مقيم القضية: رئيسها يبتز الحكومة بها لخدمة أصدقائه المحتكرين مجلس الدولة ينظر دعوى حلها خلال أسبوعين لمخالفتها للدستور فى الوقت الذى تتخذ فيه الدولة مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية الواجبة والمضطرة لها، ويتأثر بتبعاتها الفقراء ومحدودو الدخل، يظهر 3 «أباطرة» يتحكمون فى الأسواق، ويستخدمون نفوذهم ل«احتكار» كل ما تصل إليه أيديهم، ولسان حالهم يردد: «أيوه مش هرحم.. ولا هخلى رحمة ربنا تنزل». البداية عند الدكتور أحمد العزبى، رئيس غرفة صناعة الدواء، وصاحب السلسلة الصيدلية الأشهر، والذى منع بيع بعض «العقاقير» بصيدلياته بهدف «تعطيش» السوق، ومن ثم رفع السعر لاحقًا، وأوعز بذلك إلى الشركات الأعضاء فى الغرفة التى يترأسها. فيما استغل أحمد الوكيل، رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، سيطرته على 80 فى المائة من كبار التجار المتحكمين فى الاقتصاد، والذى اضطر المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، للاجتماع معه مجبرًا، وطلب وساطته لوقف تعامل التجار فى السوق السوداء للدولار. ثالث المحتكرين هو أحمد القصاص، رئيس لجنة تسويق القمح المحلى بالشركة العامة للصوامع، والذى حول القمح إلى صوامع يملكها أصدقاؤه رغم عدم صلاحيتها للتخزين، وساهم بسياساته فى إهدار نحو مليار جنيه من أموال الدولة.
يظهر المعدن الحقيقى للإنسان فى الشدائد، إن كان خيرًا فخير، وإن كان الدكتور أحمد العزبى صاحب سلاسل الصيدليات الشهيرة وشركة «مالتى فارما» لتوزيع الأدوية، فهو غير ذلك بالتأكيد، وليس أدل على ذلك من أنه استغل أزمة الدولار بعد تحرير سعر الجنيه، وما تلاه من عجز الدولة عن استيراد علاج شعبها، ليرسل إيميلًا شخصيًا لفروع سلسلته يأمر فيه بعدم بيع عقاقير بعينها خلال الفترة الحالية، بهدف تعطيش السوق منها ورفع سعرها لاحقًا، كتفسير بديهى للرسالة التى وصلت نسخة منها إلى «الصباح»، التى تكشف فى الحلقة الثالثة من الملف الأسود ل«إمبراطور الدواء»، تفاصيل الدعوى القضائية المقامة ضده، التى ينظرها مجلس الدولة الأسبوع بعد المقبل، وتطالب بحل «غرفة صناعة الدواء» التى يترأسها كونها مخالفة للدستور. مقيم الدعوى القضائية الدكتور الصيدلى هانى سامح، شرح ل«الصباح» بالتفصيل أسباب إقدامه على مقاضاة الغرفة ورئيسها، وقال بداية إن «هناك ادِّعاءات من قبل أباطرة الدواء بوجود نقص كبير فى بعض العقاقير والمستحضرات، ويرددون هذه الشائعات من أجل جنى الأرباح، وأحيانًا يتم حجب بعض الأنواع من الأدوية داخل المخازن»، وأوضح أن كل دواء له 12 اسمًا تجاريًا فإذا نقص دواء فإن له 11 مثيلًا آخر موجود فى الأسواق، لأن المادة الفعالة هى واحدة فى جميع العقاقير، لذلك فإنه إذا طبقت وزارة الصحة والإدارة المركزية للصيدلة، القوانين واللوائح الخاصة بالدواء، لن ينقص أى صنف، لسبب بسيط هو أن