150 ألف مصنع فى مصر ثلثها يبحث عن توفيق أوضاعه مستثمرون: مصداقية الصناعة المصرية مهددة عالميًا وقانون التراخيص الصناعية نقطة تحول كشف قانون التراخيص الصناعية الذى أصدرت الحكومة لائحته التنفيذية قبل عدة أيام الستار عن الأزمة الحقيقية التى يعانى منها الاقتصاد المصرى منذ عقود طويلة وخاصة القطاعات الإنتاجية منه، وتتلخص أهم تلك المعاناة فى فقدان الثقة فى الصناعة والمنتج المحلى المصرى محليًا وعالميًا. حيث إن ما يقرب من 90 فى المائة من الاقتصاد الرسمى فى الدولة ترفض الحكومة منحه تراخيص دائمة تعزز الثقة فيه حتى عند التصدير، لاسيما الاقتصاد العشوائى الذى يتجاوز أضعاف الاقتصاد الرسمى بكثير. يضم الاقتصاد المصرى، وفقًا لتقديرات شبه مؤكدة من مسئولين بوزارة الاستثمار حوالى 150 ألف منشأة صناعية منها تقريبًا 50 ألف منشأة صناعية تمثل جملة الاقتصاد الرسمى من مصانع وشركات مسجلة فى جداول وكشوف وزارتى الصناعة والاستثمار يعملون برخص صناعية منتهية ترفض الحكومة تجديدها، والمفاجأة الكبرى بأن على رأس تلك المصانع هى كبرى الشركات التى تمثل أعمدة الاقتصاد المصرى من بينهم مصانع عملاقة فى قطاعات الأدوية والغزل والنسيج والمنتجات الكيماوية والبلاستيك والمنتجات الغذائية. تتمثل خطورة تلك الكارثة وفقًا لما قدره اقتصاديون بأنها قنبلة موقوتة غفلتها الحكومة حتى انفجرت فى وجه الاقتصاد المصرى منذ عام 2011، مشددين على سرعة تنفيذ قانون التراخيص الصناعية الجديد. ورجح اقتصاديون انخفاض الصادرات المصرية بنسبة 50فى المائة فى السنوات الأخيرة بسبب فقدان الثقة تدريجيًا فى المنتجات المصرية التى يتم تصديرها للخارج، وهو ما يتطلب حصول المصانع على رخصة تشغيل للمصنع، مثلما تطلب مصر ذلك عند الاستيراد، وهو ما أرجعه كثير من المستثمرين والصناع إلى رفض الحكومة المصرية منح المصانع المسجلة فى الكشوف الرسمية للدولة بأنها ضمن خريطة الاقتصاد المصرى «رخصة تشغيل سارية»، فضلًا عن عدم تجديد الرخص المؤقتة التى انتهت وتحتاج تجديد. وأعلن المهندس طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة الأسبوع الماضى عن إصدار اللائحة التنفيذية لقانون تيسير إجراءات تراخيص المنشآت الصناعية رقم 15 لسنة 2017 الذى أقره مجلس النواب وصدر به قرار جمهورى فى مايو الماضى، وتستهدف تبسيط الإجراءات واختصار الدورة المستندية والقضاء على البيروقراطية والتسهيل على المستثمرين فى الحصول على التراخيص اللازمة ومعالجة موضوع منح تراخيص التشغيل التى تعتبر أحد أهم العناصر المؤثرة على تصنيف مصر فى تقارير أداء الأعمال الصادرة عن المؤسسات الدولية، مؤكدًا أن هذا القانون سيحدث ثورة فى معدلات الاستثمار الصناعى فى مصر خلال المرحلة المقبلة، وهو ما سيسهم فى وضع مصر فى مصاف الدول الأكثر جذبًا للاستثمار الصناعى إقليميًا ودوليًا. اعتراف وقال مصدر رفيع المستوى بوزارة الصناعة وهيئة التنمية الصناعية بأن حوالى 50 ألف مصنع مسجلة بالهيئة ضمن الاقتصاد الرسمى ليست لديها رخصة تشغيل سارية، وأغلبها يعمل برخص تشغيل منتهية، بسبب وجود عوامل ومعوقات تمنع إتمام عمليات الترخيص لهذه المشروعات الصناعية. أوضح المصدر أن بعض الجهات الحكومية ما زالت تعرقل تراخيص المصانع فى مصر، وأبرزها الأجهزة التى من شأنها منح العديد من التراخيص والأوراق اللازمة مثل رخصة الحماية المدنية للمصانع والمشروعات الاستثمارية بالإضافة إلى رخصة أجهزة الحريق. على صعيد متصل، قال رئيس اتحاد الصناعات المصرية ورئيس ائتلاف دعم مصر المهندس محمد السويدى، إن قانون التراخيص الصناعية يعتبر حلمًا انتظره كل رجال الأعمال والمصنعين فى مصر، وسيسهم فى تفعيل كل المبادرات التمويلية الداعمة للصناعة المصرية، مشيرًا بأنه يمثل نقلة كبيرة لمنظومة منح التراخيص الصناعية. 70 فى المائة من المصانع بلا سجل صناعى. وكشف معتصم راشد المستشار الاقتصادى للإتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين، أن أكثر من 70فى المائة من المصانع فى مصر أيضًا يعملون بلا «سجل صناعى». وهذا يعنى أن لدينا خللًا كبيرًا فى منظومة الاقتصاد الرسمى والشرعية. فما بالك بالاقتصاد العشوائى المتمثل فى «مصانع بير السلم»، الذى يعمل بشكل غير شرعى، مشيرًا إلى أن هيئة التنمية الصناعية هى المسئول الأول عن تسهيل إجراءات استخراج السجل الصناعى للمشروعات، مطالبًا بضرورة إيجاد حل سريع لأزمة الرخص الدائمة وسرعة تطبيق القانون الجديد. وطالب راشد وزيرى الصناعة والاستثمار بالالتفات إلى أهمية تجديد التراخيص للمصانع فى مصر، وخاصة الكبرى منها وعدم التعنت فى ذلك لما له من آثار كارثية على مصداقية الاقتصاد المصرى فى الداخل والخارج. وفى السياق نفسه، قال المهندس محمد جنيدى رئيس جمعية مستثمرى السادس من أكتوبر، إن الصناع يواجهون أزمة فى استخراج السجل الصناعى، بسبب صعوبة استخراج شهادة التأمينات الاجتماعية، نتيجة تعنت تلك الجهة مع الصناع، لافتًا إلى أنهم سيجتمعون مع وزيرة التضامن الاجتماعى الأسبوع المقبل لمناقشة هذه الأزمة، وضرورة التيسير على أصحاب الأعمال فى استخراج تلك الشهادات.