شاع في هذه الأيام لجوء من يعانون الصلع أو قلة كثافة الشعر إلى الجراحات التجميلية؛ التي تعرف بعمليات زراعة الشعر، وربما يعود ذلك للنتائج الناجحة التي حققتها هذه العمليات، بنسبة عالمية تصل إلى 95%، إضافة إلى سرعة نمو الشعر ودوام النتائج. (زَرَعَ... حَصَدَ) هذا هو الترتيب الذي نعرفه؛ لكن الأمر وترتيب الإجراءات يختلف في هذا النوع من العمليات التجميلية، حيث يقوم الجراح بحصد البصيلات التي سيستخدمها في الجراحة من مناطق معينة بفروة رأس المريض نفسه، ثم يعود لزراعتها في المناطق المستهدفة، للحصول على التغطية المطلوبة. وللتعرف أكثر على زراعة الشعر وإجراءاتها الجراحية، والتقنيات المستخدمة، والفرق بينها، يمكنك عزيزي القارئ متابعة هذا التقرير الموجز. بداية جراحات زرع الشعر الخطوات الأولى كانت ثقيلة نوعا ما؛ حيث استخدم الأطباء أسلوب FUT لزراعة الشعر، أو ما يطلق عليه الشريحة، حيث يستأصل الجراح قطاعا عرضيا بطول محدد من فروة رأس المناطق المانحة، ويجزئه إلى وحدات صالحة للزراعة في المناطق المستهدفة. هذا الأسلوب كان يتسبب في وجود جرح غائر في مؤخرة الرأس، يتم تقطيبه بواسطة الخيوط الجراحية، ما يعني فترة تعافي أطول، والحاجة للعناية الطبية، إضافة إلى الندبة أو العلامة الباقية بعد الجراحة لسنوات، والتي تناقض الجوهر الذي تقوم عليه عمليات التجميل. نقلة كبيرة في التقنية الجراحية غير أن الأمر لم يستمر هكذا طويلا، حيث ظهرت في مطلع التسعينيات تقنية FUE أو الاقتطاف لزراعة الشعر، والتي اعتمدت على حصد البصيلات اللازمة من المناطق المانحة بصورة فردية، واحدة تلو الأخرى، ما جعل الجروح الناتجة عن العملية طفيفة للغاية، ومن الممكن أن يعاود المريض ممارسة حياته الطبيعية من اليوم التالي مباشرة. ابتكار هذه التقنية لزراعة الشعر فتح الباب أمام العديد من الأساليب والأدوات الجراحية التالية، حيث تضمن أسلوب الاقتطاف الجوهر الذي قام عليه التطور اللاحق في هذا المجال. كيف تتم عملية استعادة الشعر؟ بعد أن يطلع الطبيب على حالة المريض ويتأكد من عدم وجود موانع لإجراء العملية، يتم رسم خط الشعر الأمامي وتحديد المناطق المستهدفة وأعداد البصيلات التي تحتاجها كل منها، ثم يختار الطبيب المناطق المانحة الأنسب لحصد البصيلات، والتي تكون في أسفل مؤخرة فروة الرأس. يخضع المرضى غالبا للتخدير الموضعي عن طريق حقن فروة الرأس، بعدها تبدأ المرحلة الأولى وهي: 1- حصد البصيلات تطورت هذه المرحلة من العملية بشكل كبير، فقد كانت فيما مضى تتم بتقنية FUT أو الشريحة، حيث يقتطع الطبيب شريحة عرضة بمقاسات محددة من أسفل مؤخرة رأس المريض، ويتم تجزئتها لوحدات يمكن زراعتها في المناطق المستهدفة. لكن الأمر اختلف الآن كثيرا، حيث تستخدم حاليا تقنية FUE لزراعة الشعر، والتي تعتبر الأساس لجميع التطورات والأدوات الجراحية التي تم ابتكارها فيما بعد. تعتمد تقنية FUE أو الاقتطاف على حصد البصيلات بصورة منفردة، واحدة تلو الأخرى، من المناطق المانحة، ما يجعل الجروح الناتجة عن الجراحة ضئيلة للغاية، ويمكن للمريض ممارسة حياته الطبيعية من اليوم التالي للعملية، دون الحاجة لفك خيوط الجراحة بعد فترة، أو المعاناة من الندبة الظاهرة في مؤخرة الرأس بعد الجراحة. 2- مرحلة فتح القنوات الحاضنة وهي ثاني مراحل الجراحة، حيث يقوم الطبيب بفتح القنوات المستقبلة للبصيلات في مناطق الصلع، وفق التوزيع المناسب، وبالأعماق والزوايا التي تضمن للبصيلات المزروعة بيئة مناسبة ومظهر نهائي مثالي ومتوافق مع الشعر المحيط. خلال ذلك يتم حفظ البصيلات المحصودة في درجات حرارة منخفضة، وباستخدام مواد معينة، لتجنب تعرضها للتلف، حيث يجب أن تبقى البصيلات حية وصالحة للنمو حتى زراعتها، لضمان الحصول على نتائج ناجحة للعملية. في هذه الأيام تتم زراعة الشعر في تركيا وبعض البلدان الأخرى بأسلوب جراحي يسمى OSL أو القنوات المائلة، نظرا لأهمية هذه المرحلة يعتمد الطبيب طريقة خاصة في شق القنوات للحصول على أفضل مظهر نهائي طبيعي وثابت. 3- زرع البصيلات وهي آخر مراحل عملية زراعة الشعر، حيث يقوم الطبيب بزرع البصيلات في المناطق المستهدفة وفق التخطيط الذي حدده مسبقا، مع مراعاة فرز البصيلات وتحديد الأنسب لكل منطقة دون سواها، حيث أن بعض البصيلات تحتوي على ثلاث شعيرات، وبعضها على اثنين أو واحدة. إحدى تقنيات زراعة الشعر التي تعرف ب(أقلام تشوي)، وهي الأداة الجراحية الحديثة التي تشبه القلم، اختصرت مرحلتي فتح القنوات وزرع البصيلات في مرحلة واحدة، حيث يتم تعبئة القلم بالبصيلات، واستخدام إبرته الدقيقة بقطر أقل من 1 ملم لإجراء المرحلتين في خطوة واحدة، بمنتهى الدقة والسرعة. بعد الانتهاء من زراعة الشعر ومعرفة الإرشادات والنصائح اللازمة خلال ما بعد العملية، يمكن للمريض مغادرة المستشفى، وممارسة حياته العادية من اليوم التالي. أحدث تقنيات زراعة الشعر مؤخرا ظهرت العديد من الأدوات الجراحية التي اعتمد عليها جراحو زرع الشعر لتسهيل إجراءات العملية والحصول على الدقة المطلوبة، من بين هذه الأدوات نجد جهاز البيركوتان لحصد البصيلات، وأقلام تشوي لزراعة الشعر، وتستخدم هذه الأدوات الآن لإجراء عمليات زراعة الشعر في أمريكا والسعودية والإمارات، وغيرها من البلدان. إضافة إلى ذلك هناك العديد من الأبحاث الجارية حول استخدام الروبوت لإجراء جميع مراحل الجراحة، وكذلك حل استخدام الخلايا الجذعية والاستنساخ في عمليات زراعة الشعر لأنماط الصلع الكامل.