تقرير برلمانى يكشف أزمة الرواتب وانهيار القنوات الإقليمية ومحسوبيات التعيين.. وتجاوزات أنس الفقى العاملون بالتلفزيون يرسلون مذكرات فساد قياداتهم إلى «النواب » ويتهمون الدولة بتصفيته لصالح قنوات أخرى فى الوقت الذى يجب أن تتجه إمكانيات الدولة المادية والبشرية لإنقاذ ماسبيرو، المنبر الإعلامى الرسمى للدولة، وإعادته لحالته الأولى، فإننا نفاجأ باتجاه إلى تصفيته، وسط دعم لرجال أعمال الفضائيات الخاصة، التى جعلت من ماسبيرو مجرد ذكرى. ففى مجلس النواب، وخاصة فى لجنة الإعلام والثقافة برئاسة النائب أسامة هيكل وزير الإعلام السابق، بدأ فتح ملف تدهور الأوضاع بالتليفزيون الرسمى للدولة، بعد الخسائر التى لحقت به ومعاناة العاملين فيه، لإيجاد حلول جذرية لإعادة هيبة الإعلام الرسمى للدولة إلى وضعه الحقيقى، فهل ينجح البرلمان فى إنقاذ ماسبيرو، وسط الكم الهائل من القنوات الخاصة التى حلت محله فى الدفاع عن الدولة أم لا؟ وعلمت «الصباح»، من مصدر برلمانى، أن هناك تقريرًا يعد من قبل لجنة الثقافة والإعلام عن أزمة ماسبيرو، وسيضم أجور العاملين والأزمة التى ضربت القطاع من تأخير المرتبات، وكذلك تقليل مخصصات مبنى ماسبيرو الشهرية من 220 مليونًا إلى 180 مليون جنيه، مع الإشارة فى التقرير إلى ثورة الغضب العارمة داخل المبنى. وأكد المصدر أن مجلس النواب استقبل المئات من الشكاوى والمذكرات الخاصة بالعاملين بالمبنى، ضد قيادات ماسبيرو، وتم إرسالها إلى على عبدالعال رئيس مجلس النواب الذى حولها للجنة الإعلام بالبرلمان، وضم التقرير بند الوضع الحالى فى ماسبيرو بعد ورود كشوف بأسماء المعينين من غالبية القيادات بالمجاملة والمحسوبية وليس الكفاءة. وكشف أيضًا أن «التقرير شمل أسماء رجال دولة فى عهد نظام الرئيس المخلوع مبارك ومنهم صفوت الشريف ونجله أشرف الشريف ووزير الإعلام الأسبق أنس الفقى، تمهيدًا لمحاكمتهم بتهمة الضلوع فى انهيار ماسبيرو، لأنهم أصحاب الهيكلة الأخيرة للمبنى قبل ثورة 25 يناير»، مشيرًا إلى أن لجنة الثقافة والإعلام بالبرلمان تنتظر تشكيل الهيئات الإعلامية لبدء طرح رؤى تطوير ماسبيرو، مؤكدًا أن التقرير الذى تعده اللجنة يشمل أزمة القنوات الإقليمية أيضًا، وسط مطالبات بإسقاط الديون عن ماسبيرو، خاصة أن ثلث الديون عبارة عن فوائد الدين الحقيقى، حيث رفض التقرير الإفصاح عن جملة مبلغ الدين، بحسب المصدر البرلمانى. وقال المصدر «صفوت الشريف كان وبالاً على الإعلام، يوم أن أختير لإدارته، من يومها وإلى الآن والتوجيه سيد الموقف، فلا أحد ينكر أن سنواته التى قضاها ضابطًا فى المخابرات حددت علاقته مع الآخرين، ورسمت سياسته فى إدارة الإعلام:، مشيرًا إلى أن نجله محمد صفوت الشريف لم يسلم من الانتقادات، فهو ليس له فى تاريخ الإعلام سوى مساهمته فى إنشاء مدينة الإنتاج والعديد من القنوات للتليفزيون، وإنشاء القمر نايل سات، لكنه لم يضع لها ضوابط ومعايير فكان المرضى عنهم وكل من كان ذا صلة بالدولة أو الحزب يتم تعيينه فى تلك الجهات ليحصلوا على رواتب ضخمة، مؤكدًا أن آل صفوت وضعوا التليفزيون فى جيب والصحف فى الجيب الثانى، واستخدموهما فى تحقيق الهدف الأكبر وهو مصلحة النظام وقتها.
