عاد التلاميذ من جديد يحملون على أكتافهم حقائب ثقيلة وأحلام بمستقبل باهر يعوقها مناخ التعليم فى مصر، فرغم جهود وزارة التربية والتعليم بتطوير المناهج الدراسية حتى أن عام 2018 أطلق عليه عام «التابلت» فى محاولة لإدراج التكنولوجيا فى التعليم لمواكبة تجارب الدول المتقدمة إلا أن العام الدراسى بدأ بمصرع تلميذ بالدقهلية فى أول يوم دراسة، فضلًا عن وسائل نقل الطلبة غير الآدمية فى المحافظات والعديد من المدارس غير الصالحة للتعليم إما بسبب أكوام القمامة التى تحاوطها أو بسبب تهالك الأبنية. بالوقائع.. كوارث وسائل النقل غير الآدمية للطلاب بالمحافظات فى المحافظات تسيطر تلال القمامة وطرق نقل التلاميذ غير الآدمية على المشهد ففى نجع عرب ميدوم الذى يقع على بعد 10 كيلوات من قرية ميدوم شمال غرب محافظة بنى سويف، والبالغ تعداد سكانه 7 آلاف نسمة، يحده من الغرب تلال جبلية وصخور ومن الشمال الطريق السريع، يتوسطه طريق متعرج وتربة غير ممهدة، أعمدة الإنارة التى قام الأهالى بشرائها منذ أعوم بعضها تعطل والآخر لم يصله التيار الكهربى بعد، ومن خلال تلك الطرق غير الممهدة يقطع الطلبة مشوارهم يوميًا ذهابًا وإيابًا إلى المدرسة، لتكون وسيلة المواصلات الأساسية هى تروسيكل عم «حسين» الذى يحمل عشرات الطلاب فوق بعضهم البعض ليسرع بهم إلى مدارسهم مقابل 3 جنيهات يوميًا للطفل ذهابًا وعوده، أما بعض الطلاب ينتظرون آباءهم يوصلونهم المدرسة ممتطين ظهر الحمير قبل ذهاب الآباء إلى الحقول. ويقول عم «حسين» سائق التروسيكل: «قبل بداية العام الدراسى يتعاقد أولياء الأمور معى لأقوم بتوصيل أبنائهم إلى المدارس الابتدائية والإعدادية، لكثرة الحوادث على الطريق يخافون على أبنائهم ويفضلون إرسالهم عبر هذا التروسيكل الذى أحمل أعلاه قرابة 25 طفلًا دفعة واحدة حتى يلحقوا بطابور المدرسة، اتفق مع هؤلاء الآباء على 3 جنيهات مقابل الطفل ذهاب وعودة. الحمير والتروسيكل والكارو أخطرها.. وتحذيرات من الحوادث .. والقمامة تحاصر المدارس يقول سليم سلامة والد الطفل سالم الذى يصطحبه كل صباح على دراجته البخارية، ليقطع 10 كيلو من صحراء ميدوم، على طريق غير ممهد للسير: رغم المعاناة التى أوجهها أثناء السير على هذا الطريق لكنى أفضل أن أصطحب طفلى الذى لا يتعدى السابعة (الصف الأول الابتدائى) إلا أننى مصر على تعليم طفلى، محاولًا بذلك التحايل على عدم وجود وسيلة مواصلات أمنة توصله إلى المدرسة. قبيلة، سيدة أربعينية، تتوشح راءً أسود اعتادت أيضًا حمل حفيدها حميد، إلى مدرسته الابتدائية، قاطعة كل هذه الكيلوات متماطية ظهر حمارها المنهك، وتقول: ابن ابنتى التى توفت وقت ولادته تحملت مسئولية تربيته وحدى رغم ضيق الحال اقتراح الجيران على إلحاقه بالعمل بأحد الحقول المجاروة ولكنى فضلت تعليمه، ورغم بعد المسافة نتحمل مشقة هذا الطريق غير الممهد والمقطوع فنصل متأخرين يوميًا عن موعد دخول المدرسة. انفجار بالوعات الصرف الصحى..وشكاوى من عدم نظافة دورات المياه يتلقط نصرالله عوض، أطراف الحديث: ذا النجع منسى على أطراف الطريق الصحراوى، لم يحظ بما تحظاه هذه القرى، والوحدة المحلية لا تهتم بتلك المشكلات التى نواجهها نحن، من تيسير الطرق وأيضًا أعمدة الإنارة فنحن على الهامش من حساباتهم، فمنذ 14 عامًا ونحن نطالب ببناء مدرسة ابتدائية هنا بالمنطقة بأطراف القرية حتى نقصر طول المسافة على هؤلاء الأطفال الصغار الذين إذا نجوا من ظهور الحمير والترسكلات، لم ينجوا بعد من اصطدامهم بالسيارت على هذا الطريق الذى يربط بين الصحراوى الغربى والطريق الزراعى عبر القرية، فمنذ 10 أعوام توفى أخى الأصغر حين عودته من المدرسة فى حادث سير وهو يحمل حقيبته المدرسية بمنزل هذا الجبل، لم يمض 3 أعوام من وفاته، ليأتينا خبر وفاة أخى صاحب 15 عامًا أثناء انزلاقه من أعلى سيارة وهى تحمل الماشية (متشعبط) لتصدمه سيارة أخرى بهذا الطريق أثناء عودته من المدرسة.
