يبلغ من العمر 86 عامًا، يلقب بقاهر الساتر الترابى، وصاحب اقتراح تبديد الوهم الإسرائيلى، من خلال المياه، فاللواء باقى زكى يوسف رئيس فرع المركبات بالجيش الثالث الميدانى أثناء حرب أكتوبر، هو صاحب فكرة استخدام مضخات المياه لإحداث ثغرات فى الساتر الترابى المعروف بخط برليف فى سبتمبر عام 1969، وسجلت الفكرة باسمه لحفظ حقوقه المعنوية. يقول اللواء باقى زكى يوسف إن الحرب المصرية لم تنته فى سيناء حتى الآن، ويجب استكمالها لتطهيرها من براثن الإرهاب، لأن تنظيم داعش الإرهابى يعمل على نشر الفتن والتعصب ضد الأقباط بسيناء، بهدف شق الصف المصرى. يوسف الذى ولد فى 23 يوليو عام 1931، تخرج فى كلية الهندسة قسم الميكانيكا عام 1959، يقول إنه التحق بعد التخرج بالقوات المسلحة، وبدأ عمله كضابط مهندس برتبة ملازم فى إدارة المركبات، ثم انتقل للعمل فى بناء السد العالى، حتى نكسة 1967، والتى يعدها كمينًا دوليًا استُهدفت به مصر، لكونها حققت على يد الرئيس الراحل عبدالناصر أكبر مد عروبى فى التاريخ. مضخات المياه بالسد العالى بنهاية يوليو عام 1969، انتهت فترة تواجد يوسف بالسد العالى، وانضم للفرقة 19 على الجبهة الشرقية، لوضع إستراتيجية للتعامل مع خط بارليف، بعد أن أخذ أوامر بالاختراق، وفى آخر أكتوبر من العام نفسه وتحديدًا فى الساعة التاسعة مساءً وضعت خطة الاختراق. يسترجع الضابط المتقاعد الخطة قائلًا: «أمامنا سد ترابى مانع بارتفاع 21 مترًا، وعرض 12 مترًا، مائل فى قاع القناة، به 34 نقطة قوية، مكون من أسلاك شائكة وخطوط فى الأعماق»، مع العلم أن الهدف من خط بارليف هو فصل سيناء والضفة الشرقية عن مصر، وردع أى أمل مصرى فى استرداد أرضها المحتلة». كل الحلول التى قدمت للتغلب على الساتر الترابى كانت تقليدية، هكذا يقول باقى زكى يوسف، وكانو غالبًا يقترحون توجيه المدافع نحو السد الترابى، وتوجيه ضربات جوية عن طريق الطائرات المصرية، لكن جميعها كانت تؤدى إلى ضحايا تصل إلى 20 فى المائة من الجنود غير الإصابات التى قد تلحق بهم، وتستغرق وقتًا من 12 إلى 15 ساعة لفتح ثغرة واحدة فى خط بارليف. وقتها تقدم باقى وطلب الحديث، وكان ضابط مهندس برتبة مقدم وسمح له بالحضور، ووقف يقول: «المياه قوة موجودة فى ساحة المعركة»، وذلك دون أى تحضير أو دراية بأنها الفكرة التى ستكون سببًا فى نصر أكتوبر، والفكرة هى طلمبات ماصة كابسة قوية تسحب المياه بقوة اندفاع كبير من القناة مثبتة على لنشات خفيفة، باستخدام البشابير، ما يعمل على ذوبان الرمال بما أسفلها فى قاع القناة، صمت الجميع، لدرجة أنك إذا ألقيت إبرة وسط غرفة الاجتماع سمعت رنتها، وذلك لاختلاف اتجاه التفكير 180 درجة». ويضيف: «أكملت حديثى عن الفكرة الجديدة، بأنها جربت سابقًا فى تجريف الرمال فى السد العالى عندما كنت أعمل هناك وشرحت ما كان يتم فى السد العالى، وهو توظيف قوة اندفاع المياه فقط على الساتر الترابى لتحريك الرمال، عن طريق نظرية المقذوف، ونظرية نيوتن، ومن هنا بدأ النقاش، من قبل قائد الفرقة «19»، سعد زغلول وكبار المهندسين والضباط». الخطة ترفع للقيادة وتابع: «فى الساعة الثانية عشر منتصف الليل أجرى قائد الفرقة سعد زغلول اتصالًا باللواء طلعت حسن على قائد الجيش، والتقيته، وقال لى قول يا ابنى الفكرة، قلت له الفكرة كما شرحتها سابقًا، صمت قليلًا ثم قال من جديد «لأ قول تانى يا ابنى»، واتصل بعدها بأحد أعضاء إدارة المركبات الذين عملوا معى، وقال له زميلى السابق فى إدارة المركبات عنى «الواد دا جد جدًا وما بيهزرش»، وذلك كان آخر شهر يوليو 1969». ويسرد باقى: «أرسلنى اللواء طلعت حسن على، إلى اللواء ممدوح تهامى نائب رئيس هيئة العمليات وقتها، شرحت له الفكرة، وقال لى «هى ما تجيش إلا كده، وخبط بيده على المكتب كان هيكسره». وبحسب شهادة الضابط اتصل اللواء «تهامى» بإدارة المهندسين بالقوات المسلحة جمال محمد على، وأوصلنى به شرحت له الموضوع، ونظر لى وقال «ممكن تعيد تانى»، كنت مقتنعًا تمامًا بأن الفكرة فارضة نفسها، فالخسائر التى كانت من الممكن أن تصل إلى 20 ألف شهيد غير المصابين، انخفضت بالفعل إلى 87 شهيدًا فقط خلال اقتحام خط بارليف». وبالساعة الثانية ظهرًا إلى الساعة العاشرة مساءً، من يوم 6 أكتوبر، تم فتح 90 ثغرة فى خط بارليف، أى إزالة 90 ألف متر مكعب من الرمل، بصورة مفاجئة أربكت صفوف دفاع العدو وتأخرها، واخترقت قواتنا المسلحة شرق القناة». وحينها ذهبت على الفور إلى اللواء ممدوح تهامى، والذى أمر بالعودة إلى الوحدة الخاصة بى، وبدلًا عن ذلك ذهبت لوزارة السد العالى وقتها، ودخلت «المخزن» الخاص بها، خاصة وأن هناك علاقة مسبقة مع الوزارة، دون إخبار المسئولين بالسبب الحقيقى وراء ذلك، وأخذت جميع اللوح الخاصة بطلمبات المياه، لقيادة الفرقة 19 بالجبهة»، التقيت بقائد الفرقة سعد زغلول، وكلفنى بإعداد تقرير مختصر مبدأى، وبدأت أكتب فى الصيغة المناسبة للساعة العاشرة من صباح اليوم الثانى، حتى تلقيت اتصالًا من قائد الفرقة زغلول. ذهبت إليه من دون حلق ذقنى أو تغيير ملابسى. وحينها تحدث قائد الفرقة لى، إن الرئيس عبدالناصر يعقد اجتماعًا أسبوعيًا، وأنه سيحضر الاجتماع لطرح هذه الفكرة أمام الرئيس، وذهبت مسرعًا لكتابة الفكرة فى ورقتين على الآلة الكاتبة مباشرة، وسملتها إليه، وعندما قرأها شع وجهه الأسمر بالبياض».