حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأربعاء 12 نوفمبر    تصريح جديد من الحوثيين بشأن اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل    مصر تعزي تركيا في ضحايا حادث سقوط الطائرة العسكرية    دون إصابات.. انهيار عقار مكون من 8 طوابق في منطقة الجمرك بالإسكندرية    السحب بدأت تزحف، خريطة سقوط الأمطار اليوم الأربعاء ومصير القاهرة    في ذكرى رحيله، كيف تحول محمود عبد العزيز من موظف وبائع للصحف إلى "ساحر السينما"    انتظام وصول الدم للمخ.. آخر تطورات الحالة الصحية للفنان محمد صبحي    حظك اليوم الأربعاء 12 نوفمبر.. وتوقعات الأبراج    اليوم التعريفي للأطباء المقيمين الجدد بمستشفيات قصر العيني – جامعة القاهرة    رسميًا.. موعد امتحانات شهر نوفمبر 2025 لصفوف النقل الجديدة بعد تعطيلها بسبب انتخابات مجلس النواب    سعر الدولار أمام الجنيه بالبنك المركزي والبنوك الأخرى قبل بداية تعاملات الأربعاء 12 نوفمبر 2025    إصابات في هجوم لمستوطنين إسرائيليين على قريتين فلسطينيتين في الضفة الغربية    أسعار الأسماك والخضراوات والدواجن اليوم 12 نوفمبر    دعمًا لمرشحيه بمجلس النواب.. «مستقبل وطن» ينظم مؤتمرًا جماهيريًا بدمياط    «أختي حبيبتي».. محمد إمام يهنئ مي عز الدين بعقد قرانها على أحمد تيمور    خالد سليم يشعل ليالي الكويت بحفل ضخم ويحتفل ب«ليلة مِ اللى هيّا» مع جمهوره    انطلاق الدورة الأولى من مهرجان «توت توت» لكتب الأطفال في ديسمبر المقبل بالمعهد الفرنسي    تراجع أسعار الذهب اليوم الأربعاء 12 نوفمبر في بداية التعاملات بالبورصة العالمية    طن الشعير اليوم.. أسعار الأرز والسلع الغذائية الأربعاء 12-11-2025 ب أسواق الشرقية    إعلان الحصر العددي لأصوات الناخبين بالدائرة الأولى "دراو وأسوان وأبو سمبل"    بكام الفراخ النهارده؟ أسعار الدواجن والبيض في أسواق وبورصة الشرقية الأربعاء 12-11-2025    «زي النهارده».. وفاة الفنان محمود عبدالعزيز 12 نوفمبر 2016    «زى النهارده».. استخدام «البنج» لأول مرة في الجراحة 12 نوفمبر 1847    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    رئيس الوزراء: استثمارات قطرية تقترب من 30 مليار دولار في مشروع "علم الروم" لتنمية الساحل الشمالي    نشأت الديهي: بن غفير يوزع حلوى مغموسة بدماء الفلسطينيين    ماكرون وعباس يعتزمان إنشاء لجنة لإقامة دولة فلسطينية    تحقيق عاجل من التعليم في واقعة احتجاز تلميذة داخل مدرسة خاصة بسبب المصروفات    الزراعة: السيطرة على حريق محدود ب "مخلفات تقليم الأشجار" في المتحف الزراعي دون خسائر    إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم توك توك وتروسيكل بالخانكة    ألمانيا تقدم 40 مليون يورو إضافية للمساعدات الشتوية لأوكرانيا    انقطاع التيار الكهربائي بشكل الكامل في جمهورية الدومينيكان    تسع ل10 آلاف فرد.. الجيش الأمريكي يدرس إنشاء قاعدة عسكرية بالقرب من غزة    سبب استبعاد ناصر ماهر من منتخب حلمي طولان وحقيقة تدخل حسام حسن في إقصاء اللاعب    رسميًا.. موعد إعلان نتيجة انتخابات مجلس النواب 2025 المرحلة الأولى    لتجنب زيادة الدهون.. 6 نصائح ضرورية للحفاظ على وزنك في الشتاء    مواجهة قوية تنتظر منتخب مصر للناشئين ضد سويسرا في دور ال32 بكأس العالم تحت 17 سنة    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواصل استعداداته لمواجهتي الجزائر (صور)    النيابة تطلب تحريات سقوط شخص من الطابق ال17 بميامي في الإسكندرية    حبس المتهم بالتسبب في وفاة والدته بعيار ناري أثناء لعبه بالسلاح بشبرا الخيمة    الحسيني أمينا لصندوق اتحاد المهن الطبية وسالم وحمدي أعضاء بالمجلس    علشان تنام مرتاح.. 