نائب رئيس شعبة الملابس: 20% نسبة الزيادة المتوقعة فى أسعار ملابس الصيف المقبل.. والمهرب يزيح المحلى ما زال انخفاض الدولار يسيطر على عقول المصريين؛ يشغل بال البسطاء والنخبة؛ أسئلة ممزوجة بالسعادة والقلق عن أسباب الانخفاض، وإلى أى مدى، وهل سيدوم؟، لكن السؤال الأكثر طرحًا فى الشارع فهو يحمل تعجب البسطاء من عدم انخفاض الأسعار بالتوازى مع انخفاض «العملة الصعبة» التى صعّب صعودها الحياة.. فى هذا الملف نحاول عبر تحليل الخبراء وضع إجابات لهذه الأسئلة، مع استعراض كامل لقفزات الأسعار التى أصابت الأسواق عقب صعود الدولار؛ بداية من أسواق السلع الغذائية والملابس إلى أسواق البشر؛ الأعضاء والأطفال والقاصرات وجثث الموتى أيضًا، مرورًا بسوق الدولار نفسه. كما تطرق الملف إلى تحولات فى السوق، صاحبت الغلاء، على رأسها انتقال تجار الجملة إلى تجارة التجزئة، بحثًا عن مكسب أضخم، وتضمن حوارًا مع كبير المتهمين «شعبيًا» فى أزمة الغلاء؛ رئيس اتحاد الغرف التجارية أو شاهبندر التجار، ليطرح دفوع قطاع التجار، وليعطى صورة كاملة عن الأسواق، كاشفًا خفاياها، ومتنبئًا بحركة أسعار فى الفترة المقبلة. فى جولة ل«الصباح» على محلات الملابس والأسواق الجملة فى كل المستويات الشعبية والمتوسطة والراقية والمستعملة، لرصد مدى إقبال الأسر، بكل مستوياتها على شراء الملابس، وحركة البيع والشراء فى سوق الملابس، ومطالب التجار وأصحاب المحلات بعد موجة الغلاء، ومعرفة أحوال البيع فى ظل التخفيضات وأسعار الموسم الصيفى الجديد، وما به من زيادات. شبرا.. وملابس شبرا ففى جولة بشارع ناصر للملابس الشعبى بشبرا الخيمة، ذلك الشارع الضيق الملىء بمحلات ملابس الأطفال، والرجالى والسيدات، الذى كان يعج بالمشترين، أضحى الشارع أبطأ وأهدى فى حركة البيع والشراء. الحاج عصفور صاحب محل لملابس البيت وجوارب، 65 سنة، لديه سبعة أولاد يقول «نحن فى حالة هبوط منذ ثورة يناير، خصوصًا بعد ارتفاع سعر الدولار ووقف الاستيراد منذ ثلاثة أشهر، ما أثر على كل السلع ومنها الملابس، فسعر دستة الجوارب مثلا زادت إلى الضعف، ما جعلنا نرفع الأسعار ونقلل من هامش الربح، حيث أصبحنا نكسب فى الدستة مثلًا نصف جنيه أو جنيه، أما عن إيجارات المحلات بالشارع فلا تختلف عن بعضها، فتتراوح بين 6 و7 آلاف جنيه، بجانب المياه والكهرباء التى زادت هى الأخرى»، وأشار إلى أنه لا يفتح الأنوار الداخلية للمحل حتى يوفر من سعر الكهرباء، وإلى أن الخامات التى يبيعها الآن معظمها محلية وليست مستوردة، وأن الغلاء من الأساس هو غلاء الخامات. وأضاف عصفور «الربح كل شهر قبل الغلاء يتراوح ما بين 2000 و3000 جنيه، أما الآن فإذا تمت تغطية نفقات المحل والبيت فإننا نحمد الله». أما إسلام صاحب محل ملابس حريمى، بنفس الشارع، فقال «سعر القطعة الواحدة مثل البلوفر أو السويت شيرت، زادت من 20 إلى 25 جنيهًا، ومن 45 و55 إلى 65 و85 جنيهًا، وأسعار الجواكيت زادت إلى الضعف تقريبًا»، وأكد أيضًا على انخفاض هامش الربح من القطعة الواحدة بعدما زادت الأسعار، وقال «أضطر البائع إلى وضع زيادة بسيطة فى الربح، فالبيع هذا العام قليل جدًا، حتى أن المحل صار يخسر ولم يعد هناك أى مكسب خلال الشهر، بعد دفع مستلزمات المحل وأجرة البائعين الذين معه فى المحل». وطال ارتفاع الملابس، العباءات السوداء التى تعتبر من أشهر ملابس السيدات فى المناطق الشعبية، يقول رجب، بائع بمحل ملابس بنفس الشارع «كنا نبيع 15 عباءة يوميًا، أما الآن فحوالى 6 عباءات، وكانت تتراوح العباءة من 200 إلى 250 حنيهًا، ووصلت الآن إلى 400 جنيه». أسعار أيضا