"الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صمم"، هذه الأبيات الشعرية التي مدح المتنبي نفسه أمام أميره سيف الدولة الحمداني بمدينة حلب (شمال سوريا) عاصمة الدولة الحمدانية، التي تشهد أشرس المعارك بين الجيش الحر وقوات النظام السوري التي تحاول أن تفسد مخطط كتائب الثورة في السيطرة على حلب. رغم كل هذا التاريخ بقيت حلب الشهباء تحت أجنحة النظام ولم تدخل ضمن المدن الثائرة وباتت راقدة رغم التحريض الثوري من قبل القادة العسكريين وشيوخ الدين ونداءات حماة ودرعا وحمص وإدلب في المظاهرات بل وأحيانا كانت حلب تخرج احتشادا مع النظام السوري ولعدة مرات. ولكن طبيعتها التجارية والصناعية وتعدد الأطياف والأديان فيها مسيحيين من عدة طوائف منها (أكراد وتركمان والعشائر والقبائل عربية) والقبضة الأمنية والعشائرية علي كل تظاهرة تخرج كان عدد الأمن والشبيحة أضعاف المتظاهرين، إلا إن حركات الطلبة الجامعيين في حل لكونهم خليط من 14 محافظة سورية نقلوا الثورة إلى حلب واعتبرت المحرك الأساسي للثورة السورية مما علقت الدراسة فيها عدة مرات. وتعد مدينة حلب من أقدم المدن مأهولة في العالم ويعود تاريخها إلى نحو 7000 عام، فيها كاتدرائية منذ العهد المسيحي التي مازالت قائمة حتى يومنا هذا، وفي عام 636م (16 ه) فتحها الصحابيين "أبو عبيدة الجراح "و"خالد بن الوليد"، وكانت عاصمة الدولة الحمدانية، التي ردت الروم كثيرا، وأرض الشعراء من أبو طيب المتنبي وأبو فراس الحمداني، وتشتهر حلب بأبوابها التاريخية وأسوارها القديمة وتعد قلعة حلب من أبرز معالمها التاريخية. وتقع حلب أقصى شمال سوريا علي الحدود التركية وهي العاصمة الاقتصادية لسورية وثاني أكبر مدنها من حيث عدد السكان (5مليون نسمة). وتشتهر بصناعة صابون الغار وزيت الزيتون وهي من الصناعات التي يعود تاريخاها إلى ألاف السنين وكما فيها صناعات غذائية وصناعات ثقيلة. ومع انتهاء عيد الأضحى السابق بدأ توقد النار في الثورة الحلبية حتى أحرق مواطنين مركز أمني في منطقة "المرجة" وأخرجوا عددا من المعتقلين وأمتد الربيع الحلبي إلى الصاخور المجاورة وصلاح الدين والفردوس وسيف الدولة والنيرب ولاسيما أيام الجمعة، بالإضافة إلى أغلبية الريف الحلبي وأطلقت تنسيقيات الثورة "بركان حلب" للدلالة على أن حلب تحسم المعركة مع بشار الأسد . ونشر عبر الانترنت مقطع فيديو للعميد "عبد الله عمر زكريا" أعلن فيه عن تشكيل المجلس العسكري في حلب، الذي ضم كافة الفصائل والتشكيلات العسكرية. وبدأ الثوار المسلحون في منتصف يوليو الماضي بدخول مدينة حلب، وأعلنت كتائب التوحيد من الجيش الحر عن معركة حلب وإعلان حالة النفير العام واندلعت الاشتباكات في محيط قاعدة المخبرات الرئيسية والتي أسقط فيه الجيش الحر أول طائرة "ميغ 21" سيطرة حينها علي مبنى الإذاعة والتلفيزيون في حلب. وطالت المواجهات حي الصاخور والسكري ومساكن هنانو وباب نيرب وقاضي عسكر وسيف الدولة وبستان القصر و المشهد وبتزان مع القصف الجوي والمدفعي. ووجه الجيش الحر صفعة للنظام بإعلان سيطرته علي ثكنة هنانو (تجمع للعسكريين) التي استعادها النظام فيما بعد بالطيران(الهليكوبتر). وقيل عدة أيام أطلق الجيش الحر حسم معركة حلب في جمعة تحت شعار"توحيد كتائب الجيش الحر". ومن أبرز الكتائب المتواجدة في حلب كتيبة أبو بكر الصديق وكتيبة أحفاد عائشة وسلمان الفارسي والفاروق ودرع الإسلام والقعقاع وعبد الرحمن بن عوف والفرقان ودرع الإسلام. فهل يستطيع الجيش الحر في حلب أن يصف نفسه أمام الثوار كما فعل المتنبي؟