7 أعشاب طبيعية للتخلص من الكحة أثناء النوم    ارتفاع حصيلة ضحايا إعصار فونج-وونج بالفلبين ل 25 قتيلا    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. روسيا تمنع 30 مواطنا يابانيا من دخول البلاد.. اشتباكات بين قوات الاحتلال وفلسطينيين فى طوباس.. وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلة يقدم استقالته لنتنياهو    انتخابات مجلس النواب 2025.. بدء عمليات الفرز في لجان محافظة الجيزة    انتخابات مجلس النواب 2025.. محافظ الفيوم يتابع أعمال غلق لجان التصويت في ختام اليوم الثاني    السياحة تصدر ضوابط ترخيص نمط جديد لشقق الإجازات Holiday Home    المستشار بنداري يشيد بتغطية إكسترا نيوز وإكسترا لايف ووعي الناخبين بانتخابات النواب    «ستأخذ الطريق الخاطئ».. ميدو يحذر حسام عبد المجيد من الانتقال ل الأهلي    بيان رسمي من خوان بيزيرا بشأن تجاهل مصافحة وزير الرياضة بنهائي السوبر    منتخب مصر يستعد لأوزبكستان وديا بتدريبات مكثفة في استاد العين    كرة سلة - الأهلي يفوز على سبورتنج في ذهاب نهائي دوري المرتبط للسيدات    رياضة ½ الليل| الزمالك يشكو زيزو.. انتصار أهلاوي جديد.. اعتقال 1000 لاعب.. ومصر زعيمة العرب    أخطاء تقع فيها الأمهات تُضعف العلاقة مع الأبناء دون وعي    أمين بدار الإفتاء يعلق على رسالة انفصال كريم محمود عبد العزيز: الكلام المكتوب ليس طلاقا صريحا    هل يجوز تنفيذ وصية أم بمنع أحد أبنائها من حضور جنازتها؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف نتغلب على الضيق والهم؟.. أمين الفتوى يجيب    هل الحج أم تزويج الأبناء أولًا؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أطباء يلقحون «الحالمات بالإنجاب » بحيوانات منوية لأطفال الشوارع
نشر في الصباح يوم 14 - 11 - 2016

محررة «الصباح» تقمصت دور «عقيم ثرية» واتفقت على العملية فى عيادة «طبيب نكلا»
العيادات تجند سماسرة لشراء ال5 سنتيمترات ب700 جنيه.. بعد وجبة «أفلام إباحية»
«حسام» من تحت الكوبرى: «احتمال يكون عندى 4 أو 5 أطفال وأنا مش عارف»
«العلاج السحرى» ب5 آلاف جنيه.. ومساعدة الطبيب: «الموضوع بسيط بس الدفع مقدمًا»
«الصحة»: تفتيشنا يستهدف المنشآت غير المرخصة.. والنقابة: لسنا جهة قضائية
7 سنوات بأكملها لم تكن الخلافات والمشاجرات تنقطع بين «أمينة» و«يسرى» الذى يتمنى الإنجاب منها منذ تزوجها، حتى لا يكون هو الوحيد بين إخوته الذكور ال7 الذى ليس لديه أطفال، خاصة أنه أكبرهم، كما أنهم يعيشون فى قرية نكلا التابعة لمحافظة الجيزة، أى فى مجتمع تحكمه وجهات النظر الريفية، وربما كان ذلك سببًا فى أنه لم يقتنع بأن تأخر الإنجاب ليس مسئولية «أمينة» وحدها، فظل يلوح لها بالطلاق والزواج بأخرى حتى يستطيع رفع رأسه وسط عائلته، على الرغم من أن الزوجة المسكينة ترددت على أطباء كثيرين أجروا لها فحوصات، وجميعهم أثبتوا قدرتها على الحمل والإنجاب، ولا عائق طبى أمام ذلك، ثم تبين أخيرًا أن الأزمة تكمن عند الزوج، إذ أثبتت تقارير طبية أنه يعانى من «نقص الحيوانات المنوية»، غير أن «يسرى» ظل على عناده، خاصة بعد أن أخبره طبيب ما أن مشكلته مؤقتة وأنه أوشك على حلها بالفعل.
