على الرغم من الأزمة الاقتصادية التى تعانى منها البلاد ، والحالة المادية التى يعانى منها المصريين ، والتى جعلت الأحاديث لا تنقطع عن قلة المال وقصر ذات اليد عن الوفاء بمتطلبات المعيشة نظرا للظروف المالية التى تعانى منها البلاد كلها منذ قيام الثورة وحتى الآن ... لا يبقى العيد عيد دون زيارة للمول ، ولكل مول طعم مختلف ونكهة مختلفة عن الآخر ، فالزيارة لمول طلعت حرب بوسط القاهرة مثلا تكون قبل العيد بأيام قلائل من أجل شراء الملابس الجديدة لاستقبال أيام البهجة والسرور ويزداد الزحام على محلات الملابس التى تملأ المول ، كذلك تكثر الزيارات الشبابية لكفيهات المول فى ليالى العيد ، والتى ترتفع أسعارها فى فترة العيد ، ولا يختلف الوضع كثيرا فى كايرو مول عن طلعت حرب ، إلا أن الأول يمتاز بميزة تختلف عم سواه وتتمثل تلك الميزة فى اتساع المساحة أمام المول والتى تتيح للشباب ممن لا يستطيعون الاستمتاع بالجلسة بالجلسة فى كافيهات المول ، فتحلو الجلسة خارج المول على أماكن مخصصة لذلك ويتناول هؤلاء الشباب الآيس كريم أوبعض المأكولات التى يشترونها من داخل المول ، ومن المولات التى يحرص الشباب والفتيات على زيارتها والاستمتاع بالفسحة فيها ، ويتباهى الشباب فيما بينهم حول زيارة سيتى ستارز بمدينة نصر ، خاصة فيما يتعلق بالمشتروات من لوازم العيد ، وما يتعلق بالاستمتاع بالكفيهات داخل المول ، وتشترك المولات جميعا فى أن أغلب متاديه فى الأعياد يقصدون صالات السينما داخلها والتى يكون لها مذاق خاص مع العيد . ينفق المصريون 17 مليون جنيه ثمن تذاكر سينما فى فترة العيد فقط ، فهناك 300 دار عرض للسينما تمتليء عن آخرها فى أيام العيد ، ويكون هذا دافعا للعديد من المنتجين لتأجيل أعمالهم السينمائية لطرحها فى موسم العيد لإدراكهم أنها ستأتى بإيراداتها خلال هذه الفترة القصيرة التى لا تتجاوز أيام أكثر من . ربما يعطى هذا ملمحا مؤكدا عن أهمية الترفيه فى حياتنا، وأن الذهاب إلى السينما واحد من أكثر وسائل البهجة والاحتفال بالعيد فى حياة المصريين، وفى هذا الصدد تجدر الإشارة إلى أن الأغنياء يسافرون فى العيد خاصة إذا تزامن مع الصيف تكون وجهتهم إلى الساحل الشمالى، أو إلى واحدة من المدن المدن الساحلية لقضاء إجازة العيد هناك ، وإما إذا تزامن العيد مع الشتاء فتكون الرحلة إلى الأقصر وأسوان أو ما شابههما ، وبالنسبة للعائلات التى تنتمى للطبقة المتوسطة فإنها إما تسافر لقضاء إجازة العيد فى بلدتها الريفية أو تختار أقرب مصيف لها وقت تزامن العيد مع الصيف ، وإذا تزامن العيد مع الشتاء فغالبا ما تكون قرى الريف والصعيد هى محط الرحلة ، لكن الوضع يختلف مع أبناء الطبقات الشعبية ومحدودى الدخل ، ومن لا ينتمون إلى أصول ريفية أو صعيدية ، وهؤلاء لا عيد لهم إلا بالسينما والمراجيح وشراء المسدسات البلاستيك تقريبا ، ويزداد اهتمام الشباب من هذه الطبقات بزيارة السينما باعتبارها مكانا مثاليا من وجهة نظرهم للترفيه وقضاء يوم ممتع فى العيد ، ويميل مرتادو السينما فى العيد إلى الأفلام الترفيهية المبنية على الكوميديا والضحك لأنها تناسب جو البهجة والسرور الذي يحيط بالعيد ، ولعل هذا يفسر السر وراء نجاح أفلام يراها النقاد ومتذوقى الفن تافهة ولا ترقى لمستوى المشاهدة ، ولكنها تحقق إيرادات عالية جدا ، ومنها مثلا فيلم شارع الهرم الذي عرض فى عيد الفطر الماضي وحقق أعلى إيرادات رغم الهجوم الشديد الذى تعرض له الفيلم وصناعه ، ومع أن الفيلم جاء فى فترة عصيبة فى إثر الثورة وحالة الانفلات الأمنى التى أعقبتها ، إلا أنه وعلى ضحالة فكرته حقق أعلى الإيرادات وهو ما ممثل صدمة للنقاد الفنيين ؛ لأن أغلب جمهور الفيلم كان من شباب الثورة الذين ثاروا على الفساد بكل أشكاله ، وهو ما جعل البعض يبرر ما حدث بأنه فى فترات الحروب والثورات تنجح الأفلام الفكاهية غالبا، بل وكلما زادت نسبة الترفيه زاد نجاحها وتضاعف جمهورها، وهذا ينطبق على مصر منذ «كشكش بيه»، و«سلفنى تلاتة جنيه»، وحتى «العتبة جزاز»، و«شنبو فى المصيدة»، و«عماشة فى الأدغال»، لكن الحاصل أن البعض منا كان ينتظر صحوة وعى فى الفن بعد الثورة واعتزاز الجمهور بكرامته، بحيث لا يساق وراء فيلم تافه، لكن هذا لم يحدث، فالثورة عند البعض ارتبطت بالفوضى، والانفلات الأمنى، وبالعنف والروح العدوانية، فكان اللجوء إلى فيلم يريح الدماغ هروبا عندهم من الجحيم الجنونى للمناقشات السياسية فى التليفزيونات، ومن هواجس الخوف على تغيير شكل الحياة الطبيعية إذا سيطر التيار الدينى على الحكم، مما جعل الجمهور فى حاجة ماسة إلى فيلم يسلى ويلهى .