رئيس جمعية القطن: منحنا الشركة حق استخدام الشعار بعد التأكد من اتباعها المعايير «المسمار الأخير فى نعش القطن المصرى»، هكذا وصف الباحثون والأكاديميون الاتفاق الذى أجرته وزارة التجارة المصرية مع شركة هندية لاحقتها فضيحة النصب على المحلات الأمريكية، بعدما باعت منسوجات مغشوشة بعلامة تجارية مزورة، تدعى أنها من «القطن المصرى»، وكل ذلك من أجل 2.75 مليون دولار، حصلت عليها الحكومة من وراء صفقة بيع المحصول المصرى الأشهر. المنسوجات المغشوشة صنعت من أقطان هندية بعضها قصير التيلة، مما دفع أكبر المحلات الأمريكية مثل «تارجت وول ماركت وبد آند باث وبيوند» إلى إنهاء علاقتها مع الشركة، بعد أن اكتشفت عملية النصب التى استمرت 5 سنوات، فيما أقام المستهلكون الأمريكيون دعاوى قضائية ضد تلك المحلات يطالبون فيها بتعويضات تصل إلى عشرات الملايين من الدولارات لشرائهم منسوجات مغشوشة. وزارة التجارة والصناعة، حاولت التستر على الفضيحة، وأصدرت بيانًا أكدت فيه أن شركة «ولسبن إنديا» الهندية وقعت اتفاقًا مع جمعية قطن مصر تتجاوز قيمته 50 مليون جنيه، بواقع 2.75 مليون دولار، وتحصل الشركة بموجبه على حق استخدام شعار القطن المصرى. وتضمن بيان «التجارة» تصريحًا لوائل علم، رئيس جمعية قطن مصر، أكد فيه أنه تم منح الشركة حق استخدام شعار القطن المصرى بعد التأكد من تطبيقها نظام تتبع كامل لمنظومة الإنتاج وفق القواعد والمعايير التى وضعتها الجمعية لضمان سلامة المنتجات المصنعة من القطن المصرى. وأشار البيان إلى أن الاتفاق سيتم تنفيذه خلال عدة سنوات للمساهمة فى مجال الترويج للقطن المصرى وشعاره، مع تنظيم أنشطة تسويقية مشتركة لتسويق المنتجات المصنوعة من القطن المصرى فى جميع أنحاء العالم، إضافة إلى المساعدة على تطوير حلقات الإنتاج المرتبطة بالقطن. من جانبها، أكدت شركة «ولسبن» أن جمعية قطن مصر منحتها حق استخدام شعار القطن المصرى لمدة خمس سنوات حتى 2022، موضحة أنها تستكشف خيارات توسيع عملياتها فى مصر لتشمل مصنعًا للمنسوجات المنزلية المصنوعة من القطن المصرى، معربة عن رغبتها فى ضخ استثمارات جديدة بالسوق المصرية. وكانت «ولسبن» قد بدأت العمل على تبديد المخاوف المتعلقة بجودة قطنها المصرى نهاية العام الماضى، بعدما خسرت اثنين من كبار عملائها الأمريكيين، ما أدى إلى تكبدها خسارة كبيرة، دفعتها للتحذير من ضعف نمو إيرادات 2017، بعدما أعلنت شركتى «تارجت كورب»، و«وول-مارت ستورز» إنهما ستتوقفان عن شراء منتجات الشركة. د. محمود وهبة عميد معهد الدراسات التطبيقية بمركز الدراسات العليا بجامعة نيويورك سابقًا، أكد أنه بدلًا من عقاب الشركة الهندية ورفع قضية ضدها وطلب تعويض ضخم، أو بدلًا من أن تقوم مصر بتوريد المنسوجات للمحلات الأمريكية، كافأت الحكومة الشركة المهتمة بالنصب والتزوير، ومنحتها حق استخدام علامة «قطن مصرى»، مقابل 2.5 مليون دولار. وأشار إلى أن هناك توقعات بأن تضع الشركة الهندية علامة القطن المصرى على أقطان غير مصرية من جديد، ولا تستطيع مصر اكتشاف نصبها، موضحًا أن إحدى القنوات الأجنبية نشرت على شريط الأخبار خبرًا بعنوان «شركة هندية تشترى علامة القطن المصرى ب 50 مليون جنيه»، مما يشير إلى أن ذلك تم بمباركة الحكومة المصرية. أما د. جمال صيام خبير الاقتصاد الزراعى، فأكد أن هذا الاتفاق هو المسمار الأخير فى نعش القطن المصرى، فى ظل ما تعانيه الصناعة من تدهور على كل المستويات، سواء المساحات المنزرعة بالقطن التى انخفضت الأعوام الماضية إلى 130 ألف فدان فقط، مع غياب برنامج قومى تطلقه الحكومة لإنقاذ القطن المصرى. وأشار «صيام» إلى عدم قدرة مصر على المنافسة فى الأسواق الخارجية لعدم وجود الإنتاج المحلى الكافى لتلبية الطلب الخارجى، موضحًا أن اتباع الحكومة لسياسات هزيلة على رأسها الاتفاق الأخير مع الشركة الهندية، يمنع مصر من استخدام الشعار مرة أخرى. وأكد محمد فرج النقيب العام للنقابة العامة للفلاحين، أن الاتفاق مع الشركة الهندية يعد خيانة للقطن المصرى، ويتسبب فى القضاء على سمعته، مرجعًا السبب وراء تدهور محصول القطن إلى فساد مركز البحوث الزراعية وعدم وجود دورة زراعية تكفى المساحات التى يرغب الفلاحون فى زراعتها، وكذلك عدم وجود ربح مناسب للفلاحين. وأوضح «فرج» أن مساحات القطن المنزرعة انخفضت من 2.5 مليون فدان فى الخمسينيات إلى بضع آلاف فدان، بسبب سيطرة مافيا تجارة السوق السوداء على السوق، وبيعه بأقل الأسعار، ولجوء الشركات إلى الاستيراد من الخارج، بالإضافة إلى زيادة تكلفة زراعته التى تصل لأكثر من 9 آلاف جنيه للفدان. من جانبه، أكد د. حامد عبد الدايم المستشار الإعلامى لوزير الزراعة، أن الوزارة مسئولة فقط عن عمليات الزراعة، وتوفير الأصناف اللازمة لها، لكن المراحل التى تعقب ذلك لا تتحمل الوزارة مسئوليتها، مشيرًا إلى بدء الوزارة فى برنامج لاستنباط أصناف جديدة من القطن، وتشديد منظومة الرقابة على قطن الإكثار، للحفاظ على القطن المصرى. وأضاف «عبد الدايم»، أنه تم الانتهاء من خطة تسويق القطن، للتيسير على المزارعين، وضمان حصولهم على السعر الذى أعلنته الحكومة هذا العام، حيث يشرف على الخطة الإدارة المركزية للتعاون الزراعى، وتشارك فيها الجمعية العامة لمنتجى القطن، بحيث تقوم باستلام الأقطان من المزارعين، وتوريدها للشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس، التى سيتم التعاقد معها لاستلام كميات الأقطان. وأوضح أن الوزارة غير مسئولة عن الاتفاق الذى أبرمته وزارة التجارة المصرية مع الشركة الهندية، لانتهاء دورها بالزراعة وتوفير التقاوى وإجراء البحث العلمى.