انتهت فترة الاعتذارات والطبطبة وحب الخشوم.. وأصبح العقاب على قدر الجرم تقبيل «تميم» للشيخ الأفعى «القرضاوى» يؤكد عنجهية النظام القطرى قرار 6دول عربية بقطع العلاقات مع قطر جاء متأخرًا فى ظل إصرار الإمارة التى تدعم الإرهاب على ممارسة سياسات عدائية تجاه العرب وفى المقدمة الدولة المصرية. دويلة قطر لم تدعم فقط الجماعات الإرهابية بفتح أراضيها أمام قيادات الإخوان ولم يقتصر الأمر على تمويلها للعمليات الإرهابية، بل تمادت فى مؤامراتها ضد مصر فى ملف استراتيجى أكثر خطورة وهو سد النهضة حيث تعاونت الدوحة مع تل أبيب لتعطيش المصريين واللعب بالنار فى هذا الملف، ولكن مخططاتهم سيتم تدميرها بعد تحالف الدول العربية ضد قطر. القرار العربى كبد قطر خسائر اقتصادية وسياسية كثيرة وستدفع ثمن تلاعبها بمقدرات الأوطان والتدخل المستمر فى شئون الدول، إذا واصلت السير فى تنفيذ مخططاتها الرامية لزعزعة الاستقرار فى الدول العربية، وأن ترتمى فى أحضان إيران وتركيا. وتبقى هناك تداعيات كثيرة للقرار العربى بشأن قطر، ستتضح ملامحها خلال الفترة المقبلة، سواء فى دور إيران أو إسرائيل فى المنطقة، وكذلك مستقبل حركة حماس، ومصير الإعلام القطرى، والأهم من ذلك كله هو مستقبل العمالة المصرية فى قطر. «الصباح» حاولت فى هذا الملف رصد هذه التداعيات للحصار العربى على قطر من خلال ردود فعل عدد من الخبراء والمهتمين بالشأن العربى. أكد خالد المجرشى الكاتب والمحلل السياسى السعودى، أن الموقف الخليجى ضد قطر كان ضرورة حتمية، بعدما اكتشف الجميع من يقف وراء إثارة الفوضى فى المنطقة، حيث جاء القرار كوقفة حازمة، وعقاب قوى لردع قطر صاحبة الأيدى المحركة والممولة للعمليات الإرهابية فى المنطقة العربية. وقال «المجرشى» فى حواره ل«الصباح»، إن دول الخليج اكتفت من الاعتذارات والوعود التى لا تنفذ، ويجب أن يكون العقاب على قدر الجرم، وإلى نص الحوار: * فى رأيك.. ما الأسباب التى دفعت الدول الخليجية لقرار مقاطعة قطر؟ - كنت أتوقع صدور هذا القرار، نتيجة لحماقة النظام القطرى المستمرة منذ عام 1995، عندما انقلب الشيخ حمد على والده، ومن وقتها يدبر النظام القطرى المكائد لأشقائه فى الخليج والوطن العربى، وزادت هذه التدخلات فى 30/6/2013، عندما أزاح الشعب المصرى جماعة الإخوان، والتى كشفت عن التدخلات القطرية ودعمها للعصابات الإرهابية، حيث تفرغت من وقتها لتمويل العمليات الإرهابية، وتدشين كتائب إلكترونية إعلامية لإشعال الفتنة فى مصر والوطن العربى. * ماذا عن توقعاتك حول مستقبل العلاقات مع قطر؟ - الأربع دول التى بادرت بقطع العلاقات وسحب السفراء، تعلم جيدًا حجم وقدر الخطوة التى اتخذت، حيث سبقتها دراسة جيدة، بينما تظل الكويت فى الجانب المحايد، لتلعب دور الوسيط، وهذا ما يقوم به الشيخ جابر الصباح الذى توجه لجدة، وأيضا تحدث مع قطر، لكن الوساطة الأولى فشلت، إلا أنها ستحاول مرة أخرى، خاصة أن هناك حديثًا عن وضع عدة شروط تلتزم بها قطر لتهدئة الأوضاع، وأيضًا هناك تواصل من القيادة العمانية مع النظام القطرى، لكن عمان لن تؤثر فى هذه القرارات، لأن ما أقدم عليه النظام القطرى يعتبر جرمًا، وجاء قرار المقاطعة كعقاب على قدر الجرم. * وما تأثير المقاطعة على الاستثمارات السعودية بالدوحة؟ - اتخذ المستثمرون خطوات لتجميد استثماراتهم، لحين وضوح الصورة ورؤية القادم، خاصة أن القرار جاء لمصلحة الوطن، الأهم والأكبر من أى مصالح أخرى، وأغلب رجال الأعمال السعوديين كانوا قد جمدوا استثماراتهم من تلقاء أنفسهم من بداية انكشاف أمر تميم، عندما نشرت الوكالة القطرية تصريحاته التى تراجع عنها. * هل ستتأثر قطر اقتصاديًا بسبب تجميد تلك الاستثمارات؟ بالطبع، هناك استثمارات فى التكنولوجيا والوقود، فالسعودية والإمارات من أهم الشركاء التجاريين لقطر، وتبرز أهمية الدولتين بشكل خاص فى ملف تجارة الغذاء، ومن واقع اعتمادى على بيانات عام 2015، كانت السعودية والإمارات فى المرتبتين الأولى والثانية من حيث الدول المصدرة للمواد الغذائية إلى قطر، بإجمالى 310 ملايين دولار، وفى تجارة المواشى، تأتى السعودية فى المرتبة الأولى للمصدرين، والإمارات فى الخامسة، بإجمالى 416 مليون دولار، أما الوقود فتأتى البحرين فى المرتبة الأولى من حيث المصدرين، والإمارات فى المرتبة الثانية، بقيمة 200 مليون دولار، وفى المعادن تأتى الإمارات فى صدارة الدول المصدرة لقطر، باستثمارات سنوية تفوق النصف مليار دولار، لذلك يعلم الجميع فداحة ما ستتعرض له قطر جراء تلك القطيعة، ولو صمدت قطر فى هذا الحصار لن يكون الصمود لأكثر من شهر واحد، خاصة مع التضارب والارتفاع فى الأسعار وخسارة البورصة وتدنى أسهمها، فالسلع التى كان سعرها 10 ريالات قطرية، أصبحت تباع ب 30 ريالًا، فيما نفد كامل مخزون بالجمعيات التعاونية والمتاجر الغذائية من السلع، بسبب تكالب المواطنين على تخزينها تحسبًا لأى تصعيدات. * وماذا عن وضع العمالة المصرية بعد تلويح قطر بإبعادها؟ - ستعلن دول الخليج قريبًا فتح أبوابها أمام العمالة المصرية إذا عادت من قطر، ولابد أن يكون واضحًا وجليًا للجميع أن كل الخطوات تمت دراستها قبل اتخاذ هذه الخطوة، ووزير الخارجية الجبير ناقش مع وزير خارجية مصر كل الجوانب الإيجابية والسلبية لهذا القرار، وبالتالى كل الخطوات مدروسة وكل رد فعل محسوب، وسيتم تداركه وعلاجه. * ما رأيك فيما تردد حول اتفاق الدول على قرار المقاطعة على هامش قمة الرياض؟ - لم تكن اتفاقات سرية، بل كان هناك اتفاق لوضع حد للحماقات القطرية، وكان من الطبيعى أن تحافظ الدول على مصالحها وأرواح مواطنيها، وتتخذ الإجراءات المناسبة لحماية سيادتها. * وكيف تفسر صورة الملك سلمان التى رقص فيها مع تميم، قبل أسابيع من القمة؟ - هذه كانت زيارة رسمية من خادم الحرمين للدوحة، فى وقت لم تتضح فيه الصورة أو تتحدد ملامحها، لكن بعد هذه الزيارة بعدة أسابيع بدأت تتكشف أمور كثيرة جدًا أمام دول الخليج والسعودية بشكل خاص، وليس معنى أن الملك زار الأمير تميم وأدى معه المراسم الخليجية، أنه موافق على كل تصرفاته، لكن هذا بروتوكول، وإن شارك فيه الملك سلمان، فمن منطلق حبه للشعب القطرى وليس حبًا فى النظام. * وماذا عن الدور الأمريكى فى المنطقة خلال الفترة المقبلة؟ - الإدارة الأمريكية الجديدة الممثلة فى الرئيس ترامب، تحاول أن تمحى الصورة السابقة لإدارة أوباما، خاصة أن الأخير ادعى فى البداية إنه رسول سلام، وأنه يتقرب من المسلمين، خاصة حينما حضر إلى جامعة القاهرة، وألقى السلام باللغة العربية، وتضمن خطابه آيات قرآنية، لكنه بعد ذلك اختار دعم الإسلام السياسى، وحاول أن يثبت أقدامهم فى المنطقة، وبالفعل عندما استلمت الجماعة الإرهابية بقيادة «مرسى» زمام الحكم فى مصر، كان من الواضح دعم البيت الأبيض لجماعة الإخوان، وكانت تجمعهم اتفاقات سرية واتفاقات معلنة، ولكن الإدارة الأمريكية الحالية واضحة، وإن كانت الحملة الانتخابية للرئيس ترامب تقول عكس ذلك، أقول إنها كانت حملة بها تصريحات نارية لكسب المؤيدين والوصول لسدة الحكم. * هل الهدف مما يحدث مع قطر هو الإطاحة ب«تميم»؟ - الهدف من القرارات الصادرة تحجيم وتلجيم نظام تميم، وتصليح الوضع فى المنطقة ليعود النظام القطرى لصوابه، لا يهمنا من يحكم قطر تميم أو أخوه أو ابن عمه، ما يهمنا السياسة القطرية تكون متوائمة مع السياسة الخليجية والعربية لمصلحة الأمة، والسعودية لا يهمها من يحكم، ولكن يهمها من يقف مع مصلحة الشعب القطرى، ويحافظ على أمن الشعوب العربية ووحدة الخليج، وما يهم السعودية هو أن تعود قطر إلى الصواب وإلى الحضن الخليجى. * ماذا عن تجميد عضوية قطر بالجامعة العربية؟ - لو استمرت العنجهية القطرية سيكون هناك إجماع عربى على اتخاذ موقف إزاء ما يحدث، وأعتقد أنه سيكون هناك إجماع أيضًا على تجميد عضويتها، خاصة أنها تتجه للتصعيد والتهديد، وكانت آخر مظاهر تلك العنجهية تقبيل «تميم» للشيخ الأفعى القرضاوى، فى مائدة الإفطار الرمضانية. * وفى حالة تراجع قطر واعتذارها ماذا سيكون الموقف؟ - تعودنا أن قطر تخطئ ونحن نعفو، وتكرر هذا مرارًا وتكرارًا، لكن الآن انتهت فترة الاعتذارات والطبطبة والموائد وحب الخشوم بمعنى «تقبيل الأنوف»، انتهى هذا العهد من الاعتذارات الكثيرة، ولابد من دلائل وبراهين على الأرض تؤكد أنه اعتذار حقيقى، وتنفذ ما اتفق عليه، خاصة أن قطر لها سوابق منذ قبل فى الاعتذار، حيث اعتذرت فى 2014، وكتبت اعتذارًا مكتوبًا من 6 بنود ولم تلتزم به.