للمرة الأولى بكينيا تولى الصحفى جون جيثونجو، منصبًا تنفيذيًا بالحكومة، تقديرًا لجهوده فى محاربة الفساد ببلاده، بعدما حصل على جائزة الصحفى الإفريقى نهاية التسعينيات من القرن الماضى. «جون جيثونجو» يعد صحفيًا بدرجة مقاتل، عمل على فضح الفساد فى مختلف طبقات المجتمع فى بلده «كينيا»، وتخصص فى نشر تحقيقات صحفية فى مجال الرشوة والاحتيال، ولاحق بقلمه كبار الوزراء ورؤساء الحكومة على نطاق واسع فى قضايا شهيرة بكينيا. قصة كفاح جيثونجو جمعت بين دفتى كتاب «قصة صافرة الكينيين» والتى تسرد كيفية مشاركته مع أربعة عشر آخرين فى تأسيس منظمة الشفافية الدولية، عام 1993 فى برلين بألمانيا، والتى تعنى بمكافحة الفساد السياسى والإدارى وتصدر تقريرًا سنويًا عن مؤشر الفساد ويمتد عملها فى أكثر من مائة فرع حول العالم. وعمل جيثونجو على خفض معدلات الفساد المرتفعة فى كينيا، ونجح فى إجبار الحكومة على الاعتراف بمكتب منظمة الشفافية فى كينيا ليصبح رئيسًا له. كانت أولى القضايا التى فجرها جيثونجو عام 2006، بكشف قضية فساد تورط فيها كبار المسئولين بالدولة، وطالت الرئيس الكينى، ورئيس الوزراء، وكشف تورطهما فى عملية خداع قيمتها 600 مليون دولار فى تعاقد وهمى لشركة انجلو ليسينغ، وهى شركة غير موجودة فى الواقع، للصرف على نفقات الحملة الانتخابية للرئاسة، وهو ما عرف باسم فضيحة «أنجلو». واستمر لمدة عامين فقط فى منصبه «الأمين الدائم للحوكمة والأخلاقيات» وهو منصب رسمى فى كينيا، لكن «جيثونجو» استقال ليفضح تراخى الدول فى محاربة الفساد بشكل حقيقى. وقتها أظهر أن إستراتيجيات مكافحة الفساد حبر على ورق لا يتم تفعيلها ولا تعكس رغبة حقيقية لدى المسئولين بمواجهته، ونتيجة استقالته تم خفض المساعدات الدولية المقدمة للفساد، ولا يزال داعمًا قويًا ضد الفساد. ونتيجة لجهود جون جيثونجو تعرض للنفى خارج البلاد، بعد تلقيه عام 2009 تهديدات بالقتل من النخبة السياسية فى كينيا التى تسعى لعرقلة التقدم فى عرض المعلومات وإتاحتها للشعب، وهو ما أثبته أما السفارة البريطانية وجلسات استمرت يومين مع وفد من أعضاء البرلمان الكينى. ولم يسلم جيثونجو من اتهامات التخوين، فاتهمه وزير الأمن القومى فى بيان رسمى مكون من ثلاثين سؤالًا أرسله إلى مختلف وسائل الإعلام بأنه جاسوس بريطانى، ألا أن الوزير منع من السفر فيما بعد لبريطانيا بسبب تورطه فى الفساد. وقتها أدرك جيثونجو أن محاربة الفساد تبدأ بإدراك الناس وحديثهم عنه فى مجالسهم العادية، فأطلق حملة كينيا نى يتو بهدف تعبئة الناس للحديث ضد الفساد، وأسس منظمة إينوكا كينيا تروست، لتفعيل نشاطات تهدف لخلق مواطنين مستنيرين. الجهود التى بذلها جون جيثونجو فى مكافحة الفساد أهلته لنيل جائزة أفضل إفريقى تأثيرًا فى العالم من قبل مجلة أفريكان نيو أفريكان ونال اثنين من الدكتوراه الفخرية، بالولايات المتحدةالأمريكية وبريطانيا، جائزة الرئيس الألمانية الأفريكا للقيادة. وحصل جيثونجو فى عام 2015 على جائزة الارد للنزاهة الدولية وتقاسم قيمتها 100 ألف دولار مع رافائيل ماركيس.