60 مليار جنيه زيادة فى عجز الموازنة الجديدة بعد تنفيذ القرار اقتصاديون: رفع الفائدة له آثار جانبية..وعلى الحكومة أن تتراجع عنه فى خطوة مفاجئة، قررت لجنة السياسة النقدية، التابعة للبنك المركزى، برئاسة طارق عامر، محافظ البنك المركزى منذ عدة أيام، رفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض بمقدار 2 فى المائة، وفقًا لتوصية صندوق النقد الدولى برفع أسعار الفائدة فى مصر فى محاولة لكبح جماح التضخم وخفض ارتفاع أسعار السلع والخدمات. القرار فى ظاهره يؤكد محاولة «المركزى» لمواجهة التضخم وخفض الأسعار، لكن فى باطنه يكشف نية البنك فى سحب السيولة من المواطنين لتدبير قروض بقيمة 100 مليار جنيه للحكومة، لمواجهة عجز الموازنة فى الشهر الأخير من عامها المالى «يونيو الجارى». مصادر مصرفية رفيعة المستوى كشفت ل«الصباح»، أن قرار رفع أسعار الفائدة بزيادة 2فى المائة مؤخرًا يأتى لعدم قدرة البنك المركزى على تدبير السيولة اللازمة التى طلبتها الحكومة لسد عجز الموازنة خلال شهر يونيو الجارى بقيمة 100 مليار جنيه تقريبًا، ما جعل البنك المركزى ينفذ توصيات لجنة صندوق النقد الدولى برفع أسعار الفائدة بواقع 2فى المائة لتدبير طلب الحكومة بقرض بمقدار العجز خلال الشهر الجارى. وزارة المالية أصدرت فى اليوم التالى بيانًا ماليًا يتضمن رفع أسعار الفائدة، وجاء نصه «تعتزم وزارة المالية طرح أذون وسندات خزانة بقيمة إجمالية 105.250 مليار جنيه خلال يونيو الحالى، بجدول زمنى لأذون وسندات الخزانة حتى نهاية الشهر، بالإضافة لطرح سندات أجل 3 سنوات (استحقاق يونيو 2020) بقيمة 1.750 مليار جنيه، أجل 5 سنوات (استحقاق مايو 2022) بقيمة 1.5 مليار جنيه، وسندات أجل 7 سنوات (استحقاق مايو 2024) بقيمة 1.5 مليار جنيه، وأجل 10 سنوات (استحقاق مايو 2027) بقيمة 1.5 مليار جنيه». 60 مليار جنيه وأوضحت المصادر، أن القرار سيزيد عجز الموازنة بنحو 60 مليار جنيه أخرى، مشيرة إلى أن البنك المركزى أجبر على رفع أسعار الفائدة رغم أنها ضد سياساته النقدية، علاوة على أنه فى ظل اتباعه لسياسات مالية توسعية لرفع معدلات التنمية والإنتاج و التشغيل يضطر بسبب هذه القرارات إلى تحويل مسار سياساته إلى انكماشية لمساندة الحكومة على سد عجز الموازنة، وهو ما أسماه اقتصاديون بأنها سياسات «سمك لبن تمر هندى». وأضافت: «الحكومة تستهدف العام المالى المقبل، خفض عجز الموازنة المقبلة عند 8.5 إلى 9.5فى المائة من الناتج المحلى الإجمالى، مقابل 9.8فى المائة فى العام المالى الحالى، بحسب منشور إعداد الموازنة العامة لوزارة المالية، حيث تشير التقديرات إلى زيادة قيمة العجز بنحو 500 مليار جنيه خلال موازنة العام المقبل». فيما طالب اقتصاديون من الحكومة البحث عن طرق جديدة لسد عجز الموازنة والتفكير بأسلوب جديد خارج الصندوق؛ لأن استمرار الوضع فى اعتماد الدولة على سد العجز فى الموازنة العامة من خلال الاقتراض الداخلى، سيؤدى إلى زيادة فى تكلفة أعباء الدين، التى تلتهم تقريبًا 25فى المائة من إيرادات الموازنة سنويًا، مؤكدين بأن زيادة عجز الموازنة يعنى اقتراضًا أكثر لتمويل هذا العجز، ومن ثم ديون وفوائد أكثر. هانى توفيق الرئيس السابق للجعية المصرية للاستثمار المباشر والخبير الاقتصادى قال إن قرار زيادة أسعار الفائدة بواقع 2فى المائة كارثى على الاقتصاد، وعلى الدولة أن تدبر أساليب جديدة لسد عجز الموازنة بدلًا من إرغام البنوك على تدبيرها بالطرق