حياة الزوجين ظلت مشتعلة إلى أن سمعت أمينة بطبيب، يؤكد جيرانها أنه «شاطر»، يدعى «أحمد سعيد» وعيادته موجودة بالقرية، فذهبت إليه بصحبة زوجها، فكرر لهما ما قاله الآخرون، بعد إجراء أشعة مقطعية على الرحم وتحليل دم وصحة بويضات وهرمونات، غير أن الجديد فى الأمر أن هذا «الطبيب الشاطر» خلق لهما أملًا بأنه سيجرب على الزوجة دواءً جديدًا جلبه من الخارج، ففرح الرجل وامرأته لأنهما بهذا سينقذان بيتهما من الدمار.. وبالفعل حملت أمينة.. وأنجبت طفلها المأمول وضمانة استقرار حياتها أخيرًا.. اختارت له اسمًا يبدأ بحرف «السين» ربما لأنه الحرف الذى تبدأ به كلمة «سعادة».. غير أن هذه السعادة انقلبت فجأة إلى جحيم تكتمه أمينة فى صدرها، وتعانى بسببه مزيجًا من الإحساس بالذنب، والخوف من دمار حياتها بشكل فورى، بل إنه يهددها بأن تكمل حياتها من دون أنيس، فقد اكتشفت المسكينة بمحض الصدفة بعد عام من الإنجاب، أنها جنت طفلها من نبتة رجل آخر غير زوجها كانت حيواناته المنوية هى الدواء الجديد الذى زرعه الطبيب إياه فى أحشائها.. بالطبع التزمت الصمت ولم تخبر زوجها بالأمر، خشية أن يتهمها بالخيانة.
المآسى تتعدد والمجرم واحد
قصة أمينة لم تكن الحالة المأساوية الوحيدة بين الكثير من النساء اللاتى وقعن فى فخ «النصب من أجل الإنجاب» على أيدى أطباء يتقاضون أموالًا طائلة منهن، مقابل «الوهم» الذى يحولونه بالتحايل إلى أطفال منسوبين إلى غير آبائهم المجهولين.. فحتى «حياة» السيدة الجامعية ذات ال34 عامًا، وقعت فى فخ مشابه بعد 13 عامًا من الزواج ب«محمد» امتلأت بالمشاكل أيضًا، ولكن هذه المرة بسبب حماتها التى دائمًا ما كانت تلح عليهما للإنجاب بأى طريقة، وتحت ضغوطها رضخ الابن وتزوج بأخرى.. فتاة صغيرة.. وأيضًا لم ينجب منها رغم مرور عامين تقريبًا على الزيجة.
«حياة» استغلت الموقف وحاولت إحياء الأمل فى علاج زوجها، لعله تأكد هو وأمه أن «العيب مش فيها».. ومرة أخرى كان «العبقرى» أحمد سعيد هو الحل السحرى، بناء على نصيحة إحدى صديقاتها المقربات، وبالفعل ذهبت «حياة» وأجرت عملية «زرع الحيوانات المنوية» عدة مرات فشلت واحدة بعد الأخرى، بسبب اضطراب فى موعد التبييض، أو هكذا قال الطبيب، إلى أن حملت أخيرًا بمن لا تعرف أباه الحقيقى، فلم تعلم «حياة» وقتها أكثر مما قاله «ساحر نكلا» الذى أخبرها أنه يحقنها ببعض الأدوية التى تجعل جسدها مستعدًا للإنجاب، مشددًا عليها الحضور إلى العيادة فى مواعيد معينة تناسب وقت تبويضها، وهو ما اكتشفت أنه محض احتيال لاحقًا، وأيضًا لم تخبر زوجها بالأمر، إلا أنها أكدت ل«الصباح» أنها لا تخاف من ردة فعله بقدر ما هى خائفة من ضياع فرحته بالطفل الذى أصبح كل شىء بالنسبة له وللمنزل بأكمله، ممنية نفسها بأن يكون هناك خطأ فى الأمر وأن ما سمعت به عن هذا الطبيب مجرد شائعات.
