«ميسون سقط شباك المدرسة عليها وظلت 15 يومًا بين الحياة والموت فى العناية المركزة» محمود غرق فى دمائه بعد سقوط عدد من المقاعد عليه ونقل للمستشفى رحلة سفر قطعتها نوّارة وابنتها من صعيد مصر إلى محافظة المنوفية بحثًا عن لقمة عيش كريمة، وتعليم لابنتها الصغيرة صاحبة ال10 سنوات، إلا أن صورة الحياة تغيرت فى لحظة وأصبحت باللون الأسود أمامها. فَلَمْ تعلم السيدة أن تلك الرحلة ستجعل ابنتها ضحية ضِمن ضحايا المدارس المُهملة، ولم يكن فى بالها قط بأنَّ الطفلة سَترقُد على أسِرَّة المستشفيات وبين أحضانِ أقسَامُها الجراحية الخطيرة. كانت البداية عبارة عن «تار» تسبب فى انتزاع مِلكيَّتُها من الصعيد بعد وفاة ابنها الأكبر أثناء معركة خاضها فى قريتهم الصغيرة بسبب تار بينه وبين آخرين، لتكون سببًا رئيسيًا فى طردهم من البيت وأخذ قطعة الأرض الخاصة بهم، وذلك ما أكدتّهُ نوّارة ل«الصباح». تقول نوارة إنهم من أسرة ريفية بسيطة أتت من صعيد مصر، بعدما مات ابنها وحكم عليها الأهالى بترك البلد لمنع حدوث معارك وقتالات أخرى تتسبب فى الدماء، حتى يشاء القدر وتكون محافظة المنوفية هى ملجأهم الثانى، والتى أُصيبت ابنتها فى إحدى مدارسها لتكون ضحيتها الأولى وتضيف: «جئنا المنوفية وقعدنا فيها وبدأنا نشتغل فى التجارة، وربنا رزقنى بطفلة سمتها ميسون لكن لم يحالفنى النصيب بفرحتى بها لأنها الآن بين الحياة والموت. مدرسة شنّواى الابتدائية، هى السبب فى رقود الطفلة ميسون فى العناية المركزة بمستشفى أشمون العام، فهى عبارة عن بيت صغير تبرع به أحد مشايخ القرية لتكون مدرسة يُدرس فيها للأطفال، حيث الفصل فيها مكون من 100 طالب فأكثر، ليس ذلك فحسب، فبناؤها من الطوب اللبن، ولا تصلح للاستخدام الآدمى وأيضًا تُسبب خطرًا على الأطفال بداخلها، وذلك حسبما وصفت نوارة، قائلة: لكون الفصل فى مدرسة شنَّاوى، يحمل عددًا كبيرًا من الأطفال، فكانت «ميسون» دائمًا تجلس أسفل الشباك، وذلك لأنها تعانى من ضيق فى النفس، إلا أنه نتيجة المياه التى اعتاد العمال على رشها حول الفصول، وارتفاع ملوحة الجدران، تسببا فى سقوط الشباك على رأسها مما تسبب لها بنزيف حاد بالكبد وكسور مضاعفة فى كتفيها الاثنين وآخر من أعضاء جسدها، وذلك جعلها تمكُث فى العناية المركزة بمستشفى أشمون العام لأكثر من 15يومًا مهددة ما بين الحياة والموت. المدرسة: «قضاء وقدر.. وما تقلقوش هنجح البنت» ذلك كان ردًا من مدرسة شنواى الابتدائية على نوارة والدت الطفلة «ميسون»، عندما طالبت بحقها بعدما أُصيبت ابنتها بمضاعفات مرضية داخل جسدها، فتقول: «لمَّا طالبنا بحقنا ردوا علينا وقالوا ده قضاء وقدر وبنتكم هنجحها ما تخافوش». لم تكُن مدرسة شنواى الابتدائية وحدها التى تسببت فى كوارث مرضية لطُلابها، ولم تكُن الطفلة «ميسون»، التى أُصيبت بنزيف دموى داخل جسدها وجعلها بين الحياة والموت لفترة قصيرة، فالطالب محمود صاحب ال12 عامًا، كان ضحية أخرى أودعتها المدارس المهملة فى محافظة المنوفية. إصابة محمود لا تَبعُد كثيرًا عن الطالبة «ميسون»، مع اختلاف المدرسة، فبات الشاب يعانى من إصابات متفرقة، جعلته لا يستطيع النوم إلا بعد أخذ كميات عديدة من المسكنات، وذلك لعدم شعوره بالوجع داخل جسده. وتقول «عبير خالد» والدة الطفل، إن ابنها فى