الاستقالة المسبقة شرط للتعيين و 5 ملايين عامل بدون بيانتات لدة الدولة "استمارة 6" أداة لاستغلال حاجة العمال دون الحفاظ على حقوقهم اتحاد العمال: لابد من إبرام عقد للعامل بعد 6 أشهر من التدريب حقوقي: يجب إلزام صاحب العمل بتقديم الاستقالة بقسم الشرطة نشأ في قرية ريفية بمحافظة الغربية، وظل يبحث عن عمل يعتاش منه، بعد انتهائه من أداء الخدمة العسكرية في 2016، هذا الوقت الذي كان يعاني فيه "سليم خالد" 28 سنة، من عدم تمكنه من الالتحاق بأي عمل يناسب مؤهله "بكالوريوس زراعة - إنتاج حيواني" وجد "سليم" عملًا في "ش. ن. إ. ع"، بعد شهور من البحث الدائم، لكنه سيبدأ ب6 أشهر تحت التدريب دون مقابل. "مكنتش لاقي حاجة غيرها، ظروف عائلتي كانت صعبة، واضطريت اشتغل لأني تعبت من اللف على شغل" عبارات تقطر بالأسى يصف "سليم" حاله بها. "صبر يونس.. وتحمل يعقوب"، كانت هذه حال "سليم" داخل الشركة، يوضح: "اتحملت كل الإهانات والظلم لحد ما فاتت فترة تدريبي وبدأت أطالب بحقوقي وبالتعيين عشان آخد مرتب يرضيني، لحيت عليهم كتير لدرجة كانت بتوصل للمشاكل". قرر المسؤولون حينها تعيين "سليم" بعد موافقة رئيس مجلس الإدارة، قبل أن يُفاجأ بأمر صادم، يقول:"طلبوا مني التوقيع على استقالة موقعة بخط يدي بدون تاريخ وإقرار بالتنازل عن مستحقاتي، كان تأثير هذا عليّ زي الصدمة ولما بدأت استفسر عن السبب كان الرد دي شروط العمل بالشركة عاجبك تكمل على كده استقيل الأول، مش عاجبك الباب يفوت جمل". قبل نحو 3 أسابيع أوصت هيئة المفوضين بالمحكمة العمالية، بعدم الاعتراف باستمارة الفصل "استمارة 6" أو الاستقالات المسبقة، التي وقعها بعض العمال بشركة النصر لإنتاج الزيوت، حيث قدمتها الشركة لإثبات أنهم استقالوا بمحض إرادتهم، وهي حيلة تلجأ إليها نسبة كبيرة من شركات القطاع الخاص، للتخلص من حقوق العمال. "الصباح" تحقق فى السطور التالية ملف"الاستقالة المسبقة"، وترصد عددا من الحالات التى عانت بسببها في محافظات مختلفة. يتابع "سليم" : "بعد صراع مع نفسي قررت التوقيع على الاستقالة، مش عايز أروح لأهلي من غير ما اشتغل، مضيت على طلباتهم ومضيت على العقد". يضيف: "قبل انتهاء سنة من تاريخ العقد قرروا يمشوني ومعرفتش أخد لا حق ولا باطل معاهم اترميت بره الشركة عشان يدخلوا خريجين جدد ويعملوا معاهم نفس الوضع اللي حصل معايا وعرفت إنهم ماشين بمبدأ التدوير معندهمش حد بيكمل سنة ونص عشان مرتبه ميعلاش وعشان ميترقاش، سبت الشغل ومشيت دون الحصول على أي مستحقات وبعدها بفترة اشتغلت مشرف على مزرعة ماعز صغيرة يمتلكها مهندس زراعي بالشرقة".
استغلوا أميته بينما "خضرعبد الوهاب" الشاب ذو ال30 عامًا ابن محافظة المنوفية استغلت "ش. خ. م" عدم قدرته على القراءة والكتابة و"بصم" على ورقة استقالة قبل توقيع العقد بينه وبين الشركة دون أن يعلم، يقول: "فوجئت بطردي من الشركة بعد مدة عمل تجاوزت العامين ولا أدري لماذا، وحينما استفسرت عن السبب كانت إجابتهم، إنت استقلت وهنجيب غيرك". 12 ساعة متواصلة كان يعمل فيها الشاب دون رحمة أو شفقة من المسئولين داخل الشركة، حيث لا علاج ولا إجازات ولا اهتمام بالمرة حتى أصيب بذبحة صدرية مازالت تلازمه حتى اليوم. "مكنتش بشوفش أهلي غير كل60 يوم.. عايش وراضي وكنت مستني التعيين"، بكلمات خانقة يقولها "خضر" معبرًا عن الحزن الذي يعتصره، موضحًا أنه كان يعاني من صعوبة التحمل، إلا أنه لم يجد سبيلًا غير الاستمرار من أجل التعيين وحينما تحقق حلمه ألقت به الشركة خارج جدرانها. "جعلوني عاطلة" فى نهار شتوي من شهر يناير العام الماضي، فوجئت "عبير أبو زيد" صاحبة ال29 عامًا بخروجها من التأمينات الاجتماعية والطبية التابعة ل"ش. د. م. ن" بالإسكندرية، أثناء تواجدها في مكتب التأمينات للحصول على "برنت" تأمين موجه لبنك الإسكان باعتبار ورقة التأمينات مكملة للأوراق الملطوبة للتقديم على الإعلان الثامن في ذلك الوقت للإسكان الاجتماعي. عندما سألت"عبير" مدير مكتب التأمينات عن سبب خروجها المفاجئ من التأمينات، قال لها إن ذلك حدث بشكل قانوني بعد تقديم المستشار القانوني للشركة التي تعمل بها استقالتها مرفقة باستمارة 6، وصورة من عقد العمل