منذ نعومة أظافرها تحملت صعوبات على مدار سنوات طويلة، لتكون الحصن لوالدها ولزوجها الموظف ولا يستطيعون سد حاجتهم براتبه، فهى السند معه لأبنائها فى هذا الزمن، وعلى مدار السنين أثبتت أنها سيدة بميت راجل بقدرتها على تحدى الصعاب وقهرها، وأجمع أهالى قريتها بأنها بمليون رجل وقت الحاجة، وأثبتت أن المرأة فى القرية ليست منكسرة الجناح، كما يدعى البعض، بل هى كالجبل الشامخ، تصعد وتنزل على الأخشاب وتقف عليها بالساعات الطويلة وتتعرض للمخاطر لتقوم بمهمتها فى عمل المحارة، أثبتت أنها ظهر لزوجها وقت الحاجة، فتعمل فى مهنة ينظر إليها الكثير على أنها لا تصلح للسيدات، إلا أنها تحدت ذلك، وأثبتت بقدرتها أنها تصلح لها وبجدارة، فعملت «مبيض محارة» لأكثر من 25 عامًا من منزل أبيها وحتى منزل زوجها، لتضمن لأبنائها عيشة طيبة وكريمة، فهى سيدة فى الأربعينات من عمرها تحكى ل«الصباح» قصتها مع مهنة المحارة، بجانب أنها تقوم بأعمال أخرى. أنها ناهد محمد رجب المعروفة ب«أم إسراء» من قرية بمم التابعة لمركز تلا بمحافظة المنوفية صاحبة ال40 عامًا، يعمل زوجها موظفًا فى العريش ولديها من الأبناء أربعة الأولى فى المرحلة الثانوية والثانية فى المرحلة الإعدادية والثالث والرابع فى المراحل الابتدائية المختلفة، لم تمل أو تكل من العمل فهدفها هو تربية أبنائها ليصلوا لأعلى المناصب فى البداية قالت السيدة أم إسراء إنها كانت تعمل وهى فى منزل والدها فى المحارة وكذلك تذهب إلى الحقول للحصول على الرزق حيث تقوم بزراعة المحاصيل أو جنيها للتجار أصحاب الأراضى لتحصل على عشرة جنيهات يوميا، وبعد أن تزوجت وجدت أن راتب زوجها لا يكفى لسد احتياجات المنزل وبسبب ارتفاع مستوى المعيشة ظلت تعمل وتكد مؤكدة لمساندة زوجها على مصاريف الأبناء والمنزل، مشيرًا أن زوجها يعمل أيضًا فى مهنة مبيض محارة فى الإجازات وغالبًا بعد عمله كموظف. وأضافت أم إسراء عرفت أسرار المهنة وكيفية صنع «المونة» جيدًا حتى أجمع زملائى بأننى أصبحت ماهرة بجدارة، وكذلك الزبائن أصبحوا يطلبوننى بالاسم، والكثير من العمل نقوم بعمله أنا وزوجى فالحمد لله على نعمة الرضا بيننا. وتابعت على الرغم من إصابتى بكسر فى الظهر إثر سقوطى من على السقالة، وتحذير الأطباء بالعمل إلا أننى لم أستسلم للمرض وبعد فترة من الشفاء واصلت العمل مرة أخرى وبمفردى. وأكدت أم إسراء لم أعتمد على مهنة «مبيض المحارة» فحسب لأنها لا تكون متوافرة فى معظم الأحوال بل أقوم بأعمال فى الحقول فمنذ السادسة صباحا أذهب مع مجموعة من سيدات القرية للمزارع وأعود بعد العصر وأقوم بتحضير الغذاء لأبنائى والاطمئنان عليهم، وبعد ذلك أعمل فى مهنة «مبيض محارة» وأعود فى المساء إلى البيت حاملة ما قد أعاننى الله فى يومى من رزق، فلدى استعداد لعمل أى شغل يطلب منى، ولم أقتصر على عمل بعينه، لأن مهنة مبيض المحارة لا تتوافر بشكل مستمر لذلك أبحث معاها على أى مهنة أخرى. وأكدت أم إسراء إنها ستظل تعمل حتى تقوم بتأمين مستقبل أبنائها فى التعليم ولضمان لهم حياة كريمة،قائلة «طول ما فيا صحة هفضل أشتغل وأكون سندًا لأبنائه وظهر لزوجى لحد ما أموت، وعمرى ما هتأخر عليه ولا على الأبناء فى أى شىء، لأنه هو عمره ما اتأخر عليا فى شىء». وتابعت أن أهالى القرية يتعاطفون معاها كثيرا، ويتمنون لها الخير هى وأبناءها وناشدت أم إسراء وزارة التضامن الاجتماعى بفحص حالتها وتوفير أى معاش إضافى لها .