يوم الجمعة 5 أكتوبر 2012، قام الإخوان المسلمين في المملكة باعداد حشد كبير للخروج الى شوارع العاصمة عمان للمطالبة بتغييرات مماثلة لتلك التي عبر عنها المتظاهرون في الكويت، فالأردنيين، أيضا، كانوا يحتجون على قانون الانتخابات الذي يهدف إلى تعزيز تمثيل المناطق الريفية التي تسكنها غالبية من قبائل البدو الموالية للملك على المدن ومعظمهم يميلون إلى الإسلاميين، ورد الملك بحل البرلمان وتعيين رئيس وزراء جديد، لكن الاسلاميين يقولون انهم سيقاطعون الانتخابات المقبلة، المقرر عقدها في 23 يناير 2013، والملك قد يجد نفسه تحت ضغوط كبيرة منها تباطؤ الاقتصاد وتصاعد العنف في سوريا المجاورة. وأشارت الصحيفة أن دولة المغرب، تمكنت من التغلب على السخط الشعبي أفضل من نظيراتها وقد تم الاشادة بها بشكل خاص من قبل الأمريكيين، فقد استجاب الملك محمد السادس إلى المظاهرات الحاشدة في فبراير 2011 من خلال تعديل الدستور واجراء انتخابات، ولكن وعوده بسلسلة من الإصلاحات الواسعة لم تتحقق تماما. وتبدو المملكة العربية السعودية بمواردها المالية التى لا حدود لها من الدول الاقل عرضة للاحتجاجات الشعبية، ولكن الحقيقة التى لا يلاحظها العالم الخارجي تقريبا ان هناك الكثير من الاعتراضات على آل سعود العائلة المالكة هناك، ونيران التمرد في المنطقة الشرقية في المملكة لا تزال مستعرة، فهى موطن لعدد كبير من الشيعة، الذين تحملوا استمرار التمييز بسبب معتقداتهم الدينية منذ تأسيس المملكة العربية السعودية الحديثة في1920، والعائلة الحاكمة فضلا عن غالبية السكان من السنة المحافظين الذين يعتبرون عموما ان التشيع هرطقة منبثقة عن الإسلام وقد بدأت الاحتجاجات في المنطقة في فبراير 2011، واستمرت منذ ذلك الحين، وقد سكبت الحكومة السعودية البنزين على النار من خلال اعتقال رجل دين شيعي فى يوليو 2012، عندما أغضب السلطات بدعوة أتباعه للاحتفال بوفاة وزير الداخلية الأمير نايف ولي العهد في شهر يونيو الماضي، الذي كان يكره الشيعة والذى كان يضع تدابير امنية ضدهم على نطاق واسع. ووفقا للصحيفة فإن قوات الأمن السعودية لم تتمتع بسمعة لضبط النفس، ولم تتردد عن استخدام القوة ضد المتظاهرين العزل في معظم الأحيان، ومؤخرا، في 26 سبتمبر الماضي، تم قتل ثلاثة سعوديين في منطقة القطيف خلال غارة شنتها أجهزة إنفاذ القانون السعودية، وهذا يؤكد أن المنطقة لا تزال على حافة الهاوية، ولذلك هذه المشاكل تشكل تحديا مباشرا للنظام ربما ليست فى وقت قريب، ولكن لا ينبغي النظر على غضب الشيعة السعوديين أن ينظر إليه باعتباره مجرد مشكلة محلية، فإن ذلك السخط نمط من التوتر الطائفي الذي أصبح ذو أهمية متزايدة في جميع أنحاء المنطقة. وأضافت الصحيفة، أن القطيف على بعد مسافة قصيرة بالسيارة من البحرين، حيث لا تزال الغالبية الشيعية تنظم بإصرار احتجاجات في مواجهة حملة قمع وحشية من قبل آل خليفة، العائلة المالكة السنية التي تحكم البحرين، وليس من قبيل المصادفة أن السعودية ارسلت قوات الى البحرين لمساعدة الأسرة الحاكمة لاخماد الاضطرابات هناك، ويستمر اعتقال نشطاء المعارضة حتى هذا الأسبوع، عندما اعتقلت السلطات البحرينية محمد المسقطي، رئيس مجموعة تسمى "جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان"، والحكومة البحرينية لا تزال تقصف المتظاهرين بالقنابل المسيلة للدموع وآخرها في 12 أكتوبر، وإيران، في الوقت نفسه، لا تزال تهاجم كل من السعوديين والبحرينيين لطريقة تعاملهم مع الأقليات الشيعية إن الانقسام بين السنة والشيعة سوف يستمر في ارباك المنطقة لبعض الوقت في المستقبل، ويبدو من المعقول أن نستنتج أن الربيع العربي ما زال يخفى الكثير من المفاجآت الاقليمية المستقبلية مثل صعود موضوعات جديدة كالإسلام السياسي، والقاسم المشترك بين تلك الحكومات هى كونها حليفة للولايات المتحدة، وهذا، بطبيعة الحال، يثير التساؤل حول قدرة واشنطن على تسيير الامور لنحو أفضل مما فيه، وهناك مؤشرات كثيرة على أن صناع السياسة الأمريكية قد حاولوا بلطف دفع الملوك نحو الإصلاح، وفي البحرين، على سبيل المثال، كانت هناك جهود امريكية للتوسط بين الحكومة وأحزاب المعارضة الشيعية. واختتمت الصحيفة الامريكية تقريرها، بأنه يبقى السؤال، هل ستفقد الولاياتالمتحدةالامريكية الأصول الاستراتيجية الرئيسية فوق قاعدتها البحرية في البحرين، والعلاقات العسكرية الحميمة مع السعوديين والكويتيين، وعلاقاتها المتميزة مع الملوك في المغرب والأردن وهى البلدان العربية القليلة التي تقيم علاقات مع اسرائيل، وسيظل هذا السؤال باقيا سواء كان الرئيس القادم هو أوباما أو رومني.