الإخوان: رفضت المشاركة واحتفلت بالنكسة الجماعة الإسلامية: ثأرت للصهاينة بقتل «السادات» يحمل تاريخ تيارات الإسلام السياسى، العديد من الصفحات المخجلة، التى تكشف عداء تلك التيارات للأوطان وتخليها عنه فى أحلك الظروف، وانتصارها فقط لمشروعها القائم على الحكم بشريعة خاصة لا علاقة لها بالأديان من قريب أو بعيد. وتحمل ذكرى انتصار أكتوبر بعض تلك الصفحات، والتى نزيح عنها الستار لتكون دليلًا يكشف حقيقة هذه التيارات وكذب ادعاءاتها حول دفاعها عن الوطن.
«الإخوان» بينما تتغنى الأصوات الإخوانية الهاربة فى الخارج بالدفاع عن الوطن، وتفتح الأبواق الإعلامية النيران ضد مصر داعية للفوضى، تأتى ذكرى انتصارات أكتوبر لتعيد للأذهان الوجه الحقيقى لهذه الجماعة. وبالعودة إلى السادس من أكتوبر عام 1973، وبينما كان الجيش المصرى يدق حصون العدو الصهيونى ويتجمع حوله المصريون بكل طوائفهم وشرائحهم الاجتماعية، كانت جماعة الإخوان تتوارى عن الأنظار، رافضة التعبير عن دعمها للجيش فى حربه ضد العدو الصهيونى الذى طالما ادعوا كراهيتهم له، ولم تصدر أى بيانات تأييدًا للحرب. وتحججت الجماعة فيما بعد، بأن أعضائها كانوا معتقلين، وهو الأمر الذى ثبت أنه غير حقيقى، بل مرتبط بعقيدة الجماعة التى ترفض الانضمام إلى راية حرب تقودها الأنظمة الحاكمة أو الجيوش الوطنية، لذلك لم يكن غريبًا أن يقوم الإخوانى «صالح سرية» بالتخطيط وتنفيذ هجوم «الكلية الفنية العسكرية» بعد تشكيله لتنيظم عرف ب«تنظيم الفنية العسكريةۚ»، حيث نفذ التنظيم هجومًا مسلحًا على الكلية الفنية العسكرية بعد ستة أشهر فقط من انتصارات أكتوبر، وتحديدًا فى أبريل 1974، ما أسفر عن مصرع 17 شخصًا، وإصابة أكثر من 60 آخرين. ووفقًا لاعترافات القيادى الإخوانى طلال الأنصارى حول الحادث، قال إنهم أدوا البيعة لحسن الهضيبى بمنزل زينب الغزالى ليكون بذلك تنظيم الفنية العسكرية أحد الأجنحة العسكرية لجماعة الإخوان، وقامت «الغزالى» وقتها بتسهيل لقاء «صالح سرية» الذى قاد الهجوم بمرشد الإخوان حسن الهضيبى وعدد من القادة لتسيهل مهمته. وظلت الجماعة على مدار سنين طويلة ترفض مشاركة المصريين الاحتفال فى انتصارات أكتوبر، حتى كان التحدى الأكبر خلال إحياء ذكرى انتصارات أكتوبر 2012، عندما احتفلت الجماعة التى كانت تعتلى عرش الحكم على طريقتها، من خلال إقامة احتفال ضخم باستاد القاهرة اصطحب فيه الرئيس المعزول محمد مرسى قاتلى الرئيس الراحل محمد أنور السادات لمنصات الاحتفال، وكان على رأسهم طارق الزمر، بعد أن قرر مرسى إطلاق سراحهم، ليمثل الأمر انتهاكًا للحدث أشعل الغضب فى قلوب جموع المصريين ونال انتقادات عديدة، فيما أظهر إلى أى جانب تنتمى الجماعة الإرهابية. ولعل الأمر له جذور أبعد من أكتوبر، فلم يكن عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر أفضل مع الجماعة التى حاولت قتله بالإسكندرية ما جعله يزج بقادتها داخل السجون. وحتى اليوم تحتفل جماعة الإخوان بنكسة 