التقليدية التى تقتل الاستثمار وترفع معدلات التضخم بشكل جنونى. وأضاف «توفيق» أن ارتفاع نسبة التضخم فى مصر نشأت نتيجة زيادة سعر الدولار وليس زيادة الطلب الناتج عن الانتعاش الاقتصادى والتشغيل، وبالتالى ليس من المناسب رفع الفائدة لمواجهة هذا التضخم، واصفًا قرار رفع الفائدة بأنه «قرارات نقدية من القرن التاسع عشر»، لافتًا إلى أن الارتفاع المستمر لسعر الدولار سيجعل مصر صاحبة أكبر عجز موازنة فى العالم، كما أن ارتفاع سعر الفائدة سيؤدى أيضًا إلى زيادة حجم مصروفات خدمة القروض الحكومية. ولفت إلى أن الآثار السلبية للقرار ستشمل مزيد من التضخم لزيادة تكلفة إنتاج السلع والخدمات، ومزيد من الركود بسبب تشجيع الادخار بدلًا من الاستثمار، ومزيد من البطالة وغلق مزيد من المصانع، وانخفاض ربحية الشركات العاملة لزيادة هيكل التكاليف، وكذلك الأثر السلبى لذلك على أسعار الشركات المسجلة بالبورصة. سياسات مزدوجة من جانبه قال الخبير الاقتصادى خالد الشافعى إن السياسات المالية المزدوجة التى تتبعها الدولة تشكل خطورة كبيرة بسبب الاستمرار فى اعتماد الموازنة العامة على الاقتراض الداخلى، من خلال طرح سندات وأذون الخزانة، ولذلك على وزارة المالية الاتجاه إلى تقليل الاقتراض الداخلى فى أذون وسندات الخزانة المحلية؛ بسبب ارتفاع نسبة الفائدة عليها، وهو ما سيتسبب فى زيادة فوائد الاقتراض. وشدد «الشافعى» على أن تكلفة الاقتراض من الخارج حاليًا أقل بصورة كبيرة من الاقتراض من الداخل، ولذلك ستعمل وزارة المالية خلال الفترة المقبلة على طرح سندات دولارية، مشيرًا إلى أن تكلفة الاقتراض المحلى الداخلى كبيرة جدًا، وستؤدى إلى زيادة العجز فى الموازنة العامة، مما يزيد الضغوط التضخمية بشكل كبير. زيادة الديون آخر إحصائية للدين الداخلى أكدت ارتفاعه بنسبة 28.9فى المائة، ليصل إلى 3.052 تريليون جنيه، أى ما يوازى «166.9 مليار دولار» فى نهاية ديسمبر 2016، وبحسب تقرير وزارة المالية عن شهر أبريل 2017، فإن الدين المحلى أصبح بنهاية أبريل 3.158 تريليون جنيه بزيادة 106 مليارات جنيه خلال 4 أشهر، بخلاف الزيادة الأخيرة هذا الشهر بواقع 100 مليار جنيه تقريبًا. وسجلت فوائد الدين بمشروع الموازنة العامة الجديدة ارتفاعًا جديدًا وصل إلى حوالى 380 مليار جنيه بدلًا من 299 مليار جنيه العام المالى الماضى، ومع اعتماد الموازنة العامة الجديدة ستكون الحكومة مطالبة بسداد مليار و43 مليون جنيه يوميًّا لمدة 365 يومًا، ومع زيادة الاقتراض الداخلى والخارجى وارتفاع سعر الفائدة سترتفع فوائد الديون التى تتحملها الموازنة العامة. تطور عجز الموازنة يغلب على عجز الموازنة فى مصر طابع التزايد من عام إلى آخر خلال العقدين الماضيين، ومن ثم فإنه يعد عجزًا هيكليًا وليس عجزًا دوريًا، لأنه غير مرتبط بالدورة التجارية، بل هو مستمر فى التزايد برغم معدلات النمو المرتفعة وحالات الرواج التى تحققت خلال الفترات الماضية. وشهدت السنوات التى تلت أحداث 25 يناير زيادة كبيرة فى عجز الموازنة المصرية، حيث ارتفع العجز الكلى إلى 134.4 مليار جنيه فى العام المالى 2010-2011، من 98 مليارًا فى العام السابق عليه، ثم ارتفع فى 2011-2012 إلى 166.7 مليار جنيه، ثم إلى 239.7 مليار جنيه فى 2012-2013، قبل أن يرتفع مرة أخرى إلى 255.4 مليار جنيه فى 2013-2014، يأتى ذلك فى الوقت الذى تستهدف فيه الحكومة أن يصل العجز إلى 240 مليار جنيه خلال العام المالى الجارى 2014-2015.