وفد رسمى يزور «الصندوق» للاتفاق على الصياغة النهائية لتغيير شكل العملة رغم النفى الرسمى بسنت فهمى: قرار غاية فى الخطورة.. ويصعب تنفيذه فى الوقت الحالى على مدار سنوات عديدة، استغلت الحكومة سلاح «الشائعات» لقياس الرأى العام حول سياسة بعينها أو قبل اتخاذ قرار مصيرى أو رفع سعر بعض السلع، وبعد ثورة يناير استعانت الدولة بمواقع التواصل الاجتماعى، كوسيلة لمعرفة توجهات الشارع قبل اتخاذ أى قرار، فإن لاقت الفكرة المطروحة قبولًا لدى الرأى العام أقرتها الحكومة، وإن رفضها اعتبرتها الحكومة «شائعة» لحين إجراء تعديلات عليها أو إعادة طرحها بطريقة أخرى. وفى محاولة لجذب ومعرفة حجم الأموال المدخرة فى المنازل أو كما يقول المسئولون «الفلوس اللى تحت البلاطة»، روجت الحكومة أخبارًا تفيد بأنها تنوى تغيير شكل العملة، فى محاولة لمعرفة رد فعل المواطنين، خاصة أنها تسعى لتنفيذ ذلك فى إطار خطة الشمول المالى الذى يستهدف القضاء على التعاملات النقدية المباشرة، وربط كل أموال المصريين بالقطاع المصرفى، وهو الأمر الذى لاقى رفضًا من الجمهور وخاصة خبراء الاقتصاد، الأمر الذى أدى إلى خروج تصريحات حكومية رسمية تؤكد أنها مجرد «شائعة» طرحها خبراء، ولم ترق إلى مستوى الدراسة أو التنفيذ. فيما كشفت مصادر حكومية رفيعة المستوى، أن سياسة تغيير العملة المصرية كان أحد المطالب الرئيسية لبعثة صندق النقد الدولى التى أنهت زيارتها لمصر الأسبوع الماضى، بعد مراجعة سياسات الإصلاح الاقتصادى، وموافقتها على صرف الشريحة الثانية من قرض الصندوق، والتى تبلغ قيمتها 1.25 مليار دولار. وأوضح المصدر، أن رئيس بعثة صندوق النقد، كريس جارفيس، وجه وزير المالية بدراسة سياسة تغيير شكل العملة، كأحد الحلول لحل أزمات الاقتصاد المصرى، والقضاء على الأسواق الموازية وتقنين جميع التعاملات النقدية، والحد من ظاهرة «الكاش» فى مصر، أسوة بما حدث فى العديد من التجارب الدولية الناحجة وعلى رأسها تركيا التى استبدلت عملتها فى عام 2005 بعملة جديدة ومنحت مواطنيها فرصة لاستبدال عملاتهم القديمة بالعملة الجديدة. وأضاف المصدر أنه تم الاتفاق مع «صندوق النقد» على زيارة وفد مصرى من البنك المركزى ووزارة المالية إلى مقر «الصندوق «الشهر المقبل للاتفاق مع خبراء الصندوق الفنيين على الصياغة النهائية لتغيير شكل العملة، وإعداد دراسة كاملة تشتمل على سلبيات وإيجابيات سياسة التغيير قبل تحويلها إلى قانون لإقرارها. وأشار إلى أنه المقرر أن تنتهى تلك الدراسة قبيل صرف الشريحة الثالثة من قرض صندوق النقد الدولى بقيمة 2 مليار دولار فى نوفمبر المقبل، بعد المراجعة الدورية الثانية التى تنتهى فى يونيو المقبل. شائعة أم حقيقة صاحب تطبيق تلك تجربة تغيير شكل العملة المحلية فى عدد من الدول انتشار الفساد بصورة كبيرة، بالإضافة إلى انتشار الأسواق الموازية، وعدم قدرة حكوماتها على السيطرة على التجربة، إلا أنها تعد أحد أهم الحلول لجذب ومعرفة حجم الأموال المدخرة فى المنازل، وتوجيه المواطنين إلى تقنين تعاملاتهم المالية، والحد من تهريب الأموال والقضاء على التمويلات المشبوهة. د. عبدالمنعم مطر، مستشار وزير المالية، أكد فى تصريحات لوسائل إعلام أجنبية، بأن تغيير شكل العملة سيسهم فى معرفة حجم الأموال المدخرة فى البلاد، كما أنه سيكون بمثابة حل جديد للأزمة الاقتصادية فى مصر، داعيًا إلى ضرورة دراسة ثقافة المصريين، فى إشارة إلى أن اختلاف الثقافات هو العامل الرئيسى فى نجاح القرار لحل الأزمة، مشيرًا إلى أن القرار سيصدر عقب دراسته بشكل جيد لتدارك سلبياته. وتأتى تلك التصريحات فى نفس توقيت تصريحات د. عمرو الجارحى وزير المالية، بأن تغيير