نحتاج لإقامة منتجعات سياحية مثل شرم الشيخ والغردقة كاتسيجازى: علاقتنا انقطعت مع القاهرة خلال حكم «مبارك » دون أسباب واضحة فتح آفاق تعاون جديدة فى بداية عهد«السيسى » بعدما أولى اهتمامًا كبيرًا بإفريقيا أوغندا تحتاج لدخول القطاع الخاص المصرى إلى أسواقها.. وتوفر الأيدى العاملة والأراضى
«مرت العلاقات المصرية - الأوغندية بمراحل مختلفة، حيث بدأت فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، الذى كان يولى إفريقيا اهتمامًا كبيرًا، واستمرت فى عهد الرئيس السادات، ثم انقطعت خلال حكم المخلوع مبارك، دون أسباب واضحة، حتى عادت بقوة مع تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى حكم مصر». بهذه الكلمات بدأ السفير أرثر كاتسيجازى القائم بأعمال سفارة جمهورية أوغندابالقاهرة، حواره ل«الصباح»، حيث تحدث عن الكثير من ملفات التعاون بين البلدين، وإلى الحوار: * فى البداية، حدثنا عن تاريخ العلاقات المصرية الأوغندية؟ - حصلت «أوغندا» على الاستقلال عام 1962، وبدأت العلاقات الدبلوماسية بينها وبين دول العالم عام 1965، وكان أولها وأهمها جمهورية مصر العربية، وافتتحنا سفارة لنا فى القاهرة، وبالتبادل فتحت مصر سفارة لها بمدينة كمبالا، لذا فتاريخ العلاقات المصرية الأوغندية يمتد لأكثر من 50 عامًا، وتضمن التعاون المشترك فى مختلف المجالات الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية والزراعية، وكانت لنا علاقات طيبة وقوية مع الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، الذى كان يولى إفريقيا أهمية كبيرة، خاصة أن معظم من كافحوا للحصول على الاستقلال كانوا يهربون ويقيمون فى القاهرة، وكانت مصر تساعدنا كثيرًا للحصول على الاستقلال وإنشاء جمهورية أوغندا الحرة المستقلة، واستمر التعاون فى فترة حكم السادات، وبعده تم تهميش إفريقيا وتوترت العلاقات تقريبًا بين مصر وأغلب الدول الإفريقية فى عهد الرئيس حسنى مبارك، بعد أن تعرض لمحاولة اغتيال فى أديس أبابا، ليقرر غلق الملف الإفريقى فى عهده. * وماذا عن علاقات أوغندا حاليًا مع مصر؟ - فى بداية عهد «السيسى» تم فتح آفاق تعاون جديد، حيث أولى الرجل اهتمامًا كبيرًا لإفريقيا، وصرح فى معظم لقاءاته أن المستقبل هو إفريقيا، وقام بزيارة عدد من الدول الإفريقية بينها أوغندا، حيث عاد التعاون بين الحكومتين المصرية والأوغندية، وعلى الرغم من ذلك ما زال نتاج التعاون الاقتصادى والتجارى بين البلدين ضعيفًا جدًا مقارنة بالدول الأخرى، مثل البرازيل ودول أوروبا، ولابد أن تتعاون الحكومتان خلال السنوات المقبلة لزيادة المشروعات الصناعية والتجارية المشتركة، وهو ما كان مطروحًا خلال زيارة الرئيس السيسى إلى أوغندا منذ شهرين، ولقاءه الرئيس موسيفينى، فلابد من تنامى العلاقات السياسية والاقتصادية المشتركة، وتبادل الخبرات فى هذا المجال، ومن الجيد وجود الكثير من البضائع القادمة من مصر خلال الفترة الأخيرة، خاصة مواد البناء والمقاولات. * فى تقييمك.. ما مقاومات نجاح التعاون المصرى الأوغندى؟ - نحن بحاجة إلى دخول القطاع الخاص سوق العمل بين البلدين لتحقيق أقصى استفادة، حيث إن القطاع الحكومى يسير بخطوات بطيئة فى العادة، والتنامى الاقتصادى بين الدول عادة ما يقوم به القطاع الخاص، فلابد من جذب رجال الأعمال نحو الأفضل، خاصة أن الكثير منهم لا يعرفون شيئًا عن أوغندا، والفرص المتاحة بها، وبالمثل لا يعرف مجتمع الأعمال الأوغندى الكثير عن مصر وفرص التبادل التجارى والاستثمارى المتاح بها. * ما دور الحكومة الأوغندية فى تشجيع الاستثمار؟ - تقوم الحكومة حاليًا بدور إيجابى لتشجيع المستثمرين على البحث عن فرص فى أوغندا، حيث نظمت معرضًا دوليًا لتبادل السلع والتشجيع على الاستثمار، وعرض المنتجات المتاحة وتسويقها، خاصة أن الاستثمار المصرى متواجد فى أوغندا حاليًا لكن فى نطاق متوسط، لكن يوجد الآن عدد من رجال الأعمال لديهم خبرة ورءوس أموال وموارد، فضلًا عن وجود فرع لبنك القاهرة فى أوغندا منذ أكثر من 30 عامًا، يتعاون فى تحويل الأموال والعملات دون قيود أو صعوبات. * هل هذا يعنى أنه لا توجد قيود فى تحويل الأموال بين البلدين؟ - بالفعل، لا توجد أى قيود على تحويل الأموال أو العملات وفق القانون الاقتصادى والمالى لدولة أوغندا، حيث يستطيع من يرغب فى تحويل أى مبالغ مالية، أن يقوم بذلك فى أى وقت عبر البنوك أو شركات تحويل الأموال دون أدنى مشكلة، وهو ما يفعله الكثير من المقاولون العرب والمصريين لتحويل أموالهم. * ماذا عن المشروعات المصرية فى أوغندا؟ - هناك شركة مصرية كبيرة قامت بإنشاء مرعى ومجزر آلى يسع مئات الماشية، ويقوم بالتصدير لمصر، حيث افتتحه الرئيس موسيفينى ووزير الزراعة والإنتاج الحيوانى فى أغسطس الماضى، وهو من أنجح وأفضل المشروعات التى قامت بها مصر فى أوغندا، ونحن بحاجة لمشروعات طبية ودوائية، فهذا القطاع محدود نوعًا بالدولة الأوغندية، فى الوقت الذى نحتاج فيه للأدوية المواجهة لأمراض الملاريا والتيفويد والكوليرا، كما توجد على أرضنا أكبر شركة اقتصادية تقوم بمشروعات فى إفريقيا، وهى «القلعة» المصرية، حيث تقوم حاليًا بإعادة تشغيل خط السكة الحديد، الذى بنى فى عهد الاستعمار البريطانى، من كينيا إلى أوغندا ورواندا، وسوف يعيد الخط العلاقات بين دول الجوار عبر شبكة من الطرق، مما سيؤدى إلى انخفاض أسعار السلع والخامات والخدمات بين الدول، وسيتم الانتهاء من المشروع قريبًا. * وما تصورك حول فرص التجارة بين البلدين؟ - هناك فرص كبيرة بين البلدين، خاصة أن مصر تنعم بالمال والقوى العاملة والأفكار والخيرات، ولابد من استغلال ذلك لجذب رءوس الأموال الخاصة للاستثمار فى أوغندا بكل القطاعات، وخاصة التجارة والصناعة والبناء، وكذلك لدينا الكثير من مصادر المياه بخلاف نهر النيل، حيث نمتلك 5 بحيرات، أكبرها فيكتوريا الشهيرة، ونحن لم نستغل مصادر المياه لاستغلال الأمثل حتى الآن، وكذلك نحتاج إلى إنشاء منتجعات سياحية على البحر، مثل منتجعات شرم الشيخ والغردقة، لجذب مزيد من السياحة والعملة الصعبة، ونحتاج الخبرات المصرية فى هذا المجال لتشجيع السياحة. *وما أشهر البضائع فى قائمة التبادل التجارى بين مصر وأوغندا؟ - تتمتع أوغندا بكل السلع الزراعية، حيث تضم أفضل الفاكهة والخضروات، بالإضافة إلى اللحوم الحية ومنتجات الألبان، والتى تستوردها مصر من أوروبا، حيث يمكن لأوغندا تقديمها لمصر، فضلًا عن الشاى والقهوة والقطن والذرة والحبوب الأخرى التى يتم إنتاجها وتصديرها لدول أوروبا وأمريكا، أما عن الواردات من مصر، فيمكن أن تشمل كل الخامات التى يتم استيرادها من الصين، مثل المنتجات القطنية والمنسوجات ومواد البناء وصناعات الأحذية التى تحتاجها السوق الأوغندية بقوة، وكذلك نحتاج لمشروعات سكنية جديدة، حيث نعانى من كثره الطلب وقلة المعروض من الوحدات، وهو عكس ما يحدث فى مصر من كثرة المعروض من الوحدات وقلة الطلب على السكن، وتحتاج أوغندا إلى أيدٍ عاملة فى كل القطاعات مثل الهندسة والطب وغيرهما. * كيف تقوم الحكومة بتشجيع المستثمرين؟ - تعمل الحكومة على التسويق لدولة أوغندا، عبر الاشتراك فى المعارض والمؤتمرات الدولية لعرض الفرص المتاحة، وتكوين شبكة من العلاقات والاتصالات بالشركات الكبرى للدول الأخرى، وعبر المنظمات الدولية الكبرى لتنشيط السياحة من أوروبا وأمريكا، وما زال العائق الأكبر يتمثل فى وسائل الإعلام الأجنبية التى ترسم صورة خاطئة عن إفريقيا دون حيادية، حيث ترسم صورًا سلبية عن القارة السمراء، وتفتقر المصداقية. * ماذا عن وضعكم السياسى والاقتصادى حاليًا؟ - الوضع السياسى مستقر بعد انتخابات الرئاسة الأخيرة، ولا توجد قيود على شىء، فهناك حرية تعبير وصحافة وإعلام وتنوع الأديان واللهجات والقبائل والثقافات ويعيشون فى سلام وحرية تامة، وكذلك الوضع الاقتصادى حر، حيث يمكن إنشاء شركة دون قيود، وتحويل الأموال للخارج، وما زلنا نستورد ونصدر لأوروبا التى كانت تحتلنا يومًا ما، وما زالت الفرصة قائمة أمام الدول الإفريقية للتعاون، ونريد تشجيع الاستثمار وخلق فرص عمل جديدة لمجتمع إفريقيا خاصة أن الكثير من الأفارقة هربوا إلى أوروبا بحثًا عن فرص أفضل، إلا أن الفرص أصبحت الآن غير متاحة، كما كان فى السابق، حيث أغلقت أوروبا الباب أمام العمالة الإفريقية، وبدأت فى تغيير قوانين الدخول والهجرة إليها، وكثير من الأفارقة يموتون فى البحر المتوسط. * حدثنا عن الشعب الأوغندى وعاداته؟ - تنامى عدد السكان خلال السنوات الماضية بصورة كبيرة، ليصل إلى 35 مليون نسمة، وتتميز أوغندا بعلاقاتها مع جيرانها من الدول، ووجود قبائل مشتركة على أرضها، وكذلك الموقع الجغرافى حيث يحدها رواندا وبروندى والكونغو وجنوب السودان وتنزانيا والصومال، مما ساعدها فى تسويق أى مشروع بها للدول المجاورة وتحقيق مبيعات ونجاحات هائلة، وأصبح هناك ما يسمى بمنظمة مجتمع شرق إفريقيا، وهى اتحاد من خمس دول إفريقية، فإذا كان هناك مصنع على سبيل المثال فى تنزانيا أو نيروبى أو كمبالا، يتم إعفاء منتجاته من الجمارك والضرائب إذا دخلت بفيزا واحدة أو مشتركة. * وماذا عن علاقات أوغندا بجيرانها؟ - لدينا الآن منظمة شرق إفريقيا، تضم خمس دول، هى تنزانياوكينيا ورواندا وبروندى وأوغندا، بالإضافة إلى دخول جنوب السودان والصومال حاليًا، وتنظم هذه المنظمة حركة انتقال 200 مليون نسمة بين أراضيها عبر سوق كبيرة مفتوحة، ولا توجد بينها تأشيرات الدخول، وتتمتع المنتجات بإعفاء جمركى وضريبى، بل يتم تسهيل حركة المواطنين والبضائع، وهناك مؤتمر عقد فى شرم الشيخ حول إفريقيا، بهدف تنشيط الاستثمار، وكان لأوغندا حضور كبير، وأيضًا هناك منظمات أخرى متحدة مثل الكوميسا، وهى منظمة دولية بها أكثر من 20 دولة متعددة الجنسيات. * حدثنا عن اتفاقية عنتيبى للمياه؟ - هذا الملف يمكن أن يتسبب فى خلاف بين وجهات النظر بين المصريين والأوغنديين، وشهد الأسبوع الماضى اجتماعات مشتركة بحضور وزير الرى المصرى حول الاتفاقية، وتم التوصل لاتفاق لضمان حصص عادلة لمصر، وتم الاتفاق على استكمال المناقشات فى اجتماع آخر قريبًا، فدولة أوغندا صديقة لمصر، ولكن هذه القضية ستأخذ وقتًا طويلًا لحلها، فمعظم الدول التى تطل على النيل تعتمد على مياه الأمطار الغزيرة، لكن المشكلة تتمثل فى أن يتسبب تغيير المناخ فى سقوط الأمطار، مما دفع بعض الدول إلى تغيير أفكارها نحو استخدام مياه النيل، مثل إثيوبيا التى قامت بإنشاء سد النهضة لتخزين المياه، وهناك الكثير من المخاوف حول المياه خاصة من الجانب المصرى، ومن وجهة نظرى كان للإعلام دور فى ذلك، ولكن لابد من التفكير العاقل. * وكيف تتعامل أوغندا فى ملف المياه؟ - فى أوغندا الأمطار غزيرة جدًا، والآن نستخدم التكنولوجيا لتخفيف الاعتماد على نهر النيل، خاصة أن 80٪ من سكان الدول الإفريقية يعتمدون على مياه الأمطار، لكن المخاوف أثيرت بسبب وسائل الإعلام المعادية، لذلك نطمئن مصر بأن أوغندا تقف بجانبها، ولن يحدث أى تأثير على حصتها فى المياه مهما حدث، وأخيرًا لابد للرؤساء أن يجتمعوا ليصلوا إلى اتفاق نهائى بشأن المياه، حيث يتزايد عدد السكان، وأصبح من الصعب توقع هطول الأمطار كما كان يحدث فى السابق، حيث يزداد عدد المواليد فى أوغندا خاصة فى الريف، كما يحدث فى صعيد مصر، والحكومة عاجزة عن توفير الغذاء لها. * ما نظرتك للتعاون المستقبلى بين البلدين؟ -المستقبل للتعاون فى القطاع الخاص، خاصة أنه يكمل دور الحكومات، فضلًا عن أن إفريقيا كانت مهملة لفترة طويلة فى عهد الرئيس مبارك، ولكن الآن الرئيس السيسى يعطى اهتمامًا كبيرًا وتعاونًا مع إفريقيا وأوغندا عبر إرسال الوفود وتبادل الخبرات والزيارات، والحكومة تشجع القطاع الخاص للاستثمار بالتعاون مع مصر، كما توجد مكاسب كثيرة فى المستقبل بإفريقيا، عبر توعية الشعوب، لذا أصبحنا نتعاون أكثر مع الدول العربية فى مشروعات الاستثمار.