خريطة التهريب تتم عبر جيبوتى والصومال.. والأسعار تتعدى 400 % مافيا الأدوية تحولوا إلى مليونيرات..واستغلوا منظمات الإغاثة فى النصب كل ما لا يجوز فعله فى أى بلد من الجائز أن يحدث فى اليمن، فقد لا تصدق أن الأدوية يمكن أن يتاجر بها الفلاح والنجار بل وحتى الأمّى، والصيدلية هناك عبارة عن بقالة، و«البقال» بمجرد أن تشرح له ما تشعر به، يقوم مباشرة بصرف الدواء دون فحص.. وتاجر الأدوية لا يهمه سوى أرباحه، وقد يحتكر بعض الأصناف بمجرد سماعه بشائعة ارتفاع الدولار أو انقطاع الصنف من قبل الوكيل أو الشركة الأم، حتى إذا تأكد تمامًا من خلو السوق من هذا الصنف استغل الفرصة، وباعه بالثمن الذى يريد. هذه الكلمات وجهها لنا المواطن اليمنى حارث القحيف، الحاصل على ليسانس آداب من كلية الدراسات العربية بجامعة «إب» اليمنية، لتجعلنا نقف طويلًا أمام شبح الموت الذى يجول باليمن شاهرًا أنيابه، التى تتعدد ما بين الموت بصاروخ أو جوعًا أو بداء، والناب الذى ظهر مؤخرًا فى اليمن هو الدواء. لم ينكر المتحدث باسم الأممالمتحدة ستيفان دوجاريك فى الثامن من مايو الماضى، إدخال الأممالمتحدة أدوية وإمدادات طبية منتهية الصلاحية إلى اليمن، قائلًا: «ندرك أن هناك مشكلة»، لكنه ألقى باللوم على التأخير فى دخول الإمدادات، وفى الثانى من مايو الماضى ضبطت السلطات الأمنية والصحية فى محافظة تعز شاحنات تتبع لمنظمة الصحة العالمية تقل شحنات أدوية منتهية الصلاحية، فى طريقها للتوزيع على عدد من المستشفيات، وطلبت وزارة الصحة اليمنية من المنظمة إجراء تحقيق فورى وكاشف لما حدث. وفى 19 أبريل 2017، وتحت عنوان «فضيحة بجلاجل»، كشفت صحيفة أخبار الحوادث اليمنية عن جرائم فساد تتورط فيها وزارة الصحة، بدعم من جماعة الحوثيين المسلحة، تسمح خلاله الجماعة بإدخال كميات كبيرة من الأدوية المهربة. «حارث القحيف» يضيف ل«الصباح»، أن السوق ممتلئ بالأدوية المهربة، والتى ربما يتم إدخالها عن طريق التعامل مع بعض موظفى النظام، الكثير من المهربين للأدوية أو لغيرها من السلع والمنتجات عبر البحر أو غيره من المنافذ يتعاملون مع بعض موظفى النظام، إما لصلة القرابة بين المهرب والموظف فى مركز القرار، أو عن طريق الرشوة، وبالنسبة للأسعار يتم التلاعب بها من قبل التجار والوكلاء بذريعة ارتفاع الدولار وغيرها من الذرائع، والمشكلة أنك تجد تضارب أسعار عجيب بين تاجر وآخر. أما «عادل.م» الموظف بالجمارك اليمنية، فقال إن حقيقة ارتفاع الأدوية فى اليمن يفتعلها الوكلاء والمستوردين، فى ظل عدم الرقابة نظرًا للوضع السيئ فى البلاد، وتدهور سعر صرف الريال اليمنى أمام العملات الخارجية، وعلى سبيل المثال هناك أدوية دخلت الأراضى اليمنية قبل تدهور الريال اليمنى وكانت بسعر معقول، والآن مع تدهور العملة المحلية قام تجار الأدوية باستغلال الوضع ورفع سعر الأدوية إلى أسعار خالية بعضها تفوق 400 فى المائة، وهذا لا يتناسب مع احتياجات المرضى حتى أن البعض حرموا من شراء الدواء لعدم قدرتهم على الشراء. وعن خريطة مافيا