إعادة التفكير في منهجية التقنيات والتطبيقات، مؤتمر بعلاج طبيعي بني سويف    وزير العمل: لم يتم إدراج مصر على "القائمة السوداء" لعام 2024    المجلس الأعلى للحوار الاجتماعي يستكمل جلسات مناقشة مشروع قانون العمل    موعد انعقاد لجنة قيد الصحفيين تحت التمرين    منها اثنتان محملتان ب 96 ألف طن قمح.. ميناء دمياط يستقبل 10 سفن    رئيس دفاع النواب يطالب وزير الصحة بتأجيل تطبيق زيادة رسوم تذاكر المستشفيات    وزارة الإسكان تخطط لإنشاء شركة بالشراكة مع القطاع الخاص لتنشيط الإيجارات    توريد 244 ألف طن منذ بدء موسم حصاد القمح بمحافظة المنيا    هيئة موانئ البحر الأحمر تكشف حصيلة تداول البضائع خلال أبريل الماضي    مصر والصين تبحثان التعاون في توطين صناعة النقل    حريصون على توفير تمويلات ميسرة من شركاء التنمية الدوليين للقطاع الخاص فى مصر    «الشعب الديمقراطي»: مصر وقفت سدا منيعا أمام تصفية القضية الفلسطينية    الدفاعات الجوية الأوكرانية تسقط 37 طائرة مسيرة روسية    مساعدون لبايدن يقللون من تأثير احتجاجات الجامعات على الانتخابات    أول صور التقطها القمر الصناعي المصري للعاصمة الإدارية وقناة السويس والأهرامات    جولة الحسم| من يظفر بلقب البريميرليج.. مانشستر سيتي أم آرسنال؟    مديرية تموين دمياط تشن حملات مكثفة لضبط الأسواق    موعد انتهاء الموجة الحارة في مايو .. وبداية فصل الصيف    الجوازات والهجرة تواصل تسهيل خدماتها للمواطنين    18 صورة لنجوم الفن في حفل "المرأة في السينما" بمهرجان كان السينمائي    رئيس المرصد الأورومتوسطى: وثقنا تدمير الاحتلال 70% من المنشآت المدنية فى غزة    وزيرة الهجرة: مصر أول دولة في العالم تطلق استراتيجية لتمكين المرأة    إيرادات فيلم السرب تتخطى 30 مليون جنيه و«شقو» يقترب من ال71 مليون جنيه    دراما الشحاذين.. كوميديا سوداء تبحث عن النور في المهرجان الختامي لنوادي المسرح 31    يعرض في عيد الأضحى.. كواليس تصوير فيلم "اللعب مع العيال"    احتفالات متنوعة لقصور الثقافة بالجيزة في اليوم العالمي للمتاحف    10 نصائح للطلاب تساعدهم على تحصيل العلم واستثمار الوقت    وزير الصحة للنواب: المريض لن يتحمل أي أعباء بقانون المنشآت الصحية    كيفية خفض درجة حرارة جسمك في فصل الصيف    «الرعاية الصحية»: طفرة غير مسبوقة في منظومة التأمين الطبي الشامل    توقيع الكشف الطبي على 1531 حالة خلال قافلة طبية بقرية في مركز ملوى بالمنيا    أكبر مدن أمريكا تفتقد إلى الأمان .. 264 ألف قضية و4 آلاف اعتداء جسدى ضد النساء    وسام أبوعلي: سنقاتل للفوز بدوري أبطال أفريقيا    مصدر من نادي إينتراخت فرانكفورت يكشف ل في الجول مصير عملية مرموش الجراحية    متى تبدأ العشر الأوائل من ذي الحجة 1445 وما الأعمال المستحبة بها؟    ضبط 100 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز والأسواق فى المنيا    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل صديقهما لسرقته شقة أحدهما بحدائق القبة ل11 يونيو    توقعات الأبراج 2024.. «الثور والجوزاء والسرطان» فرص لتكوين العلاقات العاطفية الناجحة    مدينة مصر توقع عقد رعاية أبطال فريق الماسترز لكرة اليد    ياسين مرياح: خبرة الترجى تمنحه فرصة خطف لقب أبطال أفريقيا أمام الأهلى    أسعار البقوليات اليوم الأحد 19-5-2024 في أسواق ومحال محافظة قنا    رئيس النواب: القطاع الخاص لن يؤثر على تقديم الخدمة للمواطن أو سعرها    حجازي يشارك في فعاليات المُنتدى العالمي للتعليم 