هناك 2500 شركة دواء يمكنها إنتاج البدائل، لكن ما يحدث هو أن الشركات تتحالف للعمل بنظام احتكارى يسمى «البوكسات»، فتعطش الأسواق عمدًا لرفع الأسعار، وهو ما يحقق للبوكس ربحًا يصل إلى 3 ملايين جنيه فى الصنف الواحد، ولذلك فعلى الحكومة منع هذا النظام. الأمر الآخر الذى دفعه إلى إقامة الدعوى يوضحه سامح بقوله إن المتهمين باحتكار الأدوية هم أباطرة الدواء، ممثلين فى غرفة صناعة الدواء، التى يترأسها الدكتور أحمد العزبي، ولم تعد تخدم الوطن والمواطن، بل تحولت لكيان يهدف إلى خدمة رجال الأعمال وعلى رأسهم العزبى نفسه الذى يبتز وزارة الصحة ويلوى ذراع الحكومة على الرغم من أنه مشطوب من نقابة الصيادلة، ويشيع من خلال منصبه أن شركات الأدوية ستتوقف عن الإنتاج لأنها تخسر، وأن هناك كارثة ستحدث خلال الفترة المقبلة، وكلها ادِّعاءات غير صحيحة، فالحقيقة أن شركات الأدوية لا تتعرض للخسارة، خاصة أن تكلفة الأدوية بالعملة الصعبة «الدولار» لا تتجاوز الكثير، فأى حديث له عن ارتفاع أسعار الدولار، الهدف منه زيادة أرباح الشركات على حساب المريض المصرى. وبحسب سامح فإن دعوى حل غرفة صناع الدواء والتى حملت رقم 615 لسنة 71 قضائية مستعجل أمام مجلس الدولة، أكدت أن غرفة صناعة الأدوية ومستحضرات التجميل والمستلزمات الطبية أصبحت كيانًا يعمل ضد مصلحة المواطن البسيط ولصالح أباطرة الدواء والشركات متعددة الجنسيات، وأن هذه الغرفة تعمل بكل السبل للسيطرة على قرارات وزارة الصحة لصالح كياناتها، وأنها كانت تتحكم بالأغلبية فى لجنة سميت باللجنة الاستشارية العليا لوزير الصحة بشأن الدواء، كان لها القرار النافذ فى قطاع الدواء بوزارة الصحة، وكذلك شكلت هذه الغرفة لجنة مهمتها محاولة توجيه الرأى العام وذلك وفقًا لمحاضر الاجتماعات، وسخرت الغرفة لها كل مقدراتها وأموالها، مشيرة إلى تمكن الغرفة من الضغط على الحكومة لإصدار قرار معيب بزيادة أسعار 7 آلاف صنف دوائى دفعة واحدة بنسبة 20فى المائة، مطالبًا بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الوزارى رقم 35 لسنة 1996 بإنشاء غرفة صناعة الأدوية ومستحضرات التجميل والمستلزمات الطبية الصادر من وزير الصناعة؛ استنادًا إلى أن المشرع قصر الاختصاص بإنشاء الغرف الصناعية على رئيس الجمهورية، ومن ثم يكون قرار إنشاء الغرفة من الأساس مشوبًا بعيب عدم الاختصاص الجسيم، وبما يوجب القضاء بانعدام قرار وزير الصناعة لقيامه بسلب الاختصاص المقرر قانونًا لرئيس الجمهورية لتناقضه مع إعلاء مبدأ المشروعية وقيام دولة القانون، وبطلان ما يصدر عن الغرفة. الدعوى طالبت كذلك بوقف تنفيذ قرارات وأعمال تلك الغرفة وكل ما يتعلق بشأنها لدى وزارة الصحة وإلزام رئاسة الوزراء بتشكيل لجنة للتحقيق فى كل ما صدر من هذه الغرفة من أعمال وإحالة كل ما يُستبين من مخالفات واحتكارات وجرائم إلى السلطات