استضاف صالون علمانيون مساء اليوم الثلاثاء٬ حفل توقيع ومناقشة كتاب "حكاية الفتى أركون" الصادر مؤخرًا عن مؤسسة مجاز الثقافية٬ ومن تأليف دكتورة فاطمة الحصي اللقاء الذي أداره الباحث أحمد سامر، شهد استعراضًا للسيرة الفكرية للمفكر الجزائري محمد أركون، ومناقشة قراءاته التفكيكية الناقدة للخطاب الموروث، موظفًا عدة مناهج استخلصها من العلوم الإنسانية والاجتماعية لتفكيك الجمود والإنغلاق الفكري، الذي يقود بالضرورة إلى نبذ الآخر. وفي سياق الاستعراض الذي قدمته الدكتور فاطمة الحصي، أكَّدت أن مشروع أركون صادق ويهدف إلى تحرير العقل الإسلامي من العنف، مشيرة إلى أن أركون انتقد الخلط بين الأسطوري والتاريخي، وهذا ما أدّى في النهاية إلى التماهي في ما بينهما. ولفتت الحصي إلى أن من أهم ملامح الإصلاح في مشروع أركون، القضاء على مفهوم "المخيال" عند أركون، هو ذرع الوعي المسبق عند الأطفال، التي تكوّن أحكام مسبقة لدى الإنسان، وفي المقابل يصف أركون العقل المنبسط بالعقل الذي يرفض الأفكار المسبقة، كما دعا إلى دراسة علم الإسلاميات التطبيقية كمنهج تعددي لدراسة الإسلام، إضافة إلى وجوب التدشين إلى علم أخلاق جديد، الأمر الذي اعتبرته الكاتبة أنه عقد اجتماعي جديد يضبط علاقة الأفراد ببعضهم في مجتمعاتنا العربية. وتابعت، دعا أركون أيضًا لفهم الإسلام بشكل صحيح؛ مؤكدًا على وجوب دراسة الإسلام بكافة العلوم والمناهج الحديثة التي أكَّد أركون أن هذا ما سيظهر الإسلام بالشكل الروحاني يختلف تمامًا عن الوجه العنيف الذي يتناول به الغرب الإسلام، مشيرة إلى أن دفاع أركون عن الإسلام في كتاباته دفع بعض المستشرقين أن يصفوه بأنه إسلامي. ووفقًا للحصي، فإنه في الوقت الذي انتقد المفكر الجزائري العقل الإسلامي، وجه نقدًا للاستشراق، واتهم المستشرقين بأنهم درسوا الإسلام بمنهجية مختلفة عن تلك التي درسوا من خلالها دراسة المسيحية واليهودية، ونقلوا بسطحية شديدة ما يتناقله بعض المتطرفين عن الإسلام، ليصلوا في النهاية إلى أن يصفوا الإسلام بأنه دين عنف. وصدر كتاب "حياة الفتى أركون - سيرة فكرية"، عن مؤسسة مجاز الثقافية٬ ويتناول السيرة الفكرية للمفكر الجزائري محمد أركون الذي ولد عام 1928 في بلدة تاوريرت ميمون الأمازيغية بالجزائر، وخلال مسيرته الأكاديمية عُين أركون أستاذا لتاريخ الفكرالإسلامي والفلسفة في جامعة السوربون عام 1980، بعد حصوله على درجة دكتوراه في الفلسفة منها، كما عمل كباحث مرافق في برلين عاجل 1986 و1987، وشغل منصب عضو في مجلس إدارة معهد الدراسات الإسلامية في لندن، وتوفى في 14 سبتمبر 2010 عن عمر يناهز 82 عامًا بعد معاناة مع المرض في باريس ودفن في المغرب