ومن جانبها قالت النائبة نشوى الديب، وكيل لجنة الإعلام والثقافة بالبرلمان «من أولويات قوانين الإعلام التى تمت الموافقة عليها فى البرلمان والهيئة الوطنية للإعلام، إعادة هيكلة اتحاد الإذاعة والتليفزيون وقنواته المختلفة»، مشيرة إلى أنه ليست القنوات الإقليمية فقط التى تتعرض للانهيار فقط بل ماسبيرو بأكمله، مؤكدة أن أعضاء اللجنة يرون أن ماسبيرو لا يقوم بدوره، وكان يجب على التليفزيون أن يكون فى قوة الإعلام الغربى، ويقوم بنشر الحقائق أولًا بأول، ولكن للأسف نظرًا لضعف القنوات المصرية وعدم وجود خطط واضحة يتمكن من خلالها ماسبيرو من التعامل فى مثل هذه الأزمات، سقطت وباقتدار قنوات التليفزيون». وأكدت أن ماسبيرو به فساد كشف عنه العاملون فى المبنى ضد قياداتهم بناء على المذكرات التى تم تقديمها إلى المجلس، مشيرة إلى أن سبب ما يحدث فى القطاع هو وزير الإعلام الأسبق صفوت الشريف الذى مارس سياسات إعلامية فاسدة، حولت إعلام الدولة إلى إعلام شخصى يخدم مصالح شخصيات وليس وطنًا، وهو ما تم تدوينه فى تقارير لجنة الثقافة والإعلام، وبموجبها سيتم توجيه اتهام صريح لصفوت الشريف بالتسبب فى انهيار ماسبيرو. شادى الصعيدى، أحد المخرجين بمبنى اتحاد الاذاعة والتليفزيون، أكد أن ماسبيرو يشهد حالة تراجع مالى أثرت على إمكانيات التليفزيون، مشيرًا إلى أن التدهور وصل لأبعد حد يمكن أن يتصوره أى عامل بمجال الميديا. وأشار مخرج التليفزيون الرسمى إلى أن بعض البرامج تواجه مشاكل فى توفير بطاريات الميكروفون اللاسلكى الذى يستخدم للمذيع والضيوف، مما يسبب أحيانا مشاكل للبرامج التى تذاع على الهواء مباشرة، وهو أمر لا يمكن أن يحدث فى أى من (قنوات بير السلم). وأضاف «ماسبيرو هو الأعلى كثافة من حيث الموظفين على مستوى أجهزة الدولة، مما يسبب تكدسًا، لكن هناك مخططات لتصفية التليفزيون لصالح رجال الأعمال الذين أصبحوا يستولون على سوق الإعلام فى مصر مثل أحمد أبوهشيمة ومحمد الأمين».
مذيع بالتليفزيون، طلب عدم ذكر اسمه، أشار إلى أن الدولة ستستغنى بشكل تدريجى عن ماسبيرو بعد افتتاح مجموعة قنوات (دى إم سى)، وقال «هذا ما بدأ يظهر فى الأزمات التى تواجه ماسبيرو، خاصة مع عدم توفير المرتبات للعاملين باتحاد الأذاعة والتليفزيون منذ الاستعداد لافتتاح مجموعة «دى أم سى»، مشيرًا إلى أنه ربما يكون قد تم تحويل جزء من مخصصات ماسبيرو لمجموعة القنوات الجديدة.
وقال مصطفى شحاتة رئيس قطاع الأخبار بماسبيرو سابقًا «اعتبار قنوات دى أم سى بديلًا لاتحاد الإذاعة والتليفزيون اتجاه خاطئ»، معتبرًا أن ماسبيرو هرم من أهرامات مصر التى لا يمكن الاستغناء عنها أو المساس بها. وقال شحاتة «منذ عام 2011 لم يحصل ماسبيرو على أى من المخصصات المالية سوى التى تصرف تحت بند الأجور فقط، ولم يتم ضخ أية أموال لتطوير الإمكانيات التقنية وتزويد الإنتاج باتحاد الإذاعة والتليفزيون، ما أثر سلبًا على الشكل الفنى لاتحاد الإذاعة والتليفزيون فى برامجه ومحتواه الفنى». وأضاف «أغلب المعدات التقنية التى يعتمد عليها ماسبيرو تجاوزها الزمن، فأحدث كاميرات التصوير، على سبيل المثال، يعود تصنيعها لعام 2000، وهى إصدارات قديمة جدًا، إذا ما قورنت بالقنوات الخاصة التى تواكب التطور الهائل فى سوق الإعلام، فأحدث استوديو تصوير بمبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون تم الانتهاء من تجديده عام 2010، وهو ما يوضح الفارق الشاسع بين الاستوديوهات التى يعتمد عليها التليفزيون المصرى والإعلام الخاص الذى يقوم بتحديث استوديوهاته باستمرار». وشدد على أن التليفزيون من القطاعات الخدمية التى لا يتطلب منها جنى أرباح، وهو ما لا يتفهمه الكثيرون، مؤكدًا أن هناك من يستهدف اتحاد الإذاعة والتليفزيون واستطاع التأثير على جهات فى الدولة لتصفيته، وهو ما ظهر فى الموقف الرسمى للدولة والتزامها الصمت فى أزمة ماسبيرو، وسط كل هذه الانتقادات، لافتًا إلى أن إعلام رجال الأعمال هو المستفيد الوحيد من القضاء على ماسبيرو، وهو من يسعى لذلك.