تشهد النقابات المهنية خلال الفترة الحالية حالة من التخبط والأزمات المتتالية، وسط تلميحات من قاداتها بوجود ما اعتبروه «مخططًا حكوميًا» لتدمير النقابات وفرض الحراسات القضائية عليها، أو بمجرد محاصرتها بالمشاكل غير المنتهية. البداية من نقابة الأطباء والتى يضربها أزمة خطيرة تتمثل فى الاتجاه لحل اتحاد نقابات المهن الطبية، وذلك بعد الموافقة المبدئية للجنة الصحة فى مجلس النواب بضم نقابة «العلاج الطبيعى» للاتحاد، وهو ما سيخلق إشكالية حول كيفية توزيع الأموال والأصول الحالية المملوكة للاتحاد بين نقاباته الأربع، ومن ثم إمكانية إحالة الأمر للقضاء، وتجميد جميع الأموال حتى الحكم القضائى بعد سنوات طويلة يتوقف خلالها معاش الأعضاء. وتوقعت مصادر بالنقابة إمكانية تعيين حارس قضائى على الاتحاد، وهو ما سينهى العمل بالقانون المنظم لحصيلة الدمغات مستقبلًا، وبالتالى ستذهب الدمغة إلى الخزانة العامة للدولة، وستطلب كل نقابة من مجلس النواب أن يصدر قانونًا جديدًا لتحصيل دمغات لصالحها. وفيما يتعلق بالمحامين، فإن أكبر أزمة تضربها حاليًا هى محاولة شق صف أعضائها، وتحويلهم إلى أحزاب متناحرة، وقالت مصادر: «محاولات شق الصف تتم عن طريق نقيب المحامين سامح عاشور، الذى يأخذ صف الدولة دائمًا فى كل المشكلات التى يعانى منها أبناء مهنته والأزمات التى تحدث»، بحسب تعبيرها. وأوضحت المصادر أن أى أزمة تحدث مع الدولة، خاصة السلطة القضائية، يحاول النقيب التهدئة ثم يتحول موقفه ليدافع عن ممثلى الجهات القضائية فى مواجهة المحامين، وهو ما حدث فى أزمة «محاميى حلوان»، وإصداره بيانًا يرفض فيه الإساءة إلى النيابة العامة. وأكدت المصادر أن الهدف من كل ذلك هو تحويل المحامين إلى طوائف بعضها يؤيد «عاشور» ومجلس نقابته، والبعض الآخر معارض يرفض قراراته وأسلوب إدارته للنقابة، وهذا ما حدث بالفعل، عندما دعا مجموعة من المحامين لعقد جمعية عمومية غير رسمية بالنقابة لمناقشة مشاكلهم، فقام محامون مؤيدون ل«عاشور» التعدى عليهم وحدث شد وجذب بين الطرفين. أما نقابة المهندسين فتواجه عدة أزمات فى مقدمتها حقوق أعضائها المهدرة، وتعمد الحكومة تجاهل مطالبهم. وقال المهندس «أحمد الجندى»، إن أكبر الأزمات التى تواجه جموع المهندسين هى عدم تطبيق «الكادر»، رغم مطلبهم المتكرر بضرورة العمل على تحسين الوضع الاقتصادى للمهندسين وزيادة رواتبهم وحمايتهم من استغلال الشركات لهم. وأضاف المهندس «عمرو جابر»: «الدولة تحارب المهندسين وتسمح بإنشاء المعاهد والكليات الخاصة لتدريس الهندسة، وكل عام يتم تخريج دفعات بها أعداد كبيرة بشكل لا يتناسب مع سوق العمل، حتى أصبح هناك مساواة بين خريجى كليات الهندسة من الجامعات الحكومية وخريجى الكليات والمعاهد الخاصة». فيما أثار قرار الجمعية العمومية لنقابة الصيادلة بالدعوة للإضراب عن العمل بالصيدليات من الثامنة صباحًا وحتى الثالثة عصرًا منتصف يناير الجارى، اعتراضًا على موافقة وزارة الصحة على رفع أسعار الأدوية، تحركات 4 «جهات» لفرض الحراسة على النقابة، فى حال عدم العدول عن دعوة «الإضراب». وعلمت «الصباح» بوجود مطالبات من بعض الصيادلة المحسوبين على سلاسل الصيدليات، بفرض الحراسة على نقابة الصيادلة، وإرسال بعض الاستغاثات إلى وزارة الداخلية لتنفيذ ذلك، مستندين إلى وجود حكم قضائى نهائى يقضى بفرض الحراسة على النقابة، وهو ما فسرته مصادر فى النقابة بقولها: «بمثابة إنذار للنقيب الدكتور محيى عبيد للعدول عن الإضراب». ويعد أبرز المستفيدين من فرض الحراسة على النقابة، أصحاب سلاسل الصيدليات والصيادلة العاملين فيها، بالإضافة إلى الأمين العام لنقابة الصيادلة السابق الدكتور محمود عبد المقصود، صاحب دعوى فرض الحراسة على النقابة. كما دخل نقيب الصيادلة فى خصومة مع شعبة أصحاب الصيدليات باتحاد الغرف التجارية والتى يرأسها «عبد المقصود» رافع قضية رفع الحراسة على النقابة، بعد أن طالبت قرارات إحدى الجمعيات العمومية بإلغاء الشعبة، فضلاً عن مطالبة الجمعية العمومية الأخيرة بتغيير لائحة آداب المهنة من أجل معاقبة الصيادلة الذين يعملون فى سلاسل الصيدليات، إلى جانب الخصومة الأخيرة مع شركات الأدوية بتعطيل قرار وزارة الصحة بتحريك أسعار الأدوية. وقال الدكتور على عبدالله، مدير مركز البحوث الدوائية ومكافحة الإدمان: «إن تفاصيل حكم فرض الحراسة على نقابة الصيادلة تعود إلى 2014، حين كلف تيار «تمرد الصيادلة»، المحامى سعودى إبراهيم، برفع قضية لفرض الحراسة، بعد فشل كل محاولات الإصلاح فى النقابة، وتوغل أعضاء جماعة الإخوان إبان حكم النقيب السابق الدكتور محمد عبد الجواد، إلى جانب وجود وقائع فساد وإهدار مال عام وتربح». وأضاف «عبد الله»: «أول من تولى القضية كان الدكتور صفاء عمران، وبعدها تم رفع قضية جديدة بقيادة الدكتور محمود عبد المقصود، أمين عام نقابة الصيادلة السابق، برفقة 3 صيادلة آخرين، واستمرت فى مسارها القانونى». وأشار إلى أن هناك «استغاثات» من رافعى قضية فرض الحراسة، ومنهم محمود عبد المقصود، إلى وزارة الداخلية، فضلًا عن نشر استغاثة فى إحدى الجرائد تطالب بفرض الحراسة على النقابة، لافتًا إلى أن من بين الأمور التى تسببت فى خلق عداء بين نقيب الصيادلة وجهات أخرى قراراه بإحالة مديرة إدارة الشئون الصيدلية بوزارة الصحة، الدكتورة رشا زيادة، إلى النيابة العامة، وذلك أثناء الجمعية العمومية، وهذا غير قانونى.