صدمة كبيرة وحزن يسيطران بمخالبهما على محبى شخص ما عند وفاته، وهو الأمر الذى فطر عليه الإنسان فى لحظات الفراق، ولكن الأكثر صدمة، هو أن يتنبأ الشخص ذاته بموعد موته، وكأنه يقول لا تحزنوا فما الحياة إلا أيام ورسالة نبلغها، ولعل آخر الصدمات تلك التى انتابت الشارع المصرى وليس الثقافى فحسب، بوفاة الكاتب الكبير أحمد خالد توفيق فى عمر الخامسة والخمسين. رواد مواقع التواصل الاجتماعى، تداولوا الصفحة رقم 62 من روايته «قهوة باليورانيوم»، والتى كان يتنبأ بها بطل الشخصية عن موعد وفاته، حيث كتب «توفيق»: «اليوم، كان من الوارد جدًا أن يكون موعد دفنى هو الأحد 3 إبريل بعد صلاة الظهر.. إذن كان هذا هو الموت، بدا لى بسيطًا ومختصرًا وسريعًا، بهذه البساطة أنت هنا، أنت لم تعد هنا»، والغريب أن جنازة الكاتب كانت فى نفس اليوم، الذى ذكره بروايته. لم يكن هذا هو التنبؤ الأول من نوعه، فهناك آخرون ساروا على نفس الدرب فى التنبؤ بموعد وفاتهم وطريقتها، وهو ما يعيد إلى ذاكرتنا قصة الشاب «محمد حسن» غريق الإسكندرية، الذى دفع حياته ثمنًا لتهور شاب طائش كان يقود سيارته على كوبرى ستانلى، حيث جاءت تدوينات «محمد» على صفحته الشخصية، وكأنها رسائل للتحذير بالطريقة التى مات بها، فكتب فى أحدها «فقط وقت وليست هناك جثة فى قصتك»، كما كتب فى تدوينة أخرى «3 أشخاص واحد يقف على الشاطىء، والآخر يسبح فى البحر والأخير يغطس تحت الماء.. منهم من يشعر بالحزن ومنهم من يشعر بالفشل ومنهم من لايشعر بشىء». «إن الموت علينا حق.. إذا لم نمت اليوم سنموت غدًا، وأحمد الله أننى مؤمن بربى، فلا أخاف».. كانت هذه العبارة ضمن الرسالة الأخيرة للفنان الراحل محمد فوزى والتى اختتمها بقوله: «لا أريد أن أُدفن اليوم، أريد أن تكون جنازتى غدًا الساعة 11 صباحًا من ميدان التحرير، فأنا أريد أن أُدفن يوم الجمعة، وهو ما حدث بالفعل وتوفى فى يوم كتابة الرسالة، وهو الخميس 20 أكتوبر 1966. الشاعر الفلسطينى محمود درويش، كتب فى ديوانه الأخير «أثر الفراشة»: «صدَّقتُ أنِّى مِتُّ يوم السَّبتِ، قَلْتُ: عليَّ أن أُوصِى بشىء ما، فلم أَعْثُرْ على شىء، وقلتُ: عليَّ أن أدعو صديقًا ما لأخبَرهُ بأنِّى مِتُّ»، قبل أن يدخل غرفة العمليات يوم السبت 9 أغسطس 2008، لإجراء عملية جراحية بالقلب، وهو موقن تمامًا أنه لن يخرج مرة ثانية سوى على قبره، وهو ما حدث بالفعل. وما لا يعرفه كثيرون عن «علاء ولى الدين» أنه هو الآخر تنبأ بوفاته، فقبل الوفاة بثلاثة أشهر اشترى لنفسه مدفنًا فى مدينة نصر، وأخبر أصدقاءه بشرائه «المسك» المستخدم فى غُسل الموتى، وطلب تغسيله به. تطول القائمة بتفاصيل مختلفة لتشمل الشاعر السعودى المعلم فهد السوادى، والرئيس الأمريكى إبراهام لنكولن، والراحلة سعاد نصر، والفنان محمود المليجى، والمطربة أسمهان.