مع شروق شمس كل يوم، تستقل دراجتها النارية لتبدأ رحلتها اليومية بتوصيل «الطلبات »، حيث اختارت نادية عبدالصمد السيدة الأربعينية أن تقتحم عالم الرجال؛ لتصبح أول سيدة دليفرى، فاستطاعت بعزيمتها أن تتحدى العادات والتقاليد التى يخشاها الكثير من النساء، وتُسقط شعار «للرجال فقط » الذى يطلق على كثيرًا من المهن الخاصة بالرجال، فتصبح قدوة للعديد من الشباب قبل الفتيات. وحدها الصدفة، هى من لعبت دور البطولة فى عمل «نادية »، فابنة الإسكندرية الحاصلة على ليسانس آداب قسم التاريخ والدراسات الإسلامية، عملت موظفة بمكتبة الإسكندرية قبل زواجها، ولكنها تركت عملها إرضاءً لرغبة زوجها بالتفرغ لمنزلها، لكنها بعد مرور أكثر من 12 عامًا؛ قررت أن تخرج للعمل مرة أخرى، فقد ملت المكوث بالمنزل وحيدة لأوقات طويلة بسبب طبيعة عمل زوجها كقبطان بحرى. قالت «نادية « :» كنت أعانى من الملل ورتابة الحياة؛ خاصة أننى لمأ حاولت أن أبحث عن عمل لكى أشغل به وقت فراغى، فقد رزق بأطفال، وزوجى يعمل طوال اليوم، فطلبت منه أن أخرج للعمل مرة أخرى، فشجعنى، وقدمت فى وظائف إدارية كثيرة بالشركات والمدارس، وطرقت جميع الأبواب، وانتظرت أن أحصل على وظيفة، لكن بات سعيى دون جدوى .» وأضافت: «قادتنى الصدفة لعملى؛ حينما تأخر أوردر شراء من صديقة لى؛ فهاتفتنى تعتذر عن التأخير بسبب عدم وجود مندوب توصيل دليفرى، فبدرت بذهنى الفكرة وعرضت عليها أن أقوم بتوصيل الطلبات وأكون أنا الدليفرى، فرحبت كثيرًا بالفكرة، ومن هنا كانت البداية، وساعدنى فى عملى امتلاكى سكوتر، فقد قمت بشرائه قبلها بعام ونصف، وبالفعل أصبحت دليفرى للسيدات العاملات فى مجال البيع أون لاين، لتوصيل الطلبات للفتيات والسيدات أيضًا، وقد راق الأمر لكثير من العميلات التى تصل منهن أو إليهن الطلبات، ففكرة أن تقوم فتاة باستلام وتسليم الأوردر تُطمئنهن أكثر، وأصبحت مطلوبة بالاسم ومشهورة بالإسكندرية .» وتابعت «نادية « :» لاقت الفكرة استحسان أهلى وزوجى الذى وافق أن أخوض تلك التجربة، لكنه كان لديه بعض التخوف أن أتعرض لمضايقات؛ لكننى طمأنته، وبالفعل بدأت عملى منذ عام ونصف، بعد انقطاع عن العمل دام 12 عامّا؛ وأصبحت ملتزمة بعمل يومى، عدا يوم الجمعة مثل أى عمل آخر، لكننى بدأت من الصيف الماضى بتقليل أيام العمل لثلاثة أيام بالأسبوع، لأنه شاق جدًا، وأريد أن أظل ملتزمة بمواعيد عملى، فأستلم أوقات الأوردرات قبلها بيوم، ويكون معى جدول أنفذه حسب المناطق السكنية وبالاتفاق مع العميل، وأعمل من التاسعة صباحًا وحتى الثالثة عصرًا .» وعن الانتقادات التى تتعرض لها، قالت: «ركوب الاسكوتر كان ليس جديدًا؛ فأنا معتادة عليه، لكن كان هناك ردود أفعال فى البداية من حراس العقارات، فكانوا يندهشون عندما أقف أمام إحدى البنايات بالزى الخاص بركوب الأسكوتر والخوذة، فمنهم من كان يستنكر، ومنهم من يُبدى إعجابه بفكرة أن تقوم فتاة بتوصيل الطلبات، لكن سرعان ما أصبح الأمر طبيعيًا، وأتلقى الكثير من عبارات المدح والتشجيع لعملى؛ الذى أصبح شيئا أساسيًا فى حياتى، بعد أن كان مجرد تجربة قابلة للنجاح أو الفشل .» «الأوردر »، ذلك الاسم الذى اختارته «نادية » لعمل صفحة على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك »، ليكون بداية فعلية لعملها والتواصل مع العملاء، وتتمنى أن تصبح رائدة للفكرة فى مصر، وأن تستطيع الفتيات أن تبدأ بالفعل ولا تنتظر المساعدة من أحد.