شهرة الطبيب المحتال تجاوزت قرية نكلا بالجيزة، ووصلت إلى حلوان بجنوب القاهرة، حيث حاول أفراد عائلة «هند» إقناعها بالذهاب إليه، لتحقق حلم زوجها تاجر الفاكهة الذى يكبرها ب15 عامًا، وانتشلها بثرائه من عملها «بياعة فى محل»، وربما هذا ما كان يمنعها من إخباره بأنها متيقنة من أنه هو سبب عدم الإنجاب، خاصة بعد أن خاضت سكة عيادات الإنجاب لمدة طويلة منذ أن كانت فى عمر ال19 عامًا.. وحدث أن ذهبت «هند» إلى «عبقرى نكلا»، وبدلًا من المرة مرتين، وأنجبت طفلتين، ولم تعرف حتى الآن –وفقًا لصديقتها التى سردت الحكاية ل«الصباح»- أنها ينطبق عليها بيت الشعر الذى كتبه أمل دنقل منذ عشرات السنين.. «ماذا تَلِدين الآن.. طفلاً أَمْ جَريمَة؟».
«الصباح» داخل العيادة
هذه الحالات التى استغرقت «الصباح» 3 أشهر للتوصل إليها، كشفت طرف خيط قاد بتتبعه إلى أطباء نساء وتوليد متورطين فى النصب على الراغبين فى الإنجاب بطريقة زرع الحيوانات المنوية مجهولة المصدر، غالبًا ما تأتى من أبناء شوارع هم بدورهم مجهولى الآباء، لتواصل شجرة عائلة اللقطاء نموها دون أن يعرف أى من أبنائها أصلًا له ولا فرعًا، وهو ما وثقته معدة هذا التحقيق الاستقصائى بالفعل، بينما لا تلقى وزارة الصحة أو نقابة الأطباء لكل ذلك بالًا.
بداية التحرك كانت بالتواصل مع «سامية»، ممرضة بعيادة «طبيب نكلا»، وإلى جانب ذلك فهى مساعدة شخصية له.. ظهر عليها التوتر والخوف فى البداية، إلا أنها اطمأنت لأن معدة التحقيق تقمصت دور «مريضة ثرية» تسعى للإنجاب بأى ثمن، وأنها من طرف إحدى المريضات القديمات اللاتى عولجن فى العيادة.. بدأت سامية فى التجاوب مع معدة التحقيق التى قالت إنها متزوجة منذ 10 سنوات، ولم تنجب إلى الآن وحياتها مع زوجها مهددة بالانهيار، بسبب رغبته الشديدة فى الإنجاب، وأنها مستعدة لدفع أى مبلغ لتحمل.. هنا كشفت سامية أن «العملية السحرية» تكلفتها 5 آلاف جنيه قابلة للزيادة، والسعر النهائى يحدده الطبيب نفسه، بعد أن ينتهى من «تشخيص الحالة»، وزادت على ذلك بأن العملية «بسيطة للغاية» ولا داع للقلق منها، فهى تعتمد على إدخال مادة سائلة إلى رحم الزوجة «السائل المنوى» بعدها مباشرة يحدث الحمل، كما أن الزوجة –والكلام للمرضة- يمكنها أن «تتحرك عادى بعد العملية».
سامية التى ابتلعت الطعم أسرت إلى المعدّة بأن مقر العيادة مغلق فى الوقت الحالى، لأنهم بصدد نقلها إلى مكان آخر، غالبًا سيكون حى مصر الجديدة «الراقى»، ولذلك طلبت أن يكون الاتصال بها لإتمام الصفقة بعد أسبوعين.
قائمة مشبوهة
بعدما أفلحت الحيلة فى كشف الطبيب الأشهر فى هذا المجال، أمكن لاحقًا بعد تقص طويل جمع قائمة بعيادات ومستشفيات ومراكز طبية تجرى مثل تلك العمليات، من خلال التواصل هاتفيًا مع أطباء وممرضين حددتهم حالات أجرت على أيديهم عمليات إجهاض وإعادة عذرية (ترقيع) واستئصال رحم.. من أشهر هذه الأوكار مستشفى (ج.ك) القريب من ميدان الحصرى فى مدينة 6 أكتوبر، ومركز (م.أ) فى حى المعادى، ومستشفى (ش) بشارع السودان فى حى المهندسين، وعيادة الدكتور (أ. ع) فى منطقة الجمالية، وعيادة الدكتور (م.ر) فى رمسيس، وعيادة الدكتور (ع. س) فى المهندسين، كما شملت القائمة مركزًا طبيًا معروفًا بشارع محيى الدين أبو العز فى حى الدقى.
الآباء الأصليون
إحدى السيدات أفصحت ل«الصباح» عن أن الطبيب يحصل على الحيوانات المنوية من أطفال شوارع بمعاونة مساعدته «الخاصة»، ويدفع لأصحاب «السائل المنوى» ثمن «تبرعهم»، رغم أنهم متاحون بكثرة، إذ يبلغ عدد أطفال الشوارع فى مصر نحو مليونين، وفقًا لما قدرته منظمة «يونيسف» عام 2015.
