السيدات يبيعن المخدر أمام بيوتهن فى «العزبة اليهودية».. والرجال للحراسة «عينى عينك» «10 شباب فى عمر الزهور ماتوا نتيجة مخدر هيروين مضروب جلبه العربان لتجار المخدرات بمدينة السلام»، ما سبق ملخص قضية تكتمت عليها وزارة الداخلية ولم تعلن عنها للرأى العام، جعلتنا نزور مدينة السلام للبحث وراء تفاصيلها. «السلام» أنشئت عام 1977 فى عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وتتدرج فيها المناطق من حيث الرقى، وتطل على طريق مصر - الإسماعيلية الصحراوى والطريق الدائرى ومطار القاهرة الدولى ويبلغ عدد سكانها تقديريًا 123059 نسمة. وخلال زيارتنا للمدينة فوجئنا بكوارث على أرض الواقع، فالمدينة لا يسيطر عليها الأمن، وتجار المخدرات ودواليب البيع فى كل مكان، خاصة الهيروين الذى أصبح خطرًا حقيقيًا يهدد الشباب. جلسنا أولًا مع أحد أقارب الشباب قتلى الهيروين، الحاج محمد الذى أكد لنا أن «ابنه شاب عمره 18 سنة اتضرب بالبدرة وحاولت أن أعالجه لكن إمكانياتى المادية لم تساعدنى فى إنقاذه، قدمنا شكاوى كثيرة إلى رجال المباحث وإلى وزارة الداخلية، لتقوم بحملات بالمنطقة ولكن دون جدوى، أصلًا هنا الحشيش والبانجو والبدرة بتتباع بعلم المباحث، ابنى مات فى جرعة هيروين مضروبة هو و10 آخرين ولكن لم يعلم عنهم أحد شيئًا». وتشهد المدينة انتشار لدواليب المخدرات، فهناك دولاب فى مدرسة الصديق الإعدادية بنين، والتى يستخدمون بعض المناطق المحيطة بها لبيع المخدرات، لأنها يسيطر عليها الظلام والهدوء، وهناك دولاب آخر يقع فى منطقة «العزبة اليهودية» حيث يقع قبل «كارتة» مدينة بلبيس ب100 متر تقريبًا، على يسار طريق «السلام بلبيس» بمنطقة وسط الصحراء. وتتبع «العزبة اليهودية» قرية «غيتة» فى مركز بلبيس بالشرقية، وتعد بيوتها من الطوب القديم وتحيطها زراعات النخيل ويسكنها البدو. من أشهر تجار الصنف فيها «البوب، أم فهد، ومازن»، ومن الغريب أن من يتصدر مشهد البيع فيها هم السيدات، حيث يقفن أمام بيوتهن الموجود فيها دواليب المخدرات الشهيرة، ويضعن ميزان الذهب الحساس، لوزن مادة «الهيروين» عليه، أما الرجال فهم من يقومون بالحراسة باستخدام الأسلحة الآلية. العربان أيضًا لهم دور آخر فمنهم من يعمل لدى التجار «ناضورجى» يبلغ عن مأموريات الشرطة القادمة لمداهمة الوكر، أشبه بما كان يحدث بمنطقة الباطنية بالقاهرة. ويتوافد فى اليوم الواحد، على دواليب «العزبة اليهودية» أكثر من ألف شاب، بسبب رخص أسعار تذاكر «الهيروين» والتى يبلغ ثمنها 50 جنيهًا للمخلوط، و80 جنيهًا للخام، بالإضافة لاختفاء الأمن تمامًا بالمنطقة. بعد دخولنا 500 متر من الساحل الرملى، وتحديدًا منطقة مساكن «أطلس 4»، عثرنا على فوارغ وأغلفة مقطعة لا حصر لها من شرائط البرشام المخدر من جميع أنواعها وأشكالها، وعندما سرنا إلى الأمام وصلنا إلى أكبر دولاب مخدرات بمدينة السلام، وهو متخصص فى تجارة الأقراص المخدرة بجميع أنواعها، فى أحد البلوكات بالدور السادس، دولاب ماكس، والشراء من خلف الباب الحديد. بلوك «البرشام» مكون من ستة طوابق به شقتان بالطابق الأرضى لتجارة الأقراص المخدرة عن طريق شباك بمدخل البلوك أمام السلم الداخلى، وشقتان بالطابق الثالث لتجارة الحشيش، ويدير هذا البلوك امرأة فى الخمسين من عمرها بمساعدة أقاربها وبعض جيرانها. وفى مساكن «أطلس 4» أيضًا هناك عشة خشبية كبيرة ليس لها سقف، محاطة بالزرع من كل الجوانب تقع على طرف الساحل الرملى وتبعد حوالى كيلو متر تقريبًا من بداية الكورنيش، حيث وجدنا بقايا طعام وعثرنا على كميات كبيرة من فوارغ شرائط الأقراص المخدرة، ما يدل على أن أحدًا كان يختبئ داخلها ليلًا، وهذا الكورنيش مظلم، فلا يوجد أى عمود إنارة. ورصدت «الصباح» وجود 3 أشخاص يقفون داخل الرمال ومعهم حقائب معلقة على «موتوسيكل»، تبين أنهم من تجار المخدرات الذين يختبئون بالجبال، وأنهم خرجوا من داخل الجبل بالموتوسيكل الخاص بهم، ثم سلموا بضاعتهم لتاجر من مدينة السلام وقبضوا ثمنها. صحراء بلبيس سهلت من دخول المخدرات إلى القاهرة عن طريق مدينة السلام وتبين أن الأعراب هم مصدر المخدرات؛ من هيروين خام وحشيش وبانجو وأقراص مخدرة، عن طريق تهريبها من مراكزها بمحافظة الشرقية إلى القليوبية، حتى مدينة السلام، ويستخدم الأعراب سيارات «المرادونا» نصف نقل، فى نقل المخدرات عبر الجبال والمدقات، أما الموتوسيكل فهو وسيلة التعامل عبر الحدود مع القاهرة، ويحمل الأعراب البنادق الآلية للدفاع عن النفس. طريق رملى يبدأ من موقف أتوبيس هيئة النقل العام بمدينة السلام أمام محطة المياه، حتى صحراء مساكن اسبيكو، يطلق عليه طريق الموت لا أحد يسلكه سوى الأعراب لأنه طريق رملى وسط الصحراء، اصطنعه الأعراب من الحصى الخشن لتسهيل خروج نسائهم إلى المدينة لشراء احتياجاتهم من الأسواق، وعلمنا أن هذا الطريق يؤدى إلى مساكن الأعراب المبنية من الطوب القديم فى قلب الصحراء ويسلك هذا الطريق الزبائن من المدمنين الذين يأتون من كل مناطق القاهرة لشراء الهيروين ويصل سعر الجرام هناك إلى مائة جنيه والتذكرة المخلوطة بالبرشام خمسين جنيهًا.