بينهما، مما دفعهم لإنهاء العلاقة بينهما باعتبارها كانت موظفة مؤمن عليها لديهم وهذا ماسهل عملية التخلص منها. "عبير" فقدت عملها وأصبحت "عاطلة" عن العمل وفشلت في الحصول على شقة تأويها لعدم قدرتها على استكمال أوراقها بعد خروجها من التأمينات، لتعود بذاكرتها إلى أول يوم قدم فيها مسؤول الموارد البشرية لها ورقة استقالة مسببة، وورقة أخرى تفيد حصولها على مستحقاتها المالية كافة، وعندما سألت عن السبب، قال إن ذلك من قواعد الشركة في العمل حتى تضمن حقوقها، وهذا هو نظام العمل، وبدون التوقيع لن تحصل على الوظيفة. إحصائية بلغ عدد العاملين المثبتين فى القطاع الخاص نحو22,8 مليون عامل، وذلك حسب آخر إحصاء للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الصادر عام 2018، إلا أن 5 ملايين منهم لاتوثق بياناتهم في المستندات الرسمية للدولة لعدم التأمين عليهم بشكل قانوني، بسبب التوقيع على الاستقالة المسبقة قبل بدء العمل، فيما وصل عدد العاملين في القطاع الحكومي نحو7 ملايين عامل، إلا أن موظفي الحكومة يصعب التخلي عنهم بسهولة مقارنة بموظفي القطاع الخاص بحكم القوانين التي تحميهم من بطش الجهة التي يعملون بها. عدم الاعتداد بالاستقالة وفقا للنائب محمد وهب الله الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال مصر، أنه تم الاتفاق على إنشاء لجان مشتركة من الأطراف الثلاثة لحفظ التوازن بين العمال وأصحاب الأعمال، مهمتها التدخل الفورى لإنهاء أي نزاع يحدث بين الطرفين، ولا وجود فى القانون للاستقالة المسبقة، التى فيها إجبار العامل على ترك العمل حسب ما يريد صاحب العمل. وأكد وتابع في تصريحات خاصة ل"الصباح"، أنه لا تحديد لمدة عقد العمل، والعامل يتمتع بضمانات استمراره ولا فصل له إلا بحكم من المحكمة، حيث يقضى القانون ولأول مرة بإنشاء محاكم عمالية بالمحافظات لسرعة الفصل فى القضايا، وذلك على غرار محاكم الأسرة والمحاكم الاقتصادية، وسوف يتمتع بنظام التأمينات الاجتماعية على كامل أجره الذى يحصل عليه. وكشف "وهب الله" أنه فى نوفمبر الماضي، وافقت لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، على المادة 140 من مشروع قانون العمل المقدم من الحكومة، والذي تضمن مادة خاصة باستقالة العامل فى القطاع الخاص، إذ أنها ألزمت باعتماد الاستقالة من الجهة الإدارية المختصة، وهي وزارة القوى العاملة. كما تم وضع مادة فى قانون العمل الجديد بألا يتم الاعتداد بتلك الاستقالة إلا يوم خروجه على المعاش فى مكتب العمل المختص. ونوه بأنه بين الحين والآخر تمر لجنة من مكتب العمل على الشركات والمؤسسات الخاصة لتتأكد أن العمال مبرم لهم عقود "لاينبغي أن تزيد مدة التأهيل عن 6 أشهر دون إبرام عقد"، وفقا لما ورد بقانون العمل ومن يخالف ذلك يعاقب قانونيا. كيفية حصول العامل على حقوقه حسب الدكتور زيدان فضل، المحامي المختص في شئون العمال، فإن العامل المجبرعلى الاستقالة يستطيع الحصول على حقوقه كافة من دون العقد. وتابع في تصريحات خاصة ل"الصباح"، أن الابتعاد عن التقاضي يساعد على إهدار حقوق العمال، إذا أنه يؤكد أن علاقة الموظف بالعمل مرتبطة بعوامل كثيرة حتى لو كان بأجر يومي، منها شهادة الشهود أو كشف الحضور والانصراف أوالراتب الذي يصرف له، وعلى إثر ذلك يستطيع العامل أن يقاضي المنشأة التي فصلته أوأنهت خدمته بموجب الاستقالة التي وقع عليها في بداية العمل، ويستطيع الحصول على أجر شهرين تعويض عن كل سنة عمل بحد أدنى. وأوضح أن مشروع قانون العمل، حدد مجموعة من الضوابط الخاصة بإنهاء عقد العمل محدد المدة ينتهي بانقضاء مدته، وإذا رغب صاحب العمل فى تجديده عليه أن يخطر العامل برغبته فى التجديد قبل شهر من انتهاء العقد على الأقل، وإذا انقضت مدة عقد العمل محدد المدة واستمر طرفاه فى تنفيذه، اعتبر ذلك تجديداً للعقد لمدة غير محددة، وأصبحت الاستقالة التي وقع عليها العامل غير معترف بها أمام الجهة القانونية.
وطالب "زيدان" بإلزام صاحب العمل والعامل بتقديم الاستقالة داخل مكتب العمل أو فى قسم الشرطة، من خلال محضر يثبت استقالة العامل، موضحا: "وبهذا نقضي على تلاعب أصحاب الشركات نهائيا لحرمان العمال من حقوقهم".