2024 بلندن    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-5-2024    ولي العهد السعودي يبحث مع مستشار الأمن القومي الأمريكي الأوضاع في غزة    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    رئيس النواب يفتتح أعمال الجلسة العامة    منها «تناول الفلفل الحار والبطيخ».. نصائح لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة    إقبال الأطفال على النشاط الصيفي بمساجد الإسكندرية لحفظ القرآن (صور)    تعليم الفيوم يحصد 5 مراكز متقدمة على مستوى الجمهورية فى المسابقة الثقافية    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    تعليق غريب من مدرب الأهلي السابق بعد التعادل مع الترجي التونسي    بعثة الأهلي تغادر تونس في رحلة العودة للقاهرة بعد التعادل مع الترجي    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طارق عامر.. الطفل المدلل في «لجنة السياسات»
نشر في الصباح يوم 11 - 10 - 2012

طارق عامر، هو نموذج للبيزنس المفاجئ في مصر، فعندما تصبح صديقاً لنجل الرئيس، تأتي إليك الملايين والمناصب من حيث لا تحتسب، فلم يكن الرجل مصرفياً نابغاً، ذا قدرات استثنائية، حتى يرتقي ما ارتقاه من وظائف قيادية، ذات تأثير بالغ في الاقتصاد المصري، ولم يكن الرجل مؤهلا، لأن يصبح نائبا لمحافظ المصرف المركزى، ورئيسا للبنك الأهلى المصري.
كل مؤهلاته – كما يروي كتاب «الفساد في البنوك» لمؤلفه محمد عادل العجمي- اقتصرت على أنه كان من أهل الثقة، بالنسبة لابن الرئيس السابق جمال مبارك، وأنه ارتقى مناصبه فقط، ليبدأ خطة تصفية البنوك العامة التى بدأت، حينما باع بنك الإسكندرية، فقبض الثمن على الفور.
خسائر تحولت «بجرة قلم» إلى أرباح، ومليارات أهدرت، وشركات تابعة للبنك الأهلى تم بيعها إلى البنك الأهلى، وأخطاء إدارية تهدر ملايين الجنيهات، وتسويات متهاونة مع مدينين متعثرين، تضيع الملايين، والجهاز المركزى للمحاسبات يميط اللثام عن «فضائح»، وأيادى الملاحقة القانونية مغلولة.. ومازالت.
يقول المؤلف: إن «طارق حسن على عامر» كان نكرة فى القطاع المصرفى، ولم يظهر إلى الأضواء إلا بعد تعيينه نائبا لمحافظ البنك المركزى المصرى، حيث بدأ الظهور الإعلامى عام 2004، وخرج بعد الثورة ينفى علاقته بنظام مبارك، ويروج فى كل وسيلة إعلامية أنه لا يعرف «مبارك» أو«جمال»، على الرغم من وصوله بسرعة البرق للمناصب التى يشغلها بالجهاز المصرفى فى مصر، وينفذ سياسات جمال مبارك، ومنها التخلص من البنوك العامة، فبدأ ببيع بنك الإسكندرية، وعندما نفذ المهمة تم تعيينه رئيسا للبنك الأهلى المصرى.
وتولى طارق عامر، مدير عام البنك «المصرى- الأمريكى» ونائب مدير عام بنك الدلتا من 1992‏ إلى‏2000م‏، ومدير عام بنك الكويت والبحرين بالكويت من فبراير 2002‏ إلى فبراير 2003م‏، ونائب رئيس بنك مصر من فبراير‏2003‏ إلى ديسمبر 2003م‏ وفى ديسمبر 2003‏ تولى منصب نائب محافظ البنك المركزى المصرى‏،‏ إلا أن طارق عامر قال ل «الوفد»: التحقت ببنك «أوف أمريكا» سنة 1982، وتركت البنك فى عام 1992، فى الفترة من 1982 حتى 1987، عملت تحت التدريب، وأصبحت مدير إدارة الشركات، وجمال مبارك التحق بالبنك عام 1985، وكان فى هذه الفترة موظفا فى إدارتى لمدة عام، وبعد نقلى إلى بنك «أوف أمريكا لندن»، كان جمال منطويا على نفسه وليس له أصحاب، وكان زميلا فقط، وليس له علاقة بأى موظف، وتركت البنك فى 1992 وذهبت إلى البنك المصرى -الأمريكى (الإسكندرية) لمدة عامين، هذا البنك الذى شهد فضيحة فى عملية بيعه.