العباءات السوداء والتى تعتبر من أشهر ملابس السيدات فى المناطق الشعبية على، شاب جامعى بكلية التجارة، يعمل فى بيع وشراء الملابس منذ ست سنوات، بمحل رجالى، يقول «معظم محلات الملابس تعمل على المنتج المحلى، وهى درجات أولى وثانية وثالثة، فبعد ارتفاع سعر الملابس المستوردة أصبح أشهر وأغنى محل يضع قطعة أو اثنتين استيراد فقط». وعن الأسعار يقول «سعر الجاكيت 400 جنيه، والبلوفر 250 جنيهًا، أما بائعو الفرش فيبيعون البلوفر ب 45 جنيهًا، وهى ملابس درجة ثالثة وبواقى مصانع وبها أخطاء»، مشيرًا إلى أنه يشترى بضاعته من المصانع ومن مكاتب الجملة بالموسكى. الموسكى.. ومصانعه يعد أكبر المراكز التجارية فى بيع الجملة فى مصر، حيث يوجد به أكبر بائعى الملابس بالجملة، فى شارع كوم الشيخ سلامة تحدث تجار الجملة وأصحاب الورش والمصانع ل»الصباح» عن معانتهم ومطالبهم، فيقول محمد عثمان (35 سنة) بائع بمحل بيع بالجملة «سوق الموسكى وحارة اليهود من أشهر الأسواق التى تبيع الملابس ويأتى لها المشترون من جميع المحافظات من وجه بحرى ووجه قبلى، والسوق يشهد ركودا منذ 4 اشهر، حيث كان المحل هنا يبيع فى الموسم حوالى 4 دستات من الموديل الواحد، أما الآن فالمحلات لم تنته من بيع أول دسته حتى الآن». وأضاف «بعد منع الاستيراد أصبح العمل كله بملابس محلية وليست مستوردة، نظرا لارتفاع سعر المستورد، فارتفاع سعر المحلى هو من الأساس بسبب ارتفاع سعر النسيج الذى يكون أغلبه مستورد مما أدى إلى ارتفاع أسعار الملابس من المصانع نفسها، وهذه الزيادة أدت إلى ارتفاع الأسعار إلى الضعف تقريبا، وتم التعاقد على ملابس الصيف للموسم القادم، وأسعارها تزيد عن الموسم الماضى ثلاثة أضعافها تقريبا». وأشار إلى أنهم قللوا هامش الربح فى بيع سعر دستة الملابس حتى يتمكنوا من البيع، حيث إن الربح مثلا فى بيع دستة الملابس 5 جنيهات، بعكس بائع الحلات حيث إنه يكسب فى القطعة الواحدة حوالى 15 جنيهًا، مؤكدًا أنهم لا يعلمون الزيادة المقبلة فى الضرائب حتى الآن لأنها ستحصل فى شهر يوليو القادم. فيما أكد الحاج أشرف صاحب ورشة تصنيع ملابس بالموسكى أن مصانع الملابس التى كانت فى المنطقة تغلق واحدة تلو الأخرى، بسبب ركود السوق وارتفاع الأسعار، وقال «فى الشهر الماضى أغلقت أربعة مصانع بالمنطقة أبوابها، فالورش والمحلات باتت تخسر كل يوم عن ذى قبل، ولم يعد هناك تعاقدات بالتقسيط لشراء الملابس من المصانع بسبب تغير الأسعار كل يوم تقريبا، ولكن أصبحنا نعمل اليوم بيومه أو بالطلبيات الصغيرة». واضاف «الخاسر الأكبر هى مصانع الملابس فالمحلات تعيد الفائض من الملابس لمحلات الجملة، التى تعيد الفائض للمصنع وهكذا، مما يضطرهم إلى خفض كبير للأسعار فى موسم التخفيضات، حيث تصل التخفيضات إلى النصف تقريبا وهذا بالطبع يعود على التجار والمصانع بالخسارة وتؤدى إلى غلقها». وأشار إلى انهم لا يعلمون السبب الحقيقى لارتفاع الأسعار إلى هذا الحد حتى بعد نزول سعر الدولار، واضاف «إننا بحاجة إلى الرقابة على الأسواق والأسعار لضبطها، وإذا استمرت الزيادة فى الأسعار سنغلق محلاتنا وورشنا ونمكث بالبيت».