التهريب، فتتضمن طريق جيبوتى والصومال، بالإضافة إلى استغلال المسافرين اليمنيين من مصر والأردن، لكن تكون بكمية قليلة، بحيث تكون هناك مجموعة يمنية من المافيا تتعرف على الدواء الذى يكون سعره مرتفعًا وغير موجود فى السوق اليمنى ويبعثون بأشخاص إلى مصر والأردن لغرض السياحة، ويشترى هؤلاء كمية من الدواء، وكل شخص يأخذ كمية إلى المطار ويوزعها على المسافرين إلى اليمن، بحجة أن لديهم إخوانهم أمراض هناك، ويتم أخذ رقم الجوال والعنوان للمسافر، ويبلغون المافيا فى اليمن والتى تستلم الدواء من المسافر، ولا يوجد دور واضح لوزارة الصحة فى ظل هذه الأزمة، سوى أنها فتحت تراخيص أكثر وأكثر للاستيراد لفئة محدودة، بصرفها تراخيص لأشخاص ليس لديهم الحق بتجارة الأدوية وكان بعضهم تجار مواد غذائية. وهناك أدوية تأتى مجانًا من منظمات ودول الخارج ويتم الاستحواذ عليها والتجارة بها أيضًا وبيعها عن طريق موظفين المنظمات العاملين فى اليمن، لأن معظم العاملين فى المنظمات هم يمنيون ولا توجد رقابة عليهم، فيتم صرف 10 فى المائة من الدواء الذى يكون من المنظمات، و90 فى المائة تباع فى الصيدليات، فتجارة الأدوية فى بلد مدمر وتفشى الأمراض يجعل منهم مليونيرات، وهناك موظفون فى أماكن هامة بالدولة استفادوا من أدوية المنظمات والمساعدات الغذائية ويأملون أن تطول الحرب. «ع. ع» صيدلى لدى مجموعة تشفين للأدوية والمستلزمات الطبية، أكد أن الرقابة الداخلية على السوق الدوائى فى اليمن غائبة بشكل تام، من كل النواحى العلمية والعملية والفنية وتطبيق معايير الجودة الشاملة ومعايير التصنيع والسلامة والرقابة على الاستيراد والتصنيع والتسعيرة. وأضاف: «بالنسبة للمساعدات الدوائية ومافيا النصب فى المنظمات الإغاثية أو ممن يعمل معهم فهذا الموضوع نسمع حوله ضجيجًا ولا نرى طحينا، نتابع فى الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعى عن وصول طائرات وسفن محملة بالآلاف من الأطنان من المنتجات الدوائية كإغاثة للشعب اليمنى، لكن الواقع أننا لا نرى تلك الأشياء إلا عبر السوشيال ميديا، وان وجدت فى الواقع فهى شحيحة بشكل ضعيف جدًا». أما نجيب أبو قصبة مستشار وزير الصحة لشؤون أمراض الكلى فى الجمهورية والطبيب الاستشارى لأمراض وزراعة الكلى ونائب مدير مستشفى الثورة العام بصنعاء، فأكد أنه لا شك أن ارتفاع سعر الدولار وتدهور العملة اليمنية والحصار المفروض على اليمن يعتبر من أهم الأسباب فى ارتفاع الأسعار، ولكن أيضًا الفوضى التى تعم البلاد دون رقابة جعلت ضعفاء النفوس من تجار الأدوية وأصحاب الشركات الوكيلة ترفع الأسعار بشكل خيالٍ وغير مبرر، وأغلبها من العلاجات المخزنة لديهم ليست لها علاقة بارتفاع الدولار، وللأسف الشديد أدوية زراعة الكلى كانت تأتى عبر منظمات وبصورة متقطعة، ولكن الآن لا توجد علاجات وتتعرض حياة الكثيرين لرفض الكلى المزروعة لعدم قدرتهم على الشراء ولغياب العلاجات أساسًا، وكذلك معظم مراكز الغسيل لا تتوفر فيها محاليل الغسيل الكلوى، وهذا الأمر ينطبق على مرض السرطان والسكرى.