يستكمل «عامر»: أنه فى عام 2000 كنت فى «سيتى بنك»، وتم اختيارى مديرا للمشروعات فى دول الخليج، وكنا فى ذلك الوقت نرى البنوك العامة تتآكل لصالح البنوك الأجنبية المتقدمة، وجاءت الفرصة عندما طلبنى محمد بركات بعد تعيينه رئيسا لبنك مصر فى ديسمبر 2002، وكانت هناك كارثة حدثت بسبب تعويم الجنيه المصرى فى أوائل 2003، التى قامت بها المجموعة الاقتصادية - والحديث لطارق عامر - إلى جانب المشكلات الكثيرة فى البنوك، فقدمت استقالتى، وحضرت إلى مصر كنائب لبنك مصر، وعلى الرغم من أننى كنت رئيسا للبنك، فإننى عملت 10 أشهر، ولم أكن أعرف فاروق العقدة، ولم يكن صديقى، وتعرفت عليه فى اجتماع لصندوق النقد الدولى، ثم طلبنى، وقال لى: إنه عند الرئيس مبارك وتم تعيينه محافظا للبنك المركزى، واختار نائبا، وكان يحتاج إلى نائب ثان، وقال له الرئيس: لن أوقع حتى تختار النائب الثانى، وتم اختيارى نائبا ثانيا، فقلت له: لا أفهم فى شغل البنوك المركزية، وأنا سعيد بما أفعله فى بنك مصر، وأخذنى صفوت النحاس بمكتب مجلس الوزراء يضغط علىّ ووافقت، وبدأنا برنامج الإصلاح المصرفى، وكانت البنوك المصرية بها 130 مليار جنيه ديونا متعثرة، ولم أكن رأيت جمال مبارك، ولم أكن قريبه ولا صديقه، والاختيار كان بسبب الخبرة. ثم تسلمت البنك الأهلى المصرى عام 2008، حتى لا يتم بيعه، بعد نزيف الخسائر.
موظف مفصول
هذا كلام طارق عامر، الذي تشهد فيه تناقضات ما بعد الثورة، أما أشرف رضا، نائب رئيس مجلس إدارة بنك سيتي بنك سابقاً، وكبير مفتشي البنك المركزي سابقاً، الذي كشف عن فضيحة إدارة النقد بالمركزي فيقول: «عملت في بنك «سيتي بنك» في إسبانيا خلال الفترة من 1994 إلى 1997، وعندما رجعت إلى «سيتي بنك» فى مصر، كان طارق عامر مسئولا عن قسم التسويق، ومر علينا رئيسان ل «سيتى بنك» هما: ديفيد واتسن وشين اليويت، وكان «عامر» دائم الخلاف مع إدارته، إلى جانب إمكاناته الضعيفة فى العمل المصرفى، فتم نقله إلى بنك «سيتى» بالبحرين تقريبا عام 2001.
وفى البحرين وقبل أن يستكمل ثلاثة أشهر تمت إقالته، أى خلال فترة الانتقال، وعلمت أن موظفى البنك طالبوا بإقالته فى ذلك الوقت، لأنه كان يتباهى بعلاقته بجمال مبارك، وبعمه عبدالحكيم عامر، ويتعالى على الموظفين، وبعد إقالته عمل فى بنك البحرين بالكويت، ثم تم اختياره نائبا لبنك مصر وساعده فى ذلك جمال مبارك، ولم يستكمل سنة فى بنك مصر، حتى تم تعيينه نائبا لمحافظ البنك المركزى، ثم رئيسا للبنك الأهلى المصرى، ومعروف عنه فى القطاع المصرفى أنه يقوم بتعيين أهل الثقة، وله مقولة «إحنا اللى بنعين وإحنا اللى بنشيل».