ورغم أن المعلومة لا يصدقها عقل، فإنها تأكدت على لسان أبناء الشوارع أنفسهم، إذ أكدوا خلال لقاءات سُجلت معهم تحت بعض الكبارى الشهيرة بالقاهرة، حيث يعملون فى بيع المشروبات الساخنة والسجائر، وذلك بعد أن حصلوا على وعد بالحصول على مساعدات من إحدى الجمعيات الخيرية.
«احتمال يكون عندى 4 أو 5 أطفال وأنا ماعرفش».. هكذا قال «حسام أحمد» البالغ من العمر 17 سنة، والذى وجد نفسه فى الشارع وقت أن كان عمره 5 سنوات، ولا يعلم شيئًا عن والده أو الدته، فنشأ وسط أطفال شوارع يكبرونه سنًا، وتعرض بينهم لكل أنواع الإهانات من ضرب واغتصاب وحرق وتعذيب، كما ارتكب –باعترافه- أبشع الجرائم من سرقة وتحرش وبلطجة، من أجل الحصول على المال.. المال الذى وجده سهلًا حينما أخبره أحد أصدقاء السوء أنه يمكنه أن يبيع «حيواناته المنوية» ويكسب من وراءها، إذ تشتريها عيادات أمراض النساء، فكان أن اتفق «حسام» مع صديقه على بيع كل 5 سنتيمترات من السائل المنوى ب500 جنيه، صارت 700 الآن، ربما لغلاء أسعار كل السلع و«الخدمات»، وأيضًا ارتفاع تكلفة النقل الذى يتولاه الصديق، لأنه هو الذى يتواصل بشكل شخصى مع الطبيب، بينما لا يفعل صاحب البضاعة أكثر من تعبئتها فى زجاجة ثم استلام الحساب.
الأمر بدا أكثر من سهل على «محمد نجم» البالغ 16 عامًا، يدرك –بحسب تعبيره- أنه «لقيط» ألقت به علاقة غير شرعية إلى أسفل أحد الكبارى، ويقول بأريحية إنه يشاهد الأفلام الجنسية مع أصدقائه، وهكذا أصبحت ضرورية بعد أن تعاملوا مع أكثر من طبيب من الذين يدفعون ثمنًا كبيرًا مقابل السائل الرخيص.. هذا بالطبع أفضل من العمل مساعدًا لبائع شاى نظير مبلغ زهيد.
تفاصيل طبية خطيرة
يمكن القول إن الشك انقطع باليقين عندما أكد الدكتور خالد أمين، أخصائى أمراض النساء والتوليد، أن عمليات زراعة الجنين تنقسم إلى نوعين، أولهما أخذ الحيوانات المنوية من الزوج وزرعها داخل الزوجة، فى حالة ما إذا كان الزوج غير قادر على إتمام المعاشرة الجنسية، وهذا لا يكلف أكثر من 100 جنيه، وثانيهما استخراج بويضة من الزوجة وتلقيحها خارجيًا، ثم إدخال الناتج الذى يسمى «الزيجوت» لرحم الزوجة، وهو ما يصبح لاحقًا ما يطلق عليه «طفل أنابيب»، وهذا النوع مقصور على السيدات المتأخرات فى الإنجاب، ويصل سعره إلى 15 ألف جنيه.. بينما النوع الذى تتقصاه «الصباح» متاح للكبيرات والصغيرات المتزوجات بالفحول والعجزة، وب5 آلاف جنيه، وهو مبلغ أكبر بكثير من سعر النوع الأول، وأقل بكثير من سعر النوع الثانى.
الدكتورة سمية عبد السميع، أستاذ الوراثة بالمعهد القومى للبحوث، وجدت خطرًا فى هذه العمليات غير الشرعية التى أكدت أنها لم تسمع بها من قبل، ولفتت إلى أنه من الممكن أن يكتشف الزوجان المخدوعان أن وليدهما مصاب بأمراض وراثية ليسا مصابين بها، وهذا وارد ما دام المصدر هو أبناء شوارع حالتهم الصحية من المنطقى أن تكون متردية.
