رفع الفائدة «قرار سليم» 100فى المائة.. وفقدنا 12 مليار دولار من «تحويلات المصريين» البنوك قادرة على الوفاء بطلبات المستوردين.. و«الدين» ازداد بسبب تأخر «الإصلاح» الدولار سيستقر ما بين 13 إلى 16 جنيهًا.. ولا بديل عن «شراكة» القطاعين العام والخاص رحب الخبير المصرفى «محمود عبداللطيف»، الرئيس التنفيذى السابق ل «صندوق تحيا مصر»، بالأنباء المتداولة عن إمكانية الاستعانة بوزير الاستثمار الأسبق، الدكتور محمود محيى الدين، معتبرًا إياه «مكسبًا كبيرًا» لمصر، خاصة أن الحكومة فى حاجة ل «وزراء تنفيذيين» يستطيعون إدارة الكيانات المسئولين عنها. ورأى «عبداللطيف» فى حواره مع «الصباح»، أن البنوك تمر حاليًا بمرحلة من «اللخبطة والتشويش»، مشيرًا إلى أن وصول الدفعة الأولى من قرض «صندوق النقد»، سيساهم فى تمكين «البنك المركزى» من ضبط ميزان السوق، وتوقع استقرار الدولار ما بين 13 إلى 16 جنيهًا خلال الفترة المقبلة. ووضع الاقتصادى الكبير «روشتة» للخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية، تعتمد فى الأساس على لاسترداد الكامل لتحويلات المصريين فى الخارج، إلى البنوك المصرية، فضلًا عن مجموعة من الإجراءات الأخرى التى سنتعرف عليها وعلى رؤيته الكاملة فى السطور التالية للحوار. * بداية.. كيف ترى الوضع الاقتصادى بعد «تعويم الجنيه»؟ - لا أحد ينكر أن الوضع الاقتصادى الحالى سيئ، لكن التحركات الأخيرة التى شهدها القطاع المصرفى، ستسهم فى تحريك الأوضاع نحو الأفضل، ولو نسبيًا، بمعنى أنه سيكون أفضل من اليوم، خاصة أن المشكلة الحقيقية ليست فى سعر الدولار أو السوق السوداء. الأزمة الاقتصادية الأخيرة لا ينبغى التركيز فيها فقط على مواجهة السوق السوداء، أو إصدار قانون للصرافة، بل ينبغى أيضًا بحث ومعرفة الموارد التى ستجلب لنا دخلًا من العملة الصعبة. * كيف يمكننا تطبيق ذلك على أرض الواقع؟ - الموارد التى تجلب لنا دخلًا من العملات الصعبة هى قناة السويس، وهذه لا نستطيع الاقتراب منها بسبب اتفاقيات الملاحة الدولية، والمورد الثانى يتمثل فى السياحة، وحاليًا ليست لدينا سيطرة عليها بعد القرارات المسيسة من بعض الدول بوقف رحلاتها إلى مصر. بالتالى ليس أمامنا سوى التصدير، وتحويلات المصريين العاملين فى الخارج، وهو ما ينبغى التركيز فيهما، علمًا بأن تلك «التحويلات» هبطت من 15 إلى 3 أو 4 مليارات سنويًا فى المتوسط، بما يعنى فقد 70فى المائة من هذا الدخل، لذلك كان يجب بذل بعض المحاولات فى هذا الملف قبل «التعويم» فى هذا الملف. * إذًا كيف نسترد تحويلات العاملين فى الخارج كاملة للبنوك المصرية؟ يجب أن تكون هناك زيارات مكثفة من «البنك المركزى» لدول الخليج، والالتقاء هناك بكل مسئولى تلك الدول، بدءًا من الحكومة والبنك المركزى هناك، وصولًا إلى الصرافين الكبار، فضلًا عن مناقشة أفراد الجالية المصرية فى مشاكلهم، ومنحهم عدة «امتيازات» كنا نمنحها إياهم فيما سبق، ومنها إعفاؤهم من دفع «مصاريف التحويل»، وتوصيل المبالغ لبيت الأسرة مجانًا، وغيرها من الحلول الأخرى. * وماذا عن المصدر الأهم للعملة الصعبة وهو التصدير؟ -90فى المائة من المصدرين الموجودين فى مصر قطاع خاص، ورغم وجود قطاع الأعمال العام الذى يشارك فى مختلف الصناعات، إلا أن منتجه النهائى ينقصه بعض التحسين والجودة، ويحتاج إدارة أفضل، لذلك ينبغى وجود «شراكة» بين القطاعين الخاص والعام وقطاع الأعمال، على أن يتخلص قطاع الأعمال فورًا من جميع الأصول غير المنتجة لديه، ومن ثم توفير سيولة تساعده فى التطوير. * ما تأثير «التعويم» على الدين العام ؟ - له تأثير مباشر، لأنه كان يجب رفع سعر الفائدة منذ سنوات، وبالتالى زادت التكلفة علينا، والدين العام أصبحت تكلفته أعلى بكثير بما يقدر من 3- 4 فى المائة، فمثلًا لو قلنا الزيادة التى حدثت 3 فى المائة، ويتم ضربها فى حجم الدين العام، وليكن تريليون، يكون الناتج 30 مليارًا على سبيل المثال. هناك قرارات تأخرت كثيرًا، وكلما تأخرنا أكثر، كلما زاد الثمن، ولذلك لابديل عن التحرك طالما أن التدفقات الدولارية مؤمنة. * بعد «تعويم الجنيه».. ما الخطوة التالية من وجهة نظرك؟ - كنت ضمن فريق «خطة التعويم» سنة 2002، وأؤكد أنه لا يوجد بلد فى العالم تجرى تحريرًا كاملًا لسعر الصرف. عندما يتم التحرير، يختبر المواطنون النظام الجديد بالذهاب إلى البنك لشراء دولارات رغم عدم حاجته لها، وذلك ليتأكد بنفسه «صدق» القرار، لذلك يحدث ارتفاع ما، وهو أمر متوقع، ويراقبه البنك المركزى حتى مرحلة معينة، وبعدها يدخل السوق ويشبعه من «الاعتمادات». المهم هو الدخول إلى السوق، وإعطاؤه جرعة تنعشه، ويمكن أن يكون الدولار فى السوق أعلى من السعر الذى طرحته كبنك مركزى، أو العكس، وهو ما يجعل السوق يتنفس، وينخفض معه سعر الدولار. * ماذا عن قرض صندوق النقد؟ - رغم أننى ضد «القروض» بصفة عامة، إلا أن قرض «صندوق النقد» مهم جدًا خلال الفترة الحالية، والأهم أن يستخدم الجزء الأكبر منه لسد احتياجات السوق لفترة معينة، حتى أبرهن للجميع أن لدىّ القدرة على ضبط السعر، ويجد من اشترى بسعر عالٍ أنه خسر، فيحدث انكماش للسوق السوداء، وفى ذات الوقت طلباتى تلبى بشكل أو آخر. * إذا أنت لست مع مقولة أن الصندوق يقود مؤامرة ضد الدول النامية؟ - لا بالطبع، «صندوق النقد» يقف ويساند ويدعم اقتصاد ومصالح الدول النامية، وهو يشبه أى «بنك تجارى»، إذا ما توجه إليه عميل وطلب منه الاقتراض، لن يوافق قبل دراسة الموضوع ووضع شروطه وطلباته. هناك شىء متعارف عليه فى البنوك اسمه «ورقة الشروط»، مكتوب فيها للعميل: «أنا كبنك أمنحك كذا، وأنت كعميل مطلوب منك تعمل كذا وكذا، وعندما ننتهى وتبدأ فى إجراءاتك وتدخل لك نقود سيتم صرفها فى كذا وكذا»، وهذا ما يفعله «صندوق النقد». * هل تحسنت أوضاع البنوك بعد القرارات الأخيرة؟ - لا نستطيع أن نحكم على أوضاع البنوك ولا البنك المركزى فى الفترة الحالية لأننا نمر بمرحلة «لخبطة» و«تشويش»، لكن أعتقد أن ضخ نقود «الصندوق» سيضبط السوق قريبًا جدًا، لذلك نجد الأخبار كثيرة عن وصول الدفعة الأولى من «القرض» وضخها خلال ساعات، والتى تعد رسائل لضبط السوق. بمجرد ضخ أموال «صندوق النقد» سيتحسن الوضع، وسيتم ضبط ميزان السوق من خلال البنك المركزى، لذلك أتوقع استقرار الدولار ما بين 13 الى 16 جنيهًا خلال الفترة المقبلة. * فى ظل ما يحدث هل تتمكن البنوك من تلبية احتياجات عملائها وتلبى طلبات المستوردين ؟ - بصراحة تستطيع، لأن هناك بالتوازى ترشيد للاستيراد، وهذا ما كان ينبغى العمل به بعد 25 يناير، لأننا وصلنا لمرحلة «مد إيدينا على لحمنا الحى»، أو المدخرات الخاصة فى ظل توقف الإيرادات، ولم يكن ممكنًا أن نعيش بعد 25 يناير بنفس الأسلوب الذى كنا نعيش به قبلها كدولة، ولذلك نفد المخزون الذى نملكه، حتى وصلنا لمرحلة «تحرير سعر الصرف». * كيف ترى رفع فائدة «الشهادة الادخارية» و«شهادات قناة السويس»؟ - رفعها لن يؤثر على تعاملات البنوك، لكن المشكلة ستكون لدى المقترضين. الزيادة كان لابد من حدوثها، وهى قرار سليم 100فى المائة، وذلك لأن خفض قيمة الجنيه لابد أن يكون متوازيًا مع رفع سعر الفائدة، حتى تكون عامل جذب. طرح الشهادات أمر حتمى لأن البديل هو طبع نقود، ورغم مشكلة الشهادات فى ارتفاع تكلفتها، إلا أنه لا يوجد بديل لها. * رأيك فيما يتردد حول الاستعانة بوزير الاستثمار الأسبق «محمود محيى الدين» بضغط من صندوق النقد؟ - سيكون مكسبًا لمصر، ولماذا ننتظر أن يفرض صندوق النقد علينا شخصًا نعرفه وجربنا سياساته، وأدى دوره بمنتهى البراعة فى وزارة الاستثمار، فضلًا عن تواجده منذ2010 فى البنك الدولى؟. «محيى الدين» اطلع على تجارب دول العالم، لذلك أؤيد اختياره وبشدة، ورسالتى للرئيس: «الحكومة تحتاج تنفيذيين يحققون الأهداف ويديرون الكيانات المسئولين عنها بحرفية». * ما مشكلتنا فى ملف الاستثمار؟ - بمنتهى الصراحة الوضع سيئ، والمفروض أن كل الوزراء يكونون تنفيذيين ليضمنوا على الأقل تنفيذ القوانين والقرارات بصورة صحيحة. فمثلًا وزارة الاستثمار استغرقت عامين فى إصدار قانون جديد للاستثمار، ولم تنتبه لضرورة تسيير المشروعات بالقانون القديم، وعدم تضييع الوقت أكثر من ذلك. * لماذا يستشرى الفساد داخل مؤسساتنا ؟ - الهياكل التنظيمية الخاصة بشركات الأعمال والقطاع العام كلها تشجع على الفساد، فضلًا عن عدم وجود مستوى إدارى معين، فالمسئول عن الإدارات والقطاعات التى تصرف أموالًا وتعتمد قرارات، هو المسئول عن المراجعة والتفتيش، إلى جانب تعيين الأقارب والأسر فى المكان الواحد الذى يتحول بتعبيرهم إلى «بتاعنا». كما أن كل شركات قطاع الأعمال العام ليست «مميكنة» حتى اليوم.