الرقابية، وهناك جلسة لحل وشطب الغرفة يوم 22-11 الحالى. سامح أشار أيضًا إلى أن غرفة صناعة الدواء تسببت فى نشر أكاذيب عن أن شركات الأدوية تتعرض للخسائر، غير أنه تحصل على حكم من المحكمة بالاطلاع على محاضر الاجتماعات الخاصة بغرفة صناعة الدواء، واكتشف فى هذه المحاضر ألاعيبهم لزيادة أسعار الأدوية، ومنها أنهم شكلوا لجنة إعلامية سرية بعضوية كبار رجال شركات الأدوية والمصانع، هدفها تحسين صورة غرفة صناعة الدواء أمام الرأى العام، واتفقوا على استخدام كل موارد ومقدرات الغرفة فى التواصل مع وسائل الإعلام لتحسين صورة الغرفة، خاصة بعد الضربات التى وجهت لهم بسب زيادة أسعار الأدوية. بدوره، كشف الدكتور إسلام محمد المنشاوى، صيدلى، ل«الصباح»، أن هناك العديد من الأدوية المستوردة تشهد نقصًا كبيرًا خلال الفترة الحالية، وذلك بسبب ارتفاع أسعار الدولار، لافتًا إلى أن شركات الأدوية كانت تستورد من الخارج عندما كان الدولار بسعر 8 جنيهات أما حاليًا فالدولار فى البنوك وصل ل17 و18 جنيهًا، بينما لا تتدخل الدولة، وفى النهاية فإن جميع الأدوية المستوردة ستقوم وزارة الصحة برفع سعرها لا محالة. أما بخصوص الأدوية المصنعة محليًا من خامات مستوردة، فقال المنشاوى إن شركات الأدوية بقيادة الدكتور أحمد العزبى، تطالب منذ عدة أشهر بزيادة أسعارها، وحصلوا على الزيادة بالفعل بنسبة 20فى المائة عندما كان سعر الدولار فى السوق السوداء 14 جنيهًا، وهم يعترفون بأنهم كانوا يشترون الدولار من السوق السوداء بهذا السعر، وبالتبعية فهم يطالبون بزيادة أخرى بعد أن وصل سعر الدولار إلى 17 جنيهًا بشكل رسمى، على الرغم من أنهم أوقفوا الاستيراد منتظرين انخفاض سعر الصرف إلى 14 جنيهًا مرة أخرى عند وصول أول دفعة من قرض صندوق النقد الدولى. ويعقب المنشاوى بأن شركات التصنيع المحلى تعلم أن الأدوية المستوردة سيرتفع سعرها، ولذلك فهم يريدون أن يرفعوا سعر الأدوية المحلية «بالمرة»، على الرغم من أن موادها الخام رخيصة جدًا، وأغلى شق فى صناعتها هو التغليف ورواتب العمالة، وهما بندان يتم دفع نفقاتهما بالجنيه المصرى وليس بالدولار. أخيرًا كشف المنشاوى أن العزبى يقوم حاليًا بتخزين الأدوية فى مخازن الأدوية التابعة له من أجل زيادة أسعارها، فضلًا عن أنه يخلق حالة هستيريا من الخوف لدى المواطنين من خلال وسائل الإعلام، ما جعل المرضى يهرولون لشراء مخزون من العلاج يكفيهم لمدة طويلة، ما سبب أزمة بالسوق، ومن شأن ذلك الضغط الإعلامى والسياسى على الدولة أن يدفع الحكومة إلى رفع الأسعار مرة أخرى، قبل أن يفجر المنشاوى مفاجأته بأن العزبى أرسل منشورًا لسلاسل الصيدليات التابعة له بعدم بيع الأدوية بكميات كبيرة خلال الفترة القادمة، وذلك بسبب تحرير صرف العملة، لافتًا إلى أن لديه مخازن أدوية تحتوى على مخزون 3 أشهر ويستطيع حل أزمة النواقص فى يوم واحد إذا أراد.