الصحة ترد
كل ما وثقته «الصباح» فى هذه القضية، عرضته على وزارة الصحة، كونها المسئولة عن مراقبة مثل تلك العيادات وعملياتها المشبوهة، فكان رد الدكتور صابر غنيم، رئيس الإدارة المركزية للمؤسسات العلاجية غير الحكومية والترخيص، أن التفتيش الذى تنفذه «إدارة العلاج الحر» على العيادات والمراكز والمستشفيات الخاصة، يكون بناء على شكاوى مقدمة من المرضى، أو للتفتيش الدورى على التجهيزات الطبية ومدى مطابقتها للمواصفات الفنية.
الدكتور غنيم أكد أن الإدارة تتعامل بصرامة مع المخالفين، وتشكل لجانًا للتحقيق فى أمرهم، وتحيلهم للجنة آداب المهنة بنقابة الأطباء، ومن الممكن غلق المستشفى لمدة تتراوح بين أسبوعين وسنة، وهو القرار الذى صدر –وفق معلوماته- بحق 233 منشأة طبية خاصة عام 2015، منها 128 عيادة خاصة، و7 مراكز بصريات، و9 مراكز أشعة، و2 حضانة، و2 عيادة تخصصية، و11 مركزًا طبيًا، و8 مراكز علاج طبيعى، و3 مستشفيات خاصة و63 معمل تحاليل، والسبب أنها تعمل بدون ترخيص، أو تخالف اشتراطات مكافحة العدوى أو الاشتراطات اللازمة لتشغيلها، على اعتبار أن حملات التفتيش تهدف إلى تطبيق أعلى الأسس والمعايير الصحية فى كل المنشآت، وضمان التزامها بأعلى مستويات الدقة، والالتزام فى نوعية الخدمات التى تقدمها للمواطنين.
الأطباء تتنصل
أما نقابة الأطباء فتنصلت من المسئولية الرقابية، وقال الدكتور طارق كامل، عضو مجلس إدارتها، إن النقابة ليس لها أى دور قانونى للتفتيش على العيادات، ولا تملك حق الضبطية القضائية بشكل مباشر، بينما تتلقى معلوماتها من وزارة الصحة، صاحبة هذا الحق من خلال إدارة العلاج الحر، التى قال إن عدد العاملين بها أقل من المطلوب لإحكام الرقابة على العيادات الكثيرة جدًا التى تفتتح يوميًا، فى ظل تزايد تعداد المصريين.
آلية رقابة «الصحة» شرحها كامل قائلًا إنه عندما تتلقى الوزارة شكوى بوجود عيادة غير مرخصة بعينها، يتوجه المفتشون إليها على الفور، ولو ثبت أنها غير مرخصة فعليًا يصدر قرار بغلقها، ومن ثم يحال الطبيب الموجود بداخلها إلى نقابة الأطباء، فإذا كان طبيبًا فعلًا يحال للجنة تأديبية، وإلا فإنه يدخل السجن وفقًا لقانون مزاولة المهنة.
الدين.. ماذا يقول؟
موقع لجنة أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، يحتوى على نص فتوى حول حكم الشرع فى إجراء عمليات الحقن المجهرى من أجل الإنجاب، تقول: «إن التلقيح المجهرى مباح شرعًا لأنه من باب التداوى والعلاج، لقوله -صلى الله عليه وسلم- تداوو عباد الله فإن الله لم ينزل داء إلا وقد أنزل له شفاء إلا الهرم»، إلا أن الإفتاء اشترطت أن يكون «المنىّ» من الزوج، و«البويضة» من الزوجة، للحفاظ على النسب.
الجدير بالذكر أن هناك نحو 15 ألف قضية أمام المحاكم المصرية لإثبات النسب، منها 10 آلاف حالة نتاج الزواج العرفى، ما يعنى أن هناك نحو 5 آلاف حالة لها أسباب أخرى بخلاف التنصل من الجنين، كونها مقامة بين زوجين شرعيين.
ورغم ارتفاع عدد قضايا إثبات النسب، فإن القانون المصرى لم يتطرق لهذا الموضوع إلا فى المادة (15) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929، الذى ينصّ على أنه «لا تسمع عند الإنكار دعوى النَّسب لولدِ زوجةٍ ثبت عدمُ التلاقى بينها وبين زوجها من حين العقدِ، ولا لولدِ زوجةٍ أتت به بعد سنة من غيابِ الزَّوج عنها، ولا لولدِ المطلقة والمتوفَّى عنها زوجُها إذا أتت به لأكثر من سنةٍ من وقتِ الطَّلاق أو الوفاة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.