الصف الثانى الإعدادى بمدرسة العزيز الإعدادية بمؤسسة الزكاة، وقبل امتحانات نهاية العام الدراسى بشهر واحد فقط، طالب منهم المشرف عليهم فرز المقاعد من بعضها واستخراج المتهالك منها ليقوموا بصيانتها تجهيزًا للعام الدراسى الثانى، إلا أن الكارثة وقعت هنا، فجعل الطلاب يحملون المقاعد من الدور الرابع علوى إلى المخزن الخاص بالمدرسة، وعندما بدأوا بترتيب المقاعد فوق بعضها البعض، جاء صوت الصريخ من كل مكان وبات الرعب يظهر على وجوه الجميع بدءًا من الطلاب إلى المدرسين ومديرى المدرسة، إذ بعدد من «التخت» تسقُط فوق «محمود»، ليسقط على الأرض ودمائه تسبح حول جسدة. وتتابع والدته: حمله مدرس اللغة العربية مهرولاً إلى المستشفى والدماء تلطخ جسده، حتى تمكن الأطباء بوضعه تحت أجهزة العناية المركزة. وتضيف: ابنى لم يستطع الدخول للمدرسة بعد، وأيضًا لم يتمكن من حضور الامتحانات، وذلك بسبب إصابات بالغة منها «كسر فى الجمجمة وارتجاج فى المخ وبعض الكدمات والكسور فى اليدين والحوض»، جعلهُ يمكُث لأشهر كثيرة حتى تلتئم جراحه. لم تكن تلك حالات فردية بل جاءت هبة محمد إحدى أولياء الأمور الذى باتت تبكى قبل أن تتحدث عقب وفاة ابنتها الوحيدة بمدرسة إنترناشول بالهرم بالفترة الأخيرة، بسبب سقوط لافتة باب المدرسة عليها أثناء انتظارها أتوبيس المدرسة، وما زالت القضية بالمحاكم ولم نحصل عى حق طفلتنا حتى الآن والسبب عاد إلى عدم الالتزام بشروط الأمان والسلامة. تقرير هيئة الأبنية التعليمية وفى تقرير لهيئة الأبنية التعليمية، حول حادثة وفاة طالب المرج منذ فترة وجيزة، وإصابة 6 من زملائه، بمدرسة منارة الشرق بالمرج، أن المدرسة تضم 10 فصول تعليم أساسى دون الصف السادس بكثافة 31 طالبًا وذلك على مبنى واحد أرضى ودورين، ولفت التقرير إلى أنه تم تشغيل 8 فصول بمعرفة الهيئة. وأشار التقرير إلى أنه صدر ترخيص مديرية بإضافة نسبة 20% وزيادة كثافة الفصل لتصل إلى 36 طالبًا، مؤكدًا تم تسجيل مخالفة مرور 2004 لتشغيل باقى الفصول بالمخالفة وتعلية المبنى دورين الثالث والرابع. إلى جانب أن إدارة المدرسة قررت زيادة فصولها إلى 22 فصلًا أساسيًا بإجراءات مزورة وأن الموضوع قيد التحقيق بالنيابة، مشيرًا إلى أنه تم ضم مبنى سكنى مجاور للمدرسة دون الرجوع للهيئة أو وزارة التربية والتعليم. وتابعت الهيئة فى تقريرها أن المدرسة قامت بعمل تعديلات وتفريغ الدور الأرضى بالمبنى واستخدامه كفناء رياض أطفال، وإزالة جزء من السور لضم المبنى للمدرسة، كما قامت أيضًا بعمل تعديلات بالمبنى المضاف بوضع كرانيش على الواجهة. أمهات مصر فى السياق ذاته، قالت عبير أحمد مؤسس اتحاد أمهات مصر للنهوض بالتعليم، إن الحوادث التى شهدتها أكثر من مدرسة بالآونة الأخيرة وتسبب فى وفاة طالب وإصابة آخرين، تعكس مدى الإهمال الشديد. وأضافت عبير، أنه يجب توقيع أقصى عقوبة على مسئولى هذه المدارس لأنهم تقاعسوا عن أداء واجبهم وعملهم وتركوا أسوار وأسطح هذه المدارس آيلة للسقوط، الأمر الذى يعرض وعرض بالفعل حياة التلاميذ للخطر وأدى لوفاة طالب. وطالبت عبير وزير التعليم د. طارق شوقى، بمحاسبة مسئولى هيئة الأبنية التعليمية والمديريات والإدارات التعليمية المتقاعسين عن أداء واجبهم وعدم متابعة هذه المدارس بشكل دورى، ومعالجة المشكلات.