تحولت رحلة البحث عن تذكرة حفلة عمرو خيرت فى دار الأوبرا إلى مأساة حقيقية، فى ظل فشل نظام الحجز من على الإنترنت، حتى أصبح الأمر يشبه باللغز، مع اختفاء التذاكر فى دقائق معدودة. «أنا واحدة من الناس لا تترك حفلة لعمر خيرت، ولكن بعد مهزلة الحجز من السادسة صباحًا إلى مأساة الحجز على الإنترنت، أصبحت أحترم آدميتى ولا أذهب لحفلاته»، هكذا بدأت إعزاز عثمان، حديثها حول حفلات خيرت، مؤكدة أنها فشلت مرارًا وتكرارًا فى اقتناص تذكرة. وقالت رنا شريف إنها بدأت رحلة صراع صعبة منذ أسبوعين وتخللتها محاولات البحث عن شخص يتوسط لها للحصول على تذكرة للحفل، ولكنها استسلمت للنهاية المتوقعة بالفشل، رغم أنها استطاعت حضور حفلات خيرت خارج البلاد عدة مرات، وكان الحجز يتم بمنتهى السهولة والشفافية، ولكن للأسف فى مصر لا يحدث هذا، لعدم وجود شفافية فى الحجز، فالتذاكر تكون قد تم حجزها بالفعل قبل أن يفتح باب الحجز. تتكرر المأساة التى وصفها البعض ب«رحلة العذاب» بشكل كبير، فبعدما كان السفر هو الأمنية الأصعب بالنسبة للمصريين، أصبحت الآن تذكرة عمر خيرت تشارك هذه الأمنية رغبة التحقق، ومن الممكن أن تتحقق أمنية السفر عن طريق المال، ولكن تذكرة خيرت تصبح أصعب، فحتى مع توافر المال الذى هو قيمة التذكرة، فإن الحصول عليها هى أصعب، وهو ما لا يتمنى أحد من متابعى الفنون المصرية أن يحدث فى مكان راقٍ وله سمعته الفنية الكبيرة مثل دار الأوبرا. «للأسف الحفلة كومبليت» تظل هى العبارة المحفوظة التى لا يتمنى عشاق خيرت سماعها، لكنهم يذهبون إليها، وكانها المصير المحتوم، الذى يحاول البعض رغم معرفتهم به، بأن يظلوا فى محاولات آملين أن يتغير، وأن يبتسم لهم الحظ. عمر خيرت، الموسيقار الكبير الذى نشأت أسماع العديد من المصريين على ألحانه، ومنهم من لا يعرفه لكن حفظت ذاكرته تلك الجملة الموسيقية الرائعة التى لحنها، لما لألحانه من مميزات تميزها بين أى من الموسيقى الأخرى، شرقية كانت أو غربية، ولكن هذا الشبح لا يزال يقف هناك رافعًا لافتة مكتوبًا عليها «لن تحضر هذا الحفل»، ولا يوجد تفسير لدى المتابعين يهدئ من عاصفة تساؤلاتهم عن مصير التذاكر، وأين تذهب بهذه السرعة، ويظل التساؤل هل بيعت التذاكر بالكامل بالفعل، أو أن هناك تذاكر تخصص لأشخاص بعينهم، أم أن للسوق السوداء يدًا فيما يحدث. ومقابل تلك التساؤلات قررت الأوبرا تطبيق نظام الحجز الإلكترونى لكل حفلاتها ومن بينها بالطبع حفلات خيرت، تيسيرًا على المواطنين القاطنين فى أماكن بعيدة، وهو حلم تأخر كثيرًا، لمحاربة السوق السوداء فى بيع التذاكر، وقوبل هذا الأمر بترحيب شديد فى البداية حتى يستطيع المواطنون الحجز بكل شفافية ولكن سرعان ما عاد شبح انتهاء تذاكر عمر خيرت للظهور مرة أخرى، بل إن هناك من حجز بالفعل ولم تصل إليه التذاكر، مثلما حدث مع أمانى إسماعيل التى أكدت