لقد كثّفتْ وسائل الإعلام –داخل إفريقيا وخارجها– عناوين أخبارها حول مملكة «إى سواتينى» والتغيير الرسمى لاسم المملكة فى مناسبة الذكرى الخمسين لاستقلالها. فقد تخلّتْ البلاد عن «سوازيلاند» - الاسم القديم الذى عُرف بها منذ زمن طويل؛ لأنه يسبّب لها بعض الارتباك، حيث الناس العاديين لا يكادون يفرّقون بين «سوازيلاند» و«سويتزالاند» أو «سويسرا» فى اللغة العربية؛ فالأولى مملكة ودولة حبيسة مستقلة فى إفريقيا الجنوبية، بينما الثانية دولة فى أوروبا. ولم يكن تحبيذ المؤيدين لفكرة تغيير الاسم فقط لأنها تعنى التخلى عن الاسم المفروض على السكان فى حقبة الاستعمار البريطانى، وأنها إعلان الدخول فى حقبة جديدة، حيث «سوازيلاند» مصطلح معدّل إنجليزيًّا مركّبٌ من اسم شعب المملكة «Swati» وكلمة «الأرض Land» فى اللغة الإنجليزية. ولكنْ لأنّ الاسم الجديد «إى سواتينى eSwatini» والذى يعنى مكان أو أرض «سواتى» هو الاسم الصحيح لشعب المملكة والمصطلح الصحيح فى لغتها. بل قبل تبنّى «إى سواتينى» كان استخدام الاسم الجديد شائعًا بين شعب المملكة. ومن المعروف أيضًا أنّ الملك الحالى للبلاد «مسواتى الثالث» يرفض مصطلح «سوازيلاند» رفضًا تامًا خاصة فى الاجتماعات الرسمية والدولية؛ فقد كان «إى سواتينى» هو الاسم الذى استخدمه الملك عندما خاطب الجمعية العامة للأمم المتحدة فى عام 2017 وفى افتتاح الدولة للبرلمان فى عام 2014. من هنا يجب التذكير بأنّه ليست المرة الأولى التى تقوم فيها دولة أفريقية بتغيير اسمها؛ فقد أصبحتْ «روديسيا» - بعد حصولها على الاستقلال فى عام 1980- تُعرف باسم «زيمبابوى»، وتغيرت جمهورية «فولتا العليا» فى أغسطس 1984 إلى «بوركينا فاسو» الذى يعنى «بلد النزهاء/الناس الأطهار». أما عن مملكة «إى سواتينى»؛ فهى واحدة من أصغر البلدان فى إفريقيا بمساحة 17٫364 كيلومتر مربع. وهى ذات ثقافة غنية وأكثر الدول الأفريقية حفظًا على ثقافاتها. وبغضّ النظر عن احتفالاتها التقليدية وعاداتها المختلفة فى كل المناسبات فإنها تتمتع بمناخ وتضاريس متنوعة تتراوح بين المناطق الباردة الجبلية والمرتفعة والمناطق المنخفضة الجافة. وتقسم المملكة حدودها مع موزمبيق إلى شمال الشرق وجنوب إفريقيا إلى الشمال والغرب والجنوب. وقد وضعت حدود البلاد الحالية فى عام 1881م نتيجة ل«التكالب على أفريقيا». وكانت البلاد أيضًا بعد «حرب الأنجلو بوير» محمية بريطانية من عام 1903م إلى أن استعادت استقلالها فى 6 سبتمبر 1968م. وعن نظام الحكم فى مملكة «إى سواتينى» فهو ملكى مطلق حيث يحكم الملك بالمشاركة من والدته، الملكة الأم (ندلوفوكاتى)؛ فالأول هو الرئيس الإدارى للدولة ويعين رؤساء الوزراء فى البلاد وعددًا من ممثلى المجلسين (مجلس الشيوخ ومجلس النواب) فى البرلمان، فى حين أن الملكة الأم هى الرئيسة الوطنية، وحارسة عادات البلاد وأدوات الشعائر والطقوس السنوية. وقد اعتُمِد الدستور الحالى فى عام 2005. كما أن الانتخابات تُجرى كل خمس سنوات لتحديد الأغلبية فى مجلس النواب فى مجلس الشيوخ. من الناحية التاريخية، لقد عُثِر فى مملكة «إى سواتينى» على قطع أثرية تعود إلى 200٫000 سنة ولوحات قديمة من الصخور تعود إلى قرابة 25٫000 قبل الميلاد. وتقول المصادر التقليدية إن السواتيّينن (شعب سواتى) سكان الدولة الحالية هاجروا قبل القرن السادس عشر إلى ما يعرف الآن بدولة موزامبيق، واستقروا فى شمال «زولولاند» فى حوالى عام 1750م بعد سلسلة الصراعات مع السكان الذين يعيشون فى منطقة «مابوتو» الحديثة (عاصمة موزمبيق). وتحرك السواتيون تدريجيًا نحو الشمال فى القرن التاسع عشر لعدم قدرتها على مضاهاة قوة قبائل «زولو» المتنامية، وأقاموا فى المنطقة الحديثة أو ما يعرف اليوم بمملكة «إى سواتينى». وتشير الروايات إلى أن «مسواتى الثانى» (1820م – 1868م) أصبح ملكاً لأرض «سواتى» وهو فى 16 عامًا من عمره، وأنه «أعظم الملوك المقاتلين فى مملكة سواتى». ولعلّ أكبر دليل على ذلك أنّ الملك نجح فى بناء أمة سواتية، وأخذ شعب المملكة اسمه (سواتى) من اسم الملك (مسواتى). إن تغيير اسم مملكة «إى سواتينى» بشكل رسمى وتشبثّ شعبها حتى اليوم على تقاليده القديمة ومبادئه التى دائمًا ما يرى الحيد عنها خيانة للدولة وللشعب، يؤكدان أن مملكة «إى سواتينى» تطبّق حكمتها القائلة: «سيقط فى الحفرة بلا شك؛ الظبى الذى يتحرك وينتقل باستمرار».