67، وتعتبرها انتقامًا إلهيًا لهم، وفقًا لما جاء على لسان مرشد الجماعة محمد بديع، فى ذكر النكسة عام 2011، حيث قال إنه بعد التنكيل بالإخوان كان الانتقام الإلهى سريعًا فعقب اعتقالات 54 كانت هزيمة 56، وعقب اعتقالات 65 كانت هزيمة 67. وبالنظر لاعترافات قادة الجماعة، فهى لم تقدم العون يومًا للجيش المصرى، وهو ما اعترف به القيادى الإخوانى يوسف القرضاوى، مؤكدًا عدم مشاركة الإخوان فى المقاومة الشعبية عام 56، وكشف عن إرسال وزارة الأوقاف برقية له تطلب منه تسلم الأزهر ورفع الروح المعنوية للمصريين، وهو ما رفض الاستجابة له. الجماعة الإسلامية «قتلة المحاربين». لم يكن رد الجماعة الإسلامية المنبثقة من رحم جماعة «الإخوان» على انتصارات أكتوبر، سوى باغتيال قائدها الرئيس محمد أنور السادات، وهو وسط أبناء الجيش محتفلًا بذكرى الانتصار، وكأنهم يثأرون للصهاينة الذين أقاموا الاحتفالات فرحًا بمصرعه، لتغتاله الجماعة عام 1981 بقيادة خالد الإسلامبولى وعبدالحميد عبدالسلام. كما سعت للسيطرة على مؤسسات الدولة، وهو المخطط الذى فشل بعد إلقاء القبض على منفذى الهجوم جميعًا. ولم تتوقف الجماعة عند هذا الحد، بعد ذلك التاريخ بيومين، حيث لم تتعاف مصر من آثار الحرب بعد، ولم تعد القوات الأمنية لكامل قوتها، بل نفذت عملية عسكرية موسعة بمحافظة أسيوط، وحاولت السيطرة على مديرية الأمن وعدد من مراكز الشرطة، ولكن تمت السيطرة على الأمر وإلقاء القبض على مرتكبيه، ليظل شهر الانتصارات شاهدًا على الدماء التى أراقتها تلك الجماعة. السلفيون «تيار تكفير الجيوش» تنحصر علاقة التيار السلفى بمختلف أيديولوجياته برفض الاعتراف بالجيوش الوطنية، ونبذ فكرة الدفاع عن الأوطان، وإن كانت السلفية المدخلية تخفف من حدة تلك المفاهيم وتعترف بالنظم الحاكمة، وهو ما وضح جليًا فى موقف الشيخ محمود لطفى عامر والذى رفض محاكمة الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك باعتباره أحد قادة حرب أكتوبر، فيما طالب بمنح الحصانة القضائية لكل من شارك فى النصر، أما أنصار السنة المحمدية فقد برروا النصر بأنه نتيجة لاقتراب المصريين من الدين والابتعاد عن البدع ومغريات الحياة، الأمر الذى يختلف لدى السلفية الجهادية التى ترفض تلك المعانى وتعتبر أن الجيوش الوطنية جيوش مرتدة، والأمر نفسه تعتقده سلفية الإسكندرية. فبينما تحجج الشيخ ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية بالإسكندرية، برفض الاحتفال بانتصارات أكتوبر لوجود بعض المخالفات الشرعية بها، جاء أحد تلامذته وهو الباحث إسلام المهدى ليكذب تلك الادعاءات مؤكدًا فى كتابه شيوخ على أبواب جهنم، أن سلفية الإسكندرية لا تعترف بالجيوش إلا الجيوش الإسلامية التى ترفع راية الجهاد فى سبيل الله وليس تحرير الأوطان، وأن قادة سلفية الإسكندرية كانوا يحرضون الشباب على عدم الانضمام للجيش ويدربونهم على ذلك الأمر، فيما لا يعتبرون أن حرب أكتوبر انتصارًا أو حربًا من الأساس.