تجاوزات وإهمال ومن ميهوب الديب إلى مدرسة ميدوم الثانوية، التى تسلمتها إدارة الواسطى التعليمية هذا عام 2018 للتخفيف الضغط عن مدرسة الشهيد غريب بمركز الواسطى، لم يمر اليوم الأول بسلام إذ اعترض الأهالى على كون المدرسة مشتركة بين البنين والبنات الأمر الذى جعل تخوفات للأهالى من نشوب بعض المشكلات بسبب العائلات، إذ قام طالب بالصف الثانى الثانوى بضرب مدرس اللغة العربية محتجًا على عرض الدرس، وكان هذا الطالب قد سبق له مشادة مع مديرة المدرسة التى طالبته بضرورة ارتداء الزى المدرسى. وفى محافظة البحيرة ومع انتصاف أول يوم دراسى للعام الجديد بمدرسة أبو خليفة الابتدائية بقرية المنشية شمال محافظة البحيرة كان محمد عبد العظيم مدرس اللغة العربية بالمدرسة يحمل «على» تلميذ صغير 7 أعوام على كتفه مهرولًا به بعد أن أصيب بكسر فى قدمه اليمنى وجروح نافذة بالرأس أثناء تدافعه مع التلاميذ عبر درجات سلم المدرسة لقضاء عطلة الفسحة متجها به إلى وحدة صحة الأسرة بالقرية لعلاج إصابته. يقول عوام عيسى والد الطفل المصاب علمت بالحادث عن طريق أحد جيراننا المتواجدين بالقرب من المدرسة فتوجهت مسرعًا إلى الوحدة الصحية التى يتعالج بها ابنى وما إن وصلت رأيته يجلس على أحد الكراسى بمدخل الوحدة الصحية غارقًا فى دمائه وبجواره معلمة وإحدى الممرضات المتواجدات بالوحدة فى محاولة منها لإسعافه، بعدها توجهت إلى مدير المدرسة أشكى الإهمال فألقى بمسئولية الحادث على الطلاب، قررت حينها التوجه بصحبة عدد من أولياء الأمور إلى نقطة الشرطة التابعين لها لتحرير محضر إثبات حالة حمل رقم 19408لعام 2018 ليتم استدعاء مدير المدرسة والتحقيق معه بشأن الواقعة.
قذارة المدارس لم يدرك المستشار هانى عبد الجابر، الذى تولى منصبه مؤخرًا محافظًا لبنى سويف أن هذه المدارس التى تقوم إدارة العلاقات العامة بديوان عام المحافظة بالتنسيق معها، أنها مجرد واجهة منمقة لاستقباله، ولكن أغلبية المدارس تحاوطها تلال القمامة من كل اتجاه. «النظافة من الإيمان» عبارة التى تحفر على جدران مدرسة الشهيد غريب الثانوية بالشارع الجديد بمركز الواسطى شمال غرب المخافظة، ورغم ذلك يحاوطها أكوام القمامة، الذباب يتطاير ليخترق شرفات الفصول والقطط الضالة تفتش فى القمامة بحثًا عن الطعام، وسط هذه الأكوام من القمامة تعيش بعض الزواحف من سحالى وأيضًا ثعابين، والتلاميذ لا يجدون مدخلًا آمنا لمدرستهم. لم تكن أيضًا هذه المدرسة هى الأولى من نوعها فى المحافظة التى تحمل هذه المشكلات أيضًا انفجار بلوعات الصرف الصحى بمدرسة الحديثة بنات والتى تطل على الفصول الأرضية مباشرة. يقول محمد عباس، طالب بالصف الثالث الثانوى: منذ أعوام ونحن نعانى مشكلة تراكم هذه القمامة بجوار السور الأمامى للمدرسة، انتشار الذباب والروائح الكريهة تصل إلى الفصول ولا نستطيع استكمال اليوم الدراسى فى راحة تامة، وكلما سألنا مدير المدرسة للتخلص من أكوام القمامة التى لا تنتهى، يكون الرد أن هذا هو مقلب القمامة للمنطقة. وبمدرسة المرسلين المشتركة بمركز إهناسيا، اشتكى طلاب المدرسة من عدم وجود دورات مياه صالحة للاستعمال الآدامى حيث إن المدرسة لم تدخل أعمال الترميم هذا العام، وتآكل تام للبنية التحتية وسنبور المياه.