صحاب الورش للصباح الوكالة.. والمستعمل وبرغم الركود الذى يسود محلات الملابس وحركة البيع والشراء إلا أن منطقة الملابس المستعملة بالقرب من محطة مترو جمال عبد الناصر، المعروفة ب»وكالة البلح» كانت تعج بالمشترين، حيث تعد من أكبر أسواق بيع الملابس المستعملة فى مصر، ويأتى إليها المشترون من محافظات عديدة، ويؤكد بيتر (45 سنة/ صاحب محل ملابس مستعملة بالوكالة) ان الأقبال هذه العام برغم ارتفاع الأسعار عن كل عام إلا أنه زاد هذه الموسم بسبب ارتفاع الأسعار الملابس الجديدة بشكل مضاعف، واضاف «كل الملابس فى الوكالة تقريبا مستوردة من الخارج أى استعمال أوروبى، ولا يوجد مستعمل مصرى فى الوكالة إلا القليل جدا، وكافة المستويات تأتى هنا لتشترى من الوكالة، حيث يوجد لديهم جواكت تصل إلى 300 جنيه كلها بحالة جيدة جدا، ومنها الجديد وليس المستعمل، بل بعض الفنانين يأتون إلى الوكالة لشراء ملابس لأدوارهم السينمائية». فيما أكد محمد سلام، وهو أيضا بائع بمحل بالوكالة، أن هذه الملابس تأتى مستوردة، مؤكدا أن هذه الملابس تأتى مهربة، ومنها ما يأتى من دمياط ولها مصانع مخصصة تعمل فى هذه الملابس. واشار إلى أنهم يشترون الملابس هذه بالطن، حيث وصل سعر طن الملابس الشتوية ب 90 ألف جنيه العام الماضى، أما هذه الموسم فأصبح من 120 إلى 150 ألف جنيه، وكانت اسعار طن الملابس فى الصيف فى نفس السعر، إلا أن الموسم الصيفى المقبل سيشهد ارتفاعا، حيث سيصل طن الملابس إلى 250 ألف جنيه، وفق تنبؤات سلام. وأثناء جولتنا فى الوكالة قابلنا مدحت، 40 سنة، وصديقه من الإسكندرية، حيث أكد أنه أثناء زيارته لأقاربه للقاهرة، زار الوكالة واشترى منها بعض الملابس والجواكت، التى وصفها باللقطة. فى سوق الوكالة تجد كافة المستويات والأرقام، حيث تجد ملابس تبدأ من 10 جنيهات حتى 300 و400 جنيها، فمنى ووخطيبها عمرو، قرررا نزول الوكالة فى عيد الحب، فكانت هدية منى لعمرو معطف رجالى شتوى طويل، أكدت منى أن ثمنه باهظ جدا ولكنهم اشتروه من الوكالة ب 250 جنيها فقط. كان اتحاد المستثمرين، قد أكدوا فى بيانات سابقة، أن إجمالى فاتورة الملابس المهربة بلغت 50 مليار جنيه سنويا، وأن غالبية الملابس المهربة رديئة وغير مطابقة للمواصفات، وإنها تؤثر سلبيا على الصناعة الوطنية. الطبقة الوسطى والهاى كلاس لم يختلف الحال كثيرا فى محلات الملابس بوسط البلد، ففى شارعى 26 يوليو وقصر النيل، ساد الركود الجميع، يقول الحاج حسنى (65 سنة صاحب محل بشارع 26 يوليو): «المحل بات يخسر خسارة كبيرة فى الفترة الأخيرة، الأمر الذى جعلنا نخفض الأسعار فى الأوكازيون إلى النصف تقريبا، فالجاكت نزل من 800 جنيه إلى 600، كما أن معظم المعروض بالسوق محلى والذى لا يحظى بجودة عالية، وهناك قليل من الملابس المستوردة نظرا لارتفاع ثمنها، مما جعلنا نقلل عدد البائعات بالمحل»، أما عن الأسعار الملابس الصيفية، أكد حسنى أنه لا يعلم بعد الزيادة الجديدة فى أسعار الصيفى. أما داخل محلات الطبقى العليا فى المولات التجارية الكبرى، التى تتميز بارتفاع أسعار مبيعاتها، حيث يصل سعر الجاكيت من 1200 جنيها إلى 3 و4 آلاف جنيه فى بعض الأماكن، فتقول ريهام طالبة بكلية الصيدلة بجامعة أكتوبر الخاصة، إنها كانت تشترى من محلات الماركات، ولاحظت ارتفاعا كبيرا فى الأسعار هذا الشتاء، مما جعلها هى وصديقاتها ينتظرن التخفيضات لشراء الملابس، حيث إن سعر الجاكيت الذى ب 1200 جنيه، اشترته فى الأوكازيون ب 800 جنيه. ويؤكد يحيى زنانيرى، نائب رئيس شعبة الملابس بالغرف التجارية، أن أبرز المشاكل التى تواجه السوق الملابس الآن هى الركود فى البيع والشراء، وأشار إلى أن الزيادة فى الموسم الصيفى الجديد ستصل لنحو 20فى المائة عن الأسعار الحالية، واضاف «نعمل وفقا للسوق الحر ولا تسعيرة محددة للتجار، وبالتالى لا ضبط لأسعار السوق، والملابس المستوردة والمهربة التى يبلغ نسبتها من 50فى المائة إلى 60 فى المائة، تؤثر على السوق المحلى، والمنتج المحلى يعانى من ضعف الجودة، وعليه أن يرتفع بجودته حتى يتسنى له منافسة المنتج المستورد».