هذه شهادة من كبير مفتشى البنك المركزى المصرى السابق، الذى تم التخلص منه عقب الكشف عن فضيحة إدارة النقد، وغيرها من التقارير التى كشفت فساد عصر «مبارك» فى البنك المركزى.
يؤكد الكاتب أن التواريخ تشير إلى أنه فى 3 إبريل 2008 صدر قرار الدكتور أحمد نظيف، رئيس الوزراء الأسبق، بتعيين طارق عامر ،نائب محافظ البنك المركزى المصرى، رئيسا للبنك الأهلى المصرى. وفى 29 يونيو 2008 صدر قرار جمهورى بتعيين هشام رامز عبدالحافظ، نائبا لمحافظ البنك المركزى للمدة المتبقية من المجلس الحالى، التى تنتهى فى‏30‏ نوفمبر‏2011م،‏ وصدر قرار جمهورى آخر بتعيين طارق حسن على عامر عضوا بمجلس إدارة البنك المركزى لنفس المدة المتبقية من المجلس الحالى‏.‏
توالت المناصب منها قرار أسامة صالح، رئيس الهيئة العامة للتمويل العقارى «وزير الاستثمار الحالى» بتعيينه فى رئاسة مجلس إدارة الشركة المصرية لإعادة التمويل العقارى فى 8 يناير 2007، عندما كان نائبا لمحافظ البنك المركزى، وتعيينه عضوا بالمجلس التنسيقى لتحديد أهداف السياسة النقدية بحكم منصبه منذ عام 2005، وعضوا فى مجلس أمناء الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة نهاية 2006، وعضوا فى مجلس إدارة شركة مصر للطيران وغيرها.
الأرباح الوهمية
بحركة ذكية حقق طارق عامر ورفاقه بالبنك الأهلى أرباحا وهمية بلغت 4.3 مليار جنيه، من خلال تأسيس شركة ونقل أسهم البنك إليها بالقيمة السوقية فى نفس توقيت النقل، ليخرج طارق عامر بعدها ويهلل فى الصحف بمادة تحريرية أو إعلانات مدفوعة الأجر بأنه حقق أرباحا، فى حين كان يرفض تقديم ميزانيات مجمعة للبنك خلال السنة المالية، وهذه الأرباح الوهمية التى حققها فى عام 2008، بلغت 4.3 مليار جنيه، وكانت أرباح هذا العام 385 مليون جنيه، ما يعنى أن البنك حقق خسائر بلغت 3.9 مليار جنيه هذا العام، وحتى إذا تم جمع الأرباح التى حققها البنك خلال أعوام 2008 و2009 و2010 والبالغة على التوالى 385 مليون جنيه و900 مليون جنيه و2 مليار و7 ملايين جنيه ستصل إلى 3.3 مليار جنيه، ما يعنى أنه بالتلاعب الذى حدث وبعد ثلاث سنوات سيصبح البنك محققا خسائر مليار جنيه.
وهذا التضليل للرأى العام ولحكومة «شرف»، التى قامت بالتجديد له لأربع سنوات، بالترويج فى كل مكان بأن البنك الأهلى المصرى حقق طفرة فى الأرباح خلال سنوات وجوده بالبنك الأهلى المصرى «2008 حتى 2011»، وهو على العكس من الحقيقة، فعندما تولى طارق عامر رئاسة البنك الأهلى المصرى فى 14 إبريل 2008، حصل على موافقة مجلس إدارة البنك فى 19 مايو، أى بعد تعيينه بشهر، بتأسيس شركة «الأهلى كابيتال القابضة»، وتضمنت مبلغ 4 مليارات و947 مليار جنيه قيمة مساهمة البنك بعدد 7 ملايين و916 مليون سهم فى رأس المال المدفوع للشركة، وفى 30 يونيو 2008 قام البنك بنقل إسهاماته فى عدد 6 شركات من محفظة استثماراته إلى شركة «الأهلى كابيتال القابضة» عقب الانتهاء من تأسيسها، وبقيمة إجمالية بلغت نحو 4.8 مليار جنيه، وذلك وفقا لأسعار البورصة المعلنة فى 30 يونيو 2008، وهو تاريخ تنفيذ عملية البيع، ولم يقرأ طارق عامر عقد الشركة الذى بناء عليه حصل على الترخيص، فقد خالف عملية البيع التى قام بها الغرض الذى قامت عليه الشركة فى المادة 3 من العقد الابتدائى، عدة الذى ينص على «أن غرض الشركة هو الاشتراك فى تأسيس الشركات التى تصدر أوراقا مالية أو فى زيادة رءوس أموالها»، بالإضافة إلى عدم الحصول على موافقة وزارة الاستثمار قبل عملية البيع لحصص المال العام فى شركات البترول والأسمنت والأسمدة، حيث سبق أن اشترطت وزارة الاستثمار ضرورة الحصول على موافقتها قبل بيع مثل هذه الحصص، وقد أرسل البنك إلى وزارة الاستثمار بتاريخ 3 يوليو 2008، وبعد البيع يفيدها بنقل حصص البنك فى عدد 6 شركات إلى شركة «الأهلى كابيتال»، ولم يتلق الرد على خطابه.
