حكايات النصر الذى حققه المصريون فى أكتوبر 1973، عظيمة، بعضها مكرر وآخر لم تطل محابر التاريخ لتوثقه، وسمة حكايات على هامش النصر قادت المصريين للعبور التاريخى لا يعرف بها إلا من عايشوا الحديث وشهدوا حرب الاستنزاف وتوابعها، بمعارك «المزرعة الصينية» و«الفِردان» ومعركة «عيون موسى». المزرعة الصينية ابتداء من اليوم ال15 وحتى ال17 من شهر أكتوبر عام 1973 نشبت معركة «المزرعة الصينية» وهى إحدى أكبر المعارك التى دخلها المصريون على جبهة القتال بسيناء بحسب ما يقول المؤرخون العسكريون، حتى أن إسرائيل أنتجت فيلمًا وثائقيًا يحمل نفس الاسم، لكنهم لم يسردوا الحقائق كاملة، حتى لا يعترفوا بهزيمتهم. سميت المعركة بهذا الاسم بسبب أن الضفة الشرقية بقناة السويس كان بها محطة زراعية أنشأتها اليابان، وبها أدوات ومعدات زراعية مكتوب عليها باللغة اليابانية ولقرب اللغة اليابانية من اللغة الصينية عندما رأها الجيش الإسرائيلى ظنها لغة صينية، وأطلقوا عليها المزرعة الصينية. أحداث المعركة اللواء أركان حرب محمد زكى الألفى، أحد الأبطال الذين شاركوا فى هذه المعركة، يقول إن أخطر ما فى منطقة المزرعة الصينية هو قربها من القاهرة بحوالى 100 كيلو، كما أنها قريبة من مدن القناة السويس مما قد يمكن العدو من فتح مساحة تكفى لتجميع جسور عائمة لعبور القناة والانتقال للضفة الغربية لها، مؤكدًا أن كلًا من شارك بالمعركة كان له دور رئيسى ومهم، ولكن هناك من ضحى من أجل نجاح الحرب ومنهم الشهيد محمد الخضيرى الذى تمكن من حصار نقطة حصينة للعدو لمدة 3 أيام، ولم يستطع العدو الخروج منها حتى استشهد الخضيرى فى يوم الهجوم على هذه النقطة. معركة «عيون موسى» على بعد 17 كيلو من مدينة السويس وبالقرب من منطقة عيون موسى اتخذت القوات الإسرائيلية مكانًا لها وبَنت دشمًا خرسانية لتأمين مدافعها، صنعتها من الحجارة ومن قضبان السكك الحديدية المصرية، وتخرج هذه المدافع بطريقة ميكانيكية لتطلق قذائفها على سيناء ومدن القناة وتصيب هدفها بدقة وتعود للمأمن الخرسانى، وكأن شىء لم يكن. خلال حرب الاستنزاف كانت هذه التبة الخرسانية الإسرائيلية توجه قصفات النيران نحو مدينة السويس وعلى أهلها وشوارعها، ولمدة 4 سنوات كانت القوات الإسرائيلية فى مأمن حقًا، لعدم معرفة أحد موقع إطلاق القذائف، ولكن بعد ذلك اكتشف أحد البدو المتعاونيين مع المخابرات المصرية، أقوى نقطة حصينة للعدو بجوار آبار عيون موسى، ومن هذه اللحظة بدأت المعركة. اللواء أركان حرب محمد ثروت يقول إن نقطة عيون موسى كانت أقوى من خط بارليف إلا أن الجيش الثالث الميدانى استطاع إلحاق خسائر فادحة بها والاستيلاء عليها بكل ما فيها من أسلحة وذخيرة وأسر العديد من المقاتلين الإسرائيلين. وأوضح أن أسباب نجاح المعركة هو عنصر المفاجأة الذى تحقق فى توقيت غير متوقع ومن مكان غير متوقع، وهو مرور القوات المصرية من خلال ممر ترابى خفى استطاعوا من خلاله الدخول إلى النقطة والاستيلاء عليها فى وقت وجيز. وأكد المشيرى أن مواجهة العدو كانت فى غاية الصعوبة بسبب تأمين نقطتهم على أعلى مستوى من خلال المدافع المضادة للطائرات والألغام الأرضية المضادة للدبابات والتحصينات الشديدة الأخرى، مضيفًا أن العقبات التى واجهها الجيش الثالث هو الساتر الترابى الذى كان على عمق 25 مترًا، والنقط الحصينة المزودة بأحدث الأسلحة والصواريخ والمدافع الأمريكية. وأشار المشيرى إلى أن التخطيط الجيد من قبل القوات المصرية هو الذى تغلب على الصعاب ونجح فى الاستيلاء على النقطة الحصينة بكامل حوزتها وتدمير نحو 33 نقطة قوية، وأسر العديد من جنود العدو، معبرًا عن فرحته بأن الجندى المصرى كسر كلمة الاتحاد السوفيتى عندما قالت إن النقطة الحصينة لا يمكن تدميرها إلا بالقنبلة الذرية. معركة «الفِردان» أثناء سير معركة عيون موسى على الضفة الشرقية للقناة بقيادة الجيش الثالث، اندلعت معركة أخرى فى قطاع شرق الإسماعيلية بقيادة الجيش الثانى، حيث قامت فرقة «إبراهام آدان» الإسرائيلية المكونة من 3 لواءات بالهجوم على فرقة «حسن أبو سعدة» بلواءين، وعلى الفرقة 16 بقيادة العميد عبد رب النبى حافظ بلواء واحد، وبدأت المعركة بين فرقة «إبراهام آدان» وفرقة «حسن أبو سعدة» وسميت هذه المعركة باسم «الفِردان»، ويرجع السبب لتسمية هذه المعركة بهذا الاسم هو أنها نشبت بالقرب من كوبرى الفردان بالإسماعيلية. خطة المعركة ومن ناحية أخرى، قال حمدى بخيت، الخبير العسكرى والإستراتيجى، إن معركة الفردان كانت متعددة الأهداف لوجود ثلاث نقاط بجوار بعضهما، ومؤثرين على مركز الباب الرئيسى للجيش الثالث وخاصة الفرقة 16، مضيفًا أنه تم إسقاط الثلاث النقاط من خلال الاقتحام الشديد وأعمال القتل الشرسة حتى انتهت بالقتال بالسلاح الأبيض، مشيرًا إلى أنه تم إسقاط نقطتين فى الأطراف فى البداية ثم أسقطت النقطة الثالثة فى المنتصف. وتابع بخيت أن المانع المائى والساتر الترابى وتحصينات خط بارليف والمدفعية والطيران الإسرائيلى المتميز به من أصعب العقبات التى كان لابد من التصدى لها، مؤكدًا أن هذه المعركة قلبت موازين النظم العسكرية بسبب الخطة العسكرية المتميزة فهى فخرًا للجندى المصرى على مر العصور.