مع مرور عشرات الأعوام تنكشف أسراراً جديدة في أي قضية تتعلق بمستقبل بلد، وهذا ما حدث بالفعل خلال الفترة الأخيرة بعد ما كشفته صحيفة إسرائيلية عن وثائق بخط اليد هي الأكثر سرية بشأن نشأة البرنامج النووي الإسرائيلي وتأثيره على وضع الدولة وجيرانها، لا سيما مصر، فيما أشارت إلى وقت كان من المحتمل فيه استخدام القنبلة الذرية في حرب 1973. صحيفة "هآرتس" اعتمدت فيما نشرت على 100 وثيقة مختلفة، بما في ذلك قصاصات ورقية ومذكرات ومسودات بخط اليد، بشأن أكثر الاجتماعات سرية في تاريخ إسرائيل النووي. وذكرت أنه كُتبت الوثائق بخط يسرائيل غاليلي، الذي كان يشغل وزيرا دون حقيبة ومستشارا مقربا لرئيسي الوزراء ليفي إشكول وغولدا مئير، فيما تناولت مسودات أخرى كتابات بأيادي كبار القادة العسكريين. لكن أكثر الأجزاء إثارة في الوثائق السرية هو ما يتعلق بتفكير بعض القادة الإسرائيليين في استخدام السلاح النووي ضد مصر، بعدما تعرضت إسرائيل لصدمة عسكرية في السادس من أكتوبر عام 1973 جراء هجوم مصري مباغت على الجبهات في سيناء.
ففي الساعة الثاثة بعد ظهر الثامن من أكتوبر عام 1973، وصل وزير الدفاع وقتها موشي ديان مذعورا للقاء غولدا مائير، حيث أخبرها بضرورة تفعيل ما يعرف ب"الخيار النهائي"، في إشارة إلى ضرب مصر نوويا.
وكان غاليلي في الغرفة حينها، وتحول وجهه إلى اللون الأصفر، حسب "هآرتس"، سائلا ديان إذا ما كان قد فقد عقله، لكن وزير الدفاع كان مصرا على هذا الإجراء، متحدثا عن ضرورة اللجوء إلى الخيار النووي.
وقبل الاجتماع، أبلغ ديان بالفعل رئيس الأركان حينها ديفيد أليعازر وقائد القوات الجوية موردخاي هود، بوضع القوات الجوية في حالة تأهب، لكن رئيس الأركان عارض الأوامر.
وعقد اجتماع آخر بمشاركة المدير العام لهيئة الطاقة الذرية في إسرائيل شالفيت فريير، الذي كان متفقا مع ديان، لكنه أوضح لمائير أنه لن يحدث أي شيء دون إذن منها.
لكن مساعد رئيسة الوزراء الإسرائيلية للشؤون العسكرية يسرائيل ليئور، طلب من الرجلين أن ينسيا هذه الفكرة تماما.
وفي حين تناولت العديد من الكتابات الجوانب النووية في حرب 1973، فإن الوثائق التي كشفتها "هآرتس" تشير إلى أن القيادة الإسرائيلية لم تجر أي استعدادات ملموسة لتفعيل الخيار الأخير.