وقام بتضمين الإيرادات أرباحا ناتجة عن عملية البيع لإسهامات البنك فى عدد 6 شركات بلغت نحو 4 مليارات و281 مليون جنيه، على الرغم من أن نفس الأسهم قد انتقلت من محفظة استثمارات البنك الأهلى المصرى إلى محفظة استثمارات شركة «الأهلى كابيتال القابضة»، التى يسهم البنك الأهلى المصرى فيها بنسبة 98.95 فى المائة، وبالتالى لا ينتج عن عملية البيع إيرادات.
يقول: إن هذا الفضيحة سطرها تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات، الذى أوصى بضرورة الالتزام بما ورد فى العقد الابتدائى لشركة «الأهلى كابيتال القابضة» فيما يخص غرض الشركة «شراء أسهم وتأسيس شركات أو زيادة رءوس أموالها فقط وليس شراء أسهم متداولة»، بالإضافة إلى ضرورة الالتزام بما اشترطته وزارة الاستثمار من ضرورة الحصول على موافقتها، قبل أى عملية بيع لحصص المال العام فى شركات البترول والأسمنت والأسمدة، وكذلك ضرورة استبعاد مبلغ 4.3 مليار جنيه من إيرادات البنك «بند أرباح بيع استثمارات مالية» التزاما بمعيار المحاسبة «الإيراد».
وحتى لا يتهمنا طارق عامر بالإضرار بالأمن الاقتصادى للبلاد، وهى اتهامات جاهزة مع كل نقد يوجه له، فقد أكد عاصم عبدالمعطى سليمان الحاصل على الزمالة من أكاديمية ناصر العسكرية العليا، رئيس المؤسسة العربية لمكافحة الفساد وتدعيم الشفافية، وكيل الجهاز المركزى للمحاسبات سابقا، أن الأموال العامة العليا تحقق فى قضية شركة كابيتال تحت رقم 591 لسنة 2011، موضحا أنه لا يمكن أن يقوم البنك ببيع شركات تابعة لنفسه، ويحقق مكاسب يضيفها إلى قائمة الإيرادات، وإذا ما قمنا بعمل ميزانيات مجمعة للبنك الأهلى المصرى أعوام 2008، 2009 و2010، فسنجد أن البنك الأهلى المصرى حقق خسائر كبيرة وليس أرباحا، كما تدعى إدارة البنك. وأضاف عاصم إن الجهاز المركزى للمحاسبات رفض التصديق على ميزانية البنك عام 2009، بسبب مشكلة الأهلى كابيتال، ونتيجة للضغط ومن خلال خطابات متبادلة تم قبول الميزانية دون أن تتغير الأرقام، كما رفضت عام 2010 وبعد خطابات تمت الموافقة عليها، ما يثير علامات استفهام كثيرة عن مدى العلاقة بين القائمين بالرقابة على البنوك بجهاز المحاسبات والعلاقات بقيادات الجهاز المصرفى المصرى، موضحا أنه تم تعيين محمود أسعد عبداللطيف، رئيس الإدارة المركزية للرقابة المالية على البنوك بعد إحالته للمعاش عام 2011 عضوا فى مجلس إدارة البنك العقارى بالمخالفة لقانون الجهاز المركزى للمحاسبات رقم 124 لسنة 1988، والمعدل برقم 157 لسنة 1998، والمخالفة للقانون البنوك رقم 88 لسنة 2003، ولم يعترض الجهاز على تعيينه.
