حكومة هشام قنديل وافقت على الشكل الفنى لبناء سد النهضة فى 2013.. وعدم نشر القرار بالجريدة الرسمية أنقذ مصر الفلاح المصرى له الحق فى رفع قضية على رئيس الوزراء الإثيوبى والبنك التجارى الإثيوبى لتسببهم فى دمار أرضهم تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعى، وثيقة يعود مصدرها إلى كتاب يسمى «سد النهضة ونهر النيل منحة الأرض ومحنة المياه»، تشير إلى أن بنوكًا مصرية ساهمت فى إنشاء «سد النهضة» الإثيوبى، وهو ما أثار جدلًا واسعًا بين المواطنين، ما دعا رئيس البنك المركزى إلى نفى صحة تلك المعلومات. «الصباح» تواصلت مع مؤلفة الكتاب د. هايدى فاروق، مستشارة ترسيم الحدود وخبيرة القانون الدولى، والتى أكدت أن تلك المعلومات قرأها البعض وفقًا لأهوائه الشخصية، موضحة أن الكتاب لم يقل أن البنوك المصرية ساهمت فى إنشاء السد، لكن ما ورد أنه تم التوصل إلى وثيقة خطيرة تفيد بأرقام حساب السفارات الإثيوبية حول العالم فى بنوك كثيرة ومنها ستة بنوك مصرية، والتى يقوم المساهمون فى السد بوضع قيمة أسهمهم فى تلك الحسابات. واستكملت مستشارة ترسيم الحدود، أنه من الخطأ أن نقول إن البنوك هى من مولت، لكن أوردنا تلك الوثيقة لعلنا نلفت نظر المسئولين عمن قد يكون ساهم فى إيداع قيمة بعض الأسهم ممن يجوز لنا مساءلتهم. وأوضحت، أن الكتاب الذى أعدته بالتعاون مع السفير المصرى مدحت القاضى، يطرح الحقوق القانونية والتاريخية لمصر من سد النهضة، وما تمت مناقشته فى الكتاب يشير فى وثيقة تبلغ 27 ورقة، إلى أن السفارات الإثيوبية فتحت حسابات فى أكثر من 180 دولة باعتبار أن كل سفارة لها الحق فى فتح حسابات لها فى الدولة الموجودة بها، وأن السفارة الإثيوبية فتحت حسابات فى 6 بنوك فى مصر منهم اثنان مصريان، وأربعة أجانب على الأراضى المصرية. وأكدت أن ذلك لا يعنى أن البنوك المصرية مولت، لكن تم طرح القضية للتأكيد على الدور الرقابى للدولة فى تتبع تلك الحسابات ومن وراءها، موضحة أن البنك ليس له الحق أن يرفض، لأن القانون الدولى يمنح للسفارات الحق فى ذلك، علاوة على أن هناك حسابات للسفارة الإثيوبية فى بنوك تصل إلى 12 بنكًا فى دول أخرى. وعن الكتاب، قالت المستشارة هايدى، إن الكتاب يطرح فكرة حق أى فلاح مصرى فى رفع قضية على رئيس الوزراء الإثيوبى والبنك التجارى الإثيوبى، بصفتهم، يطلب فيها تعويضه عن الضرر الذى لحق بأرضه نتيجة بناء السد، وعطش أرض الفلاحين المصريين، وهو ما يعنى تعرضهم لضرر جسيم، وأن هذا الضغط الشعبى المصرى سيؤدى بالتأكيد إلى حجز على الحسابات التى تسهم فى بناء السد. كما أكدت المستشارة هايدى، أن مصر كانت تستطيع عمل دعوة بوقف الأعمال ضد شركة سالينى الإيطالية، الشركة المنفذة لمشروع السد، وفقًا للاتفاقية الحدودية فى 15 مايو 1902 التى وقعت عليها الدول الخمس، وهى «مصر وإنجلترا وإيطاليا وإثيوبيا وإريتريا»، والتى تعدلت فيها الحدود المصرية، وكان من حق مصر رفع دعوى لوقف أعمال الشركة ومساءلة رئيس مجلس إدارة الشركة، باعتبارها إيطالية، وهناك اتفاقية مشاركة فيها إيطاليا، لكن هذه الخطوة كان لابد من اتخاذها من قبل سنتين قبل الانتهاء من معظم الأعمال الإنشائية. وأشارت «هايدى»، إلى أن من ضمن الوثائق التى نشرها الكتاب، أن ملك الحبشة الثانى، تعهد بعدم القيام بأى أعمال على نهر النيل دون الحصول على موافقة مصر، لكن الوسيلة الأكثر قوة، والتى يمكن أن تستعملها مصر هى التحرك الشعبى لتحريك المياه الراكدة، قائلة «إثيوبيا ماشية زى القطر فى بناء السد، والسودان صاحبة فكرة بناء السد تدعمها بقوة». وأوضحت، أن الكتاب يتضمن فى طياته وثيقتين هما الأخطر من الوثيقة الخاصة بالبنوك، الأولى منهما تشير إلى موافقة حكومة هشام قنديل فى وقت حكم الإخوان، على الشكل الفنى لبناء سد النهضة، وذلك فى 27 مايو 2013، مؤكدة أن عدم نشرها فى الجريدة المصرية أو الإعلان عنها أو تسجيلها أنقذ مصر من اعتراف رسمى بالسد، وهذه الوثيقة حسب المستشارة هايدى