شكل العملة مجرد «شائعة»، وأن الحكومة لم تتطرق أو تناقش تغيير شكل العملة المحلية، بفئاتها المختلفة فى الوقت الحالى، مؤكدًا أن ما يتم تداوله بهذا الشأن غير صحيح، خاصة أن مثل هذه القرارات تحتاج لدراسات وحسابات اقتصادية عميقة واجتماعات حكومية موسعة مع البنك المركزى. مؤيد ومعارض وقالت النائبة بسنت فهمى، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، إن قرار تغيير شكل العملة المصرية هو قرار غاية فى الخطورة، ويصعب تنفيذه فى الوقت الحالى، مشيرة إلى أنه سيترتب عليه تغيير شكل الاقتصاد المصرى بشكل تام، وأن الوقت الحالى لا يسمح بذلك. وأوضحت أن تكلفة هذا القرار على مصر مرتفعة جدًا، خاصة فى ظل الظروف الاقتصادية السيئة للغاية، ولا تستطيع الدولة تحمل تلك التكلفة فى الوقت الراهن، مشيرة إلى أن معرفة مدخرات المصريين لن تكون من خلال تغيير شكل العملة، خاصة أن العديد سيلجأ إلى استبدال عملاتهم المحلية بأخرى أجنبية من السوق السوداء. وأضافت أن تغيير شكل العملة يعنى إلغاء كل النقد المتداول فى السوق، وإعادة طبع نقود جديدة، وسنبدأ من الصفر، وهذا أمر صعب، لافتة إلى أن حجم السيولة فى الأسواق بالمليارات، وسوف نبدأ بأرقام جديدة للعملات بداية من واحد إلى ما لا نهاية. واختلفت معها النائبة نادية هنرى، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، والتى رأت أن تغيير شكل العملة يعد أحد الحلول المتاحة للخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية، وطالبت بالإسراع فى بدء تطبيق الفكرة، ما يعنى دخول مئات المليارات من الجنيهات وإيداعها فى البنوك، ويتم منع السحب منها إلا بضوابط. كما طالبت «هنرى» الحكومة ومجلس النواب بالإسراع فى إصدار تشريع لمنع التعامل النقدى بما يزيد على مبلغ محدد من المال، والاستعلام عن مصدر المبالغ النقدية عند الإيداع، مشيرة بأن مصر ما زالت تعانى من ضعف مؤسساتها وتحتل مراكز متراجعة فى سيادة القانون طبقًا للمؤشرات العالمية، موضحة أنه يصعب تحمل إجراءات الإصلاح الاقتصادى وسط بيئة مليئة بالفساد وضعف الحكومة فى مصر. 3 أهداف لتغيير العملة أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة د. فخرى الفقى، أكد أن الدول تلجأ إلى تغيير شكل العملة لعدة أهداف، أولها، القضاء على ظاهرة التعاملات النقدية خارج الأطر الشرعية التى تضر الاقتصاد، وهو ما يحدث فى مصر حاليًا، من وجود حجم تعامل نقدى كبير ب«الكاش» يفوق أضعاف التعاملات الرسمية عبر القطاع المصرفى، مشيرًا إلى أن تغيير شكل العملة هو تحديد حجم الأموال المدخرة فى المنازل للتخلص من هذه السيولة والمساعدة فى خفض الأسعار، ومعدل التضخم المرتفع الذى وصل إلى أرقام قياسية اقتربت من 33 فى المائة. وأوضح «الفقى» أن ثانى أهداف تغيير شكل العملة هو التخلص من مصادر النقد التى يتم استخدامها عن طريق «غسيل الأموال» فى الأنشطة المخالفة للقانون مثل تجارة المخدرات وتجارة الأعضاء والسلاح، لأن هؤلاء المجرمين لا يتعاملون إلا بالنقد «الكاش»، وفى حالة تغيير العملة سيتم التعرف عليهم بعد ذهابهم إلى البنوك لتغيير كميات الأموال الكبيرة التى لديهم. وأشار إلى أن ثالث الأهداف هو كشف مصادر تمويل الإرهاب فى الوقت الحالى، وتعرية كل التعاملات المالية التى تتم خارج الأطر الشرعية التى تستهدف تهريب الأموال عبر الحدود. بينما طالب هانى توفيق، رئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر الأسبق، الحكومة بتفعيل دور الجهاز القومى للمدفوعات الذى يترأسه رئيس الجمهورية بنفسه، مشيرًا إلى أن الجهاز يهدف فى الأساس لمحاربة الفساد والتهرب الضريبى وخفض استخدام الأوراق النقدية.