حكم بالحبس
ليست مصادفة أن تغمض الرقابة الإدارية، والجهاز المركزى للمحاسبات عينيهما عن تصرفات طارق عامر فى البنك المركزى المصرى، وأى إنسان وليس طارق عامر فقط، عندما يجد نفسه سيد قراره فى كل شىء، والآمر الناهى فى كل شىء، فلابد أن يفسد، ويعربد، ويخالف كل القوانين والقرارات والأعراف المصرفية، مادام لا يوجد رقيب، ومادمت أنت «محميا» من الرئيس وولده «جمال»، وما دام هناك رجال فاسدون يخافون على مناصبهم، فتحولت حياتهم إلى عبيد للمناصب، وخدام لصاحب القرار.
وإذا كان تعيين خفير فى قرية أو موظف فى مسجد فى كل بقاع مصر يحتاج إلى تحريات أمنية، خاصة مباحث أمن الدولة، فما بالنا برئيس بنك، أليس هذا يتطلب تحريات أمنية، ومخابراتية، ورقابة إدارية حتى يصدر القرار بتعيينه، ولكن كل هذه الأجهزة نامت فى العسل، فلم تعد ترى أو تسمع أو تتكلم.
كانت مصائب طارق عامر فى البنك المركزى واضحة لا تحتاج إلى جهد؛ حتى تفحص الأوراق وتراقب، ولكن عين الرقيب نامت، بفعل السلطان الفاسد، وإهدار 135 مليون جنيه فى البنك المركزى ولم يحاسبه أحد، حتى إذا كان خطأ إداريا ليست فيه شبهة، هل يجوز أن من كلف البنك المركزى هذا المبلغ يتم ترشيحه ليصبح رئيس أكبر بنك فى مصر، البنك الأهلى المصرى الذى كان فريسة لفساد السلطان، وشاهدا على فسادهم.
ويتساءل المؤلف: هل يجوز أن يستمر أصلا فى منصبه بالبنك المركزى؟
ولكن لأنهم كانوا ضمن سيناريو توريث الحكم، فلا مانع من إهدار المليارات وليس الملايين على الدولة، مادام استطاع جمال مبارك زرع رجاله فى كل نواحى الحياة، بما فيها الشريان الحيوى – القطاع المصرفى- ولا داعى لدخولهم الحزب الوطنى حتى يصبحوا رجالا من خارج الحزب، وتكون علامة على نجاح سيناريو التوريث فى مصر، ولكن إرادة الله هى الغالبة، وجعل الله أعزة قوم مصر أذلة فى الأرض بظلمهم وفسادهم وفجورهم وعدم مراعاة الله فى أعمالهم وتصرفاتهم، فاعتادت بطونهم على أكل الحرام، وتشبعت أجسادهم وأصبحت مدمنة لهذا المال، ومن أجل هذا المال، كان لا يهم تعذيب الناس.
إهدار 135 مليون جنيه ليس أمرا هينا، فى دولة تعانى الفقر، والعشوائيات، والمرض، وإهدار هذا المبلغ ولا يحاسب أحد، يعنى أنك فى «طابونة»، فعندما تصمت الأجهزة الرقابية عن الفساد، بدعوى الخوف من الكبار أو رئيس الجمهورية، فهى أجهزة فاسدة، لا تستحق أن يستمر أفرادها فى هذه المناصب، ولكن لأنه نظام فاسد، فمن المؤكد أنه اختار لقيادة الأجهزة الرقابية عناصر ضعيفة، ولديهم ميول نحو الفساد والانحراف أو الصمت، فلم تعد تحرك ساكنا نحو الفساد، ومن المفروض أن الذى يعاقب ليس فاعل الفساد فقط، وإنما الذى شاهد الفساد والتزم الصمت سواء من الأجهزة الرقابية أو العاملين بالمواقع التى يحدث فيها الفساد.
