غسان مسعود نجم سوري معروف، تميز بأداء الشخصيات التاريخية في أعمال مثل الحجاج بن يوسف الثقفي وأبناء الرشيد، إضافةً إلى أعماله في المسرح والسينما السورية والمصرية، ومشاركته في الفيلم العالمي "مملكة الجنة" الذي جسّد من خلاله شخصية القائد العربي صلاح الدين الأيوبي. عشق غسان مسعود للأدوار التاريخية وضعه في أزمة درامية أثارت جدلاً واسعاً بعد أدائه شخصية أبي بكر الصديق في مسلسل عمر الذي عرض مؤخراً، وتعرض لهجوم كبير من بعض رجال الدين الإسلامي الذين يرون في تجسيد الخلفاء الراشدين على الشاشة حرمة لا يجب تجاوزها، وهي الأزمة التي نناقشها مع مسعود، إلى جانب فكرة تجسيد شخصية "الرسول" للرد على الفيلم المسيء التي طرحت مؤخراً، وموقفه من الثورة السورية في هذا الحوار ... * هل ترى في تجسيد شخصية الرسول الكريم سينمائياً رداً مناسباً على الفيلم الأمريكي المسيء للإسلام، بعد إعلان المجموعة القطرية عن نيتها للقيام بهذه الخطوة؟ - أعتقد أن الرد على أي إساءة للأديان السماوية يجب أن يأتي من خلال الحوار لا الصدام بين الديانات المختلفة، وبالتالي أنا مع تقديم فيلم سينمائي لتوضيح الصورة الحقيقية للرسول التي تعمد الفيلم تشويهها، ولكني في الوقت نفسه لا أستطيع الجزم بمشروعية تجسيد شخصية الرسول على شاشة السينما، فهناك رموز لها قدسية كبيرة للغاية، والرسول من أكبر هذه الرموز، ولا أستطيع أن أفتي بجواز ظهور الرسول من عدمه، فهو أمر معني به المرجعيات الدينية الكبرى في العالم الإسلامي، سواء كان الأزهر الشريف في مصر أو غيره من المرجعيات الدينية في طهران. * هل توافق على القيام بتجسيد شخص الرسول على شاشة السينما؟ - من الممكن أن أوافق في حالة تأكدي من موافقة المرجعيات الدينية الكبرى في العالم الإسلامي وإجازتها لهذا العمل، فأنا أحترم ما تفتي به، وأحني رأسي لإجماع علماء الأمة الإسلامية فهم الأجدر بالحكم على مثل هذه الأشياء. * لكنك جسدت شخصية أبو بكر الصديق في مسلسل "عمر" رغم شبه الإجماع من علماء الدين الإسلامى على رفض فكرة تجسيد الصحابة على الشاشة؟ - لست طرفاً في أزمة ظهور الصحابة في مسلسل "عمر بن الخطاب"، لأن كبار الفقهاء من علماء الأمة أجازوا العمل، ووافقوا على فكرة تجسيد الصحابة، ومن بينهم الشيخ يوسف القرضاوي والشيخ سليمان العودة، والأزمة جاءت بعد رفض مراجع دينية أخرى للعمل، وهو خلاف فقهي لا يخص الممثل أو المخرج، لأنه اختلاف بين العلماء، وأنا كممثل يعرض عليّ الدور فأقوم بأدائه، ولكن في حالة مسلسل "عمر" اقتنعت بعدد من فتاوى بعض كبار العلماء وقمت بعملي، ومسئولية عرض المسلسل على الشاشة ترجع للجهة المنتجة، وأزماته الفقهية ترجع للعلماء الذين أجازوه، وأي سجال يجب أن يكون مع هؤلاء لا مع الممثلين في العمل. * البعض يرى أن شخصية أبو بكر أكثر تأثيراً في الدراما من عمر، فهل ترجع ذلك لإخفاق المخرج في اختيار شخصية عمر؟ - العمل الدرامي دائماً عمل جماعي، وكل شخصية سواء رئيسية أو ثانوية تؤدي الدور الذي يفرضه السيناريو لاستكمال الرؤية الدرامية للمخرج، فجميع الشخصيات هامة سواء شخصية أبو بكر أو عمر أو علي أو عثمان، وبالنسبة لاختيار سامر إسماعيل لأداء شخصية "عمر"، فلم يكن أمام المخرج بديل آخر، لأن شخصية "عمر" تظهر في سن السابعة عشرة وتمر بمراحل عمرية مختلفة حتى يتولى أمر الخلافة ويستشهد في النهاية، وهو ما دفع المخرج للبحث عن ممثل صغير السن حتى لو كان ممثلاً لأول مرة، وأنا أحيي جهود سامر إسماعيل لما بذله في العمل من جهد، خاصة أنه تعرض لهجمة شرسة عقب عرض المسلسل. * إلى جانب شخصية "أبوبكر" قدمت العديد من الشخصيات التاريخية في الحجاج بن يوسف الثقفي وأبناء الرشيد، ولكن شخصية صلاح الدين الأيوبي في الفيلم العالمي "مملكة الجنة" كانت أكثرهم تأثيراً في تاريخك السينمائي، فلماذا لم تكرر تجربتك في السينما العالمية؟ -الشخصيات التاريخية تستهويني إلى حد كبير، وأرى في شخصية صلاح الدين إضافة كبيرة لي، ولكن عملي في السينما العالمية مشروط بالدور الذي أقدمه، والأبعاد التي يحملها العمل، وكثيرة هي الأعمال السينمائية التي عرضت على ورفضتها، من بينها فيلم "سيريانا" وفيلم "Body of Lies" مع ليوناردو دي كابريو، فأنا لست منبهراً للدرجة التي تدفعني للوقوف أمام كاميرات هوليوود كل عام، ولكني سأوافق على الفور إذا ما عرض عليّ دور مناسب، فعندما تقدم شخصية بحجم صلاح الدين الأيوبي في "مملكة الجنة" فمن الصعب أن تقدم دوراً أقل بعد ذلك. * ما تقييمك لتجربة النجوم المصريين مثل عمرو واكد وخالد النبوي في السينما العالمية؟ - أرى أن وجود النجوم العرب في السينما العالمية تأخر كثيراً، بعيداً عن الاستثناءات التي حدثت في الماضي؛ لأن العالم أصبح قرية صغيرة، والسينما التفتت للتطور في وسائل الاتصال، مما جعلنا قادرين على مشاهدة فيلم تدور أحداثه في ثلاث قارات مختلفة بممثلين من دول عديدة، فالسيناريو يفرض وجود ما يحتاجه ومن يحتاجه، وأنا شخصياً أرى مشاركة العرب في أفلام السينما العالمية ظاهرة إيجابية، فلم تعد هناك حواجز تمنعنا من التداخل ورفع أعلام بلادنا في المحافل الدولية بأفلام، حتى لو كانت من إنتاج الآخر الذي يحتاج لمواهبنا كما نحتاج إليه. * هل ترى أن سوريا تحتاج لتدخل خارجي لإيقاف نزيف الدم السوري، ولماذا وقف الكثير من النجوم السوريين على الحياد تجاه ما يحدث في وطنهم؟ - لا أعتقد أن إجابتي على هذا السؤال ستكون شافية، فما تعيشه سوريا من فوضى جعل أبناءها لا يفهمون ما يجري بالضبط في مدنها المختلفة، مما دفع الكثيرين منا للوقوف على الحياد، وأنا لا أساند نظام الأسد، ولكني وغيري توصلنا في نهاية الأمر لضرورة إلغاء المسميات، فلم تعد هناك معارضة أو موالون لنظام الأسد لأن المعادلة تغيرت بعدما أصبحت سوريا ملعباً لكثير من الدول والجهات المختلفة التي تحاول تحقيق مصالحها الرخيصة من خلال المتاجرة بقضيتنا، وفي النهاية الخاسر الأكبر من تلك المواجهات هو الشعب السوري، سواء كانوا من المعارضين أو المؤيدين لنظام الأسد. * رغم ما يحدث في سوريا لم يتأثر إنتاج الدراما بشكل كبير رغم أن الدولة هي الجهة الإنتاجية الأهم، حتى أنك وافقت على بطولة مسلسل "ياسمين عتيق".. ما تعليقك؟ - الدراما السورية تأثرت بما يحدث في سوريا، لكن الإنتاج لم يتوقف كلياً، ووقعت بالفعل عقد مسلسل "ياسمين عتيق"، الذي يعبر عن البيئة الشامية بصورة مختلفة عن التي عرفها المشاهدون في مسلسل مثل "باب الحارة"، فالعمل بعيد عن هذا الشكل لأن أحداثه تبدأ في عام 1830 عندما كانت دمشق ولاية عثمانية، لذا فاللهجة السورية مختلفة فيه، لأن العمل يعتمد على ما يعرف في سوريا باللهجة البيضاء، هناك أيضاً اختلاف في الملابس التي تعتبر أقرب للزي العثماني منها للزي العربي، وأجسد في العمل شخصية شهبندر التجار، وهو رجل قاسٍ يمارس تسلطه وقسوته على المدينة ويدخل في صراع مع زوجته التي تخرج للسوق وتحاربه في عقر داره. * إنتاج السينما السورية أقل بكثير من الإنتاج المصري الذي شاركت فيه بفيلمي "جوبا" و"الوعد"، فلماذا لم تكرر التجربة خاصة أن الفيلم الأخير حقق ردود فعل جيدة؟ - السينما السورية تتبع الدولة في معظم إنتاجها كما في الدراما، لهذا فالإنتاج السينمائي قليل باستثناء بعض التجارب الإنتاجية الخاصة، وبالفعل فالإنتاج المصري كبير بالنسبة لغيره، وقبولي للعمل في السينما المصرية كان أملاً في التواصل مع الجمهور المصري، وهو ما جعلني أقبل العمل في فيلم "جوبا"، ثم فيلم "الوعد" الذي سعدت بنجاحه ونجاح الشخصية التي قدمتها فيه، لكن ما أحزنني هو تعرضي للإهانة والتشويه الذي أعتبره شخصياً، سواء بالنسبة لترتيب اسمي على تترات الفيلم، أو بتركيب صوت فنان آخر على مشاهدي، مما سبب لي ضرراً نفسياً جعلني لا أفكر في تكرار التجربة مع السينما المصرية. * هل ترى في السينما التركية بديلاً مناسباً بعد "وادي الذئاب" وموافقتك على المشاركة في فيلم "دموع الحب"؟ - السينما التركية لا تقل أهمية عن السينما المصرية، وكما قلت من قبل أن خطوة التواصل مع نوعيات مختلفة من السينما تأخرت بالنسبة للممثلين العرب، وهو ما أحاول القيام به إذا ما توافر العمل المناسب، وبالنسبة لفيلم دموع الحب فحتى الآن لم يتم الاستقرار عليه بصفة نهائية؛ لوجود خلافات إنتاجية بين صنّاعه، بعد انسحاب إحدى جهات الإنتاج، ولجوء الجهة الأخرى لتأجيل تصوير الفيلم المأخوذ عن رواية تركية شهيرة تحمل نفس الاسم، وحققت انتشاراً كبيراً في تركيا، ووصلت مبيعاتها حتى الآن إلى مليوني نسخة.