أنها حجزت تذكرتين لحفل خيرت المقام بالتاسع من فبراير الحالى، وتمت كل الخطوات وبعث لها البنك برسالة نصية تفيد بسحب المال اللازم لحجز تذكرتين من رصيدها بالفعل، بإجمالى 409 جنيهات مصريات، وجاءتها رسالة من الأوبرا برقم التأكد من الحجز، وكلما أدخلت رقم التأكيد يعطيها خطأ، ولم تحصل على التذكرة حتى مساء يوم 8 فبراير، وقامت بإرسال شكوى، ولكنها لم تحل حتى هذا الموعد. وينصح المهندس محمد محسن صلاح، الجماهير بعدم الحجز، لأن النظام الإليكترونى سيئ للغاية، حيث يقوم بتحصيل رسوم التذاكر ولا يقوم بإرسالها، وبعد محاولات عديدة واتصالات كثيرة يكون الرد بأن الحجز قد ألغى والرسوم ستعود مرة أخرى للفيزا فى مدة تتراوح من 5 إلى 10 أيام. وأكدت غادة صلاح أن الحجز الإلكترونى يتطلب وجود كارت ائتمان، وهو غير موجود مع شريحة كبيرة من الجماهير، متسائلة: ماذا سيفعل من لا يمتلكونه؟ بينما قام عدد من مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعى بإنشاء مجموعة إليكترونية تحمل اسم عمر خيرت للنقاش حول كل ما يهمه، وخلال تلك المناقشات يعرض البعض بيع تذاكر الحفل، فهناك عروض لتذاكر فئة 500 جنيه، و200 و350، وتدور أحاديث عن وجود تسريب لعدد من التذاكر والتحكم فى مصيرها من قبل العاملين بدار الأوبرا ذاتها. وفى تصريحات خاصة ل«الصباح»، أكد حلمى النمنم وزير الثقافة، أن دار الأوبرا بكل ما تملكه من سمعة ثقافية لا تملك قاعتها إلا 800 مقعد فقط، وعندما يكون هناك حفل كبير مثل حفلات خيرت تجرى محاولات لزيادة عدد المقاعد فتصل إلى أقصى عدد متاح وهو 1000 مقعد، ويكون هذا بصعوبة شديدة، ولذلك فإن الأوبرا تقوم بتنظيم حفلتين له شهريًا حتى يمكن حل تلك المشكلة. وتابع «النمنم» قائلًا: «الحجز الآن أصبح إليكترونيًا فى محاولة لحل مشاكل الحجز، خاصة أننى فى إحدى زياراتى لدار الأوبرا فى التاسعة صباحًا شاهدت طوابير كثيرة أمام نوافذ بيع التذاكر، وعلمت أن هناك من قدموا من السادسة صباحًا لحجز دورهم فى الطابور حتى يتسنى لهم الحصول على تذكرة». وأكد أن هناك عددًا من الوزراء حاولوا الحصول على تذاكر لحضور حفل التاسع من فبراير، لكنهم لم يستطيعوا لأنها نفدت، لذلك يجب أن يدرك الجميع أن خيرت أصبح ظاهرة، وهو ما يجعل الزحام والتسارع على حجز تذاكره أمرًا طبيعيًا. من جانبها، أكدت إيناس عبدالدايم رئيس دار الأوبرا المصرية، أن التذاكر الآن كلها أصبحت تباع «أون لاين» عبر الموقع، بمساعدة شركة إنترنت، مضيفة أن هناك مجموعة عمل لحل مشكلة التذاكر، فكل الشكاوى التى يتم إرسالها إلى الشركة يتم تحويلها إلى مسارها الطبيعى للحل، وشركة الحجز الإليكترونى ما زالت فى بداية عملها، فمن الطبيعى أن تحدث بعض التداخلات والمشاكل التى ستحل بالتدريج، لافتة إلى أن الحفلات كلها تعمل بصورة طبيعية، ولكن المشاكل تحدث فقط فى حفلات عمر خيرت.