ولا أجد تفسيرا لماذا صمتت الأجهزة الرقابية المختلفة عن تعيين طارق عامر رئيسا للبنك الأهلى المصرى، وهل قامت الأجهزة الرقابية بدورها فى التحرى عن طارق عامر، وكيف كان سلوكه فى البنوك التى عمل فيها، وما قدراته المصرفية، وكيف قفز بالباراشوت على بنك مصر كنائب لرئيس البنك ولم يمر سنة حتى أصبح نائبا لمحافظ البنك المركزى، وهو نفس الباراشوت الذى قفز بها فاروق العقدة على الجهاز المصرفى المصرى، فقد عين مستشارا بالبنك المركزى فى نفس العام الذى دخل فيه جمال مبارك البنك العربى- الإفريقى، كممثل عن البنك المركزى، ثم عين لمدة عام كرئيس للبنك الأهلى المصرى عام 2003، ثم هبط على البنك المركزى كمحافظ له نهاية هذا العام.
المفاجأة التى غابت عن الأجهزة الرقابية أو تجاهلتها هى تعيين طارق حسن عامر رئيسا للبنك الأهلى المصرى، وعليه حكم غيابى بالحبس 3 سنوات فى 14 إبريل 2008، وتشير المستندات إلى قيام محمد عرفة وطارق عامر بإصدار شيكات بدون رصيد وهى الشيك رقم 1124665 بقيمة 115 ألفا و604 جنيهات والشيك رقم 1124666 بمبلغ 111 ألفا و962 جنيها والشيك رقم 1124664 بقيمة 111 ألفا و962 جنيها، وهى لصالح مأمورية ضرائب الشركات المساهمة ومستحقة الأداء فى التواريخ الآتية على التوالى 27 نوفمبر 2005، و21 ديسمبر 2005، و22 يناير 2006، المسحوبة على بنك الاستثمار القومى.
وترجع قصة هذه الأموال إلى قيام البنك المركزى بتأسيس شركة خبراء البنك المركزى – طارق عامر نفى وجود هذه الشركة لتصبح لغزا - تقوم بجذب الخبراء والمستشارين بمرتبات كبيرة، والتزمت الشركة فى سابقة هى الأولى من نوعها بدفع الضرائب للخبراء لمصلحة الضرائب، وذلك من المال العام، وقام المشرفون على الشركة «محمد عرفة وطارق عامر» بإصدار شيكات بدون رصيد.
وقامت محكمة جنح عابدين الجزئية فى 13 ديسمبر 2007 بالحكم على محمد عرفة وطارق عامر بالحبس ثلاث سنوات مع الشغل وكفالة ألف جنيه، وإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة، ولم يعارض طارق عامر الحكم إلا فى 29 يوليو 2009، أى بعد تعيينه فى البنك الأهلى المصرى، فأين كانت الأجهزة الرقابية؟
وقامت مصلحة الضرائب بالقاهرة بالتصالح مع شركة خبراء البنك المركزى المصرى ملف 194 /2، حيث قامت بدفع 474 ألفا و528 جنيها من المال العام، منها 339 ألفا و528 جنيها شيكات و135 ألف جنيه فوائد على المبلغ وتم انقضاء الدعوى بالتصالح.
والغريب أن طارق عامر ظل هاربا من الحبس لمدة عامين، كما تم تعيينه رئيسا للبنك الأهلى المصرى فى إبريل 2008 بالمخالفة لقانون البنوك، والذى يشترط ألا يصدر ضده حكم سابق، وقام بإصدار القرار الدكتور أحمد نظيف رئيس الحكومة السابقة وباستشارة فاروق العقدة محافظ البنك المركزى المصرى.
طبعا طارق عامر لم يكن هاربا، بل كان معلوما مكانه ومحل عمله، لأنه كان نائب محافظ البنك المركزى، ولكن هى القدرة الخارقة التى كانت تسيطر على مقاليد الأمور فى ظل نظام فاسد.
والمدهش فى الأمر أننا بحثنا عن شركة خبراء البنك المركزى، فلم نصل إلى نتيجة، فهل كانت شركة وهمية، أم شركة من الباطن، ومن أصحابها، وهل أخطأت الضرائب وذكرت مسمى وهميا وهو شركة خبراء البنك المركزى؟! المهم أن طارق عامر ومحمد عرفة أهدرا 135 مليون جنيه من المال العام ولم يحاسبهما أحد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.