«عذرًا أيها الماء فبنظرة إلى وجه أمى ترتوى روحى الذابلة» لم تعلم شيماء، الأم التى قتلت أطفالها بإلقائهم فى الماء ليغرقوا أن مثل هذه العبارات تكمن داخل صدور أبنائها. ففى عزبة «عيسى» التى تتبع قرية صفط الخمار بمركز المنيا والتى تبعد عن المدينة حوالى 10 كيلو مترات تقريبًا وبالقرب من الطريق الصحراوى الغربى، شهدت أبشع جريمة سمعها المصريون منذ سنوات، وهو إلقاء أبنائها بالمياه. الزوج: أغرقت ابنى محمد 3 سنوات والعناية الإلهية أنقذت شقيقه الرضيع محرر الصباح زار عزبة عيسى وتحديدًا منزل الأسرة المكلومة لكشف حقيقة الأمر. فى حارة ضيقة للغاية يوجد منزل الزوج وزجته المتهمة، يعلوه البساطة وصغر الحجم والتواضع، أبرز ما فيه صور للطفلين المجنى عليهما، تقابلنا مع الأب الذى رفض الحديث فى البداية، ثم قال: استيقظت صباحًا من النوم ثم جائنى اتصال هاتفى يخبرنى «مراتك والعيال وقعوا فى البحر اليوسفى» فهرولت إلى مكان الواقعة وعلمت أن زوجتى اصطحبت الطفلين حتى سور المنزل المجاور، وهو على حافة البحر اليوسفى، وأخذت الطفل الأصغر هانى 4 أشهر وألقت به فى وسط المياه، وعندما شاهد الموقف ابنى الأكبر محمد ثلاث سنوات خاف من أمه وجرى منها لكنها أمسكت به وألقته خلف شقيقه، وأخذ يستغيث بها ويقول لها «غيتينى يا أمى.. هاغرق يا أمى» إلا أنها لم تبال بأى شىء وهربت وسط شوارع القرية وهى تصرخ «ألقيت بأولادى بالبحر بسبب زوجى». وتابعت: الأهالى أقت القبض على زوجتى بسرعة وتوجهت بها إلى نقطة الشرطة وأنقذ ابنى الأصغر من الغرق ثلاثة أشخاص من أهالى البلد وهم سعيد أبواليزيد وحنفى محمود وشقيقه عيسى، فتوجهت عقب ذلك إلى نقطة الشرطة للإدلاء بأقوالى واتهمتها بقتل ابنى الأكبر والشروع فى قتل الأصغر، وانتظرت أكثر من 20 ساعة لاستخراج جثة محمد ابنى الغريق، لحظتها لم أتمالك نفسى من الحصرة والبكاء فما فعلته زوجتى لا يمكن أن يصدق وأسبابه كانت لوجود خلافات بينى وبين أهلها ولا أرغب أن أرسلها إليهم تفاديًا لأى خلاف. أهالى القرية: الزواج المبكر وقلة الوعى أدت لمثل هذه الكوارث بالقرى فيما أكد الشيخ جمال محمد، أحد شيوخ جامع قرية الشيخ عيسى التابعة لمركز المنيا تعانى القرية من قلة الوعى والثقافة، فضلًا عن ظاهرة الزواج المبكر الذى استفحل بين أبناء القرية، قد يعتقد المسئول أن الإهمال فى العملية التعليمية داخل المجتمع أمر بسيط ولكن تمر الأيام وتثبت خطورته على المجتمع الذى وصل به الأمر إلى مثل هذه الجرائم البشعة. حكى «ربيع-خ» أحد الجيران، أسباب الخلافات بين المتهمة وزوجها مؤكدًا أن الزوج ألقى يمين طلاق على المتهمة، بألا تذهب لمنزل أسرتها تحت أى ظرف، والسبب أنه قبل نحو عام أراد الزوج «رضا» أن يزوج شقيقه الأصغر لشقيقة زوجته الصُغرى، لكن والدها «حماة» رفض طلبه، وقال له إنه يرغب فى تزويجها لنجل عمها، ومن وقتها منع «رضا» زوجته «شيماء» من الذهاب إلى منزل والدها، مضيفًا أن «الزوجة» التزمت لمدة عام كامل بعدم الذهاب لمنزل والدها، أو أن يأتى أحد من أسرتها لزيارتها، حتى عقد والد «رضا» جلسة صلح بتناول الجميع وجبة غداء داخل منزله، وبعد مرور أسبوع واحد، طلبت منه «شيماء» أن تذهب إلى منزل والدها فى عيد الأضحى، فرفض «الزوج» وطالبها بتأجيل هذه الزيارة، الأمر الذى دفعها إلى الانتظار لذهاب زوجها إلى الحقل، واصطحبت ابنيها «محمد وهانى»، وألقت بهما فى ترعة البحر اليوسفى القريبة من المنزل، وخلال ذلك شاهدتها ابنة شقيقة زوجها وتُدعى «ندى عبد الله - 7 سنوات» ما دعاها للصراخ ولفت انتباه الأهالى الذين سارعوا فى إنقاذ الرضيع قبل أن يُفارق الحياة، بينما غرق شقيقه. وأكدت «أ-م» شاهدة عيان، وإحدى أقارب الزوج، أن المتهمة «شيماء» التى ألقت بطفليها فى مياه الترعة، لا تعانى من أى أمراض نفسية أو عصبية وأنها فى الأساس من عائلة مقيمة بمحافظة بورسعيد، وهناك خلافات قديمة بين أسرتها وعائلة زوجها، مؤكدة أن المتهمة لم تعتاد أن تضرب أبنائها وأنها كانت تحسن معاملتهم. كان اللواء مجدى عامر، مدير أمن المنيا، تلقى إخطارًا من العميد مجدى سالم مدير إدارة البحث الجنائى بالمديرية، يفيد بقيام سيدة تدعى «الشيماء-ص-ع»، 19 عامًا، بإلقاء طفليها كل من: «محمد» 3 سنوات، وهانى 4 أشهر، داخل ترعة البحر اليوسفى أمام عزبة الشيخ عيسى بقرية صفط الخمار. على الفور شكل العميد علاء الجاحر رئيس مباحث المديرية فريق بحث جنائى ضم المقدم أحمد صلاح مفتش مباحث مركز المنيا، والرائد أحمد يسرى رئيس المباحث، لمعاينة مكان الواقعة، حيث تم إنقاذ الطفل الأول «الرضيع» قبل غرقه، فيما انتشلت قوات الإنقاذ النهرى شقيقه جثة هامدة، وبالعرض على النيابة العامة أمرت بحبسها على ذمة التحقيق بعد اعترافها وتمثيلها الجريمة على أرض الواقع أمام النيابة العامة.