جاءت فى 54 صفحة. واستكملت حديثها ل«الصباح»، أن الوثيقة الثانية، تعود للبنك الدولى لرفضه تمويل سد النهضة الإثيوبى، وذلك لثبوت أن معدل أمان السد الإثيوبى «صفر»، وهذا التقرير تم الحصول عليه من منظمة الأنهار الدولية المهاجمة لإقامة السدود على الأنهار. السفير مدحت القاضى سفير مصر فى عدة دول منها الكونغو وعمان، وهو شريك المستشارة هايدى فى خروج هذا الكتاب، قال إن الكتاب يقول إن هناك حسابات فى بعض البنوك الستة المصرية المشار إليها لصالح السفارة الإثيوبية، وقد فعلت السفارة الإثيوبية هذا الأمر بالعديد من الدول وطرحت من خلال هذه الحسابات سندات بقيمة فائدة تصل ل 36 بالمائة، موضحا أن العديد من العملاء اشتروا هذه السندات، وأن هذا الأمر حدث بعد أن تعثرت إثيوبيا فى تمويل السد فى 2007. وكشف ل«الصباح»، أن الكتاب لم يقل إن بنوكًا مصرية مولت السد، لكن هذا لا ينفى الدور الرقابى لمصر على تلك الحسابات وتتبعها، ومن الجهات أو الشخصيات المساهمة فى تلك الحسابات؟، وهل هى تتلقى تمويلًا من الداخل أو الخارج؟، موجها تساؤلًا للمسئولين المصريين، هل تم الاطلاع على تلك الوثائق؟، وما فيها؟، والاستفادة منها؟، مشيرًا إلى أن الكتاب عبارة عن وثائق فقط وأن جهة ما وراء نشر الوثيقة الخاصة بالتمويل والبنوك فقط لأهداف مغرضة. وهذه الوثيقة حسب مؤلفى الكتاب، هى وثيقة البنوك وأرقام الحسابات العاملة فى تمويل أسهم سد النهضة حول العالم، وهى وثيقة غاية فى الخصوصية والأهمية، وصادرة عن البنك التجارى الإثيوبى فى أديس أبابا، وتحمل عنوانًا، وتاريخ الوثيقة هو أول يونيو عام 2004 (حسب التقويم الإثيوبي) - والوثيقة جاءت فى 27 صفحة، وأنها تكشف عن كل الحسابات الإثيوبية فى دول العالم. وأيضا كشفت عن أن هناك حسابات بعينها لدى بنوك مُحددة فى إسرائيل وتُركيا وإيران وقطر، والمفاجأة وجود حسابات بنكية فى دول مثل: السعودية والإمارات والكويت والسودان واليمن ولبنان وتونس والجزائر، والمفاجأة الأكبر أيضًا حسب تعبيرهم وجود حسابات بنكية لبنوك بذاتها داخل مصر، وهو الأمر الذى يستوجب المزيد من الفحص والتحرى للوقوف على المصادر والحسابات المُغذية لهذه الحسابات الإثيوبية وحركتها من داخل مصر، وهو ما دعا المؤلفين فى كتابهما الى مُناشدة الجهات الرقابية بممارسة دورها الواجب حيال تلك الحسابات. وأيضا حسب الدكتورة هايدى، فإن الكتاب يتضمن وثيقة سرية صادرة عن البنك الدولى، مؤرخة 20 نوفمبر سنة 2007م، حينما تقدمت السودان وإثيوبيا فى سنة 2007م بأول مقترح لإنشاء سد عند «بنى شنجول» وحيث تم تسميته إذ ذاك «سد الحدود»، وهى وثيقة مذيلة بتنويه أنها ذات توزيع محدود وللاستخدام الداخلى فقط، وأن الاطلاع عليها يكون مقابل تكليفات محددة وبالتوقيع، وهى وثيقة تقطع بالأضرار المتوقعة من هذا السد وجاءت فى 116 صفحة. وتكشف هذه الوثيقة حجم النوايا والتحركات السودانية؛ قبل الإثيوبية، علاوة على تأكيد خبراء دوليين بالأضرار التى ستحدث من جراء بناء هذا السد، وهو الأمر الذى كان ينبغى للمفاوض المصرى – ضمن أُمور أخرى عديدة - أن يتمسك به؛ بدلًا من إضاعة الوقت فى البحث عن مكاتب استشارية دولية كى تبدأ هى من جديد فى أن تبحث هذه الأضرار. وأكد السفير القاضى، أن حقوق مصر القانونية والتاريخية فى مياه النيل، تكونت عبر 10 اتفاقيات دولية، أغلبها حدودية، منها الاتفاقيات التى تم عرضها فى السطور السابقة. لكن ما الحلول التى عرضها المؤلفات، أولها رفع دعوى أمام المحاكم الإيطالية لمُطالبة الحكومة الإيطالية بالوفاء بتعهداتها الدولية، والتى ألزمت نفسها بها من خلال اتفاقات 1902 و1906 و1925، علاوة على أن المراسلات التى كانت بين رئيس الوزراء الإيطالى وبين السفير البريطانى فى روما فى 20 ديسمبر سنة 1925م جاءت لتوثق من هذا الالتزام الإيطالى، وذلك كطرف رئيسى فى اتفاق سنة 1902م، حِيال ضمان حقوق مصر وتابعتها السودان على مجرى نهر النيل، وأكدت على عدم المساس بهذا الحق المصرى الأصيل.